|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() لقد كان من ملوك المسلمين وخلفائهم مَن يتحسَّسون قلوبهم ويتابعون أنفسهم، فإذا وجدوا قسوةً في قلوبهم ذهبوا إلى العلماء والوعَّاظ واستمعوا إلى ما يُرقق قلوبهم، بل كانوا لا يُقرِّبون من مجالسهم إلا العلماء المخلصين، ويطلبون منهم النصح والتوجيه ويتقبلون منهم ولا يتكبرون على أحدٍ مهما كان، فأصلح الله بهم أحوال البلاد والعباد، وانتشر الأمن والرخاء في عهودهم؛ لأنهم كانوا يخافون وقفةً طويلةً أمام ملك الملوك سيُحاسبهم فيها على النقير والقطمير، كما قال تعالى ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ(47)﴾ (الأنبياء). فكانوا يعملون ألف حسابٍ لهذا اليوم، بل كانوا كلما تذكروا هذا اليوم بكَت عيونُهم وخشعت قلوبهم، وتمنَّوا لو خرجوا من هول هذا اليوم كفافًا لا لهم ولا عليهم، وهذا الخوف هو الذي دفعهم إلى إقامة العدل وردِّ المظالم إلى أهلها، وإحقاق الحق وإبطال الباطل، وهذا الخوف أيضًا هو الذي جعلهم يستعينون بالبطانة الصالحة التي توجِّههم إلى الخير وما فيه النفع للرعية، وإذا حادوا عن الحق ردتهم هذه البطانة إلى الحق، فيرجعون إلى الحق غير متكبرين ولا متعالين، ومن هؤلاء الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز وهارون الرشيد رضي الله عنهما وعن سلفنا الصالح أجمعين. وقد رُوي عن هارون الرشيد أنه أحسَّ في يومٍ من الأيام بوحشةٍ في قلبه فقال لوزيره الفضل بن الربيع: إني أحس بوحشة في قلبي وأريد أن تذهب بي إلى عالمٍ لأعرف منه سبب الوحشة، فأخذه إلى الفضيل بن عياض فلما دخل عليه هارون الرشيد أطفأ الفضيل السراج فلم يكن من الرشيد إلا أن بحث عن اليدِ التي أطفأت السراج عليه وإذ بيده تلمس يد الفضيل بن عياض ويسمع صوته يقول له: "ما ألينها من يدٍ لو نجت من النار!!". فجلس أمير المؤمنين على الأرض وقال للفضيل: عظني يا فضيل.. فإني أشعر بوحشة في قلبي، فقال الفضيل: "لقد حملت على نفسك، وجميع مَن معك حملوا عليك، ولو سألتهم عند انكشاف الرقاب عنك وعنهم أن يحملوا عنك شقصًا من ذنبٍ ما فعلوا، ولكن أشدهم حُبًّا لك أشدهم هربًا منك.. يا أمير المؤمنين، إن عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة دعا سالم بن عبد الله بن عمر، ومحمد بن كعب القرظي، ورجاء بن حيوة وقال لهم: إني ابتُليت بهذا البلاء فأشيروا عليَّ. فقال له سالم: إن أردت النجاة غدًا من عذاب الله فصم عن الدنيا، وليكن إفطارك فيها على الموت. وقال له محمد بن كعب: إن أردت النجاة غدًا من عذابِ الله فليكن كبير المسلمين لك أبًا، وأوسطهم لك أخًا، وأصغرهم لك ولدًا، فبرَّ أباك، وارحم أخاك، وتحنن على ولدك. وقال له رجاء بن حيوة: إن أردت النجاة من عذابِ الله فأحب للمسلمين ما تحب لنفسك واكره لهم ما تكره لنفسك. فبكى هارون حتى أُغمي عليه، فقال الفضل بن الربيع: ارفق بأمير المؤمنين. فقال الفضيل عياض: يا ابن الربيع قتلته أنت وأصحابك وأنا أرفق به. فلما أفاق هارون قال: زدني. قال الفضيل: يا أمير المؤمنين، بلغني أنَّ عاملاً لعمر بن عبد العزيز شكا إليه السهر فكتب إليه عمر يقول: يا أخي، اذكر سهر أهل النار في النار وخلود عباد الله فيها، فلما قرأ الكتاب طوى البلاد حتى قدم عليه.. فقال له عمر: ما أقدمك؟! قال: خلعتَ قلبي بكتابك، لا وليت لك ولايةً حتى ألقى الله. فبكى الرشيد بكاءً شديدًا ثم قال زدني، فقال الفضيل: يا أمير المؤمنين، إنَّ جدك العباس عم النبي- صلى الله عليه وسلم- جاء فقال: يا رسول الله أمِّرني على إمارة، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: "يا عم، نفس تُحبيها، خيرٌ من إمارةٍ لا تُحصيها.. إنَّ الإمارةَ حسرةٌ وندامةٌ يوم القيامة، فإن استطعت أن لا تكون أميرًا فافعل". فبكى الرشيد ثم قال: زدني، فقال الفضيل: يا حسن الوجه، إن استطعت أن تقي هذا الوجه من النار فافعل، وإياك أن تُصبح أو تمسي وفي قلبك غش لرعيتك، فبكى الرشيد ثم قال للفضيل: أعليك دين؟! فقال الفضيل: دين لربي يحاسبني عليه. فقال هارون: إنما أعني دين العباد. فقال الفضيل: إنَّ ربي لم يأمرني بهذا، إنما أمرني أن أصدق وعده، وأطيع أمره. فقال الرشيد: هذه ألف دينار خذها لعيالك وتقوَّ بها على عبادةِ ربك. فقال الفضيل: سبحان الله، أنا أدلك على النجاة وتكافئني بمثل هذا؟! سبحان الله.. ما أحوج كل حاكم وكل ملك بل وكل مسئول مهما كانت مسئوليته إلى نصيحةِ الفضيل، فكلنا راع وكلنا مسئول عن رعيته، بل ما أحوج أن يكون كل حاكم مثل هارون الرشيد أو عمر بن عبد العزيز، فوالله لن يحتاج إلى قانون طوارئ ولا جحافل من قوات أمن الدولة، وسيعيش عيشةً مطمئنةً في الدنيا وسيضمن النعيم المقيم في الآخرة أثر البطانة على الملوك ولقد كان لبطانة الملوك والأمراء أكبر الأثر في توجيههم نحو الخير والفلاح، وذلك عندما يتخذ الملك بطانةً صالحةً؛ حيث تتعهده دائمًا بالنصيحة الصادقة وكشْف عيوبه وتوجيهه إلى ما فيه الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة، وإذا انحرف الملك أو قصَّر في واجبٍ ذكَّروه بالله وبالحساب أمام الله، فينصلح حاله ويعود إلى الصراط المستقيم، بل كان بعض الملوك يذهبون إلى العلماء المخلصين ويسألونهم النصيحة، وهؤلاء وصلوا إلى برّ الأمان بشعوبهم، وعاشوا في أمن وطمأنية، لدرجة أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كان ينام تحت ظل شجرة دون حراسة، ولا يخشى شيئًا، فلما رأى رسول كسرى ذلك قال قولته المشهورة: "عدلت فأمنت فنمت يا عمر". أما إذا كانت البطانة فاسدةً فهي تدلس على الحاكم وتنافقه وتُريه صورةً غير الحقيقة، وتحيده عن الحق، حتى يجد نفسه يهوي في مكان سحيق، بعيدًا كل البعد عن الحق، مكروهًا كل الكره من الشعب، زيّنت له بطانته الفاسدة سوءَ عمله، ولا يوجد من هؤلاء من يقول لسيده حين يُسلِّم عليه مقولة الفضيل للرشيد: "ما ألينها من يدٍ لو نجت من النار!!" |
#2
|
|||
|
|||
![]() اللهم اعفو عنى وارحمنى انا وجميع المسلمين
|
#3
|
||||
|
||||
![]() بارك الله فيك أخي وفي موضوعك الطيب وجزاك ربي الجنة
__________________
اللهم ثبت قلبي على دينك
|
#4
|
|||
|
|||
![]() اقتباس:
ونسال الله القبول |
#5
|
||||
|
||||
![]() السلام عليكم ورحمة الله وبركاته موضوع مفيد وقيم باركـَ الله فيكـ أخي الكريم ابو مصعب المصري دمتم بحمى الرحمن |
#6
|
||||
|
||||
![]() جزاكم الله خيرا اخي الحبيب
دمت في رعايه الله وامنه
__________________
مدونتي ميدان الحرية والعدالة
|
#7
|
|||
|
|||
![]() بورك مروركم جميعا
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |