كيف تنقذ الفتاة والديها من الطلاق؟

[ابوالوليد المسلم]

كيف تنقذ الفتاة والديها من الطلاق؟
أحمد عباس





هو أمر يبعث على الحزن ويثير في النفس مشاعر الاستياء والإحباط وربما الخوف من المستقبل أن تجدي والديك يقتربان بشكل بطيء من حالة الطلاق بعد حياة زوجية طويلة شهدت الكثير من الإنجازات ولحظات السعادة ومشاعر الحب والوئام.




بالتأكيد أنت كفتاة في بداية حياتك وعلى أعتاب مرحلة الشباب تشعرين بشكل حقيقي بالترقب والتخوف من احتمال أن يقع الطلاق بين والديك، وفي أغلب الأحيان ربما لا تكونين على دراية كاملة بالأسباب الحقيقية التي أوصلت العلاقة الزوجية بين والديك إلى هذا الطريق المسدود، وإن كنت بطبيعة الحال لمستي في أكثر من مناسبة أن الأوضاع بينهما لم تعد على ما يرام كما كان الحال في السابق.




قد تشعرين بالحيرة فأنت تريدين إصلاح العلاقة بين والديك وإعادة التآلف بينهما، وفي الوقت نفسه لا تريدين أن يكون تدخلك غير مقبول وألا يزيد الوضع سوءًا واضطرابًا.
خطوات الإصلاح بين الوالدين
1ـ استحضري قوتك وضعي في ذهنك صورة الغاية التي تريديها وهي أن تبقى أسرتك قوية متماسكة سعيدة، وتحملي لتحقيق هذا الأمر ما ستلاقيه من أذى، فقد تسمعين من كل منهما كلاما لا يسر عن الآخر بحكم الانفعال والغضب، فحاولي أن تنحي مشاعرك الخاصة جانبًا بقدر المستطاع، وأن تدركي أنك لم تعودي طفلة بل أصبحت فتاة ناضجة قادرة على تفهم تقلبات المشاعر وتأثير الغضب.




2ـ في البداية يجب عليك أن تلجأي إلى الله عز وجل بالصلاة والدعاء وتذكري أن القلوب كلها بيد الله تعالى هو الذي يؤلف بينها وهو الذي يمكنه إن شاء أن ينزع الوفاق عنها، وبالتالي فكلما كان لجوئك إلى رب القلوب لجوءًا صادقًا أن يربط على قلب والديك ويجنبهما الزلل والعناد وخطأ الرؤية كلما كان هذا عاملاً شديد الأهمية في أن يستعيد كل طرف من الطرفين صفاءه النفسي ويتخلص من نزغات الشيطان أو تأثير العوامل الخارجية التي تصب الزيت على النار وتقود في اتجاه الانفصال وهدم العلاقة الزوجية.




واحرصي في دعائك وصلاتك من أجل والديك على أن تطلبي من الله تعالى أن يمنح كل منهما السعادة القلبية وتذكر الأيام الماضية التي سادتها مشاعر الحب والتآلف والمودة.
3ـ من المهم كذلك أن تحرصي قبل التدخل بينهما لإنهاء حالة الاحتقان التي تسير بهما نحو الطلاق، على التزام الحياد الحقيقي والصادق فلا تتحيزي لطرف على حساب طرف ولا تتبني وجهة نظر أحدهما في مواجهة الآخر، وحاولي أن تضعي نفسك مكان الطرف الذي قد لا تتحيزين له وستجدين أن هذا الطرف وبمجرد أن يشعر بميلك نحو الطرف الآخر سيرفض حديثك وطرحك ويعترض على أي حل قد تبادرين بعرضه، ومن ثم فإنك كلما استطعتي أن تلتزمي الحياد والعدل والموضوعية حتى في أبسط وأدق التفاصيل مثل طبيعة استماعك وتجاوبك مع كل منهما فإن هذا يسهل مهمتك في نزع فتيل التوتر بينهما.




4ـ هناك خطوة أخرى شديدة الأهمية تتمثل في التأمل بعناية وتركيز في أسباب الخلاف بينهما والذي تصاعد للدرجة التي تكاد تصل بهما إلى أعتاب قرار الطلاق، وبناء على تحديدك للسبب الجوهري للخلاف وبغض النظر عن التداعيات التي أعقبت هذا السبب الرئيسي أو المشكلات التي ترتبت عليه فإن إدراكك بشكل واضح لهذا السبب الرئيس للخلاف سيجعل رؤيتك للموضوع ككل رؤية سديدة، وسيعني ذلك أن الخطوة التالية ستكون مبنية على أساس سليم وفي اتجاه الحل.
5ـ يمكنك اللجوء إلى أحد أفراد العائلة من المشهود لهم بالحكمة ورجاحة العقل وممن لا يعرف عنه الدخول في صراعات شخصية، بل لابد أن يكون شخصيته تتمتع بالنضج العقلي والقدرة على التفكير، وقد يكون لجوئك إلى هذه الشخصية من العائلة أو محيط المعارف دافعًا لتهدئة الأجواء بين والديك بشكل عملي.. ولكن احذري من إفشاء أسرارهما إلى أحد، أو إقحام شخص بدون موافقتهما ورضاهما.. كما أن هذه الخطوة بشكل عام لا تكون إلا بعد فشل محاولات كثيرة للإصلاح.




6ـ يمكنك كذلك أن تبدأي حوارًا مع كل منهما على انفراد وبشكل لا يشعر به الطرف الآخر، وتبدأي في توضيح التداعيات والتأثيرات الخطيرة التي يمكن أن تترتب على الطلاق، ويمكنك أن تستفيدي من وجود إخوة وأخوات لك أصغر منك يمكن أن تتضرر حياتهم بشكل حقيقي لو تم اتخاذ مثل هذا القرار، وحاولي قدر الاستطاعة ألا تركزي على التداعيات التي يمكن أن تضرك أنت وحدك حتى يكون حديثك موضوعيًا ويكتسب مصداقية لدى كل من والدك ووالدتك.




7ـ يمكنك كذلك وفي خطوة تتسم بالذكاء أن تعيدي خلق الأجواء السابقة من الماضي الجميل فتعملي على بعث ذكريات رومانسية كانت لوالديك في يوم من الأيام أو ذكريات عائلية حميمة شاركا فيها معًا مشاعر النجاح والفرحة، وتأكدي أنك لو كنتي قادرة على بعث هذه الذكريات بأسلوب تلقائي وبسيط فإن هذا قد يكون كفيلاً بإزالة الكثير من أسباب النفور والتوتر بينهما.




إعادة الأجواء البيتوتية الدافئة الجميلة لأسرتك فكرة مناسبة في هذا السياق، فالمشاركة الأسرية وتبادل التعاون والترفيه في جلسات السمر والاحتفال الأسري الخاص من أقوى الأمور تأثيرا في نفس الزوجين.. فحتى وإن كانا قد وصلا لقناعة بعدم رغبتهما في الاستمرار سويا، فإن الحفاظ على الأسرة والانتماء إليها سيمنع الانفصال ويعيد مشاعرهما الخاصة من جديد..
أقيمي مع إخوتك حفلا أسريا.. مسابقات ترفيهية يشارك فيها الوالدان، ألعاب مسلية أو ربما جلسة أسرية للمصارحة الهادئة يسأل كل طرف فيها الآخر سؤالا.




8ـ وفي النهاية لا تدخلي في معارك مع أفكار متوهمة أو أشخاص آخرين لا تعرفيهم، فقد تسيطر على ذهن والدتك أن هناك امرأة أخرى في حياة والدك، أو تكون هناك إشارات فعلية لهذا الأمر، فلا تدخلي في معركة مع المجهول، وإنما ركزي على تقوية جانب بيتكم في مواجهة أي طرف آخر.. بأن يكون هذا البيت واحة جميلة تجذب أهلها للبقاء، وامنحي والدك الحنان والاهتمام، وانقلي الكلام الطيب بين أبويك حتى ولو بالكذب، فهذا من المواطن القليلة التي يباح فيها الكذب وهو "الإصلاح بين الناس"، فما بالك بالإصلاح بين أقرب الناس إليك وأحقهما ببرك وحسن صحبتك؟..
وبعد أن تقومي بما تستطيعين فإياكِ أن تلومي نفسك، أو أن تحمليها فوق الطاقة، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولا يسعنا بعد أن نأخذ بالأسباب سوى أن نرضى بما قدر الله تعالى ففيه كل الخير.