من مسائل الفقه الإسلامي: اشتراط الأب شيئا لنفسه من المهر عند عقد النكاح - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         مكارم الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 6950 )           »          شَرْحُ مُخْتصر شُعَب الإيمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 338 )           »          تحقيق التوحيد في باب التطير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          التعبد بأسماء الله تعالى وصفاته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          الفقه القرآني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          قانون الديمومة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          حامل المسك ونافخ الكير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          فن التغافل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          كلمات في تزكية الأنفس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          ترك الصحابة لبعض المشروع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-08-2020, 10:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,349
الدولة : Egypt
افتراضي من مسائل الفقه الإسلامي: اشتراط الأب شيئا لنفسه من المهر عند عقد النكاح

من مسائل الفقه الإسلامي

اشتراط الأب شيئًا لنفسه من المهر عند عقد النكاح

د. محمد جمعة الحلبوسي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم، أما بعد:
اختلف الفقهاء - رحمهم الله تعالى –- في مسألة اقتران المهر المسمى بما يشترطه أبو الزوجة من منفعة لنفسه، أو إعطائه شيئًا من المهر، أيجب له ذلك الشرط، أم لا؟ على ثلاثة أقوال:
القول الأول: ذهب أبو حنيفة وأصحابه، والحنابلة، إلى جواز اقتران المهر المسمى للزوجة بما يشترطه أبوها من منفعة لنفسه[1]، [2].

القول الثاني: ذهب الشافعية – رحمهم الله – إلى فساد الصداق المسمى، ووجوب مهر المثل؛ لأنه نقص من صداقها لأجل هذا الشرط الفاسد والمهر لا يجب إلا للزوجة؛ لأنه عوض بضعها[3].

القول الثالث: ذهب المالكية إلى أن المرأة تستحق جميع المهر إذا كان الشرط عند عقد النكاح، ولو كان ذلك الشيء مذكورًا لغيرها، وأما إذا ذكر بعد عقد النكاح، فهو له[4].

أدلة أصحاب القول الأول:
أ- من القرآن الكريم:
قال تعالى: ﴿ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ [القصص: 27].

في هذه الآية دلالة على جواز اقتران شرط المنفعة للأب بالمهر، ولو شرط جميع المهر لنفسه، لصح؛ لأن سيدنا شعيبعليه السلام جعل صداق ابنته الإجارة على رعاية غنمه، وهو شرط لنفسه، فيصح أن يشرط البعض بطريق الأَولى[5].

وردوا على هذا الاستدلال: بأن في شرع من قبلنا كان المهر للأولياء، أما في شرعنا فالمهر ملك المرأة وحقها؛ لأنه بدل بضعها، وبضعها حقها وملكها، والدليل عليه قوله تعالى: ﴿ وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا [النساء: 4]؛ حيث أضاف المهر إليها ليدل على أن المهر حقها وملكها[6]، أو أن سيدنا شعيب عليه السلام جعل هذا الشرط برضاها؛ لأن البنت إن رضيت بتصرُّف أبيها في مالها، كان لها ذلك؛ لأنه تصرف في مالها بملء إرادتها [7].

ب- من السنة النبوية والآثار:
1- عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم): إِنَّ أَبِي اجْتَاحَ مَالِي، فَقَالَ: ((أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ))، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم): ((إِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ، فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ))[8].


2- روي عن الأَصْمَعِيٍّ أن مَسْرُوقًا: (زَوَّجَ ابْنَتَهُ، فَاشْتَرَطَ عَلَى زَوْجِهَا عَشَرَةَ آلَافٍ سِوَى الْمَهْرِ)[9].

في هذا الحديث والأثر دلالة على جواز أخذ الأب من مال ولده، فإذا شرط لنفسه شيئًا من المهر، فإنه يكون ذلك أخذًا من مال ابنته، وله ذلك[10].

وردوا على هذا الاستدلال: بأن ظاهر الحديث يسمح للأب أن يتصرف في مال ابنه ما شاء وبدون رضاه، وهذا لم يقل به أحد من أهل العلم، بل جوز الفقهاء - رحمهم الله - ذلك للضرورة، فمعنى الحديث أنه إذا احتاج الأب إلى مال ابنه في النفقة على نفسه، أخذ منه قَدْر الحاجة كما يأخذ من مال نفسه، أما إذا أردنا به إباحة ماله حتى يجتاح ويأتي عليه لا على وجه الضرورة والحاجة، فلا أعلم أحدًا ذهب إليه من الفقهاء - رحمهم الله -[11].

أدلة أصحاب القول الثاني:
من المعقول أن الزوج إذا أصدق زوجته مبلغًا من المال، واشترط وليُّها شيئًا من صداق ابنته، كان النكاح صحيحًا، والمهر فاسدًا، وله مهر مثلها، وإنما صح النكاح؛ لأنه لا تفتقر صحته إلى صحة المهر، وإنما فسد المهر؛ لأن الصداق لا تستحقه إلا الزوجة، فلما شرط أبوها شيئًا من المهر لنفسه، كان ذلك نقصًا في صداقها، فوجب الزيادة في صداقها لجبر هذا النقص، وذلك مجهول، والمجهول إذا أُضِيفَ إلى معلوم، صار الجميع مجهولًا، ولو أصدقها صداقًا مجهولًا، لم يصح، ووجب لها مهر مثلها بالغًا ما بلغ[12].

أدلة أصحاب القول الثالث:
من السنة النبوية:
عن عبدالله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ عَلَى صَدَاقٍ أَوْ حِبَاءٍ أَوْ عِدَةٍ قَبْلَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ، فَهُوَ لَهَا، وَمَا كَانَ بَعْدَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ، فَهُوَ لِمَنْ أُعْطِيَهُ، وَأَحَقُّ مَا يُكْرَمُ عَلَيْهِ الرَّجُلُ ابْنَتُهُ أَوْ أُخْتُهُ))[13].

في هذا الحديث دلالة على أن الزوجة تستحق كلَّ ما دُفِع من أجل الزواج قبل العقد من صداق أو عطاء، وإن كان تسميته لغيرها من أب، وأخ وغيرهما، وما ذُكِرَ بعد عقد الزواج، فهو لمن جعل له، سواء كان وليًّا أو غير ولي؛ لأن ما حصل بعد الزواج، فإنه يكون من الإكرام، ومن الإحسان، وليس مرتبطًا بعقد الزواج[14].

القول الراجح:
بعد عرض أدلة أصحاب الأقوال الثلاثة ومناقشتها، يَميل الباحث إلى ما ذهب إليه أصحاب القول الثالث، وهو أنه لا يحل للأب ولا لغيره أن يشترط لنفسه من مهر الزوجة شيئًا عند عقد الزواج؛ لأنه تصرُّف في مالها وملكها بغير حق، أما إذا أُعطي من غير اشتراط، بل كان إكرامًا، فإنه لا بأس بذلك، وذلك لما يأتي:
1- إن اشتراط الأب شيئًا من مهر ابنته لنفسه بدون رضاها، هو من أخلاق الجاهلية الأولى، فكانوا يرون المهر ثمنًا للمرأة عند زواجها، فجاء الإسلام ليقول: إن المهر عطية وهدية خالصة للزوجة لا لوليها، فقال تعالى: ﴿ وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا [النساء: 4].

قال أبو جعفر: "يعني بذلك تعالى ذكره: وأعطوا النساء مهورهن عطيَّةً واجبة، وفريضة لازمة"[15]، وقال الخازن: "كان الرجل إذا تزوج أيِّمة أخذ صداقها دونها، فنهاهم الله عن ذلك، وقيل: إن ولي المرأة كان إذا زوَّجها، فإن كانت معهم في العشيرة لم يعطها من مهرها لا قليلًا ولا كثيرًا، وإن كان زوجها غريبًا حملوها إليه على بعير، ولا يعطيها من مهرها غير ذلك، فنهاهم الله عن ذلك، وأمرهم أن يدفعوا الحق إلى أهله"[16].

2- إن من الآباء من ينظر في تزويج ابنته على أنها سلعة تجارية، يتوخى من ورائها الربح العظيم، دون النظر إلى التعاليم الإسلامية، والقيم الأخلاقية التي بها صلاح الأسرة والمجتمع[17].

3- إن الكثير من الشباب أعرضوا عن الزواج بسبب ما يُفرَض مِن قِبَل أولياء الفتيات من تكاليف الزواج الباهظة التي تُدفَع للزوجة وأبيها وأمِّها، وغيرهم، وأدى هذا الإعراض إلى إبقاء الفتيات عوانسَ في بيوت أهلهن، فما ذنب الشاب الذي حُرم من الزواج، وما ذنب الفتاة أن تجلس جلَّ عمرها عانسَ في بيت وليِّها؟ هل هذا من الإسلام؟ [18].

4- ينبغي للوالد أن يكون عونًا لابنته في زواجها، لا أن يشترط لنفسه شيئًا من مهرها، فالفتاة بأمسِّ الحاجة إلى مهرها لشراء ما يلزمها من ثياب وحلي ومستلزمات العرس، ولقد سُئل عِكْرِمَة عما يأخذه الأب من مهر ابنته، فقال: "إِنْ كَانَ هُوَ الَّذِي يُنْكَحُ فَهُوَ لَهُ"[19].

وأرى أنه إذا علم الأولياء أن المهر هو حق خالص للزوجة، وليس حقًّا لأوليائها، وأنه إذا أخذ الأب أو غيره منه شيئًا لنفسه على غير الوجه الشرعي فهو ظالم، وآثم، وأكله حرام، سينتهي كل طامع في أخذ شيء من مهور النساء، وسيسهل الأولياء في الترحيب بالخاطب إذا كان كفئًا ورضِيت به المرأة.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

[1] عند الإمام أحمد يجوز لأبي الزوجة فقط أن يشترط، فإن شرط غير الأب من الأولياء، كالجد والعم وغيرهما، فالشرط باطل، وجميع المسمى للزوجة؛ المغني لابن قدامة: 10/ 120.

[2] بداية المجتهد: 3/ 53، المغني لابن قدامة: 10/ 119، البحر الرائق: 3/ 171، سبل السلام: 2/ 220، مطالب أولي النهى: 5/ 184، رد المحتار: 3/ 124. الأم للشافعي: 5/ 78، المغني لابن قدامة: 10/ 119، منهاج الطالبين: 219.

[4] بداية المجتهد: 3/ 53، نيل الأوطار: 6/ 207، عون المعبود: 6/ 116.

[5] المغني لابن قدامة: 10/ 119، الممتع في شرح المقنع: 3/ 670.

[6] البيان للعمراني: 9/ 367، بدائع الصنائع: 2/ 290.

[7] أحكام الأحوال الشخصية للمسلمين في الغرب، الدكتور سالم بن عبدالغني الرافعي، دار ابن حزم، الطبعة الأولى، 1423ه/ 2002م: 465.

[8] أخرجه ابن ماجه، أبواب التجارات - باب ما للرجل من مال ولده: 3/ 392، برقم (2292)، قال البوصيري: هَذَا إِسْنَاد صَحِيح رِجَاله ثِقَات على شَرط البُخَارِي، مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه: 3/ 37.

[9] أخرجه ابن أبي شيبة، كتاب النكاح - باب فِي الرَّجُلِ يُزَوِّجُ ابْنَتَهُ وَيَشْتَرِطُ لِنَفْسِهِ شَيْئًا: 3/ 500، برقم (16466).

[10] المغني لابن قدامة: 10/ 119.

[11] حاشية السندي على سنن ابن ماجه، محمد بن عبدالهادي التتوي، أبو الحسن، نور الدين السندي (ت 1138هـ)، دار الجيل – بيروت: 2/ 43-44.

[12] البيان للعمراني: 9/ 387، المغني لابن قدامة: 10/ 119، المجموع شرح المهذب: 16/ 336.

[13] أخرجه أحمد، مُسْنَدُ الْمُكْثِرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ - مُسْنَدُ عَبْدِاللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ (رضي الله عنهما): 11/ 313، برقم (6709)، وابن ماجه، أبواب النكاح - باب الشرط في النكاح: 3/ 132، برقم (1954)، قال شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن.

[14] سبل السلام: 2/ 220، نيل الأوطار: 6/ 207.

[15] جامع البيان للطبري: 7/ 552.

[16] لباب التأويل في معاني التنزيل، علاء الدين علي بن محمد بن إبراهيم أبو الحسن، الخازن (ت 741هـ)، تحقيق وتصحيح محمد علي شاهين، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1415 هـ، 1/ 340.

[17] غلاء المهور والاحتساب عليه، أحمد ربيع جابر الرحيلي، مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة، الطبعة الأولى، 1416ه/ 1996م، 106.

[18] المصدر نفسه: 113.

[19] أخرجه ابن أبي شيبة، كتاب النكاح - باب فِي الرَّجُلِ يُزَوِّجُ ابْنَتَهُ وَيَشْتَرِطُ لِنَفْسِهِ شَيْئًا: 3/ 500، برقم (16464).








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.40 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.09%)]