بين الشهيد و الوفاة و الدفن و الشرع

[نور]

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

شيخنا الفاضل جزاكم الله خيراً

جمعة مباركة لحضرتك و عائلتك الكريمة إن شاءالله

شيخي الفاضل أبو البراء الأحمدي

البارحة ، علمت بوفاة أحدى النساء ( رحمها الله تعالى ) ، و قالوا لنا ، أنهم أرادوا أن يدفنوها فوق أبنها المتوفي منذ حوالي 15 سنة تقريباً


و سؤالي له أكثر من شق لو سمحتَ لي مشكوراً ، و أردت طرحه للإفادة العامة إن شاءالله


1- هذا الشاب المتوفي منذ 15 عاماً تقريباً ، توفي من جراء إغتيال شخصي له بمتفجرة إستهدفته مباشرة
2- هذا الشاب يعتبر أنه توفي شهيداً ، و عليه ، و في ظل تلك الأحداث ، قاموا بدفنه دون أن يتم تغسيله ، و بقي بثيابه طبعاً لأن الإنفجار أتى على جزء كبير منه كما هو متوقع ، بالإضافة إلى إعتباره شهيداً.
3- لغلاء أراضي الدفن عندنا التي تقوق ألاف الدولارات أصبحوا يدفنوا الأموات فوق بعضهم .
4- عندما فتحوا القبر ليدفنوا والدته فوقه ، وجدوه كما هو عندما تم دفنه ، و ما زال قلم الحبر في جيبة قميصيه الممزق طبعاً من جراء الإنفجار .


أسئلتي هي لو سمحتِ لي و شكراً لسعة صدرك سلفاً:

أ- هل يعتبر هذه الشاب شهيداً مع العلم أنه كان له سوابق ( أمنية كما أذكر - و أعني هنا توبته من أي عمل إقترفه و الله أعلم ) و الإنفجار إستهدفه لهذه الغاية

ب- ما هو الفرق بين شهيد الدنيا و شهيد الآخرة ، و هي عبارة تتكرر مراراً

ج- إلى أي مدى هذه الرواية تبقى ضمن صحيتها بأنه ما زال كما هو من 15 عاماً

د- لأي وقت ممكن أن يبق الشهيد على هذه الحال ، و كيف نستطيع تفرقة مراتب الشهداء من أمور مشابهة

هـ - هل يجوز دفن الأموات فوق بعضهم ، و ما هي المدة المناسبة لفعل هذا الأمر ؟

و- من هم الذين يجوز لنا دفنهم في بعضهم ، بين الأصول و الفروع ؟

ي- كلمة نوجهها لأصحاب الأراضي و مدافن الموتي ، لمن لا يملك مالاً ، أين يذهب بدفن أمواته و ما هي حرمة الميت لمن يبقى يفتش عن مكان مناسب لدفن أمواته ، وعلمت أن البعض يقضي بين يومين و ثلاثة حتى يجد المكان المناسب بالسعر


و نقول لا حول و لا قوة إلا بالله


أسئلة أردت سؤالها خاصة لتكون عامة ، مع أني أعرف الأجابة على بعضها ، و لكن أريد أن أستزيد من علمكم و شرحكم للأمر و أن يكون الموضوع ذو إفادة لجميع السائلين و المتسائلين بخصوصه

يمكن لحضرتك شيخنا الفاضل أن تأخذ الوقت الكافي للرد على أسئلتي الطويلة في ظل إنشغالكم ، فأنا لست مستعجلة للإجابة ، و لكن أريد في النهاية أن يكون عندي إجابات شرعنا الحنيف لما طرحت .

جزاكم الله خيراً ووفقكم و عائلتكم لما يحب و يرضى
و دوماً الشكر و الإمتنان لتواجدكم الطيب معنا و لا حرمكم الله الأجر

و السلام ختام وخير الكلام والصلاة و السلام على رسول الله

[الشيخ أبوالبراءالأحمدى]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ملاك النور

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

شيخنا الفاضل جزاكم الله خيراً
جمعة مباركة لحضرتك و عائلتك الكريمة إن شاءالله
شيخي الفاضل أبو البراء الأحمدي

البارحة ، علمت بوفاة أحدى النساء ( رحمها الله تعالى ) ، و قالوا لنا ، أنهم أرادوا أن يدفنوها فوق أبنها المتوفي منذ حوالي 15 سنة تقريباً
و سؤالي له أكثر من شق لو سمحتَ لي مشكوراً ، و أردت طرحه للإفادة العامة إن شاءالله
1- هذا الشاب المتوفي منذ 15 عاماً تقريباً ، توفي من جراء إغتيال شخصي له بمتفجرة إستهدفته مباشرة
2- هذا الشاب يعتبر أنه توفي شهيداً ، و عليه ، و في ظل تلك الأحداث ، قاموا بدفنه دون أن يتم تغسيله ، و بقي بثيابه طبعاً لأن الإنفجار أتى على جزء كبير منه كما هو متوقع ، بالإضافة إلى إعتباره شهيداً.
3- لغلاء أراضي الدفن عندنا التي تقوق ألاف الدولارات أصبحوا يدفنوا الأموات فوق بعضهم .
4- عندما فتحوا القبر ليدفنوا والدته فوقه ، وجدوه كما هو عندما تم دفنه ، و ما زال قلم الحبر في جيبة قميصيه الممزق طبعاً من جراء الإنفجار .
أسئلتي هي لو سمحتِ لي و شكراً لسعة صدرك سلفاً:

أ- هل يعتبر هذه الشاب شهيداً مع العلم أنه كان له سوابق ( أمنية كما أذكر - و أعني هنا توبته من أي عمل إقترفه و الله أعلم ) و الإنفجار إستهدفه لهذه الغاية

ب- ما هو الفرق بين شهيد الدنيا و شهيد الآخرة ، و هي عبارة تتكرر مراراً

ج- إلى أي مدى هذه الرواية تبقى ضمن صحيتها بأنه ما زال كما هو من 15 عاماً

د- لأي وقت ممكن أن يبق الشهيد على هذه الحال ، و كيف نستطيع تفرقة مراتب الشهداء من أمور مشابهة

هـ - هل يجوز دفن الأموات فوق بعضهم ، و ما هي المدة المناسبة لفعل هذا الأمر ؟

و- من هم الذين يجوز لنا دفنهم في بعضهم ، بين الأصول و الفروع ؟

ي- كلمة نوجهها لأصحاب الأراضي و مدافن الموتي ، لمن لا يملك مالاً ، أين يذهب بدفن أمواته و ما هي حرمة الميت لمن يبقى يفتش عن مكان مناسب لدفن أمواته ، وعلمت أن البعض يقضي بين يومين و ثلاثة حتى يجد المكان المناسب بالسعر
و نقول لا حول و لا قوة إلا بالله
أسئلة أردت سؤالها خاصة لتكون عامة ، مع أني أعرف الأجابة على بعضها ، و لكن أريد أن أستزيد من علمكم و شرحكم للأمر و أن يكون الموضوع ذو إفادة لجميع السائلين و المتسائلين بخصوصه
يمكن لحضرتك شيخنا الفاضل أن تأخذ الوقت الكافي للرد على أسئلتي الطويلة في ظل إنشغالكم ، فأنا لست مستعجلة للإجابة ، و لكن أريد في النهاية أن يكون عندي إجابات شرعنا الحنيف لما طرحت .
جزاكم الله خيراً ووفقكم و عائلتكم لما يحب و يرضى
و دوماً الشكر و الإمتنان لتواجدكم الطيب معنا و لا حرمكم الله الأجر
و السلام ختام وخير الكلام والصلاة و السلام على رسول الله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم
أختى الكريمة / ملاك النور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعـــــــــــــــــد
فالجواب عن سؤالك الأول : أ- هل يعتبر هذا الشاب شهيداً مع العلم أنه كان له سوابق ( أمنية كما أذكر - و أعني هنا توبته من أي عمل إقترفه و الله أعلم ) و الإنفجار إستهدفه لهذه الغاية ؟
والجواب : اعلمى رحمنى الله وإياك أن
هذا الشاب أمره إلى ربه عز وجل ولكن يشهد له آخر عمله وصدق توبته وقتله وأن الأرض لم تأكل جسده فقد قال الله عز وجل : { وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ }

فالشهيد حى عند الله يرزق وللشهادة أصول فة عقيدتنا منها :
أن الشهداء فى الأمة الإسلامية على مرتب متعددة وللشهادة مواطن كثيرة فكما عند مسلم من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ما تعدون الشهيد فيكم ؟ } قالوا : يا رسول الله من قتل في سبيل الله فهو شهيد ، قال : { إن شهداء أمتي إذا لقليل } ، قالوا فمن هم يا رسول الله ؟ قال : { من قتل في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في الطاعون فهو شهيد ومن مات في البطن فهو شهيد }
قال ابن مقسم : أشهد على أبيك في هذا الحديث أنه قال : { والغريق شهيد } .
ومن قتل دون ماله شهيد للحديث الذى رواه البخارى من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : {سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من قتل دون ماله فهو شهيد }

وأن الشهيد لايغسل ولايصلى عليه ويدفن فى ثوبه الذى مات فيه وفى دمه فقد روى البخارى من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول أيهم أكثر أخذا للقرآن فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد ، وقال : أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة وأمر بدفنهم في دمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم } .
والشهيد أمره إلى الله يقبله إن شاء فعند مسلم من حديث عمر بن الخطاب قال : { لما كان يوم خيبر أقبل نفر من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : فلان شهيد فلان شهيد حتى مروا على رجل فقالوا فلان شهيد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { كلا إني رأيته في النار في بردة غلها أو عباءة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ابن الخطاب اذهب فناد في الناس أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون قال فخرجت فناديت ألا إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون } .
والسؤال الثانى : ما هو الفرق بين شهيد الدنيا و شهيد الآخرة ، و هي عبارة تتكرر مراراً ؟
ومن الإجابة على السؤال الأول تتضح الإجابة على السؤال الثانى فأقول وبالله التوفيق : أن الناس فى هذه الدنيا يصفون الموتى على عقائدهم وغاياتهم شهداء وأمرهم إلى الله يُعلم يوم القيامة من الشهيد الذى قضى نحبه فى طاعة ربه ومن الذى قضى نحبه فى هوى الدنيا
والسؤال الثالث : إلى أي مدى هذه الرواية تبقى ضمن صحيتها بأنه ما زال كما هو من 15 عاماً
والجواب بحول الله أقول : أنه مما ذكر عن أئمتنا أن الشهداء تبقى أجسادهم فى قبورهم لا تتبدل ولا تتغير وظهر ذلك كثيرا على مرِّ العصور
فعند البخارى من حديث هشام بن عروة عن أبيه : { لما سقط عليهم الحائط في زمان الوليد بن عبد الملك أخذوا في بنائه فبدت لهم قدم ففزعوا وظنوا أنها قدم النبي صلى الله عليه وسلم فما وجدوا أحدا يعلم ذلك حتى قال لهم عروة لا والله ما هي قدم النبي صلى الله عليه وسلم ما هي إلا قدم عمر رضي الله عنه } . ومن هنا يُعلم أن قدم عمر بن الخطاب رضى الله عنه ظلت باقية على حالها إلى زمن الوليد بن عبد الملك وإلى ماشاء الله ، والله أعلم .

السؤال الرابع : هل يجوز دفن الأموات فوق بعضهم ، و ما هي المدة المناسبة لفعل هذا الأمر ؟
الجواب بحول الله أقول : نعم يجوز دفن الرجلين أو أكثر فى قبر واحد كما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم مع شهداء أحد فى الحديث السابق ، ولكن دفن الرجل مع المرأة لايجوز حتى لو كانت أمه أو زوجته إلآ عند الضرورة وارتفاع أسعار أراضى الدفن من الضرورة هذه فإذا كان أبو بكر الصديق رضى الله عنه قال : عندما عرضوا عليه أن يكفنوه فى ثوب جديد قال الحى أولى بالجديد من الميت ، فالحى هنا أولى بالمال الذى يصرف على أرض الدفن من الميت طالما أنهم يجدون له مكانا يدفن فيه كهذا ، بشرط أن يحول بينهما حائل من تراب .

والسؤال الخامس : من هم الذين يجوز لنا دفنهم مع بعضهم ، بين الأصول و الفروع ؟
والجواب بحول الله أقول : الأصل فى الدفن أن يكون لكل ميت قبر خاص به ، أما دفن أكثر من ميت فى قبر واحد فحرام عند جمهور الفقهاء ، كرهه أبو حنيفة ، ومحل ذلك إذا لم تكن هناك ضرورة أو حاجة إلى ذلك . فإن وُجدت ضرورة ككثرة الموتى وتعسر إفراد كل ميت بقبر جاز جمع أكثر من ميت فى قبر ، سواء أكانوا من جنس واحد أم من جنسين ، على أن يقدم الذكر على الأنثى فى دفنه جهة القبلة .
ودليل ذلك ما رواه أبوداود بسند صححه شيخنا العلامة الألبانى من حديث هشام بن عامر قال : جاءت الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ، فقالوا : أصابنا قرح وجهد فكيف تأمرنا ، قال : { احفروا وأوسعوا واجعلوا الرجلين والثلاثة في القبر قيل فأيهم يقدم قال أكثرهم قرآنا قال أصيب أبي يومئذ عامر بين اثنين أو قال واحد } .
السؤال السادس : كلمة نوجهها لأصحاب الأراضي و مدافن الموتي ، لمن لا يملك مالاً ، أين يذهب بدفن أمواته و ما هي حرمة الميت لمن يبقى يفتش عن مكان مناسب لدفن أمواته ، وعلمت أن البعض يقضي بين يومين و ثلاثة حتى يجد المكان المناسب بالسعر ؟ !!!
والجواب أقول وبالله التوفيق : اعلمى رحمنى الله وإياك أن من ستر مسلما ستره الله فى الدنيا والآخرة
ففى الحديث الذى رواه البخارى من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة } .
ومن الحديث يتبن أن الذى يشدد على المسلم أمره ولم يفرج كربته ولم يساعد على ستره ولم يستره فإن الله يشدد عليه بعمله هذا ولم ييسر عليه ويفضحه لأنه كان بين يديه اليسر فلم ييسر وكان بين يديه الخير فلم ينفع به الناس وكا بين يديه وسائل الستر فلم يستر بها الناس ، وكل ماقدم شيئا لقى من الله الجزاء الحسن .

وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن ييسر أمرك ويزوجك وأختك بمن تقر به أعينكما ويقدر لكما الخير حيث كان ويشرح للخير قلبكما ويشرح لحفظ القرآن صدركما ويقيكما شر الشيطان وشركه وينصركما على عدوكما ويجعلكما من الفائزين
اللهم آمــــــــــــــــــين

[نور]

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
جمعة مباركة لحضرتك شيخنا الفاضل و لعائلتك الكريمة إن شاءالله

جزاك الله خيراً على الرد المفصل و الشامل لأسئلتي الكثيرة
و معذرة على كثرتها ، و لكن كانت مترابطة بموضوع واحد
أشكر حضرتك جزيل الشكر على وقتك بالتفضل بالإجابة عليها
و على تواصلك الطيب الكريم مع الجميع ما شاءالله
في ميزان حسناتك شيخنا الفاضل
و إن شاءالله نكون ممن يسمعون القول فيتبعون أحسنه
و السلام ختام و خير الكلام و الصلاة و السلام على رسول الله