الغنائم أيها النائم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1174 - عددالزوار : 131817 )           »          3 مراحل لانفصام الشخصية وأهم أعراضها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          متلازمة الشاشات الإلكترونية: كل ما تود معرفته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          ما هي أسباب التعرق الزائد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          أضرار الوجبات السريعة على الأطفال: عواقب يُمكنك تجنبها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          الوقاية من القمل بالقرنفل: أهم الخطوات والنصائح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          علاج جفاف المهبل: حلول طبيّة وطبيعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          الوقاية من القمل في المدارس: دليل شامل للأهل والمعلم! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          الوقاية من التهاب الكبد: 9 خطوات بسيطة لصحة أفضل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          الوقاية من الجلطات: دليلك الشامل لصحة أفضل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-10-2009, 11:46 PM
الصورة الرمزية اخت الاسلام
اخت الاسلام اخت الاسلام غير متصل
مشرفة الملتقى الاسلامي
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
مكان الإقامة: ارض الله
الجنس :
المشاركات: 6,045
الدولة : Morocco
Icon1 الغنائم أيها النائم



كتــــاب
الغنائم أيها النائم

الشيخ الدكتور / علي بن عمر بادحدح


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين،وبعد.
فإن كل إنسان يحب أن يربح ، ويريد أن يكسب ، وإذا تيسر له الكسب بدون جهد يذكر، وبقدر أكبر ، فما من شك أن سيكون أشد حرصاً وأعظم اهتماماً بذلك ، فإذا ضُمن له ذلك المغنم في كل يوم فإنه سيواظب بلا انقطاع على التحصيل وجمع المزيد ؛ لأن ذلك يعظم أرباحه ويزيد ماله ولن يدخر جهداً في سبيل حصوله على ذلك الكسب من ذلك المورد ، ولن يفرط في أي سبب ، ولن يتأخر عن أي موعد ، ومثل هذا ستراه بعد زمن وقد عظمت مغانمه ، وزادت مكاسبه .

والآن ما رأيك لو أنك أنت – أخي القارئ – الذي دعيت لتأخذ تلك المغانم ، وتنال تلك المكاسب ، إنها تبذل لك وتقيد في رصيدك ، بدون أي تأخير أو تقصير ، هل ستفرط فيها أو تتنازل عنها ؟ إن تفكيرك في مصلحتك وفائدتك سيمنعك من ذلك .
وأريدك الآن أن تواصل معي وتعطيني رأيك أيضاً ، ما قولك لو أن الدعوة إلى تلك الغنائم كانت للجميع ، وكل من حضر في الوقت المحدد ويؤدي العمل الميسر سينال أعطيات جزيلة ، ومنحاً عظيمة ؟ ألست معي أن الجميع سيبادرون ، وسيوصي كل أحد أبناءه وأقرباءه ليشاركوا في الحصول على الغنائم ، وسيكون المتخلف عن ذلك – عند الجميع – مفرطاً وجانياً على نفسه ، ومضيعاً للفرصة العظيمة في الحصول على الغنيمة الكبيرة ولنقل إن تلك الغنائم تقدمها دولة غنية ، أو جمع من كبار الأثرياء ، وأن المكافأة التي تعطى كل يوم هي عشرة آلاف ريال ، يتسلمها كل من يأتي إلى المكان المحدد ولوقت المحدد ويؤدي عملاً يسيراً يستغرق نحو ربع ساعة ، وإن زاد لايتجاوز نصف الساعة ، فما رأيك بعد كل هذا الإيضاح فيمن يترك ذلك ويتخلف عنه ولا يبادر إليه بسبب رغبته في النوم وحبه للراحة !! وما عساك أن تقول فيمن يكاد يتخلف عن ذلك يوم ويضيع بالتالي عشرة آلاف ريال كل يوم !.

وأخيراً دعني أخبرك أن الذي يعطي تلك الغنائم ليس غنياً من الأغنياء وإنما هو الله رب الأرض والسماء ، وأن الغنائم ليست دراهم ولا دنانير ولا ذهباً ولا فضة ، وإنما هي الحسنات والدرجات والجنات .
أليس من الأحرى أن يزداد الحرص ويعظم الاهتمام ؟ لأن المعطي هو الذي لا تنفد خزائنه ، ولا يُخلف وعده ، ولأنه الكريم الذي لا منتهى لكرمه ، والعظيم الذي لاحد لعظمته .
أليس من الأحرى أن لا تفوت الفرصة ، ولا تضيع الغنيمة ؟ أليس كل مفرط مغبون ؟ أليس كل مقصر خاسر ؟ أليس كل مضيع محروم ؟ بلى والله ، وما أعظم الخسران لمن ضيع الغنائم وهو نائم ، لم يكن به مرض مقعد ، ولا حال دونه ودون مراده عدو قاهر .
إنني أعني بكل ما سبق النائمين المتخلفين عن صلاة الفجر وإنني لأهمس - بل أصرخ – في أذن كل منهم : " الغنائم أيها النائم".

* غنائم الفجر
الغنيمة الأولى : الحرية الإيجابية :
عن أبي هريرة – رضي الله عنه -، عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد ، يضرب على كل عقدة ، عليك ليل طويل فارقد ،فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان ) [ متفق عليه ] .الشيطان يقيّدك ، وعن الخير يقعدك ، وفي أسره يحبسك ، إنه يصدك عن الذكر ويحرمك من عظيم الأجر ، إذا أردت أن تجيب النداء " حي على الصلاة" ردك بالترغيب في النوم ، وإذا سمعت المقارنة " الصلاة خير من النوم" صرفك عن الخير بالمزيد من النوم ؛ فإن كنت ذا عزيمة ، وتنبهت وتوضأت وبادرت إلى أداء الصلاة ، كنت في كل خطوة تحطم قيداً من قيوده ، وتهزم جنداً من جنوده ، وما تزال مواصلاً تذكر الله فتحل عقدة ، ثم تمضي مصرّاً على مخالفته فتتوضأ فتنحل الثانية ، ثم تتابع مقبلاً على الله فتقل قوته وتنفك من أسره فتصبح وقد تحررت من قيده ، وتغلبت على مكره وكيده .
ذكر القرطبي - رحمه الله - في قوله – صلى الله عليه وسلم - : ( نم عليك ليل طويل فارقد ) أن هذا من كيد الشيطان وتغريره بالإنسان ، وقال : أنه – أي الشيطان - يخبره عن طول الليل ثم يأمره بالرقاد…ومقصود الشيطان بذلك تسويفه بالقيام والإلباس عليه ، وفي قوله : ( يعقد الشيطان… ) نقل ابن حجر : أنه عقد على الحقيقة كعقد الساحر على من يسحره ، كما في قوله تعالى : {ومن شر النفاثات في العقد } ثم قال: وقيل هو على المجاز كأنه شبه فعل الشيطان بالنائم بفعل الساحر بالمسحور ، فلما كان الساحر يمنع بعقده ذلك تصرف من يحاول عقده كان هذا مثله من الشيطان للنائم…وقيل العقد كناية عن تثبط الشيطان للنائم بالقول المذكور ، ومنه عقدت فلاناً عن امرأته أي منعته عنها [ الفتح 3/25 ] .
وعلى كل فالمراد أن التارك للذكر والطهارة والصلاة واقع تحت تأثير الشيطان ووسواسه ، بل إن البيضاوي أشار إلى ما يدل على الوقوع تحت سلطان الشيطان حيث قال : " التقيد بالثلاث إما للتأكيد ، أو لأنه يريد أن يقطعه عن ثلاثة أشياء الذكر والوضوء والصلاة ، فكأنه منع من كل واحدة منها بعقدة عقدها على رأسه ، وكان تخصيص القفا بذلك لكونه محل الوهم ومجال تصرفه ، وهو أطوع القوى للشيطان وأسرعها إجابة لدعوته " [ الفتح 3/26] أي كأنما يتحكم فيه فيقوده ويوجهه بسيطرته وقبضه على قفاه ، فهل ترضى أن تكون ذلك المأسور المستعبد ؟ أم تكون ذلك القوي المنتصر - بإذن الله - .
إنه انتصار الطاعة على المعصية ، والذكر على الغفلة ، والعزيمة على الضعف ، والخير على الشر ، فما أعظمها من غنيمة ، احرص عليها ولا تفرط .

الغنيمة الثانية : الانطلاقة الحيوية :
ومرة أخرى نأخذ هذه الغنيمة من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – السابق ، إنها غنيمة حسية مهمة، أثرها ظاهر بل باهر ، وفائدتها أكيدة بل فريدة ، تأمل معي قوله – صلى الله عليه وسلم - فيمن ذكر وتطهر وصلى الفجر: ( أصبح نشيط النفس ) إن افتتاح اليوم بالذكر والطاعة يجعلك منشرح الصدر ، طيّب الخاطر، قوي العزم ، متجدد النشاط ، تنطلق وفي محياك وسامة ، وعلى ثغرك ابتسامة ، وينفرج –بإذن الله – كربك ، ويزول-بعون الله- همّك ، وترى من نفسك على الخير إقبالاً، وللطاعة امتثالاً، وتجد الأمور ميسرة، والصعاب مذللة، يلقاك التوفيق مع بشائر النهار، ويصحبك النجاح في سائر الأحوال.
وانظر - أخي- إلى من حرم هذه النعمة ، وفاتته تلك المنة .. انظر إليه وقد أصبح في غفلة فإذا هو " خبيث النفس كسلان" ، لا يصحوا إلا متثاقلاً ، وتراه مكدر الخاطر ، ضيق الصدر ، فاتر العزم ، تنظر إليه فكأنما جمع همَّ الدنيا بين عينيه ، وكثيراً ما تتعسر أموره ، وتتعثر مقاصده ، إنه يكون خبيث النفس بسبب" إتمام خديعة الشيطان عليه" ويكون كسلاناً أي متثاقلاً عن الخيرات لا تكاد تسخو نفسه ولا تخف عليها صلاة ، ولا غيرها من القربات ، وربما يحمله ذلك إلى تضييع الواجبات . [ المفهم 2/140 ] .
قال ابن عبدالبر : " هذا الذم يختص بمن لم يقم إلى صلاته وضيعها . أما الذي انبعث للطاعة ، وبادر للصلاة ؛ فإنه يكون " طيب النفس " لسروره بما وفقه الله له من الطاعة ، وبما وعده من الثواب ، وبما زال عنه من عقد الشيطان ،كذا قيل ، والذي يظهر أن في صلاة الليل سراً في طيب النفس [ الفتح3/26] .
ومن معاني النشاط أنه يكون نشيطاً لما يرد عليه من عبادات أخر من صلوات وغيرها ؛ فإنه يألف العبادات ويعتادها حتى تصير له شرباً ، فتذهب عنه مشقتها ولا يستغني عنها [المفهم2/409 ] .
إنه ينشط بزوال آخر سحر الشيطان عنه ، وكفايته إياه ، ورجوعه خاسئاً عنه خائباً من كيده [ إكمال المعلم3/142 ] . فما أحسنها من غنيمة تشبث بها ولا تضيع .

الغنيمة الثالثة : البشارة النورانية :
حديث رواه عن النبي – صلى الله عليه وسلم - ست عشرة صحابياً ، أسوقه لك من رواية بريدة بن الحصيب – صلى الله عليه وسلم - عن النبي – صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( بشِّر المشَّائين في الظُلم بالنور التام يوم القيامة ) .الجزاء من جنس العمل ، والحق - جل وعلا – يقول : { هل جزاء الإحسان إلا الإحسان } ، وأنت عندما خرجت لصلاة الفجر ، والظلام مازال يلف الكون ، والدنيا مازالت في الغلس ؛ فإن جزاءك ومكافأتك نور تام يوم القيامة ؛ لأنك أطعت ربك ، وأقبلت على مولاك ، وطلبت النور لقلبك وروحك ، تأمل معي لفظ الحديث : ( بشر المشائين ) أي من تكرر منه المشي إلى إقامة الجماعة ، ( في الظلم ) أي ظلمة الليل ، والبشرى هي ( النور التام يوم القيامة ) ؛ لأنهم لما قاسوا مشقة ملازمة المشي في ظلمة الليل إلى الطاعة جوزوا بنور يضيء لهم يوم القيامة ، وهو النور المضمون لكل مشاء إلى الجماعة في الظلم .
ولماذا وصف النور بالتام ؟ والجواب : أن أصل النور يعطى لكل من تلفظ بالشهادتين من مؤمن أو منافق لظاهر حرمة الكلمة ، ثم يقطع نور المنافقين .
وأما تقييده بيوم القيامة فقال الطيبي : " تقييده بيوم القيامة تلميح إلى قصة المؤمنين وقولهم فيه : { ربنا أتمم لنا نورنا } ففيه إيذان أن من انتهز هذه الفرصة - وهي المشي إليها في الظلم في الدنيا - كان مع النبيين والصديقين في الأخرى {وحسن أولئك رفيقاً } " . [فيض القدير3/201 ] الله أكبر ، متى يأتيك النور ؟ إنه يقدم لك في موقف عصيب ، وهول رهيب ، إنه يسطع بين يديك في وقت أحوج ما تكون إليه ، اقرأ معي قول الله تعالى : {يوم ترى المؤمنين والمؤمنات نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم * يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب } .
لله ما أعظمها من نعمة يكون لهم النور في ذلك الموقف الهائل الصعب كل على قدر إيمانه ، ويبشرون عند ذك بأعظم بشارة فيقال : {بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم } .
فالله ما أحلى هذه البشارة بقلوبهم ، وألذها لنفوسهم ، حيث حصل لهم كل مطلوب محبوب ، ونجوا من كل شر مرهوب .
فإذا رأى المنافقون المؤمنين يمشون بنورهم ، وهم قد طفئ نورهم وبقوا في الظلمات حائرين ،قالوا للمؤمنين : {انظرونا نقتبس من نوركم } أي أمهلونا لننال من نوركم ما نمشي به لننجو من العذاب . { قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً } أي إن كان ذلك ممكناً ، والحال أن ذلك غير ممكن بل هو من المحالات ، { فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة } وهو الذي يلي المؤمنين {وظاهره من قبله العذاب } وهو الذي يلي المنافقين . [ تفسير السعدي7/290 ] .
وقد أورد ابن كثير في تفسيره [ 4/308 ] عن ابن أبي حاتم بسنده إلى أبي الدرداء وأبي ذر – رضي الله عنهما - يخبران عن النبي – صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( أنا أول من يؤذن له بالسجود يوم القيامة ، وأول من يؤذن له برفع رأسه فانظر من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي فأعرف أمتي من بين الأمم ) فقال له رجل : " يا نبي الله كيف تعرف أمتك من بين الأمم ما بين نوح إلى أمتك؟ " فقال : ( أعرفهم محجلون من أثر الوضوء ، ولا يكون لأحد من الأمم غيرهم ، وأعرفهم يؤتون كتبهم بأيمانهم ، وأعرفهم بسيماهم في وجوههم ، وأعرفهم بنورهم يسعى بين أيديهم ) .
صلاة الفجر تؤهلك لتكون من أهل النور في وقت يتخبط فيه الآخرون في الظلمات ، فما أجزلها من غنيمة، بادر إليها ولا تتأخر .

الغنيمة الرابعة : الشهادة الملائكية :
يقول الحق - جل وعلا - : { أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً } ، والمفسرون يذكرون عند هذه الآية حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - ، عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم الله- وهو أعلم بهم- : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون ) [متفق عليه] .
إن السائل هو الله ملك الملوك ، والمسئولون هم الملائكة الذين {لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون } و { لايسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون }، نعم هؤلاء الملائكة المقربون يشهدون لك عند الله ، ويذكرونك بأداء الصلاة ، ويمدحونك بشهودك الجماعة ، الملائكة الأبرار الأطهار يشهدون أنك من العباد المصلين الأخيار .
تأمل معي :" لطف الله تعالى بعباده وإكرامه لهم بأن جعل اجتماع ملائكته في حال طاعة عباده لتكون شهادتهم لهم بأحسن الشهادة " [الفتح2/35 ] .
وتأمل معي أيضاً حكمة سؤال الله للملائكة كما ذكرها ابن حجر في قوله : " قيل الحكمة فيه استدعاء شهادتهم لبني آدم بالخير واستنطاقهم بما يقتضي التعطف عليهم، وذلك بإظهار الحكمة من خلق الإنسان في مقابلة من قال من الملائكة : {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم مالا تعلمون } أي وقد وجد فيهم من يسبّح ويقدّس مثلكم بنص شهادتكم " . ورد الحديث أيضاً " فيه الإخبار بما نحن فيه من ضبط أحوالنا حتى نتيقظ ونتحفظ في الأوامر والنواهي ، ونفرح في هذه الأوقات بقدوم رسل ربنا وسؤال ربنا عنّا ، وفيه إعلامنا بحب ملائكة الله لنا لنـزداد فيهم حباً ونتقرب بذلك " [الفتح 2/37 ] ، فهل رأيت أثر صلاة الفجر في صلتك بالملائكة وشهادتهم لك.
وفي التفسير مزيد من القول أنقله لك من تفسير الألوسي عند قوله تعالى : { إن قرآن الفجر كان مشهوداً } حيث قال : أخرج النسائي وابن ماجه والترمذي والحاكم وصححاه وجماعة عن أبي هريرة – رضي الله عنه - عن النبي – صلى الله عليه وسلم - أنه قال في تفسير ذلك : تشهده - أي قرآن الفجر - ملائكة الليل وملائكة النهار ، وقيل يشهده كثير من المصلين في العادة ، وقيل من حقه - أي قرآن الفجر - أن تشهده الجماعة الكثيرة ، وقيل تشهده وتحضر فيه شواهد القدرة من تبدل الضياء بالظلمة والانتباه بالنوم الذي هو أخو الموت .
وأختم هذه الغنيمة بقول الألوسي المفسر - رحمه الله - : " ولا يخفى ما في هذه الجملة من الترغيب والحث على الاعتناء بأمر صلاة الفجر ؛ لأن العبد في ذلك الوقت مشيع كراماً ، ومتلقى كراماً ، فينبغي أن يكون على أحسن حال يتحدث به الراحل ويرتاح إليه النازل " . فما أجلها من غنيمة ، فلا تغب عن شهودها .
الغنيمة الخامسة : الحصانة الإلهية
عن جندب بن سفيان – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : (من صلى الصبح فهو في ذمة الله ، فانظر يا ابن آدم لايطلبنك الله من ذمته بشيء ) [ رواه مسلم] .إنها حصانة إلهية ، وحماية ربانية تكون بها-إذا صليت الفجر- في ذمة الله أي في حفظه، يصرف عنك الشرور ، ويبعد عنك الأذى ، ويسلمك من مهاوي الردى ، إنه حفظ عظيم فريد ، وإنه لشرف كبير أن تكون أيها العبد الضعيف في حماية الملك العظيم رب الأرباب ، وملك الملوك ، وجبار السماوات والأرض - سبحانه وتعالى - .
إن الله يدافع عنك ، ويحذر من يتعرض لك بالأذى ، فأنت في ذمة الله ، أي في آمان الله وفي جواره ، أي قد استجار بالله تعالى ، والله تعالى قد أجاره ، فلا ينبغي لأحد أن يتعرض له بضر أو أذى ، فمن فعل ذلك فالله يطلب بحقه ، ومن يطلبه لم يجد له مفراً ولا ملجأ ، وهذا وعيد شديد لمن يتعرض للمصلين . [ المفهم 2/282] . وعلى هذا فمعنى قوله – صلى الله عليه وسلم - : ( لا يطلبنكم الله في ذمته بشيء ) هو نهي للناس من أن يتعرضوا له بشيء ؛ فإن فعلوا فإن الله يتهددهم . [حاشية إكمال المعلم 2/630 ] .
ومن جهة أخرى في الحديث تنبيه مهم لا بد من العناية به والانتباه له ؛ فإن صلاة الفجر هي سبب ذلك الآمان والجوار ؛ فإن تركتها لم يكن آمان ولا جوار ؛ والمعنى الضمني في الحديث " لا تتركوا صلاة الصبح فينتقض العهد الذي بينكم وبين الله عز وجل " [حاشية إكمال المعلم 2/630 ] .
إنها ثمرة عظيمة ، وغنيمة جسيمة ، وأنت يا من صليت الفجر المؤهل لنيلها ، فلا تفوت الغنيمة ، وتعرض لها ولا تُعرض .الغنيمة السادسة : النجاة العظمى
عن أبي زهير عمارة بن رويبة – رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يقول: ( لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ) يعني الفجر والعصر [ رواه مسلم ] .
حديث عظيم ، وبشارة كبرى ، إنها السلامة والأمان من عذاب النيران ، إنه المطلب العظيم والسؤال الدائم لأهل الإيمان { الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار } .. { ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار } .. { والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما ، إنها ساءت مستقراً ومقاماً } ، إن صلاة الفجر صمام آمان من النار ، وسبب من أسباب النجاة من عذابها ، ومعنى الحديث : " لن يلج النار من عاهد وحافظ على هاتين الصلاتين ببركة المداومة عليها " [ المفهم 2/262 ] .
عذاب النار الذي تخلع منه قلوب المؤمنين ، وتشفق منه نفوسهم ، وحق لهم ذلك فما أخبر الله به عنها فيه أعظم التهديد وأشد الوعيد إنها النار { وقودها الناس والحجارة } ، وظلها { لا ظليل ولا يغني من اللهب } وطعامها { إن شجرة الزقوم طعام الأثيم * كالمهل يغلي في البطون * كغلي الحميم } وهو أيضاً كما وصف الله - جلا وعلا – { إن لدينا أنكالاً وجحيماً * وطعاماً ذا غصة وعذاباً أليماً } ، وأما الشراب فهو الحميم كما في القران الكريم : { فشاربون عليه من الحميم * فشاربون شرب الهيم } وقال عنه : { وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا } أنه الشراب الذي لا يطاق بل هو عين العذاب وصاحبه { يتجرعه ولا يكاد يسيغه } عذاب النار الهائل الذي { يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه * وصاحبته وأخيه * وفصيلته التي تؤويه * ومن في الأرض جميعاً ثم ينجيه } ، إنه لعذاب رهيب ، الجلود تحترق وتنضج وتعود وتتجدد ثم تحرق { إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراً كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غير جلودهم ليذوقوا العذاب } والأمعاء تتقطع { وسقوا ماء حميماً فقطع أمعاءهم } ، والوجوه تكب وتسحب { ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار } .. { يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر } .
وأسوأ من ذلك أنها تسود { يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون } ، إنه العذاب في شتى الصور والألوان { والذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤوسهم الحميم * يصهر به ما في بطونهم والجلود * ولهم مقامع من حديد } إنها النار من كل جانب { وإن جهنم لمحيطة بالكافرين } كل هذا الهول العظيم والعذاب الأليم ألا تخشى منه ؟ ألا ينخلع قلبك خشية أن تستوجب شيئاً منه ؟ أليست إذن نعمة كبرى ، ومنّة عظمى أن تسلم وتنجو منه ؟ إنه غنيمة لا يمكن أن تقدر بثمن فعليك بها ، ولا تدعها تفلت .
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-10-2009, 11:48 PM
الصورة الرمزية اخت الاسلام
اخت الاسلام اخت الاسلام غير متصل
مشرفة الملتقى الاسلامي
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
مكان الإقامة: ارض الله
الجنس :
المشاركات: 6,045
الدولة : Morocco
افتراضي رد: الغنائم أيها النائم

الغنيمة السابعة : الغاية الكبرى
دخول الجنة والفوز بنعيمها غاية الغايات ، وأسمى الأمنيات ، ومنتهى الآمال بالنسبة للمؤمنين ، إنه رجاؤهم الدائم ، ودعاؤهم المستمر ، إنه الفوز الحقيقي بعد رحلة الحياة الدنيا بكل ما فيها { كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور } إنه الثمن الذي تبذل لأجله الأموال ، وتزهق فيه سبيل الأرواح { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقران ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم } إنه الجزاء العظيم الذي لا ينال إلا بالجهد الكبير { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب } إنه الثواب الذي لا ينال إلا بجهد وجهاد وصبر ومصابرة {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين } .. { وما يلقاها لا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم } .
الجنة التي فيها { أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى } وفيها { غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار } .. { فيها فاكهة ونخل ورمان } ، أكل أهلها { فاكهة مما يتخيرون * ولحم طير مما يشتهون } ، ولباسهم { يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤاً ولباسهم فيها حرير } ، وخدمهم {يطوف عليهم ولدان مخلدون } ، وآنيتهم { يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب } ، ومجالسهم {متكئين على فرش بطائنها من إستبرق }، ومع ذلك لهم {حور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون } إنه نعيم ما بعده نعيم { كلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً قالوا هذا الذي رزقنا به من قبل وأُتوا به متشابهاً ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون } ، إنه فوق الوصف وأعظم من الخيال { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون } .
ألا تشتاق لذلك نفسك ؟ ألا تتعلق به آمالك وطموحاتك ؟ ألا تحب أن تكون من أهلها ؟ خذها غنيمة من غنائم الفجر.
من غنائم الفجر دخول الجنة ، كما ورد في حديث أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه - ، عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( من صلّى البردين دخل الجنة ) [متفق عليه ] . حديث موجز في خمس كلمات ، لكنه واضح الدلالة ، وهو نص صريح في بيان أن من غنائم الفجر دخول الجنة ، فما أغلاها من غنيمة !، عض عليها بالنواجذ ولا تفوت .

الغنيمة الثامنة : الزيادة الفريدة
يقول الله - عز وجل - : { للذين أحسنوا الحسنى وزيادة } ، وقد ورد في تفسير للآية من قول المصطفى – صلى الله عليه وسلم - حيث جاء : " إنها نعمة ما بعدها من نعمة، إنه إكرام لمن فاز بالجنان بمزية رؤية الرحمن - سبحانه وتعالى – { وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة } .
إن من ثمار صلاة الفجر الظفر بهذه الرؤية التي هي أعظم من كل أجر ، وفي ذلك جاء حديث جرير بن عبد الله البجلي – رضي الله عنه – قال : كنا عند النبي – صلى الله عليه وسلم - فنظر إلى القمر ليلة البدر، فقال : ( إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر ، لا تُضامون في رؤيته ؛ فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس ، وقبل غروبها فافعلوا ) . [متفق عليه] .
الله أكبر رؤية الباري جل جلاله ، يوم يأذن بذلك للمؤمنين يوم القيامة، من أسبابها الميسرة، وأبوابها المشرعة صلاة الفجر ، والربط في الحديث ظاهر وإليك البيان، فالمصطفى – صلى الله عليه وسلم - يخبر أن المؤمنين سيرون ربهم ، ثم يزيد ذلك توكيداً من خلال بيانه أنها رؤية واضحة كاملة كوضوح رؤيتهم للقمر ليلة البدر ، ويزيد في التوكيد بقوله : ( لا تضامون في رؤيته ) أي لا يلحقكم ضيم ولا مشقة في رؤيته ؛ فإنها تكون سهلة وواضحة ، وبعد ذلك يحث المؤمنين بالحرص والمبادرة على أداء الصلاة قبل طلوع الشمس - والمراد صلاة الفجر - ، وكذلك الصلاة قبل غروب الشمس - والمراد صلاة العصر - ، وقوله : ( إن استطعتم أن لا تغلبوا ) إشارة إلى وجود مثبطات وعوائق تقعد المسلم عن تلك الصلوات ، فدعاه رسول الهدى – صلى الله عليه وسلم - أن يغالب تلك العوائق وأن لا يسمح لها أن تغلبه ، ومراد المصطفى – صلى الله عليه وسلم - بذكر هاتين الصلاتين بعد الرؤية ، الدلالة على أنهما مما يكون سبباً في حصول المؤمن للرؤية واستحقاقه لها .
قال ابن حجر - رحمه الله تعالى - : " وجه مناسبة ذكر هاتين الصلاتين عند ذكر الرؤية ، أن الصلاة أفضل الطاعات ، وقد ثبت لهاتين الصلاتين الفضل بالنسبة إلى غيرهما ، ذكر من اجتماع الملائكة ورفع الأعمال وغير ذلك فهما أفضل الصلوات فناسب أن يجاز المحافظ عليهما بأفضل العطايا وهو النظر إلى الله تعالى " .
تأمل عظمة هذه النعمة فيما رواه مسلم من حديث صهيب الرومي أن المصطفى – صلى الله عليه وسلم – قال : ( إذا دخل أهل الجنة الجنة ، يقول الله - تبارك وتعالى - : تريدون شيئاً أزيدكم ؟ قالوا : ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار ؟ قال: فيكشف الحجاب ، فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى وجه ربهم تبارك وتعالى ) . أما تعلم أن من دعاء النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم - : ( اللهم إني أسألك برد العيش بعد الموت ، وأسألك لذة النظر إلى وجهك ، وأسألك الشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة ) [صحيح ابن حبان] .

الغنيمة التاسعة: قيام الليل
قيام الليل عبادة عظيمة كان للمصطفى – صلى الله عليه وسلم - بها اختصاص مذكور في قوله تعالى : {ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً } وسياق الآية مشعر بفضل قيام الليل وعظيم أثره ، وذلك لربطه بما ذكر بعده من نيل المصطفى – صلى الله عليه وسلم - المقام المحمود ، وهو مقام الشفاعة يوم القيامة ، وقيام الليل عمل ذكره الحق - جل وعلا - في أعمال وأوصاف المؤمنين حيث قال : { إنما يؤمن يآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجداً وسبحوا بحمد ربهم وهم لايستكبرون * تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون } . وامتدح الله به المتقين عند ذكر أنهم { كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون * وبالأسحار هم يستغفرون } وعده من خلال عباد الرحمن فقال في حقهم : { والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً }.
قيام الليل مدرسة الإيمان والتقوى ، ومنبع التزكية والتطهير، به تحيا القلوب وتزداد إشراقاً ، وبه تسمو النفوس وتمتلئ أشواقاً ، فيه تذرف العيون دموع الخشية والندامة ، وتلهج الألسن بدعوات التضرع والإنابة ، وتتمرغ الجباه في سجود الذل والاستكانة .قيام الليل مظنة إجابة الدعاء كما قال خاتم الرسل والأنبياء – صلى الله عليه وسلم - : ( إن في الليل لساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله تعالى خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه الله إياه ، وذلك في كل ليلة ) [ رواه مسلم ] .وهو من أسباب دخول الجنة كما يبين البشير النذير - عليه الصلاة والسلام - حين قال : ( أيها الناس أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلّوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام ) [رواه الترمذي ] .
وقيام الليل أفضل الصلاة بعد الفريضة بنص حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم - . رواه مسلم .
والآن لعلك تقول كما يقول كثير من الناس- وكلنا ذاك الرجل – : "لم نعد نقوم الليل، ولا طاقة لنا به ، ضعفت عنه هممنا ، وقعدت عنه عزائمنا ، وثقلت عن القيام به أجسادنا ، وشغلتنا عنه أموالنا وأهلونا ، ومع أنني أدعو نفسي وأدعوك وأدعو كل مسلم أن لا يفوّت قيام الليل ولو ركعتين ؛ فإن في ذلك خير كثير ، وأجر كبير ، ولكنني مع ذلك أسوق لك غنيمة عظمى من غنائم الفجر ، إذا أديت صلاة الفجر فكأنما قمت الليل كله ، نعم !كله لا بعضه ، وليس هذا من عندي ، بل هي غنيمة جاء بها حديث المصطفى – صلى الله عليه وسلم - الذي يرويه عثمان بن عفان – رضي الله عنه – ، عنه - عليه الصلاة والسّلام - أنه قال : ( من صلى العشاء في جماعة ، فكأنما قام نصف الليل ، ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله ). [ رواه مسلم ] .
إذن فأنت بذلك تنال غنيمة جديدة أكيدة ، فتمسك بها ولا تفرّط .

الغنيمة العاشرة: الخير العميم
خير بلا حد ، وفضل بلا سد ، وحسنات بلا عد ، عطاء يفوق الوصف ، وهبات تزيد على الضعف ، لا لا تقل إنها مبالغات ، كلا ! فهذا جود رب الأرض والسماوات ، إنه الذي لا تنفذ خزائنه ، ولا ينقص ملكه ، وإن أعطى كل سائل مسألته .. {ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما } .
تصور- أخي القارئ- أن هذه الغنيمة التي سأخبرك بها ليست من غنائم صلاة الفجر ، بل هي غنيمة ركعتي السنة قبل صلاة الفجر ، ولك -بعد أن تعرف الغنيمة – أن تتساءل وتقول : إذا كان هذا لركعتي السنة ، فكيف إذن ركعتي الفريضة ؟ .
اقرأ معي حديث عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها - ، عن النبي – صلى الله عليه وسلم - : ( ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها ) رواه مسلم ، وفي رواية : ( لهما أحب إليّ من الدنيا وما فيها ) .سبحان الله (خير من الدنيا وما فيها ) !! الدنيا بذهبها وفضتها ، وجمالها ونسائها ، الدنيا بكل ملذاتها وشهواتها {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث } نعم ركعتا الفجر خير من كل ذلك ، ويعدل كل ذلك ويزيد عليه ، والرواية الثانية مؤيدة ومؤكدة لهذا المعنى عندما جاء لفظها بالمقارنة بين الدنيا وركعتي الفجر وقال الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – ( لهما أحب إليّ من الدنيا جميعاً ) ، إذن فكرر معي فكيف صلاة الفجر ذاتها ؟ .
إنها غنيمة بلا حدود ، فاسع إليها وقيدها بالقيود ؛ فإن عائشة – رضي الله عنها – قالت : (لم يكن النبي – صلى الله عليه وسلم - على شيء من النوافل أشد تعاهداً منه على ركعتي الفجر ) [ متفق عليه ] .
الغنيمة الحادية عشر: الحجة التامة
لاشك أنك تعرف أن الحج ركن من أركان الإسلام ، وأن أجره عظيم يخرج به الإنسان من كل ذنوبه ويعود كما ولدته أمّه ، وهو فريضة في العمر مرة واحدة ، وغنائم الفجر تمتد حتى تشمل الحج والعمرة وأجرهما معاً .
رأيت معي الغنيمة العظمى فيما قبل الفجر ، وهذه أخرى جليلة وهي فيما بعد الفجر ، فعن أنس – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ( من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة ) [ رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ] .
وأزيدك أيضاً فعن أبي أمامة قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ( من صلى صلاة الغجر في جماعة ، ثم جلس يذكر الله حتى تطلع الشمس ، ثم قام وصلى ركعتين ، انقلب بأجر حجة وعمرة ) قال المنذري : رواه الطبراني وإسناده جيد [ الترغيب والترهيب1/296 ] .
واقرأ معي أيضاً حديث أبي ذر – رضي الله عنه - عن المصطفى – صلى الله عليه وسلم - : ( من قال دبر صلاة الفجر - وهو ثان رجليه قبل أن يتكلم - : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك يحي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات ، كتب الله له عشر حسنات ، ومحا عنه عشر سيئات ، ورفع له عشر درجات ، وكان يومه ذلك كله في حرز من كل مكروه ، وحرس من الشيطان ، ولم ينبغ بذنب أن يدركه في ذلك إلا الشرك بالله تعالى ) .
ألا ترى كم هي عظيمة وجليلة هذه الفضائل في أعقاب الفجر ، وبعد أداء الفريضة في ذلك الوقت الذي فيه الهدوء والسكينة والنسمات الندية العليلة ، لتبدأ يومك بعد الفجر بالذكر ، وتنال عظيم الأجر .فهل تترك ذلك مع ما فيه من حياة القلب ، وسمو الروح ، وزكاة النفس لأجل نعاس يداعب جفنيك أو قليل من التعب يوهن جسمك ؟ ولو تأملت وعزمت لهان الأمر عليك وتيسر الأداء لك ؛ فإنما هي ساعة لا أكثر .
فيالها من غنيمة واظب عليها ولا تتقاعس ولا تكسل .

الغنيمة الثانية عشر: البركة الباكرة
روى جابر عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( اللهم بارك لأمتي في بكورها ) [رواه الطبراني في الأوسط ] والبكور أول النهار ، وقد جعل الله فيه البركة وهي : النماء والزيادة . فالمبارد المبكّر إلى أي عمل يجد بركة من الله - تعالى - في عمله ؛ فإن توجه لطلب العلم وجد سهولة في الفهم ، وقدرة على التحصيل ، وسرعة في الاستيعاب ، وإن بدأ حفظ القرآن رأى يسراً في الحفظ ، وجودة في الضبط ، واتقاناً في المراجعة والاستذكار ، وإن سعى لطلب رزق وجد كثرة في الرزق وزيادة في الدخل ، وإن مضى لأداء مهمة تيسرت أسبابها وذللت صعابها .
إن وقت البكور تتوفر فيه أسباب النجاح وجودة الأداء ؛ لأن الجسم يكون في كامل طاقته ، وذروة نشاطه بعد اكتمال راحته وتمام نومه ، كما أن الذهن يكون صافياً لعدم انشغاله وهدوء باله ، إضافة إلى أن وقت البكور فيه هدوء وسكينة لقلة الناس وندرة الحركة ، ويزاد على ذلك أن تلك الساعات الأولى تضيف فسحة من زمن النهار يتضاعف بها الإنتاج ، وتزداد بها المنجزات .والذين يصلون الفجر في وقتها يدركون البكور وينالون بركته ، ويجنون ما فيه من المنح الحسية والمعنوية وتلك أيضاً غنيمة فاغتنمها ولا تكن من الخاسرين .

أيها النائم :
بعد هذا الحشد الكبير ، والسرد العظيم لهذه الغنائم التي فيها أجر عظيم ،وفضل كبير ، ومنافع دنيوية ، وأخرى أخروية ، وفيها نعمة دخول الجنة ، ولذة النظر إلى وجه الله - جل وعلا – بعد هذا كله هل تطيب نفسك أن تحرمها من كل ذلك لأجل نوم على فراش وثير في هواء بارد ؟ هل يعقل أن تستسلم لضعفك لمجرد طلب المزيد من الراحة ، أو عدم مقاومة قليل من التعب ؟ هل ترضى أن تكون من الغافلين ؟ وهل تحب أن تكون من المحرومين ؟ ألست ترى آثار ترك صلاة الفجر وتأخيرها ؟ ألا تراها في محق البركة وخبث النفس وثقل البدن ؟ ألا تشعر بجفاف الروح وقسوة القلب ؟ أين أنت من نداء الأذان يشق صمت الليل بكلمة التوحيد والدعوة للفلاح ؟ وأين أنت من قرآن الفجر يصب في سمع الزمان آيات الله في كل مكان ؟ وأين أنت من أفواج الملائكة بالآلاف المؤلفة وهي نازلة صاعدة ؟ ألا يوقظك كل هذا ويحرك مشاعرك ؟ ألا يهيجك لتترك مضجعك وتفارق مرقدك وتهب إلى الصلاة وتبادر إلى الفلاح ؛ لتكتب في الذاكرين وتكون من العابدين وتنال البشريات وتحظى بالأعطيات ؟ .

إنني أدعو فيك إيمانك بالله وهو مستقر في قلبك وهو يملأ نفسك .. إنني أخاطب فيك إيمانك بالمصطفى – صلى الله عليه وسلم - وهو الذي يملأ بحبه قلبك ، وينطق بالصلاة والسلام عليه لسانك ..إنني أدعوك إلى الخير الذي تحبه والأجر الذي تنشده فلا ولا ولا تكن من الغافلين النائمين .

ويحك أيها النائم إن جوائز الدنيا وأعطيات أهلها رغم أنها لا تعدل شيئاً مقارنة بما ذكرت لك من غنائم الفجر ؛ فإنها مع ذلك لا تكون إلا نادراً ولا تتكرر إلا الفترة والفترة ومع ذلك ؛ فإنني أعلم أنك تستعد لها في كل مرة ، وتفرغ لها نفسك ، وتبذل لأجلها جهدك ، وتخفف وربما تكفي لنيلها راحتك ؟ ألست إذا كان عندك مهمة في العمل لها أثرها في مرتبك ومرتبتك سهرت لأجلها الليل الطويل ، أو ذهبت إليها في منتصف الليل أو آخره ؟ وذلك لكي تنال منفعة عارضة لمرة واحدة فما بالك تترك المنافع العظيمة مع كل انبثاق فجر باستمرار لا انقطاع معه ، وكرم وعطاء لا يتبدل ولا يتغير .
وبا« أيها النائم استيقظ وبادر إلى الغنائم » .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 09-10-2009, 11:51 PM
الصورة الرمزية اخت الاسلام
اخت الاسلام اخت الاسلام غير متصل
مشرفة الملتقى الاسلامي
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
مكان الإقامة: ارض الله
الجنس :
المشاركات: 6,045
الدولة : Morocco
افتراضي رد: الغنائم أيها النائم

ساعات قيام الليل . . غنائم مفقودة ( عجائب قيام الليل ) ..
ساعات الليل .... غنائم مفقودة (عجائب قيام الليل)!!!

هنا.. نافلة من نوافل العبادات الجليلة.. بها تكفر السيئات مهما عظمت.. وبها تقضى الحاجات مهما تعثرت.. وبها يُستجاب الدعاء.. ويزول المرض والداء.. وترفع الدرجات في دار الجزاء.. نافلة لا يلازمها إلا الصالحون، فهي دأبهم وشعارهم وهي ملاذهم وشغلهم.. تلك النافلة هي: قيام الليل.


وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحثُّ أصحابه على القيام ويبين لهم فضله وثوابه في الدنيا والآخرة؛ تحريضاً لهم على نيل بركاته.. والظفر بحسناته..


قال صلى الله عليه وسلم: "عليكم بقيام الليل، فإنَّه تكفير للخطايا والذنوب، ودأب الصالحين قبلكم، ومطردة للداء عن الجسد".(رواه الترمذي والحاكم).


* فما هي فضائل القيام ، وما أسباب التوفيق إليه؟


* ثمرات قيام الليل :



من ثمراته: دعوة تُستجاب.. وذنب يُغفر.. ومسألة تُقضى.. وزيادة في الإيمان والتلذذ بالخشوع للرحمن.. وتحصيل للسكينة.. ونيل الطمأنينة.. واكتساب الحسنات.. ورفعة الدرجات.. والظفر بالنضارة والحلاوة والمهابة.. وطرد الأدواء من الجسد.


فمن منَّا مستغن عن مغفرة الله وفضله؟! ومن منَّا لا تضطره الحاجة؟! ومن منَّا يزهد في تلك الثمرات والفضائل التي ينالها القائم في ظلمات الليل لله؟!


* وهذه توجيهات نبوية تحض على نيل هذا الخير:


فعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممَّن يذكر الله في تلك الليلة فكن" (رواه الترمذي وصححه).


وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله، أي الدعاء أسمع؟ قال: "جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات" (رواه الترمذي وحسَّنه).


وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له" (رواه البخاري ومسلم).


وعن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد: هل من داع فيُستجاب له، هل من سائل فيُعطى، هل من مكروب فيفرج عنه، فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله تعالى له، إلا زانية تسعى بفرجها، أو عشاراً" (رواه الترمذي وحسَّنه).
فيا ذات الحاجةها هو الله جلَّ وعلا ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة.. يقترب منا.. ويعرض علينا رحمته واستجابته.. وعطفه ومودته.. وينادينا نداء حنوناً مشفقاً: هل من مكروب فيفرج عنه.. فأين نحن من هذا العرض السخي!


قم أيها المكروب.. في ثلث الليل الأخير.. وقول: لبيك وسعديك.. أنا يا مولاي المكروب وفرجك دوائي.. وأنا المهموم وكشفك سنائي.. وأنا الفقير وعطاؤك غنائي.. وأنا الموجوع وشفاؤك رجائي..
قم.. وأحسن الوضوء.. ثم أقيم ركعات خاشعة.. أظهر فيها لله ذلَّكِ واستكانتكِ له.. وأطلعه على نية الخير والرجاء في قلبك.. فلا تدع في سويدائه شوب إصرار.. ولا تبيت فيه سوء نية.. ثم تضرَّع وابتهل إلى ربكِ
شاكي إليه كربك.. راجي منه الفرج.. وتيقَّن أنكِ موعود بالاستجابة.. فلا تعجل ولا تَدَع الإنابة.. فإنَّ الله قد وعدك إن دعوته أجابك، فقال سبحانه: )أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ..( ثم وعدك أنَّه أقرب إليكِ في الثلث الأخير، فتمَّ ذلك وعدان، والله جلَّ وعلا لا يخلف الميعاد.


أتهـــــزأ بالدعــاء وتزدريه
ولا تدري ما صنع الدعاء
سهام الليل لا تخطيء ولكن
لها أمـــد وللأمـــد انقضاء


قوم يا ذا الحاجة.. ولا تستكبر عن السؤال.. فقد دعاك مولاك إلى التعبد له بالدعاء فقال سبحانه: ) وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ..(.. وخير وقت تسألينه فيه هو ثلث الليل الأخير.
قوم.. ولا تيأس مهما اشتدَّ اضطرارك.. فربَّكِ قدير لا يعجزه شيء، وإنَّما أمره إذا قضى شيئاً أن يقول له كن فيكون.. وتذكري أنَّ الله سبحانه من جميل رحمته قد حرَّم عليكِ سوء الظن به، كما حرَّم عليكِ اليأس من رحمته، فقال سبحانه: (إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ).
قم.. وأحسن الظن بربك.. وتحنن إليه بجميل أوصافه.. وسعة رحمته.. وجميل عفوه.. وعظيم عطفه ورأفته.. فحاجتك ستقضى.. وكربك سيزول.. وليلك سيفجر.. فلا تيأس واطلب في محاريب القيام الفرج !


ويا صاحب وصاحبة الذنب


قد جاءتك فرصة الغفران.. تعرض كل ليلة.. بل هي أمامك كل حين، ولكنها في الثلث الأخير أقرب إلى الظفر والنيل.
فعن أبي موسى بن قيس الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها" (رواه مسلم).
وقد تقدم في الحديث أنَّ الله جلَّ وعلا ينزل في الثلث الأخير من الليل إلى سماء الدنيا فيقول: "من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له" (رواه البخاري ومسلم).


ويد الله سبحانه مبسوطة للمستغفرين بالليل والنهار.. ولكن استغفار الليل يفضل استغفار النهار بفضيلة الوقت وبركة السحر؛ ولذلك مدح الله جلّ وعلا المستغفرين بالليل فقال سبحانه: ** وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ}.


وذلك لأنَّ الاستغفار بالسحر فيه من المشقة ما يكون سبباً لتعظيم الله له.. وفيه من عنت ترك الفراش ولذاذة النوم والنعاس ما يجعله أولى بالاستجابة والقبول.. لا سيما مع مناسبة نزول المولى جلَّ وعلا إلى سماء الدنيا وقربه من المستغفرين.. فلا شكَّ أنَّ لهذا النزول بركة تفيض على دعوات السائلين وتوبة المستغفرين وابتهالات المبتهلين.


فيا من أسرف على نفسه بالذنوب.. حتى ضاقت بها نفسه.. وشقّ عليه طلب العفو والغفران؛ لما تراه من نفسه في نفسه من عظيم العيوب.. وكبائر السيئات.. قوم لربك في ركعتين خاشعتين.. فقد عرض عليك بهما الغفران.. فقال لك: "من يستغفرني فأغفر له".


قم.. واهمس في سجودك بخضوع وخشوع تقول: "أستغفرك اللهمَّ وأتوب إليك.. ربَّ اغفر لي وارحمني وأنت خير الراحمين.. لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.. اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرةً من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم".


وياصاحب و صاحبة النعمة


أقبل على ربك بالليل وأديِّ حقّ الشكر له، فإنَّ قيام الليل أنسب أوقات الشكر، وهل الشكر إلا حفظ النعمة وزيادتها؟!


تأمَّل في رسول الله، لمَّا قام حتى تفطَّرت قدماه، فقيل له: يا رسول الله، أما غفر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر؟ قال: "أفلا أكون عبداً شكوراً" (رواه البخاري).


ففي هذا الحديث دلالة قوية على أنَّ قيام الليل من أعظم وسائل الشكر على النعم.. ومن منَّا لم ينعم الله عليه؟! فنعمه سبحانه تلوح في الآفاق.. وتظهر علينا في كل صغيرة وكبيرة؛ في رزقنا وعافيتنا وأولادنا وحياتنا بكلّ مفرداتها، وما خفي علينا أكثر وأكثر.. ولذلك فإنَّ حق شكرها واجب علينا لزاماً في كل وقت وحين، وأحقّ الناس بالزيادة في النعمة هم أهل الشكر.. وأنسب أوقات الشكر حينما يقترب المنعم وينزل إلى السماء الدنيا.. ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلل قيامه ويقول: "أفلا أكون عبداً شكوراً". أي: أفلا أشكر الله عزَّ وجلَّ.


فقومي ياأختي ـ وقم ياأخي- ليلك.. بنية ذكر الله.. ونية الاستغفار.. ونية الشكر.. تبسط لك النعم.. ويبارك لك في مالك وعافيتك وأهلك وولدك وبيتك وشأنك كله.


ما يعينك على القيام :


أولاً: الإقلال من الطعام: فإنَّ كثرة الطعام مجلبة للنوم، ولا يخف قيام الليل إلا على من قلَّ طعامه، ولقد بيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدود الشبع وآدابه، فقال: "ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محاولة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه" (رواه أحمد والترمذي، وهو في صحيح الجامع برقم: 5550).


قال عبد الواحد بن زيد: "من قوي على بطنه قوي على دينه، ومن قوي على بطنه قوي على الأخلاق الصالحة، ومن لم يعرف مضرَّته في دينه من قبل بطنه فذاك رجل من العابدين أعمى".
وقال وهب بن منبه: "ليس من بني آدم أحبّ إلى الشيطان من الأكول النوَّام".
وقال سفيان الثوري: "عليكم بقلة الأكل تملكوا قيام الليل".


وجدت الجوع يطرده رغيف
وملء الكفء من ماء الفرات
وقِلُّ الطُّعْمِ عـــــون للمصلي
وكثر الطعم عون للسُّــــــبات


ثانياً: الاستعانة بالقيلولة: فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وجَّه إلى الاستعانة بها ومخالفة الشياطين بها، فقالوا: "قيلوا فإن الشياطين لا تقيل" (رواه الطبراني وهو في السلسلة الصحيحة برقم: 2647).
ومرَّ الحسن بقوم في السوق فرأى صخبهم ولغطهم، فقال: أما يقيل هؤلاء؟ قالوا: لا، قال: "إني لأرى ليلهم ليل سوء".
وقال إسحاق بن عبدالله بن أبي فروة: "القائلة من عمل أهل الخير، وهي مجمَّة للفؤاد، مقواة على قيام الليل".


ثالثاً: الاقتصاد في الكدّ نهاراً: والمقصود به عدم إتعاب النفس بما لا ضرورة منه، ولا مصلحة راجحة، كفضول الأعمال والأقوال ونحوها، أمَّا ما يستوجبه الكسب والحياة من الضروريات، ولا غنى للمرء عن الكد لأجله؛ فيقتصد فيه بحسب ما تتحقق به المصالح.


رابعاً: اجتناب المعاصي وتركها: فالمعصية تقعس عن الطاعة، وتوجب التشاغل عن العبادات، وتحرم المؤمن التوفيق إلى النوافل والفضائل، ولذلك تواتر عن السلف القول بأنَّ المعاصي تحرم العبد من القيام.
قال رجل للحسن البصري: يا أبا سعيد: إني أبيت معافى، وأحبّ قيام الليل، وأعد طهوري، فما بالي لا أقوم؟ فقال: "ذنوبك قيدتك".
وقال الثوري: "حرمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته". قيل: وماهو؟ قال: رأيت رجلاً يبكي، فقلت في نفسي: "هذا مُراء".
وقال رجل لإبراهيم بن أدهم: إني لا أقدر على قيام الليل فصف لي دواء؟ قال:" لا تعصه بالنهار، وهو يقيمك بين يديه بالليل، فإنَّ وقوفك بين يديه في الليل من أعظم الشرف، والعاصي لا يستحق ذلك الشرف".


خامساً: سلامة القلب عن الأحقاد على المسلمين ومن البدع وفضول هموم الدنيا، فإنَّ ذلك يشغل القلب ويضغط عليه فلا يكاد يهتم بشيء سواه.


سادساً: خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل، فإنَّه إذا تفكَّر أهوال الآخرة ودركات جهنَّم طار نومه وعظم حذره.


سابعاً: الوقوف على فضائل القيام وثمراته فإنَّها تهيج الشوق وتعلي الهمة وتحيي في النفس الطمع في رضوان الله وثوابه، وقد تقدَّم ذكر أهمها.


ثامناً: وهو أشرف البواعث: حبَّ الله وقوة الإيمان؛ لأنَّه في قيامه لا يتكلم بحرف إلا وهو مناج به ربه ومطلع عليه، مع مشاهدة ما يخطر بقلبه، وأنَّ تلك الخطرات من الله تعالى خطاب معه، فإذا أحببت الله تعالى أحبّ لا محالة الخلوة به وتلذذ بالمناجاة؛ فتحمله لذة المناجاة للحبيب على طول القيام.


am
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10-10-2009, 12:01 AM
الصورة الرمزية اخت الاسلام
اخت الاسلام اخت الاسلام غير متصل
مشرفة الملتقى الاسلامي
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
مكان الإقامة: ارض الله
الجنس :
المشاركات: 6,045
الدولة : Morocco
افتراضي رد: الغنائم أيها النائم

أخي المسلم .. ربك يعجب ممّن يقوم الليل

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" عجب ربنا عز وجل من رجلين: رجل ثار عن وطائه ولحافه
من بين أهله وحبه إلى صلاته ، فيقول ربنا : أيا ملائكتي
انظروا إلى عبدي ، ثار من فراشه ووطائه ومن بين حبه وأهله إلى صلاته
رغبة فيما عندي وشفقةً مما عندي "
أخرجه أحمد وأبو داود من حديث ابن مسعود رضي الله عنه
فيا له من عمل جليل يعجب ربك من رجاله ..
ترى .. أي سر اكتشفه هؤلاء في الليل حتى أحبوه وعشقوه وفضلوا
ظلمته على وضح النهار ؟
انتزعوا نفوسهم من وثير الفرش وهدوء المساكن وسكون الكون ..
غالبوا هواتف النوم وآثروا الأنس بالله والرجاء في وعد الله ..
عجبا … كيف أخرجوا النور من قلب الظلمة .. وصاغوا
حلل الفجر من خيوط الليل ؟!
كيف حولوا الوحشة إلى أنس .. والانقطاع إلى صلة ؟
يقول سليمان الداراني : لولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا ..
ويقول علي بن بكار : منذ أربعين سنة ما أحزنني إلا طلوع الفجر ..
ترى أي أسرار كانت لهم في الليل ؟
قلت لليل كم بصدرك سر أخبرني ما أروع الأسرار ؟
قال : ما ضاء في ظلامي سر كدموع المنيب في الأسحار
نعم هذه هي أسرار الليل التي فروا إليها …
فياحسنهم والليل قد أقبل بظلمته وهدأت عنهم أصوات خليقته
وقدموا إلى سيدهم الذي له يأملون .. فلو رأيت أيها البطال أحدهم وقد قام
إلى صلاته وقراءته فلما وقف في محرابه واستفتح كلام سيده خطر على قلبه
أن ذلك المقام هو المقام الذي يقوم فيه الناس لرب العالمين فانخلع قلبه
وذهل عقله !
قد هدّ أجسامهم الوعيد وغيّـر ألوانهم السهر الشديد ..
يتلذذون بكلام الرحمن ويرون أن من أعظم نعم محبوبهم عليهم
أن أقامهم وأنام غيرهم .. واستزارهم وطرد غيرهم .. وأهّـلهم وحرم غيرهم ..
قد يئسوا من الدنيا ويئست منهم ، إن القوم أعطوا المجهود من أنفسهم فلما
دبرت المفاصل من الركوع وقرحت الجباه من السجود وتغيرت الألوان
من السهر ضجوا إلى الله بالاستغاثة ... فهم أحلاف اجتهاد
لا يسكنون إلى غير الرحمن ...
بكى الباكـون للرحمن ليلا وباتوا دمعهم لا يسأمونا
بقاع الأرض من شوق إليهم تحن متى عليها يسجدونــا
فلما علم الله صدق همتهم وصفاء نيتهم جعل لهم نورا يمشون به
في الناس ...
أخذ الفضيل بن عياض بيد الحسين بن زياد وقال : ياحسين ، ينزل الله كل ليلة
إلى سماء الدنيا فيقول : كذب من ادعى محبتي فإذا جنه الليل نام عني ؟
أليس كل حبيب يحب خلوة حبيبه ؟
ها أنذا مطلع على أحبائي إذا جنهم الليل ، غدا أقر أعينهم في جناتي ...
وقال سفيان الثوري : بلغنا أنه إذا كان أول الليل نادى مناد :
ألا ليقم العابدون ، قال : فيقومون فيصلون ما شاء الله
ثم ينادي في وسط الليل : ألا ليقم القانتون ، قال : فيقومون كذلك
يصلون إلى السحر
قال فإذا كان السحر نادى مناد أين المستغفرون ؟ قال : فيستغفر أولئك
ويقوم آخرون يصلون ، فإذا طلع الفجر نادى مناد :
ألا ليقم الغافلون ! فيقومون من فرشهم كالموتى نشروا من قبورهم ..
وقال ابن مسعود : حسب الرجل من الخيبة والشر أن ينام حتى يصبح
وقد بال الشيطان في أذنه ..
لقد أبوا أن يبول الشيطان في آذانهم وقالوا مع نبيهم :
" مضى عهد النوم يا خديجة "
وشمروا عن ساعد الجد ليزاحموا أصحاب النبي بالركب ، وجعلوا
من دموعهم رسائل إلى ربهم ..
} كانوا قليلا من الليل مايهجعون ، وبالأسحار هم يستغفرون {
قال أبو الزناد : كنت أخرج من السحر إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم
فلا أمر ببيت إلا وفيه قارئ ، وكنا ونحن فتيان نريد أن نخرج لحاجة فنقول :
موعدكم وقت قيام القراء ..
قال الحسن بن عرفة ليزيد بن هارون : يا أبا خالد :
ما فعلت العينان الجميلتان ؟
قال : ذهب بهما بكاء الأسحار !
وكان عتبة الغلام يقول في ليله على ساحل البحر :
إن تعذبني فإني لك محب
وإن ترحمني فإني لك محب
فلم يزل يرددها ويبكي حتى يصبح ..
قدم عبد الرحمن الأسود وهو معتل الرِّجل فقام يصلي الليلة
حتى أصبح شاغرا رجلا قائما على رجل واحدة ...
كان ثابت يقوم من الليل فإذا أصبح يأخذ قدميه فيعصرهما ويقول :
مضى العابدون وقطع بي .. والهفاه !
وكان أحد العبّـاد يقوم الليل حتى إذا برق عمود الصبح
وثب قائما على قدميه ونادى بأعلى صوته :
ذهب الليل بما فيه ، وأقبل النهار بدواهيه .. ولم أقض منك وطرا ..
وقال محمد بن عوف : رأيت أحمد بن أبي الحواري فلما صلى العتمة
قام يصلي فاستفتح بالحمد لله إلى }إياك نعبد وإياك نستعين {
فطفت الحائط كله ثم رجعت فإذا هو لا يجاوزها ثم نمت ومررت في السحر
وهو يقرأ : } إياك نعبد { فلم يزل يرددها إلى الصبح !
وروي عن طلق أنه كان إذا قام من الليل لا يركع إذا افتتح سورة البقرة
حتى يبلغ العنكبوت ، وكان يقول : أشتهي أن أقوم حتى يشتكي صلبي !
وكان أبو حنيفة إذا أراد أن يصلي من الليل تزين حتى يسرح لحيته ..
بكى أبو الشعثاء عند موته فقيل له : ما يبكيك ؟
فقال : لم أشتف من قيام الليل !!
هان سهر الحراس لما علموا أن أصواتهم بسمع الملك !
قال عبد الواحد بن زيد : عصفت بنا الريح على جزيرة في البحر
فإذا برجل يعبد صنما ، فقلنا له : أيها الرجل من تعبد ؟
فأومأ بيده إلى الصنم ، فقلنا له : إن معنا في المركب من يعمل هذا
قال: فأنتم من تعبدون ؟ قلنا : نعبد الله تعالى .. قال : ومن هو ؟
قلنا : الذي في السماء عرشه وفي الأرض سلطانه وفي الأحياء
والأموات قضاؤه ..
قال : كيف علمتم هذا ؟ قلنا : وجه إلينا رسولا أعلمنا به ..
قال : فما فعل الرسول ؟ قلنا : قبضه الله إليه ..
قال : فهل ترك عندكم علامة ؟ قلنا : ترك عندنا كتاب الملك ..
قال : أرونيه .. فأتيناه بالمصحف ، فقال : ما أعرف هذا .. فقرأنا عليه
سورة وهو يبكي ، ثم قال : ينبغي لصاحب هذا الكلام أن لا يُعصى
فأسلم وحملناه معنا وعلّـمناه شرائع الإسلام ، وسورا من القرآن
فلما جن الليل صلينا وأخذنا مضاجعنا ، فقال : يا قوم ، الإله
الذي دللتموني عليه أينام إذا جنه الليل ؟
قلنا : لا يا عبد الله هو حي قيوم لا ينام ..
قال : بئس العبيد أنتم ، تنامون ومولاكم لا ينام ؟!
أخي ... أيُّّّ حرمان أعظم ممن تتهيّأ له مناجاة مولاه والخلوة به
ثم لا يبادر ولا يبالي ؟!
أي أخي …
لو سرت عن هواك خطوات للاحت لك الخيام ..
ولو هجرت فراشك من الليل لاستقبلتك الحور العين ..
ولو صدقت العزم لأقامك الله بين يديه في الليل ..
ففي بعض الآثار : يقول الله عز وجل في كل ليلة :
" يا جبريل أقم فلانا وأنم فلانا "
غفلنا عن دأب الصالحين فضاع علينا ثواب الصالحين
وغلّـفنا قلوبنا بالمعاصي النكر فضاعت علينا أسرار الليل ونسائم السحر ..
سأل داود عليه السلام جبريل : أي الليل أفضل ؟
" قال ما أدري إلا أن العرش يهتز من السحر "
أيها الشاب … وهبك الله القوة والعزم فأين جزاء الشاكرين ؟
قال محمد بن يوسف : كان الثوري يقيمنا الليل فيقول : قوموا يا شباب
صلوا ما دمتم شبابا .. إذا لم تصلوا اليوم فمتى ؟
كان مخلد بن الحسين يقول : ما انتبهت من الليل إلا أصبت إبراهيم بن أدهم
يذكر الله فأغتم ! ثم أتعزى بقوله :} ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء {
استيقظ القوم ونمنا .. وجدّوا وتخلفنا .. ونالوا المنى وحُرمنا ..
يا مهجور .. ركعتان في جوف الليل خير لك من ألف تجارة ..
أيها الإخوة .. نحن نعلم أنه أمر جليل وحمل ثقيل لا يقدر عليه إلا من
منَّ عليه الرب الرحيم .. ولكن .. أخي .. أريد أن أيسر عليك المطلب
وأذلل لك المركب بخطوات تساق على عجل وما لايدرك كله
لا يترك جُله ..
تذكر نزول الرب جل وعلا في جوف الليل الآخر كل ليلة
إِلَى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر
حيث يقول : " من يدعوني فأستجيب له ، ومن يسألني فأعطيه
ومن يستغفرني فأغفر له "
وتذكر أن ربك في علاه تنزل لك ، فهل تعرض عنه وقد أتاك ؟؟
ثم اعلم أنك ستعرف زمان نصر هذه الأمة إذا رأيت أبنائها ركعا سجدا
في محاريب الليل ..
قال ابن كثير في ترجمة السلطان الزاهد المجاهد ، نور الدين زنكي :
" إن جماعة من العباد ممن يعتمد على قولهم دخلوا بلاد القدس
للزيارة أيام أخذ القدس الفرنج فسمعوهم يقولون أن نور الدين
له مع الله سر ، فإنه لم يظفر وينصر علينا بكثرة جنده وجيشه
وإنما يظفر علينا وينصر بالدعاء وصلاة الليل
فإنه يصلي بالليل ويرفع يده إلى الله ويدعوه ، فإنه يستجيب له
ويعطيه سؤله فيظفر علينا .. قال: فهذا كلام الكفار في حقه "
إنه حق على كل مسلم في هذه الأيام الحرجة أن يجعل له وردا يوميا
من الدعاء يستنصر به رب الأرض والسماء على الصليبيين
واليهود والمنافقين ومن والاهم وأن يسأل الله النصر لإخوانه
في جوف الليل ، لعل الله عز وجل يعذره بهذا الفعل القليل
ولعل الله أن يستجيب لهذه الآهات الصادقة والحسرات المتألمة ..
أخي الكريم .. ليكن بدؤك في رحلة قيام الليل هينا ، فعليك أن تعالج نفسك
بالاستيقاظ في جوف الليل لدقائق معدودة تذكر الله ، وتستغفره
وتطلب منه دعوات معدودة .. حتى إذا أحسست بالأنس بهذه الدقائق
انتقل إلى مرحلة أخرى ...
إذا وجدت في نفسك نشاطا ، فتوضأ وضوءا خفيفا ، وصل وترا واحدة
أو ثلاث .. حتى إذا أصبح ذلك الأمر سجية لك ، وأضحى فؤادك
يتضجر لفقده فاعلم أن الله وضعك على عتبات الطريق ، فعندئذ
اعمد إلى ورد من القرآن تقرؤه ولو في المصحف ، في سكنات الليل
ونسمات السحر ، ثم ناج ربك ومولاك بدعوات وابتهالات وانظر بعدها
كيف سيكون قلبك ...
فهيا يا أخي إلى نداء ثابت البناني رحمه الله :

" كابدت صلاة الليل عشرين سنة واستمتعت بها عشرين سنة "

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10-10-2009, 12:04 AM
الصورة الرمزية صابرة الى الله
صابرة الى الله صابرة الى الله غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
مكان الإقامة: ارض الله
الجنس :
المشاركات: 50
افتراضي رد: الغنائم أيها النائم

بارك الله فيك اختي الكريمة

في ميزان حسناتك ان شاء الله
__________________
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10-10-2009, 10:24 PM
الصورة الرمزية اخت الاسلام
اخت الاسلام اخت الاسلام غير متصل
مشرفة الملتقى الاسلامي
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
مكان الإقامة: ارض الله
الجنس :
المشاركات: 6,045
الدولة : Morocco
افتراضي رد: الغنائم أيها النائم

[QUOTE=صابرة الى الله;815970]

وبارك فيك وجزاك كل خير

وفقك الله لما يحبه ويرضاه
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 131.02 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 127.15 كيلو بايت... تم توفير 3.87 كيلو بايت...بمعدل (2.95%)]