|
ملتقى الملل والنحل ملتقى يختص بعرض ما يحمل الآخرين من افكار ومعتقدات مخالفة للاسلام والنهج القويم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() إن دراسة مشروع الهيمنة الأمريكي ـ الصهيوني على منطقتنا العربية؛ لا يمكن فهمه دون معرفة الأسس الثقافية والإيديولوجية التي قامت عليها الفلسفة السياسية لما أصبح يعرف اليوم بالمحافظين الجدد . هذه الفلسفة التي جعلت طلائع القوات الأمريكية تبدأ عملها خارج أراضي الولايات المتحدة منذ القرن السابع عشر ؛ هي ذاتها التي تمارسها اليوم الإدارة الأمريكية ؛ بعد أن غدت القطب الواحد الذي يريد تقرير مصير المجتمع البشري وفق فلسفته السياسية التي أسسها متشددون من أصول بروتستانتية أُطلق عليهم ( الآباء المؤسسون ) للهيمنة على المنظمات والهيئات الدولية لفرض فلسفتها السياسية ذات البعد الإيديولوجي . ومن خلال دراستنا لهذه الفلسفة سنجد أنها تقوم على عاملين أساسيين ؛ وضعهما الآباء المؤسسون ؛ ولو حللناهما سيتبين لنا أنها ذاتها التي تسير وفقها سياسة الإدارة الأمريكية الحالية ولكن الشكل يختلف من حين إلى آخر وهذان العاملان هما : أولاً : الأصول البروتستانتية : تشكلت عقلية الجماعة الأولى التي جاءت إلى أمريكا الشمالية دينياً من خلال المفهوم البروتستانتي للمسيحية ؛ الذي يرى أنه لا يمكن فهم المسيحية إلا بالعودة إلى التوراة ؛ سواء في العلاقة مع الكنيسة ، أو فهم الدور اليهودي عالمياً ؛ بعكس الكاثوليكية التي ترى أن الكنيسة هي القناة التي تصل الإنسان بالرب ؛ وأن الأمة اليهودية انتهى دورها الديني إلهياً بمجيء المسيح ؛ وأن الله عاقبهم على نكثهم بالمواثيق التي أخذها عليهم ؛ وعلى دورهم في صلب المسيح . أما الفهم البروتستانتي الذي أسسه (مارتن لوثر) فيقوم على إلغاء دور الكنيسة في علاقة الإنسان بربه ، وبالتالي إلغاء صكوك الغفران التي شبهها ( مارتن لوثر ) بصك العبودية ، وأنه لا يمكن فهم المسيحية إلا بالعودة إلى التوراة ؛ وهذا يعني أن الفكر الديني البروتستانتي قائم على الإيمان العميق بنبوءات التوراة ( رؤيا يوحنا اللاهوتي ) التي من ضمنها أن اليهود هم شعب الله المختار ، وأن المسيح سيعود إلى الأرض ، وإلى فلسطين تحديداً ، ليحكم العالم مدة ألف عام تقوم بعدها القيامة ، وهذه العودة لن تتم إلا إذا تحققت ثلاث نبوءات توراتية : الأولى : قيام دولة لبني إسرائيل في فلسطين وقد قامت عام 1948 . الثانية : احتلال القدس . وقد احتلت عام 1967 . الثالثة : بناء الهيكل مكان المسجد الأقصى . وهم يعملون مع الصهاينة على تحقيق تلك النبوءة . من خلال هذا الاعتقاد التوراتي في فهم العقيدة المسيحية البروتستانتية ؛ تشكلت العقلية الدينية الأمريكية على اعتبار اليهود شعب الله المختار ، وبالتالي تغيرت النظرة إلى فلسطين ، وأصبح دعم اليهود لتحقيق هذه النبوءة واجباً دينياً ؛ يجب أن يعمل الأمريكيون البروتستانت من أجله . وعندما نفهم البعد الديني لهذه الفلسفة ؛ تصبح صورة علاقة الولايات المتحدة بالكيان الصهيوني أكثر وضوحاً . ثانياً :البراغماتية العمياء : إن مَنْ أسَّسَ الولايات المتحدة ينظر إلى مصلحته الشخصية ومصلحة الجماعة التي خرجت مضطهدة من أوروبا على أنها شيء مقدس ؛ وبالتالي يجب أن تكون مصلحة هذه الجماعة وأمنها وأهدافها مأخوذة بعين الاعتبار لدى كل من يقودها ؛ ويعد الخطاب الذي ألقاه السيناتور ألبرت بفريدج عام 1898 أحد المبادئ الأساسية التي يجب أن توضع بعين الاعتبار في الفلسفة السياسة الأمريكية ، وأطلق على هذا الخطاب اسم (مسيرة الراية) ويتلخص هذا الخطاب الشهير بأن التوسع الاقتصادي هو إستراتيجية أمريكية ، لذلك يجب فتح أسواق جديدة للتجارة الأمريكية في العالم ؛ لتنشيط الاقتصاد الأمريكي ، وهيمنته على الاقتصاد العالمي ويجب على القوة العسكرية أن تخدم هذا المبدأ . واليوم نشاهد القوة العسكرية الأمريكية تقوم بهدم البنية التحتية للبلاد التي تحتلها الولايات المتحدة ، وبعد الاحتلال تدخل الشركات الأمريكية لتبنيها ؛ فتحقق أرباحاً كبيرة تنعش من خلالها الاقتصاد الأمريكي ، وتجعل عجلته تدور ؛ ومن ثم تصبح هذه البلاد المحتلة سوقاً جديدة لمنتجات الشركات الأمريكية ؛ وقد أكد على هذا المبدأ البراغماتي (جورج واشنطن) الأب الأكبر للفلسفة السياسية الأمريكية عندما قال : يجب أن نعتبر أي تحالف مع أية دولة مؤقتاً إلا إذا كان هذا التحالف مفيداً لمصالحنا ، وإذا أصبح هذا التحالف عبئاً علينا فمن الواجب تركه وإحلال تحالف جديد مكانه ؛ حتى ولو كان صاحبه عدو الأمس . والعاملان الديني والبراغماتي لهما دور كبير في الفلسفة السياسية الأمريكية منذ نشأتها إلى يومنا هذا ، وبحسب المصالح الشخصية لقادة البيت الأبيض نرى أحياناً العامل الديني يتقدم على البراغماتي ؛ وأحياناً البراغماتي يتقدم على الديني . المبادئ التي تقوم عليها الفلسفة السياسية للمحافظين الجدد . هناك مجموعة مبادئ تتحكم وتوجه القرار السياسي الأمريكي ، هما نتاج للعاملين المذكورين آنفاً ؛ وتعد من الثوابت التي تقوم عليها الإستراتيجية الأمريكية وهي : 1ـ القـــــــــــــــوة : القوة في الفلسفة السياسية الأمريكية هي أقصر الطرق لتحقيق الأهداف الأمريكية ؛ فأية مشكلة تواجه السياسة الخارجية الأمريكية تفكرفوراً بالقوة لحلها ، وازدادت القناعة في هذا المبدأ بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، وتفردها كقوة عظمى بالعالم ، ولا أعتقد أن هناك دولة في العالم خاضت حروباً لتحقيق فلسفتها كالولايات المتحدة ، ولو تدبرنا التاريخ الأمريكي لوجدنا أن كل رئيس لا بد أن يخوض في ولاياته الرئاسية حرباً أو أكثر ؛ وأصبح لهذا المبدأ فلاسفته ومشرعوه ؛ ويعتبر (هنري ويجر) أحد المنظرين الأوائل لهذا المبدأ ، وكان يعد من أشهر منتقدي دعاة اللاعنف في السياسة الأمريكية ؛ كما كان يسبغ على فلسفة القوة لبوساً دينياً فيقول : الكتاب المقدس لم يمنع الحرب بل إننا نجد في التوراة أن الحرب مأمور بها والمسيح عاش في عصر الحرب ولم يمنعها . وأكد على ذلك المبدأ إمام المحافظين ( ألكسندر هاملتون ) عندما قال : إن القوة هي التي تملي شروط العلاقة بين أمريكا والعالم . وتحت مسميات مختلفة وذرائع شتى تستخدم الإدارة الأمريكية القوة لتحقيق فلسفتها السياسية ، فباسم الإرهاب التي لم تحدد له تعريفاً تحتل بلاداً ، وباسم الديمقراطية تطيح بأنظمة ؛ وباسم حقوق الإنسان والأقليات تعتقل دولاً !؟. 2 . الجمهورية الإلهية : المجموعة التي انتصرت في حرب الاستقلال والحرب الأهلية الأمريكية ، قامت فلسفتها السياسية على عقيدة دينية بروتستانتية هذه العقيدة شكلت شيئاً فشيئاً أهدافاً محددة ؛ عَمِلتْ على تحقيقها الإستراتيجية الأمريكية فيما بعد ؛ منها الاعتقاد بأن المجتمع الأمريكي مجتمع متفوق ومتميز على كل مجتمعات العالم ، ويحق له ما لا يحق لغيره لأنه تم اختياره إلهياً ؛ لتشكيل جمهورية إلهية على غرار دولة إسرائيل ، وبالتالي أعطتهم هذه العقيدة وصايا إلهية على الشعوب الأخرى ، ولقد مارس الأمريكيون الأوائل هذه الوصاية في أمريكا الوسطى والجنوبية ، ثم توسعوا فيها بعد الحرب العالمية الثانية في آسيا ، وعادوا لممارستها عالمياً بشكل سافر بعد انفراد إمبراطوريتهم بالعالم إثر انهيار الاتحاد السوفيتي . وهذه الفلسفة تقوم على ضرورة توسيع حدود الولايات المتحدة ، حتى لو اضطرت لسلب أراضي جيرانها ؛ لتصبح الجمهورية الإلهية قادرة على استيعاب صفوة العقول البشرية التي تهاجر إليها ؛ لتقدم خدماتها لشعب الله المختار الجديد ، فتم شراء مقاطعة ( لويزيانا ) من نابليون فرنسا عام 1803 ثم ( ألاسكا ) واستعمروا نصف المكسيك ؛ وضموها إليهم. وما كادت الولايات المتحدة الأمريكية تستقل عن بريطانيا حتى كانت فكرة الجمهورية الإلهية ؛ قد أخذت تتبلور وتتطور ، لتشكل الاعتقاد السائد والمسيطر على صانع القرار الأمريكي ، وأنه أصبح شعب الله المختار الجديد ، وقد تم اختياره إلهياً ليقود العالم ، وقد تحدث الصحفي الفرنسي( بيار سالينجر ) عن ذلك في تقديمه لكتاب أمريكا التوتاليتارية للكاتب الفرنسي ميشيل موردان قائلاً : إن الأمريكي مفعم بالعقيدة الكالفينية التي تقرر بأن الله قد جمع شعباً من رجال ونساء مميزين ؛ ليمنحه قيادة العالم . يتبع...
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |