إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إنه ينادينا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 5429 )           »          السَّدَاد فيما اتفقا عليه البخاري ومسلم في المتن والإسناد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 59 - عددالزوار : 8159 )           »          تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1214 - عددالزوار : 134318 )           »          ميزة جديدة لمتصفح كروم بنظام أندرويد 15 تتيح إخفاء البيانات الحساسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          كل ما تحتاج معرفته عن ميزة الصورة المستطيلة بإنستجرام.. اعرف التفاصيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          إيه الفرق؟.. تعرف على أبرز الاختلافات بين هاتفى iPhone 14 Plus وGoogle Pixel 9 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          احمِ أطفالك من الإنترنت.. احذر ألعاب الفيديو لحماية أبنائك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          أبل تعمل على جهاز بشاشة تشبه شاشة الآيباد مع ذراع آلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          طفلك يستخدم تطبيقات الموبايل سرا دون علمك.. كيف تكتشف ذلك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          أدوات مهمة هتساعدك للحد من استخدام طفلك للإنترنت.. جربها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-02-2019, 09:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,947
الدولة : Egypt
افتراضي إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب

إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب
عبد اللّه بن محمد البصري


الخطبة الأولى
أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عز وجل- ( فَمَنِ اتَّقَى وَأَصلَحَ فَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنُونَ).
أَيُّهَا المُسلِمُونَ: المُتَأَمِّلُ في الحَيَاةِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، يَظُنُّ أَنْ لَيسَ لِلإِنسَانِ فِيهَا إِلاَّ النَّكَدُ وَالتَّعَبُ وَالنَّصَبُ، وَأَنَّ الشَّقَاءَ قَد كُتِبَ عَلَى كُلِّ مَن فِيهَا بِلا استِثنَاءٍ، يَظُنُّ ذَلِكَ لما يَرَاهُ مِن دُوَلٍ كُبرَى تُصَارِعُ دُوَلاً مِثلَهَا، أَو تَتَعَدَّى عَلَى أُخرَى صَغِيرَةٍ فَتَلتَهِمُهَا، وَهُنَا مُؤَسَّسَاتٌ تُصَارِعُ مُؤَسَّسَاتٍ، وَأَفرَادٌ يُنَافِسُونَ أَفرَادًا، وَطَبَقَةٌ غَنِيَّةٌ تَحتَقِرُ فَقِيرَةً، وَفُقَرَاءُ يَحقِدُونَ عَلَى أَغنِيَاءَ، وَقَبَائِلُ تَتَفَاخَرُ وَتَتَكَاثَرُ، وَأُسَرٌ تَتَكَبَّرُ عَلَى أُسَرٍ، وَامرَأَةٌ تَتَحَيَّزُ ضِدَّ الرَّجُلِ، وَرَجُلٌ يَسعَى لِلوُصُولِ لِلمَرأَةِ، وَجَارٌ يُطَالِبُ جَارَهُ وَدَائِنٌ يُطَارِدُ مَدِينًا، وَصِرَاعَاتٌ مُحتَدِمَةٌ وَانقِسَامَاتٌ، وَفَوضَى عَارِمَةٌ وَتَحَدِّيَاتٌ، وَأَحوَالٌ مُتَنَاقِضَةٌ وَأَوضَاعٌ مُتَبَايِنَةٌ، لا تَستَقِرُّ لِلإِنسَانِ فِيهَا حَالٌ وَلا يَهدَأُ لَهُ بَالٌ، وَيَتَسَاءَلُ عَاقِلٌ وَيَقُولُ:لماذَا كُلُّ هَذَا الظُّلمِ وَالتَّظَالُمِ وَالتَّجَاوُزِ؟ وَمَا سَبَبُهُ وَمَا مَصدَرُهُ؟
فَيُقَالُ إِنَّهُ بِاختِصَارٍ عَدَمُ الإِيمَانِ بِالغَيبِ، قَالَ - سبحانه -: ( بَلْ كَذَّبُوا بما لم يُحِيطُوا بِعِلمِهِ وَلَمَّا يَأتِهِم تَأوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِم فَانظُرْ كَيفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ) نَعَم ـ أَيُّهَا المُؤمِنُونَ ـ إِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لا يُؤمِنُونَ الإِيمَانَ الكَافيَ بِالقَضَاءِ وَالقَدَرِ، وَيَغفُلُونَ عَن أَنَّ اللهَ - سبحانه - قَد كَتَبَ كُلَّ شَيءٍ قَبلَ أَن يَخلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ بِخَمسِينَ أَلفَ سَنَةٍ، وَأَنَّهُ قَد قَضَى لِكُلِّ إِنسَانٍ رِزقَهُ وَعَمَلَهُ وَأَجَلَهُ، وَحَظَّهُ مِن شَقَاءٍ أَو سَعَادَةٍ، فَلَن يَنَالَهُ إِلاَّ مَا كُتِبَ لَهُ، وَأَمَّا مَا لم يُقسَمْ لَهُ، فَلا سَبِيلَ لَهُ إِلى الوُصُولِ إِلَيهِ، هَذَا مِن جِهَةِ مَا عَلَيهِ العُقُولُ قَبلَ حُصُولِ التَّصَرُّفَاتِ وَفي أَثنَائِهَا، وَأَمَّا مَا بَعدُ، فَإِنَّ ثَمَّةَ ضَعفًا شَدِيدًا في تَصُوُّرِ عَوَاقِبِ الأُمُورِ وَمَآلاتِهَا، وَتَغَافُلاً عَن قُربِ نِهَايَةِ الدُّنيَا وَتَجَاهُلاً لِسُرعَةِ زَوَالِهَا، وَغَفلَةً مُطبِقَةً عَمَّا يَنتُجُ عَن كَثِيرٍ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الهَوجَاءِ مِنِ احتِمَالِ مَظَالِمَ وَاكتِسَابِ مَغَارِمَ، لَن يَكُونَ قَضَاؤُهَا في الآخِرَةِ إِلاَّ بِالأَخذِ مِنَ الحَسَنَاتِ، أَوِ احتِمَالِ الظَّالِمِ مَزِيدًا مِنَ السَّيِّئَاتِ. وَلَو أَنَّ النَّاسَ آمَنُوا بِالغَيبِ الإِيمَانَ الحَقِيقِيَّ الَّذِي لا شَكَّ مَعَهُ، إِيمَانَ مَن كَأَنَّهُ يَرَى الغَيبَ رَأيَ عَينٍ بِيَقِينٍ، لأَثمَرَ ذَلِكَ لَهُم خَوفًا في القُلُوبِ وَخَشيَةً لِعَلاَّم ِالغُيُوبِ، وَاستِقَامَةً لِلأَلسِنَةِ وَعَمَلاً صَالحًا بِالجَوَارِحِ، وَلاجتَنَبُوا المَعَاصِيَ وَالسَّيِّئَاتِ وَالمُنكَرَاتِ، وَلَهَدَأَت نُفُوسُهُم وَاطمَأَنَّت قُلُوبُهُم، وَلانزَاحَت عَن صُدُورِهِم كَثِيرٌ مِنَ الهُمُومِ وَالأَثقَالِ، لَكِنَّ أَكثَرَهُم لا يَعلَمُونَ وَلا يَعقِلُونَ، وَمِن ثَمَّ فَقَد آثَرُوا الفَانيَ عَلَى البَاقي، وَبَاعُوا الكَثِيرَ بِالقَلِيلِ، وَفُضِّلَتِ الأُولى لَدَيهِم عَلَى الأُخرَى. وَأَمَّا القِلَّةُ القَلِيلَةُ مِنَ المُؤمِنِينَ الصَّادِقِينَ، الَّذِينَ زَادَهُمُ اللهُ تَقوًى وَيَقِينًا وَهُدًى، فَقَد آمَنُوا بِالغَيبِ إِيمَانَ مَن يَشهَدُهُ، وَصَدَّقُوا بِهِ تَصدِيقَ مَن لا يَغِيبُ عَنهُ، وَمِن ثَمَّ فَقَد حَازُوا في دُنيَاهُمُ الطُّمَأنِينَةَ وَكَسِبُوا رَاحَةَ البَالِ، قَالَ - سبحانه -: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكرِ اللهِ أَلا بِذِكرِ اللهِ تَطمَئِنُّ القُلُوبُ).
نَعَم ـ إِخوَةَ الإِيمَانِ ـ إِنَّ المُؤمِنَ مُطمَئِنُّ القَلبِ دَائِمًا، سَاكِنُ الجَأشِ أَبَدًا، إِن أَصَابَهُ خَيرٌ اطمَأَنَّ بِهِ، وَإِنِ ابتُلِيَ بِشَرٍّ أَو فِتنَةٍ، صَبَرَ وَتَحَمَّلَ وَلم يَنقَلِبْ عَلَى وَجهِهِ، وَمَا ذَاكَ إِلاَّ لِيَقِينِهِ أَنَّ مَا وَقَعَ فَهُوَ بِقَضَاءٍ وَقَدَرٍ، وَأَنَّ بَعدَ الدُّنيَا دَارًا لِلجَزَاءِ وَالحِسَابِ، وَيَومًا تَصغُرُ فِيهِ هُمُومُ الدُّنيَا مَهمَا كَبُرَت، وَسَاعَةً تُوَفىَّ فِيهَا كُلُّ نَفسٍ مَا كَسَبَت، فَيُؤخَذُ فِيهَا لِلمَظلُومِ بِمَظلَمَتِهِ، وَيُوفىَّ فِيهَا المَهضُومُ حَقَّه، وَأَنَّ مَعَ الصَّبرِ نَصرًا، وبَعدَ الكَربِ وَالعُسرِ فَرَجًا وَيُسرًا.
لَقَد عَلِمَ المُؤمِنُونَ الصَّادِقُونَ المُصَدِّقُونَ، أَنَّ الدُّنيَا لا تُسَاوِي عِندَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، وَأَنَّهَا سِجنُ المُؤمِنِ وَجَنَّةُ الكَافِرِ، وَأَنَّهَا مَلعُونَةٌ مَلعُونٌ مَا فِيهَا إِلاَّ ذِكرَ اللهِ وَمَا وَالاهُ، وَأَنَّ مَا قَلَّ وَكَفَى خَيرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَلهى، وَأَنَّهُ لَيسَ الغِنى عَن كَثرَةِ العَرَضِ، وَلَكِنَّ الغِنى غِنى النَّفسِ، وَأَنَّ رَكعَتَينِ يَركَعُهُمَا مُسلِمٌ قَبلَ الفَجرِ، أَو تَسبِيحَةً أَو تَهلِيلَةً أَو تَكبِيرَةً أَو تَحمِيدَةً، خَيرٌ مِنَ الدُّنيَا وَمَا طَلَعَت عَلَيهِ الشَّمسُ فِيهَا، وَأَنَّ مَوضِعَ سَوطِ المُؤمِنِ في الجَنَّةِ خَيرٌ مِنَ الدُّنيَا وَمَا فِيهَا، وَمِن ثَمَّ فَقَد تَرَفَّعُوا عَنِ التَّشَاحُنِ وَالتَّنَافُسِ، وَاتَّصَفُوا بِالعَفوِ وَالتَّسَامُحِ، وَطَهَّرُوا قُلُوبَهُم مِنَ البَغضَاءِ وَالأَحقَادِ، وَسَلِمُوا مِنَ التَّدَابُرِ وَالعَدَاوَاتِ، وَتَرَاهُم وَإِنْ غَلَبَتهُم بَشَرِيَّتُهُم، فَنَالَهُم شَيءٌ مِنَ الحُزنِ أَوِ اعتَرَاهُم ضِيقٌ في الصُّدُورِ، أَوِ اغتَمُّوا وَهُم يَرَونَ الكُفَّارَ أَوِ الفُجَّارَ أَوِ الظَّلَمَةَ قَد أَخَذُوا مِن حَقِّهِم مَا أَخَذُوا، أَو نَهَبُوا مِن نَصِيبِهِم مَا نَهَبُوا، أَو كَانَت لهم في وَقتٍ مِنَ الأَوقَاتِ الدَّولَةُ وَالغَلَبَةُ فَآذَوا مِن عِبَادِ اللهِ مَن آذَوا؛ إِلاَّ أَنَّ إِيمَانَهُمُ العَمِيقَ بِالغَيبِ وَيَقِينَهُم بِأَنَّ المَرَدَّ إِلى اللهِ، يَعُودُ بِهِم إِلى الاستِقرَارِ النَّفسِيِّ وَالاطمِئنَانِ القَلبيِّ، وَيُورِثُهُم مِنِ انشِرَاحِ الصُّدُورِ مَا لَو قُسِمَ عَلَى أُمَّةٍ لَوَسِعَهُم، وَفي الجَانِبِ المُقَابِلِ، فَإِنَّهُم مَهمَا أُعطُوا مِن دُنيَاهُم أَو فُتِحَ عَلَيهِم فِيهَا مَا فُتِحَ، فَإِنَّ إِيمَانَهُم بِأَنَّ مَا عِندَ اللهِ خَيرٌ وَأَبقَى، وَأَنَّ الحَيَاةَ الدُّنيَا مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَالآخِرَةَ خَيرٌ لِمَنِ اتَّقَى، يُكسِبُهُم حَمدَ اللهِ - سبحانه- على نِعَمِهِ، وَيُلهِمُهُمُ المَزِيدَ مِن شُكرِهِ وَذِكرِهِ وَحُسنِ عِبَادَتِهِ، فَلا يَشغَلُهُم عَنِ اليَومِ الآخِرِ شَاغِلٌ، وَلا يُطغِيهِم عَلَى مَن سِوَاهُم مُكتَسَبٌ، أُولَئِكُم هُمُ المُؤمِنُونَ المُتَّقُونَ ( الَّذِينَ يَخشَونَ رَبَّهُم بِالغَيبِ وَهُم مِنَ السَّاعَةِ مُشفِقُونَ) الَّذِينَ استَحضَرُوا في كُلِّ وَقتٍ وَآنٍ قَولَ رَبِّهِم: ( إِنَّ اللهَ عَالِمُ غَيبِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)، وَقَولَهُ: (وَللهِ غَيبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَمَا أَمرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمحِ البَصَرِ أَو هُوَ أَقرَبُ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ) وَقَولَهُ: (إِنَّ اللهَ يَعلَمُ غَيبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَاللهُ بَصِيرٌ بما تَعمَلُونَ) وَأَمَّا مُدَّعُو الإِيمَانِ بِلا عَمَلٍ صَالِحٍ، مَعَ ظُلمِ عِبَادِ اللهِ وَالتَّعَدِّي عَلَى حُقُوقِهِم، فَإِنَّمَا هُم أَدعِيَاءٌ كَاذِبُونَ، وَإِلاَّ لَصَدَّقُوا بِالغَيبِ وَاستَعَدُّوا لِذَلِكَ اليَومِ العَصِيبِ، فَنَالُوا بِذَلِكَ عَظِيمَ الأَجرِ وَصَادِقَ الوَعدِ مِمَّن لا يُخلِفُ المِيعَادَ، القَائِلِ - سبحانه -: (إِنَّ الَّذِينَ يَخشَونَ رَبَّهُم بِالغَيبِ لَهُم مَغفِرَةٌ وَأَجرٌ كَبِيرٌ * وَأَسِرُّوا قَولَكُم أَوِ اجهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) وَالقَائِلِ - عز وجل -: (وَأُزلِفَتِ الجَنَّةُ لِلمُتَّقِينَ غَيرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَن خَشِيَ الرَّحمَنَ بِالغَيبِ وَجَاءَ بِقَلبٍ مُنِيبٍ * اُدخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَومُ الخُلُودِ * لَهُم مَا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَينَا مَزِيدٌ).
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ خَشيَتَكَ في الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ، وَنَسأَلُكَ كَلِمَةَ الحَقِّ في الغَضَبِ وَالرِّضَا، وَنَسأَلُكَ القَصدَ في الفَقرِ وَالغِنى، وَنَسأَلُكَ نَعِيمًا لا يَنفَدُ، وَنَسأَلُكَ قُرَّةَ عَينٍ لا تَنقَطِعُ، وَنَسأَلُكَ الرِّضَا بَعدَ القَضَاءِ، وَبَردَ العَيشِ بَعدَ المَوتِ، وَنَسأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلى وَجهِكَ الكَرِيمِ وَالشَّوقَ إِلى لِقَائِكَ، مِن غَيرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلا فِتنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ وَاجعَلْنَا هُدَاةً مُهتَدِينَ.
الخطبة الثانية:
أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقوا اللهَ - تعالى- وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ الإِيمَانَ بِالغَيبِ رَحمَةٌ مِنَ اللهِ وَنِعمَةٌ، لا يَهَبُهَا بَعدَ فَضلِهِ إِلاَّ لِمَن أَخلَصَ لَهُ قَلبَهُ وَتَوَاضَعَ وَتَطَامَنَ، وَتَحَرَّى الحَقَّ وَرَغِبَ في الهُدَى، قَالَ - سبحانه -: ( إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخشَونَ رَبَّهُم بِالغَيبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفسِهِ وَإِلى اللهِ المَصِيرُ)، وَقَالَ - جل وعلا -: ( إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِكرَ وَخشِيَ الرَّحمنَ بِالغَيبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغفِرَةٍ وَأَجرٍ كَرِيمٍ) وَقَدِ امتَدَحَ - تعالى- عِبَادَهُ المُتَّقِينَ أَوَّلَ مَا امتَدَحَهُم بِإِيمَانِهِم بِالغَيبِ فَقَالَ: ( ذَلِكَ الكِتَابُ لَا رَيبَ فِيهِ هُدًى لِلمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤمِنُونَ بِالغَيبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقنَاهُم يُنفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤمِنُونَ بما أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُم يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِن رَبِّهِم وَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ).
إِنَّ الإِيمَانَ بِالغَيبِ يُورِثُ القُلُوبَ تَوَجُّهًا إِلى اللهِ صَادِقًا وَاتِّبَاعًا حَسَنًا، وَيُكسِبُ النُّفُوسَ انقِيادًا تَامًّا وَتَسلِيمًا كَامِلاً، وَيُخضِعُ العِبَادَ لأَوَامِرِ رَبِّهِم وَنَوَاهِيهِ، وَبِهِ تَنقَلِبُ حَيَاةُ الأَفرَادِ مِن ضَلالٍ وَخَسَارَةٍ إِلى هدًى وَفَلاحٍ، وَتَسلَمُ المُجتَمَعَاتُ مِن أَمرَاضِ الشُّحِّ وَالشَّحنَاءِ وَالاعتِدَاءِ، وَتُجَنَّبُ أَدوَاءَ الكَذِبِ وَالبُهتَانِ وَالمَكرِ وَالخِيَانَةِ، وَتَحيَا بِهِ في النَّاسِ جُذُورُ التَّقوَى وَتَقوَى لَدَيهِم بَوَاعِثُ الوَرَعِ، وَيَسلُكُونَ سُبُلَ الصَّلاحِ وَالإِصلاحِ " وَلِيَعلَمَ اللهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالغَيبِ " أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ عِبَادَ اللهِ.
وَلا تَكتُمُنَّ اللهَ مَا في نُفُوسِكُم *** لِيَخفَى وَمَهمَا يُكتَمِ اللهُ يَعلَمِ
يُؤَخَّرْ فَيُوضَعْ في كِتَابٍ فَيُدَّخَرْ *** لِيَومِ الحِسَابِ أَو يُعَجَّلْ فَيُنقَمِ

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 53.64 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.01 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (3.04%)]