صبرا يامن بعتم انفسكم لله

[أبو جهاد المصري]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين ...

هذا طريقُنا وهكذا نسير



أتساءل لماذا المصلحين يواجهون كل أنواع الظلم والمحاربة والاستهزاء والحصار والإعتقالات والإهانات والتشنيع
ومع ذلك فهم صابرون محتسبون .. !!

يخرج المصلح منهم وحيداً فريداً يقف بمفرده أمام الأمة بمجموعها لا يضره من خذله ولا من خالفه ..
يتألب عليه الخاصة وينفر منه العامة ويصفونه بأقذع الصفات ويتهمونه بأبشع الأخلاق
ومع ذلك فهو رافع الرأس عالي الهمة صادق العزيمة قوي الإرادة .. !

ينظر المصلح إلى الناس من حوله فيجد الانحراف والضلال والبعد عن شرع الله فيتحرك قلبه غضبا ً
ويهتز ضميره حزناً ويُصبح ويُمسي مُفكراً في هموم الأمة وأحوالها
يظل قلق النفس حائر اللُب لا يهدأ باله بنوم أو راحة ولا تسكن نفسه بطعام أو شراب لما يراه من حال الأمة وتقهقرها ..

وكيف يقوى على ذلك ويستمتع بحياته أو يرضى بها
وهو يرى أمته تسير إلى الهاوية وفصول الهزيمة والاستكانة تتوالى تباعاً.. !!

فـإليكَ أيتها الداعية وأيها الداعي أنقل لكم هذه الكلمة

إنّ المصلح صادق مع نفسه صادق مع الآخرين يجهر بالحق ويُسمي الأشياء بأسمائها
ويكره التدليس والخداع وتزوير الحقائق ولا يرضى بالمداهنة أو المداورة ..
وهذا ما لا يرضي العامة الذين ألهتهم شهواتهم وأهواؤهم عن ذكر الله
كما لا يرضي المتنفذين الذين يستمدون وجودهم ومكانتهم من غفلة العامة وسكرتهم ..

فأقول لك أخي الغالي وأختي الحبيبة

يا من وقفتَم كالجبل الأشمّ في وجه الطاعنين بنا وبدولتنا وبمنهجنا اصبروا وصابروا ورابطوا كما أمرنا الله تعالى
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ..
فاصبروا واحتسبوا وذبّوا عن دينكم ومنهجم وفكرتكم
لا تكلـّوا ولا تملـّوا وتذكـّروا أنّ الأجر على قدر المشقـة وكُلـما ازداد عليكم البلاء والطعن والهمز واللمز
فافرحوا بالأجر العظيم الذي ينتظركم بإذن الله تعالى ..

ولنربي أنفسنا وأبنائنا على أن المصلح الصادق مع ربه مستعيناً بالله تعالى
يجوب الآفاق رافعاً صوته بكلمة التوحيد الخالص
لا يعتريه فتور ولا خمول ولا يقعده عن أمانة البلاغ في دعوته رغبة ولا رهبة ولا خوف ولا يأس
لأن القلب العامر بنور الإيمان يكتسب قوة وثباتاً نت الله عز وجل يستعلي بها على زخرف الدنيا وبطش الجبابرة الطغاه
( عليهم من الله ما يستحقون ) ..
إن عظمة المُصلح تتجلى في ثباته ورباطه وقدرته على مواجهة المشاق والصعوبات والحصار والإعتقال بدون كلل أو ملل
فالحق يمكن أن يصل إليه الكثيرون ولكن الصدع به والثبات عليه والصبر على الأذى فيه منزلة شامخة لا يصل إليها إلا المصلحون الأفذاذ ..
إن عظمة المصلح تتجلى في رعايته لهموم الأمة كبيرها وصغيرها .. دينيها ودنيويها ..
فهو يعيش للأمة يذُب عن بيضتها ويحمى حماها ولا يتعلق قلبه بشكر الناس أو حمدهم أو ترهب نفسه من غضبهم أو ظلمهم يقولها صادقاً
[يا قوم لا أسألكم عليه أجراْ إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون]
إنّ المصلحين هم صانعوا الحياة وباعثو الأمل في الأمة
هم حرسها وقادتها وحداتها إلى كل خير في زمن عزّ فيه الأحياء وندر فيه الصادقون ..
وليكن هذا شعار المُصلح الداعي إلى الله

تالله ما الطغيان يهزم دعوة ..... يوما وفى التاريخ بر ّيمينى

ضع فى يدى القيد ألهب أضلعى..... بالسوط ضع عنقى على السكين

لن تستطيع حصار فكري ساعة ..... أو نزع إيمانى ونور يقينى

فالنور في قلبى وقلبى فى يدى..... ربى وربى ناصرى ومعينى

سأعيش معتصما بحبل عقيدتى..... وأ موت مبتسما ليحيا دينى

وأخيرا وليس آخراً

يا من يـُطعن بكم ليلا ونهارا سرّا وجهارا ذمـّا واحتقارا اصبروا على الأذى فهذه طريق الأنبياء ..
وهي ليست محفوفة بالورد والريحان بل بالدماء والأشلاء والقذف والطعن واللمز والاتـّهام والحصار والإعتقال .

أختم هذا الكلام بخاتمة جميلة طيبة تحث على الصبر والعزيمة والثبات .
(( أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يُفتنون .. ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعملن الله الذي صدقوا وليعلمن الكاذبين ))

(( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ))