~ تحية وإجلال لشيخ المجاهدين عز الدين القسام ~ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ياصاحبي..... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 11 - عددالزوار : 2903 )           »          لا هادي إلا الله (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 1 - عددالزوار : 102 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4924 - عددالزوار : 1995873 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4496 - عددالزوار : 1281038 )           »          تفسير (الجامع لأحكام القرآن) الشيخ الفقيه الامام القرطبى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 544 - عددالزوار : 134002 )           »          مالٌ لا يغرق! (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »          الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 56 - عددالزوار : 43690 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 68 - عددالزوار : 37239 )           »          سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 112 - عددالزوار : 71704 )           »          فأنا أقسم عليك لما سقيتهم(قصة) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > فلسطين والأقصى الجريح
التسجيل التعليمـــات التقويم

فلسطين والأقصى الجريح ملتقى يختص بالقضية الفلسطينية واقصانا الجريح ( تابع آخر الأخبار في غزة )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-11-2007, 11:12 AM
الصورة الرمزية * فلسطــ نجمة ــــين *
* فلسطــ نجمة ــــين * * فلسطــ نجمة ــــين * غير متصل
مشرفة سابقة
 
تاريخ التسجيل: May 2007
مكان الإقامة: أينما وجد الظلم فذاك موطني
الجنس :
المشاركات: 1,993
الدولة : Palestine
Icon1 ~ تحية وإجلال لشيخ المجاهدين عز الدين القسام ~


دائما ومن أعماق القدس



دائما من عمق الأقصى نخرج أبطالا
اليوم ذكرى ال72 لاستشهاد شيخ المجاهدين عز الدين القسام
والله وأنا أكتب الموضوع شعرت بالفخر لأني فلسطينية
سأتركم الآن مع أسطورة هذا الرجل العظيم

عز الدين القسام" رائد حركة الجهاد في فلسطين
الشخصية في سطور:
وُلد في بلدة (جبلة) السورية سنة (1299هـ = 1882م).
- تلقى تعليمه الأوَّلي في بلده، وكان أبوه صاحب كتَّاب لتحفيظ القرآن الكريم.
- رحل إلى القاهرة، وتعلَّم بالجامع الأزهر حتى نال شهادته.
- بعد تعليمه بالأزهر رحل إلى بلده، وحلَّ محل أبيه في تحفيظ القرآن.
- شارك "القسام" في الثورة التي اشتعلت في سوريا ضد المحتل البريطاني.
- انتقل بالناس عبر عمله والتفوا حوله، وتأثَّروا به لعلمه وورعه.
- عمل "القسام" على تكوين خلايا ثورية لمجاهدة الإنجليز واليهود؛ كان نتيجة ذلك أن قامت عمليات بطولية أفزعت المحتل الإنجليزي.
- قام "القسام" مع اثني عشر مجاهدًا بثورةٍ إسلامية في (جنين)، واشتعلت معركة غير متكافئة بينهم وبين الإنجليز، انتهت باستشهاد "القسام"، وذلك في شعبان 1354هـ= نوفمبر 1936م.
عز الدين القسام.. رائد حركة الجهاد في فلسطين:
تصدى علماء الأمة لقيادة الجماهير في مسيرتها التحريرية بعد أن وقعت كثير من بلدان العالم الإسلامي في قبضة الاستعمار، وصار من المألوف أن يتصدر أصحاب العمائم حركات التحرر والنضال، ودعوات الإصلاح والتجديد، وأينما وليت وجهك شطر بلد إلا وجدت صاحب عمامة كان يُوقِظ أُمَّته، ويَمُدّها بروح البعث والنهوض، وطاقة المواجهة والتحدي، فقاد الأزهر الشريف بشيوخه ثورةَ القاهرة ضد الغزاة الفرنسيين، وكان شيخه الأكبر "عبد الله الشرقاوي" بين قادة الثورة، وحمل "السنوسي" حركة الجهاد ضد الاستعمار الإيطالي في ليبيا، وتصدى "عبد الكريم الخطابي" و"علال الفاسي" للاستعمار الفرنسي في المغرب العربي، وقادت جمعية المسلمين بقيادة "عبد الحميد باديس" حركة اليقظة والنهوض، وبعث اللغة العربية، واستنهاض الهمم الواهنة.
وليس في هذه الظاهرة غرابة، فعلماء الإسلام أكثر الناس استشعارًا بمسئوليتهم تجاه الأمة، بما يحملون من أمانة العلم وأمانة التبليغ وأمانة التطبيق، وهم أعظم الزعامات تأثيرًا في نفوس الناس وقدرةً على قيادتهم؛ فللدين سلطان على النفوس لا يدانيه سلطان.
حياة "القسام" الأولى:
في بلدة (جبلة) السورية جنوبي (اللاذقيَّة) وُلد "عز الدين القسام" سنة ( 1299هـ= 1882م) لأب كان صاحب كُتاب يعلم فيه الأطفال مبادئ القراءة والكتابة ويُحَفِظُّهم القرآنَ الكريم، وفي وسط هذا الجو المُشَبَّع بعِطرِ القرآن، ونسائم الإيمان نشأ "عز الدين القسام".
ولمّا بلَغ سن الصِبا تلقى تعليمه الابتدائي في بلدته، ثم ذهب وهو في الرابعة عشرة إلى القاهرة برفقة أخيه "فخر الدين" للدراسة بالأزهر، وكان آنذاك يمر بفترة إصلاحية لتنظيم الدراسة به، فتلقى العلم على شيوخه الكبار، وكان من بينهم الشيخ "محمد عبده"، وظل بالجامع الأزهر حتى نال الشهادة العالمية.
وكانت الفترة التي عاصرها "القسام" في مصر فترة تسلط الاحتلال البريطاني على مصر، وتثبيت أقدامه فيها، ونشر ثقافته الغربية وقيمه البعيدة عن الإسلام، وكان الأزهر الشريف حصن الأمة فلم تمتد إليه يد المحتل، وكان يموج آنذاك بدعوات إصلاحية للنهوض برسالته.
يتبع
.
.
__________________

أَطْـــ ي َــافْ المَـــ جْ ـــد

حَمَامَةً تَحْمِلُ رِسَالةً لِكَيْ تُوَّصِلَ تَارِيخَ أَرْضَ الرِبَاطْ
عَبْرَ نَافِذَةِ العَالَمْ ..لِنَجْعَلَ مِنَ الأَلمْ أَمَلْ
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19-11-2007, 11:17 AM
الصورة الرمزية * فلسطــ نجمة ــــين *
* فلسطــ نجمة ــــين * * فلسطــ نجمة ــــين * غير متصل
مشرفة سابقة
 
تاريخ التسجيل: May 2007
مكان الإقامة: أينما وجد الظلم فذاك موطني
الجنس :
المشاركات: 1,993
الدولة : Palestine
Icon1


العودة إلى (جبلة) وبداية الإصلاح:
وبعد انتهاء دراسته بالأزهر عاد "القسام" إلى (جبلة) سنة
(1321هـ= 1903م) يحمل ثقافة إسلامية واسعة، وفكرًا جديدًا، ووعيًا ناضجًا ونفسًا وثَّابة، ترى أن العالمَ لا يكتفي بالدرس والوعظ ورفع الجَهالة عن الناس، بل يقود الناسَ إلى سُبل الصلاح، ويرتفع بوعيهم ومدراكهم، ويرتقي بهم إلى مدارج العُلا، ويغيّر من سلوكهم إلى الأفضل، ويدفعهم إلى رفض الاستكانة والتواكل.
حل "القسام" محلَّ والده في الكُتَّاب، يُعلم الأطفال مبادئ القراءة والكتابة والحساب، ويُحَفِظهم القرآن الكريم، ثم عمل إمامًا لمسجد (المنصوري) في (جبلة)، واستطاع بعلمه وخطبه المؤثرة أن يجمع الناس حوله، وقد امتدت شهرته إلى المناطق المجاورة، ووجد الناسُ فيه الهادي المرشد، وارتبط بصداقات واسعة مع كثير من الناس، وكان موضعَ تقْديرِهم البالغ لعلمه وصلاحه.
في ميادين الجهاد:
لم يكن الشيخ "القسام" مِمَّن يُطلقون الكلام ويثيرون الحماسة في النفوس ويتخلف عن الركب، أو كان مِمَّن لا يحسنون العمل، بل كان من العلماء المجاهدين بالقول والعمل، فحين هاجم الإيطاليون ليبيا قاد "القسام" مظاهرةً طافت شوارع بلدته، تؤيد المجاهدين الليبيين وتدعو الناس إلى التطوع والجهاد ضد الإيطاليين، ونجح في تجنيد مائتين وخمسين متطوعًا وقام بحملة لجمع تبرعات ما يلزمهم ويلزم أسرهم، لكن الحملة الصغيرة لم توفَّق في التحرك لمؤازرة إخوانهم المسلمين في ليبيا.
وحين اشتعلت الثورة في سوريا ضد الغزاة الفرنسيين، رفع "القسام" راية المقاومة ضدهم في الساحل الشمالي لسوريا، وكان في طليعة من حملوا السلاح في ثورة جبال (صهيون) سنة (1338-1339هـ = 1919-1920م) مع "عمر البيطار"، وكانت هذه الثورة مدرسة عملية صقلت مواهب الشيخ، وقدراته القيادية والتنظيمية، وقد حكم عليه الفرنسيون بالإعدام لأعماله الباهرة في مناهضتهم وخبراته الموجعة التي وجهها لهم، لكنه لم يسقط في أيديهم.
الانتقال إلى (حيفا):
بعد إخفاق الثورة في سوريا ونجاح الفرنسيين في القضاء عليها، التجأ "القسام" إلى (حيفا) سنة (1340هـ= 1921م) واستقر بها، ثم أرسل في طلب أسرته لتعيش معه، وما أن استقرت قدماه حتى بدأ نشاطه الدعوي من أول يوم، فبعد صلاة المغرب بدأ درسه الديني، ونجح في النفاذ إلى القلوب لعلمه وإخلاصه وصدق حديثه فالتفتت الأنظار إليه، ثم ما لبثت أن تعلقت به النفوس.
وفي (حيفا) عمل "القسام" مدرسًا في المدرسة الإسلامية، وفي الوقت نفسه خطيبًا لجامع (الاستقلال)، وانتسب إلى جمعية الشبان المسلمين في (حيفا) سنة (1926م) ثم ما لبث أن أصبح رئيسًا لها، وعُين منذ سنة (1929م) مأذونًا من قبل المحكمة الشرعية، وقد أتاحت له كل هذه الأعمال الاختلاط بالناس والتعرف إليهم، وإقامة علاقات وطيدة معهم، وبناء جسور الثقة معهم، وقابله الناس حبًا بحب وثقةً بثقة، وكان الشيخ المجاهد أهلاً لذلك، فازداد محبوه واتسعت شهرته بين الناس.
في تلك الأثناء كان الخطر الصهيوني يتسع يومًا بعد يوم، وتبرز خطورته دون أن يتصدى له أحد، وكان الإنجليز يتولون حماية المخطط الصهيوني والتمكين له، ولم يكن هناك حل لمواجهة هذا الخطر الداهم سوى المواجهة والجهاد، فلن تُجدي السياسة مع قوم يتخذون الكذب والنفاق والحيلة والدهاء سياسةً ودينًا ووسيلةً للوصول إلى مآربهم.
وكانت هذه السياسة غير خافية على رجل مثل "القسام"، الذي أدرك بجلاء أن العدو الذي يجب محاربته والتصدي له هو الاستعمار الإنجليزي، وأن السبيل إلى ذلك هو الثورة المسلحة والجهاد الدامي وتعبئة الجماهير لتأييد الثورة ومساندتها، وكان "القسام" يعرف هدفه جيدًا بعد أن تجمَّعت لديه خبرات متعددة، فبدأ في تشكيل تنظيم ثوري سري، يُربى فيه المجاهدون ويُعَدُّون إعدادًا عسكريًّا وإيمانيًّا.
الإعداد للثورة على المحتل:
تصف الشيخ "عِز الدين القسام" بقدرة فائقة على التنظيم واختيار الأعضاء، والقيادة وسبل الإمداد والتسليح، والعمل على ربط الجانب الجهادي بالجانب الاجتماعي، فكان يهتمُّ بتحسين أحوال الفقراء ومساعدتهم، ومكافحة الأُميَّة بينهم، وتعميق الوعي بينهم، ساعده على ذلك عمله مدرسًا وخطيبًا وإمامًا ومأذونًا، الأمر الذي هيَّأ له الاتصال بالجماهير واختيار من يصلح منهم للعمل معه في مناهضة المحتل.
وعنى "القسام" بالتنظيم الدقيق للخلايا السرية التي أعدها لمجاهدة الإنجليز، فهناك الوحدات المتخصصة، مثل وحدة الدعوة إلى الثورة، ووحدة الاتصالات السياسية، ووحدة التدريب العسكري، ووحدة شراء السلاح، ووحدة التجسس على الأعداء، وكانت نفقات هذه المجموعات تعتمد على اشتراكات الأعضاء المؤمنين بالعمل ضد المحتل الغاصب.
__________________

أَطْـــ ي َــافْ المَـــ جْ ـــد

حَمَامَةً تَحْمِلُ رِسَالةً لِكَيْ تُوَّصِلَ تَارِيخَ أَرْضَ الرِبَاطْ
عَبْرَ نَافِذَةِ العَالَمْ ..لِنَجْعَلَ مِنَ الأَلمْ أَمَلْ
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19-11-2007, 11:21 AM
الصورة الرمزية * فلسطــ نجمة ــــين *
* فلسطــ نجمة ــــين * * فلسطــ نجمة ــــين * غير متصل
مشرفة سابقة
 
تاريخ التسجيل: May 2007
مكان الإقامة: أينما وجد الظلم فذاك موطني
الجنس :
المشاركات: 1,993
الدولة : Palestine
افتراضي



بداية أعمال الجهاد:
وبدأت عمليات الإعداد تُؤْتي ثمارها، فشهدت المنطقة أعمالاً بُطولية عظيمة، وشهدت في أوائل سنة (1354 هـ = 1935م) جنين ونابلس وطولكرم سيلاً من عمليات صيد الضباط الإنجليز، ونسف القطارات والهجوم على معسكرات الجيش البريطاني، وقتلِ المتعاونين مع الإنجليز، وكانت هذه العمليات تتم في جنح الظلام، وفي فترات متعاقبة غاية في الدقة والتنظيم والسرية، الأمر الذي أقلق القوات الإنجليزية، وبث في قلوبهم الفزع والرعب، وكان من أثر ذلك أن سرت روح الحماسة بين الناس، وقويت فكرة الجهاد بعد أن ازداد أعداد اليهود المهاجرين إلى فلسطين، ومحاباة السلطات البريطانية لهم، ومساعدتهم على التمكين والاستمرار.
"القسام" يعلن الثورة:
ولم يخفَ على الإنجليز ما يقوم به "القسام" من إعداد الرجال للجهاد المقدس، وأنه ليس بعيدًا عن الأحداث التي بدأت البلاد تشهدها، فراقبت تحركاته وضيَّقت عليه، فلم يجد "القسام" بُدًا من إعلان الثورة على المحتل، وأن يكون هو على رأس المجاهدين فاتفق مع أحد عشر مجاهدًا على الخروج إلى أحراش (يعبد) في جنين، وأعلنوا الثورة على الإنجليز، والاستعداد للعمل الجهادي، وتشجيع أهالي المناطق المجاورة على الثورة.
لكن سلطات الإنجليز كشفت أمر "القسام" وعرفت مكانه من جواسيسها، فسارعت إلى قمع الثورة قبل اتساع نطاقها، فأرسلت في (18 من شعبان 1354 هـ= 15 نوفمبر 1935م) قوات عسكرية ووقعت معارك عنيفة بين المجاهدين والإنجليز استمرت أيامًا تكبد فيها الأعداء خسائر فادحة في الأرواح، وفوجئ "القسام" ومن معه بأن القوات الإنجليزية تُحاصرهم في (22 شعبان 1354 هـ= 19 نوفمبر 1935م) وتقطع سبل الاتصال بينهم وبين القرى المجاورة.
استشهاد "القسام" بعد معركة غير متكافئة:
ولم يكن أمام "القسام" ورجاله سوى ثلاثة خيارات، إما الاستسلام المهين أو الفرار استعدادًا لمواجهة أخرى، أو التصدِّي للعدو مهما كانت التضحيات وعدم التكافؤ، واختار "القسام" ومن معه الدخول في معركة ولو كانت غير متكافئة، ودارت معركة رهيبة لمدة ست ساعات بين النفر المؤمن والقوات المحتلة، قُتِل فيها من الإنجليز أكثر من خمسة عشر، واستشهد الشيخ "القسام" مع اثنين من رفاقه في (23 شعبان 1354 هـ= 2 نوفمبر 1936م) واعتقل الأحياء- بما فيهم المجروحون- وقُدِّموا للمحاكمة التي حكمت عليهم بالسجن لمدة تتراوح بين عامين وخمسة عشر عامًا.
وقد أصاب الحادث فلسطين كلها بالألم والحزن، وخرج أهالي (حيفا) ووفود من مختلف أنحاء البلاد يشيعون جنازة الشهداء المهيبة، وتحول "القسام" إلى رمز للجهاد والنضال، وصارت تجدد في النفوس معنى التضحية والاعتزاز بالبطولة، وقد أطلقت حركة (حماس) اسمه على جناحه العسكري باسم " كتائب الشهيد عز الدين القسام " التي تواجه المحتل الصهيوني بعملياتها الاستشهادية، كما أطلق على الصواريخ التي تطلقها كتائب القسام على المغتصبات الصهيونية.
__________________

أَطْـــ ي َــافْ المَـــ جْ ـــد

حَمَامَةً تَحْمِلُ رِسَالةً لِكَيْ تُوَّصِلَ تَارِيخَ أَرْضَ الرِبَاطْ
عَبْرَ نَافِذَةِ العَالَمْ ..لِنَجْعَلَ مِنَ الأَلمْ أَمَلْ
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 19-11-2007, 11:27 AM
الصورة الرمزية * فلسطــ نجمة ــــين *
* فلسطــ نجمة ــــين * * فلسطــ نجمة ــــين * غير متصل
مشرفة سابقة
 
تاريخ التسجيل: May 2007
مكان الإقامة: أينما وجد الظلم فذاك موطني
الجنس :
المشاركات: 1,993
الدولة : Palestine
Icon1

من عز الدين القسام إلى أحمد ياسين
لا أحسب أن إطلاق اسم "كتائب الشهيد عز الدين القسام" على الجناح المسلح لحركة حماس مجرد استلهام لما تختزنه الذاكرة الجمعية الفلسطينية من ذكرى عطرة للشيخ الشهيد عز الدين القسام صاحب المبادرة الاستشهادية المبدعة في أحراش يعبد (قرب جنين) في خريف 1935، وإنما هو في تقديري يعود أيضا لاتخاذ الشيخ أحمد ياسين سلفه المجاهد قدوته في حياته وعلاقاته العامة والخاصة. إذ حين تقارن سيرة الشيخين الشهيدين تتضح أبعاد التماثل الكبير في سيرتيهما، فضلا عن توافقهما في الرؤى والمنطلقات، بل والتماثل الكبير في ظروف استشهادهما وردات الفعل التي أحدثتها أمثولتا الاستشهاد.
فكل من الشيخين عاش وسط أكثر الفئات انسحاقا في المجتمع الفلسطيني، وقدم مثال التمرد على الواقع المأزوم والتطلع لتجاوزه باعتماد الدعوة الجهادية، واضحة الإدراك لطبيعة الصراع مع التحالف الاستعماري-الصهيوني. وكل منهما شغله الشأن العام عن شؤونه الخاصة، ونجح بما أشاعه حوله من صدق الالتزام ووضوح الرؤية في استقطاب تلامذة ومريدين، الاستشهاد في يقينهم سبيل نيل إحدى الحسنيين: تطهير الأرض المقدسة من رجس الغزاة واستعادتها ما عهدته من تفاعل خلاق فيما بين البشر على اختلاف أصولهم وأديانهم ومذاهبهم، أو الارتقاء إلى سجل الخالدين بنضالهم واستشهادهم. وعلى الرغم من محدودية تلامذة القسام ومريديه إلا أن حركته تميزت كيفيا عما كان قائما في فلسطين أواسط ثلاثينات القرن العشرين من تجذر في أوساط فقراء المدن، وبما لا يكاد يتميز عن تجذر حماس في الزمن الراهن.
ولقد كان لاستشهاد القسام ردة فعل جماهيرية تمثلت في موكب جنائزي مهيب في حيفا، حيث حملت نعوش القسام ورفيقي استشهاده: يوسف عبد الله الزيباري وسعيد عطية المصري، على الأكف مسافة خمسة كيلو مترات، اشتبك خلالها المشيعون بالشرطة والجنود البريطانيين دون مبالاة بالرصاص الذي انهال عليهم وتساقط عدد من القتلى والجرحى. وإن كانت عدسات التلفزيون لم تخلد صور مشهد الأمس المهيب بمثل نجاحها بتسجيل مظاهرات الغضب على استشهاد الشيخ أحمد ياسين، التي تفجرت في معظم العواصم والمدن العربية والإسلامية. ولم تخل من القتلى والجرحى في أكثر من موقع. ولم تسلم حتى نيويورك معقل اليهودية العالمية وعرين الصهيونية، من أن يكون لها نصيبها من مظاهرات إدانة جريمة اغتيال الشيخ الشهيد، الأمر الذي لم يتيسر للقسام خارج الدائرة العربية.
ويذكر للزعيم الصهيوني التاريخي "بن غوريون" إدراكه الواعي لاغتيال القسام وتداعياته. وعن ذلك كتب "شبتاي تيبيت"، المؤرخ الصهيوني، في كتابه "بن غوريون والعرب" يقول: تأثر بن غوريون كثيرا من موت الشيخ القسام. إذ كان حتى ذلك الحين على يقين بأن أي زعيم عربي على استعداد لبيع الشعب العربي كله لمصلحته الشخصية. أما الآن فهذه أول مرة يرى فيها أن زعيما عربيا يضحي بنفسه من أجل المبدأ. لذلك سيمنح هذا الحادث العرب قوة أخلاقية غير متوفرة لديهم الآن. بعد ذلك أصبح واضحا لبن غوريون أن هذا الحادث سيجر وراءه حوادث عديدة مماثلة. وأن المئات أو الآلاف الذين على استعداد للتضحية بأنفسهم مثل القسام". كما لم يفت بن غوريون التنبيه إلى أن استشهاد القسام يضع كلا من بريطانيا والحركة الصهيونية أمام نقلة نوعية في الصراع مع عرب فلسطين ومحيطهم القومي، الذي بدأ يعطي تلميحات بأن لا مناص من الدخول في مجابهة مع التحالف البريطاني–الصهيوني.
وفيما يستدل عليه من ردات الفعل الخارجية على استشهاد الشيخ أحمد ياسين، يتضح أنها في الوقت الذي انتزعت فيه من القادة الأوروبيين الإقرار، بما لم يكن يقر به غالبيتهم من حيث مشروعية العمل الفلسطيني المقاوم للاحتلال. إذ لا معنى لقول الرئيس شيراك وغيره من أن اغتيال الشيخ ياسين مخالف للقانون الدولي إذا كان الشيخ الشهيد في نظرهم يمارس دورا إرهابيا. غير أن استشهاد زعيم حماس لم يجد على الجانب الصهيوني نظير بن غوريون في قراءة الواقع العربي، والقدرة على التحرر من النظرة العنصرية للمجتمع العربي وثقافته في استشراف تداعيات عملية الاستشهاد. فشارون تبجح بدوره في عملية الاغتيال، واستقبل إقراره بمسؤوليته التاريخية والأخلاقية عن جريمة الاغتيال بعاصفة من التصفيق في مجلس وزرائه، كما في الكنيست، والذين أيدوا الجريمة قاربوا 61 % في الاستفتاء على ذلك بينما تحفظ عليها 21 %. وفي ذلك كله مؤشر العجز عن إدارك تداعيات استشهاد القائد فلسطينيا وعربيا. وعلى نحو لا يختلف عن عجز الرئيس بوش وأركان إدارته حينما يعتبرون جريمة اغتيال مدني شيخ في مثل حال الشيخ الشهيد دفاعا مشروعا عن النفس!!!
ولم تقتصر ردات الفعل لاستشهاد القسام على الزعامة الصهيونية، وإنما كان لها وقعها شديد التأثير في أوساط الزعامة الفلسطينية في أعلى المواقع. كما يتضح من موقف جمال الحسيني، زعيم الحزب العربي والرجل الثاني في قيادة الحركة الوطنية يومذاك بعد المفتي. إذ بعد زيارته لبيت الزيباري، وما لمسه من فقر عصبة القسام وبؤس عائلاتهم، كتب في "الجامعة العربية" – صحيفة الحزب– يقول: "ثورة القسام ثورة علينا جميعا شبابا وشيوخا وكهولا. إذ يقول كل واحد منا في قلبي إيمان وفي نفسي إخلاص وعزيمة، ولكني مثقل وورائي عائلة كبيرة أخاف عليها إن خرجت أن يتخطفهم الذل والعار والموت، وليس عندي ما يدفع عوادي الزمن. يسمع القسام وصحبه هذا فيثورون عليه ويخرجون... يخرجون عمن؟ عن أعشاش فيها قطع من اللحم كأفراخ العصافير ينتظر كل منها معيله ليلقي في منقاره ما يسد جوعه ويروي عطشه. فيندفع القسام وصحبه من تلك الأعشاش لتثبيت المبدأ، وإحقاق الحق، واعلاء شأن الإيمان. ونحن نرى منهم ذلك لا يسعنا إلا أن نشعر بتبكيت الضمير واحمرار الوجوه، فندعو الله أن ينير قلوبنا بهذا الإيمان".
ويقينا لو أن جمال الحسيني مد الله في عمره، وأتاح له زيارة بيت الشيخ أحمد ياسين بعد استشهاده، لما اختلف قوله عما كتبه عقب زيارته بيت الزيباري، رفيق القسام في استشهاده. وإن كنت أشك بأن غالبية سكان القصور من خلفاء الحسيني في الصفوف القيادية الفلسطينية الأولى لم تدر في خلدهم، وهم يشاهدون حال بيت الشيخ الشهيد، بعض الذي عبر عنه زعيم الحزب العربي ولا شعروا بتبكيت الضمير، ولا أحمرت منهم الوجوه، ولا دعوا في سرهم أن ينير الله قلوبهم بمثل الإيمان الذي كان يستبطنه خليفة القسام.
وحين طوق القسام وصحبه في أحراش يعبد، قرب جنين، صباح الاثنين العشرين من نوفمبر/تشرين الثاني سنة 1935 بنحو 400 شرطي إنجليزي وعربي تصحبهم عناصر من الهاجناه الصهيونية، وطلب إليهم الاستسلام حقنا لدمائهم، قرر الشيخ المجاهد وصحبه صنع أمثولة استشهادية، تشكل رافعة للحراك الوطني وتنتشله من الركود الذي فرضته عليه نزاعات رموزه القائدة، وعليه خاضوا معركة غير متكافئة من حيث عدد الرجال وكفاءة السلاح، فاستشهد القسام وصاحباه، وألقي القبض على جريحين منهم وخمسة آخرين، فيما نجح الشيخ فرحان السعدي وبقية المجاهدين النفاذ من الطوق المحكم بأعجوبة ليشكلوا نواة عصبة القساميين الذين قادوا فصائل الثورة بعد بضع شهور.
ولم يختلف المشهد كثيرا حين توجه الشيخ أحمد ياسين فجر الاثنين الثاني والعشرين من مارس/آذار الجاري لأداء صلاته في المسجد المجاور لبيته، وهو يعرف أن العدو يترصده بطائراته في السماء وعملائه على الأرض، كما قال في أكثر من لقاء تلفزيوني. ولكنه لم يتردد في الخروج، ولا آثر السلامة بالبقاء رهين بيته تحسبا من عواقب الظهور لما لم يكن يجهل انه يترصده. ولكنه كان على يقين تام بأنه مشروع شهيد منذ وضع اللبنة الأولى لمنظمة حماس، وأنه ليس بأفضل من الشباب والصبايا المتسابقين على درب الاستشهاد.
ويقينا أن الواقع بكل أبعاده الفلسطينية والعربية والإقليمية والدولية هو اليوم مختلف كيفيا عما كان عليه يوم استشهد القسام وشكل استشهاده نقلة نوعية في الحراك الوطني الفلسطيني، تمثلت بتفجر ثورة 1936 – 1939 والدور القيادي الذي شغله القساميون فيها. والسؤال المحوري والحال كذلك هل سيشكل استشهاد الشيخ أحمد ياسين مثل تلك النقلة التاريخية، أم أن ذلك صعب تحقيقه في زمن القطبية الأمريكية والعربدة الصهيونية المنفلتة من كل عقال؟
وليس ينكر أن الأمة العربية تبدو لكثير من المحللين الموضوعيين فاقدة المنعة، وأن قدرتها على رفد المقاومة الفلسطينية لا تجاوز التعاطف المعنوي، الذي تجلى في مظاهرات السخط على اغتيال الشيخ الشهيد. كما أن المجتمع الفلسطيني في الأرض المحتلة لا يعاني فقط من محدودية إمكانياته وقدراته والحصار المفروض عليه حتى من عمقه العربي والإسلامي، وإنما أيضا من افتقاده استراتيجية إدارة الصراع، ووحدة القيادة، وتعدد الرؤى ووجهات النظر، وعمق وسعة الاختراقات الأمريكية والصهيونية، فضلا عن الضغوط متعددة الهويات والجنسيات. غير أن في هذا الواقع المأزوم أكثر من معطى جدير بالاعتبار.
وأول هذه المعطيات التمايز الكيفي بين ظرف استشهاد الشيخ ياسين عن ظرف استشهاد الشيخ القسام، والذي له دلالته على واقع المقاومة غداة استشهاد الشيخين. وفي القراءة المقارنة ألاحظ أنه حين توجه القسام وصحبه إلى أحراش يعبد لم يكن يجهل حقائق الواقع المأزوم، وما كان يستهدف تفجير الثورة كما ذهب إلى ذلك العديد من مؤرخي سيرته. وإنما كانت غايته محاولة بعث الحياة في الحراك الوطني، الذي ران عليه الركود في أعقاب مظاهرات سنة 1933 نتيجة احتدام نزاعات رموزه القائدة ومدعيه القيادة. وذلك برغم انعدام التناقضات العدائية فيما بينها لكونها جميعا تنتسب لذات الشريحة الاجتماعية وتتقدم لدى غالبيتها الساحقة مصالحها لدى سلطة الانتداب. فكان اليأس من الركود المخيم والمأزق القائم حافز الشيخ القسام لصنع أمثولته الاستشهادية.
وبالمقابل لا يختلف محللان موضوعيان على أن دوافع شارون لارتكاب جريمة اغتيال الشيخ أحمد ياسين تتمثل أولا بإدراكه وأركان الجيش الصهيوني عجز آلة حربهم بكل جبروتها عن كسر إرادة المقاومة لدى شعب الصمود والعطاء. وتتمثل ثانيا في تصورهم إمكانية صنع حادثة تنتشل التجمع الاستيطاني العنصري من المأزق متعدد الأبعاد الذي دفعته إليه انتفاضة تمتلك معينا لا ينضب من الاستشهاديين والاستشهاديات. وتتمثل ثالثا في محاولة اجهاض التطور النوعي في الأداء المقاوم الذي جسدته عملية اسدود البطولية وما مثلته من تقدم متنام في عمل كتائب الشهيد عز الدين القسام.
فاليأس في حال الشيخ القسام كان عربيا، وموضوعه الركود المخيم على المجتمع الفلسطيني. فيما اليأس في حال الشيخ ياسين إنما هو صهيوني يتصل بالواقع المجتمعي المأزوم على مختلف الصعد. فضلا عن أن القسام لم تخلفه مؤسسة ولم تكن المقاومة في زمانه بأكثر من أحلام تداعب خيال نفر محدود من العمال الفقراء، والذين لم يكن لهم أدنى اعتبار في نظر صناع قرار الحركة الوطنية الفلسطينية يوم ذاك. والتحديات في زمن عصبة القسام لم تكن بأقل مما تواجهه حماس هذه الأيام. الأمر الذي يعني أن احتمالات تحقق النقلة النوعية المأمولة واعدة، وإن كان على المتطلع لاستشراف احتمالات المستقبل أن يأخذ في حسبانه كامل أبعاد المشهد الفلسطيني،
والتي يمكن استعراضها بإيجاز:
فعلى صعيد حماس يحسب في ميزان قدراتها نجاحها في ملء الفراغ القيادي بسهولة ويسر، وما تجلى من وئام القادة الذين تمرسوا بالعمل في حياة الشيخ المؤسس والمرشد الروحي. كما يحسب في ميزان قدراتها نجاحها في ضبط انفعالات عناصرها بحيث لم تقدم على ما كان يتوقعه غير باحث من اندفاع في عمليات ثأرية تكشف العديد من عناصرها في وقت هي غير مستعدة فيه بينما العدو في كامل استعداده، بحيث يتمكن من تحقيق أكثر من ضربة ناجحة. وبعملية ضبط النفس برهنت القيادة الميدانية لحماس على أنها تمتلك كفاءة تحديد نوعية وزمن عملياتها المؤكدة الوقوع.
وعلى صعيد فصائل المقاومة الأخرى يستدل من البيانات الصادرة عنها، أن هناك تحالفا عضويا قائما فيما بين مختلف فصائل المقاومة، وإجماعا على الالتزام بخيار المقاومة، واستعدادا لمواصلة السير على درب الكفاح والاستشهاد، وأن تعدد الفصائل والانتماءات لم يعد مقلقا طالما أن التنافس بات مجاله الوحيد الأداء الأكثر كفاءة في مواجهة العدو.
وعلى الصعيد المجتمعي أوضحت مظاهرات مختلف المدن، والصدامات المتوالية مع قوات العدوان الصهيوني. دون مبالاة بتساقط الشهداء والجرحى، ولا إقامة أدنى اعتبار لتهديدات شارون والإجماع الذي حققه من حوله، أن خيار المقاومة إنما هو الخيار الأكثر شعبية والأوسع قبولا في الشارع الفلسطيني على ارض المواجهة، فضلا عن الأثر المعنوي الذي تركته مظاهرات السخط التي تفجرت في أكثر من عاصمة عربية وإسلامية.
__________________

أَطْـــ ي َــافْ المَـــ جْ ـــد

حَمَامَةً تَحْمِلُ رِسَالةً لِكَيْ تُوَّصِلَ تَارِيخَ أَرْضَ الرِبَاطْ
عَبْرَ نَافِذَةِ العَالَمْ ..لِنَجْعَلَ مِنَ الأَلمْ أَمَلْ
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 19-11-2007, 11:38 AM
الصورة الرمزية * فلسطــ نجمة ــــين *
* فلسطــ نجمة ــــين * * فلسطــ نجمة ــــين * غير متصل
مشرفة سابقة
 
تاريخ التسجيل: May 2007
مكان الإقامة: أينما وجد الظلم فذاك موطني
الجنس :
المشاركات: 1,993
الدولة : Palestine
افتراضي


عز الدين القسام....درة تاج الجهاد
علقت قلبي فوق شجرة ليمون وأرحت روحي داخل أزهارها، وقلت: لعل الشيخ مشى في هذه الحاكورة البحرية، فتطلعني على بعض ما سمعت من بوح الشيخ وشجونه، وأعرف السر الذي صنع منه قيمة ونهجاً. ماست الشجرة طرباً وكأنها استشفت ما يدور في خاطري، وقالت:
ليس في الأمر أسرار‍! ومواقف الشيخ لم تكن فيء شجرة ولا استراحة في بستان، وإنما هي صدق قلب، وثبات جنان، وحبٌّ يتفانى في إرضاء الله، من أجل كرامة الإنسان.
أدهشني عمق الجواب وصدقه، وحفزني إلى أن أتقصى مسيرة هذا الرجل الذي لا أعرف عنه أكثر من أنه رجل ورع تقي، خرج من جبلة وذهب إلى فلسطين لمساندة أهلها في مقاتلة البريطانيين والصهاينة.
بعد عودتي إلى بعض المراجع، وجدت أن القسام هذا الفتى –الشيخ انطلق في سماء العروبة مثل شهاب ثاقب، يحمل في ضوئه النور والنار. النور الهادي لأهله وشعبه، والنار الحارقة للأعداء المحتلين أعداء العروبة والإسلام، فصار للأعداء هدفاً، وللأصدقاء ملاذاً.
وإذا كانت الأرض السورية قد أنجبت على مر الزمان أبطالاً يدفعون الأذى عنها وعن الأرض العربية، فإنه من اللافت حقاً أن يولد في بلدة صغيرة وفي مجتمع فقير مادياً متخلف علمياً، فتى مُطَهَّرٌ من وباء القطرية وممتلئٌ غيرة قومية. فتى تؤرقه مشكلات مجتمعه وهموم أمته، فيتخذ من القرآن وآياته جواز سفر إلى الجهاد في سبيل الله من أجل تحرير الوطن وتنقيته من الفقر والأمية والاستعباد.
إن مشاركة عز الدين في محاربة الانتداب الفرنسي على سورية، والوجود البريطاني والصهيوني في فلسطين أمر غير مستغرب.
فسورية وطنه، وفلسطين جزء من بلاد الشام التي هي كل وطنه. ولكن أن يسعى للذهاب إلى ليبيا ومساندة الأشقاء في مقاومة الاستعمار الإيطالي، فهذا كرم ما بعده كرم، وشهامة ما بعدها شهامة، وتفان في سبيل الله والإسلام لا يماثله غير عمل السلف الصالح من أولياء وصديقين. فالقسام حين بادر إلى تجنيد الشباب من جبلة وغيرها من مدن وقرى الساحل السوري، وتدريبهم على حمل السلاح للذهاب معه إلى ليبيا، كان يرغب أن يبعث الروح في حركة الجهاد المبنية على فكرة وحدة الأمة. لكن رغبة الشيخ لم تتحقق، فقد أخلت الحكومة العثمانية بوعدها له ولم تنقل المجاهدين بحراً من إسكندرونة إلى طرابلس الليبية. وكما قيل، لم ييأس الشيخ وإنما تابع المحاولة، حتى تمكن من مؤازرة المجاهدين في الحد الأدنى ونقل إليهم ما تم جمعه من مال وعتاد.
ما سبق ذكره يسوقني إلى التساؤل، عن سبب تقاعس مدينة جبلة عن تكريم هذا الرجل الظاهرة؟.
أليس حَرِيّاً بجبلة وهي تفتخر بانتسابها إلى سلطان الزهاد إبراهيم بن أدهم الذي يثوي في ثراها، أن تفتخر أيضاً بانتسابها إلى شيخ المجاهدين عز الدين القسام، الذي ولد فيها ودرج على مرابعها، وتصبح جبلة العز الأدهمية؟.
يعد عام 1300ه‍ الموافق 1883م عاماً مميزاً في تاريخ السجل المدني في بلدة جبلة، إنه عام ولادة محمد عز الدين بن محمود القسام. الذي ولد في أسرة فقيرة مادياً متواضعة اجتماعياً، ثرية بإيمانها وذكرها الحسن. وحينما شب عز الدين، رغب والده، على الرغم من ضيق يده، أن يرسله إلى القاهرة للدراسة في الأزهر والتبحر في المعرفة وعلوم الدين.
فانطلق اليافع من ساحل جزيرة أرواد على ظهر مركب إلى الإسكندرية، ومنها إلى القاهرة، حاملاً في ضميره وعداً بالنجاح قطعه لوالده، وفي قلبه محبة وافرة لأهله ورفاقه وبلدته.
أقبل القسام على الدراسة في الأزهر بلهفة العاشق وعقل النابه، وصرف كل يومه متبحراً في أصول الفقه وعلم مصطلح الحديث، عملاً بوصية الحافظ الخطيب البغدادي الموجهة إلى طالب العلم، قائلاً: "إني موصيك يا طالب العلم بإخلاص النية في طلبه، وإجهاد النفس على العمل بموجبه، فإن العلم شجرة والعمل ثمرة".
وإيماناً بهذه الوصية، أمضى حياته معلماً ومتعلماً، يقيناً منه بأن العلم إن لم يتطور يصبح راكداً، وإن لم يبذل للآخرين فلا قيمة له
درس القسام في الأزهر علوم الفقه والتفسير والحديث والأصول واللغة العربية، من غير أن يخضع للبرنامج المقرر على غيره من الدارسين. فكان ينتقل من مرحلة إلى أخرى على قدر جهده وتحصيله من العلوم. فهو لم يهدف من دراسته إلى نيل شهادة تدلل على تضلعه في الدين، بل إلى التفقّه فيه وفهم دلالات ألفاظ القرآن والحديث، ليحقق طموحه ويصبح داعية واعياً ومفكراً متنوراً.
عندما شاهد القسام في أثناء وجوده في مصر قسوة الاستعمار الإنكليزي وتسلطه على الشعب المصري وثرواته، ترسخت لديه قناعة بضرورة مكافحة الإقطاع والتخلص من المستعمر لأنهما في رأيه يمثلان وجهين لعملة واحدة، فالظلم إذا شاع وساد يسحق الإنسان ويدمر العمران. وقد ردته هذه المشاهدات غير الإنسانية إلى بلدته جبلة، وذكرته بما يعانيه أهلها من جهل وأمية وتدن في الأوضاع الاقتصادية.
ولأنه يرى في العلم السبيل الوحيد لتنمية الثقة بالنفس، وللتحرر من الاستغلال الاجتماعي ووباء الذل والمسكنة، بدأ بعد عودته من الأزهر إلى جبلة، مسيرة تحرير الأطفال والعمال والفلاحين من الأمية، يعلمهم أصول القراءة والكتابة ويرشدهم إلى فضائل الدين ومنهجه الاجتماعي السليم.
وما يؤسف له أنه لم يستطع أن يحقق ما كان يطمح إليه، على الرغم من الجهود التي بذلها في هذا المجال، لأن يداً واحدة لا تصفق، ولأن صوته الجريء أزعج الإقطاع، فضاق به وحقد عليه وحاول نفيه إلى إزمير. هذا عدا الأعراف والتقاليد التي تسيطر على الناس، ويصعب اقتلاعها أو حتى تشذيبها.
وهرباً من الحصار والإخفاق قرر القسام السفر إلى الآستانة، وفي نفسه رغبة تحدوه إلى مزيد من التعلم والإطلاع على الجديد من الآراء والأساليب المتبعة في الدروس المسجدية.
فإذا كان الجهاد بالسلاح هو همه الأول، فإن همه الثاني هو تخليص الدين من البدع والشوائب التي شوهت وجهه، بفعل الجهل حيناً والإساءة المقصودة أحياناً كثيرة. لكن مقامه في الآستانة لم يطل، لما لقيه من أمية الناس وعدم معرفتهم اللغة العربية وجهلهم تعاليم الدين حتى البديهي منها. فرجع إلى جبلة وفي نيته البدء من جديد، ففتح مدرسة يدرس فيها اللغة العربية وعلوم الدين، في النهار للأطفال واليافعين وفي المساء للكبار. وفي جامع السلطان إبراهيم يعطي لمن يرغب دروساً في الحديث وتفسير القرآن. في حين جعل حديثه في خطبة الجمعة مقتصراً على حث الناس وتنبيههم إلى ضرورة التعاون والمحبة والعمل المثمر للتغلب على الفقر والبؤس، وعلى توضيح بعض المسائل التي استعصى فهمها عليهم. فكان بهذا العمل المكثف، يعبر عن احتجاج صامت على تردي الأوضاع في المجتمع، من النواحي الثقافية والاجتماعية والسياسية.
إن انغماس القسام في التعليم والعمل الاجتماعي، لم يحجبه عن ممارسة دوره الريادي في محاربة الاستعمار. فبعد الاحتلال الفرنسي لسورية والبريطاني لفلسطين، أحسَّ أن فرصة الجهاد جاءت تسعى إليه. ولا سيما أنه متأثر بأحمد عرابي ومواقفه النضالية في تحرير أرض مصر من دنس الاستعمار البريطاني. وبآراء المصلح المتنور جمال الدين الأفغاني الذي يقول:
"لسنا نعني بالخائن من يبيع بلاده بالنقود، ويسلمها إلى العدو بثمن بخس أو غير بخس، وكل ثمن تباع به البلاد فهو بخس. بل خائن الوطن من يكون سبباً في خطوة يخطوها العدو في أرض الوطن، بل من يدع قدماً لعدو تستقر على أرض الوطن، وهو قادر على زلزلتها". فاتخذ القسام من هذه المقولة تميمة حفزته على إعلان الجهاد ومتابعته.
كان القسام صديقاً للشيخ محمد كامل القصاب، وملازماً له، وقد ساعده بتأمين حاجات الثورة ضد الفرنسيين، الرجال من أهل فلسطين والعمال من المصريين الذين يعملون في حيفا، ومن أهل بلدته جبلة. وعندما ذهب إلى الساحل وأشعل الثورة هناك، باع بيته في جبلة ونقل أسرته إلى الحفة، واشترى بثمن البيت سلاحاً. ودعا كل من يقدر على شراء السلاح أو على حمله إلى الجهاد ومقاومة الوجود الفرنسي في المنطقة الساحلية. وقد تعاون ونسق عمليات الجهاد مع الشيخ صالح العلي والشيخ عمر البيطار في الساحل، ومع الشيخ نافع الشامي وأبيه في إدلب.
وعلى الرغم من الفاقة المادية الخانقة التي كانت تكبل الناس وتحطم معنوياتهم، وتشغلهم عن أي رغبة في التحرر، استطاع القسام بأسلوبه الإنساني وخطبه الحماسية ودروسه الدينية، أن يوقد في قلوب الناس شمعة النضال ويحضهم على مقاومة الشر في النفس وعلى الأرض. وكانت ثورته، الشرارة التي أججت الثورة في منطقة صهيون.
وحينما ارتفعت وتيرة مقاومته هو ورفاقه، ضيق الفرنسيون عليهم الخناق، ووضعوا مكافأة مالية لمن يدل على مكانه أو يمسك به. وعندما عجزوا عن استمالته بالترغيب وعن استسلامه بالترهيب، أصدروا عليه غيابياً حكماً بالقتل.
فترك منطقة الساحل، ولجأ هو ورفاقه إلى جبال صهيون وجعلوها ميدان جهادهم.
وعندما تمكن الفرنسيون من معرفة موقعهم، هاجموهم وقتلوا عدداً منهم وفرقوا شمل الباقين. فضاقت الدنيا بالشيخ، ولم يكن أمامه بدٌّ من مغادرة سورية إلى فلسطين. فعبر الأرض اللبنانية البرية والبحرية، وحط رحاله أولاً في عكا، ثم انتقل منها إلى حيفا التي كانت قاعدة الأسطول البريطاني وترسانة أسلحته. ومن جديد استأنف رحلة النضال العلمية والجهادية، فعلَّم الدين واللغة للعمال والفلاحين، وعمل على تحسين أحوالهم المعيشية.
في حيفا خطب في عدد من جوامعها، واستقر في جامع الاستقلال وتولى شؤونه. فكان يبصر الناس بما يبيته اليهود لهم من شر وتدمير، ويحرك فيهم همة الجهاد ويستنهض في أرواحهم شرف الاستشهاد، ويذكرهم بما يخطط العدو لفلسطين، ويقول لهم: "اليهود ينتظرون الفرصة لإفناء شعب فلسطين، والسيطرة على البلاد، وتأسيس دولتهم".
له درك يا شيخ المجاهدين، كم كانت رؤيتك نافذة، وكم كان حدسك صائباً!
ترى لو بقيت حياً إلى اليوم، هل كنت تضيف شيئاً على ما قلته منذ عقود طويلة من الزمن؟
ومن أعمال القسام الرائدة في فلسطين، أنه استطاع بعد عمل شاق أن يؤسس أول تنظيم جهادي حقيقي، قوامه العمال في المدن والفلاحون في الأرياف. هذه البذرة الطيبة التي أنبتها في أوساط الشعب الكادح، أعطت أكلها في معركة يعبد وفي غيرها من المعارك والهجمات، وأوقعت هزائم في جيش العدو وهددت أمنه.
في عام 1935م استشهد عز الدين القسام، واستمر التنظيم الذي أسسه قائماً عاملاً مدة ثلاث سنوات، من 1936 –1939م، بفضل العمال والفلاحين الذين سموا فيما بعد بالقساميين التزاماً منهم بالإنسان الذي قضى في سبيل قضية مقدسة. فكان لهذا التنظيم دور نضالي بارز في شمال فلسطين، بقيادة خليل محمد عيسى المسمى (أبو إبراهيم الكبير) ومعه: توفيق إبراهيم (أبو إبراهيم الصغير)، ومحمد أبو محمود الصفوري وسليمان عبد الجبار، وعبد الله الأصبح وسواهم. وفي منطقة لواء نابلس، بقيادة الشيخ فرحان السعدي ومعه عبد الرحيم الحاج محمد ويوسف أبو درة ومحمد الصالح الحمد، وسواهم.
لم يكتف القسام بالجهاد المسلح ضد المستعمر والمحتل، ولا بجهاد الموقف ضد الإقطاع، وإنما جاهد بقلمه أيضاً فحارب البدع والضلالات ودعا إلى تركها من أجل تنقية الدين ومفاهيمه. ولا سيما أن تلك الفترة كانت تزدحم بحضور الاستعمار: انتداباً واحتلالاً، والاستعمار في كلا الحالتين يسعى إلى بث التفرقة عن طريق تشويه حقائق الدين وتفاصيلها الصغيرة والكبيرة.
كتب القسام مع رفيقه الشيخ محمد كامل القصاب رسالة قيمة نادرة كان تأثيرها في الناس كبيراً، عنوانها: "النقد والبيان في دفع أوهام خيزران".
يحاول القسام والقصاب في هذه الرسالة، رد الظلم الذي لحقهما من الشيخ محمد صبحي خيزران الحنفي العكي، حين قوَّلهما ما لم يقولاه بشأن رفع الصوت في الجنازة، وبما يتعلق بصلاة التراويح وعدد ركعاتها ووقت أدائها. وأرادا أن يبصرا الناس بما هو صحيح كي لا يسقطوا في بؤرة البدع التي تبعدهم عن جوهر الدين.
ويشيران إلى أن الإمام البركوي يأخذ على العلماء سكوتهم عن البدع، وإنكارهم المحرم فقط. لأن البدعة في العبادة وإن كانت دون البدعة في الاعتقاد، هي منكر في دين الله، وضلالة يجب تركها. وتنطوي البدعة، كما يقول القسام والقصاب، على معنيين:
"معنى لغوي عام هو المحدث مطلقاً، عادة أو عبادة، لأنها من الابتداع بمعنى الإحداث، كالرفعة من الارتفاع والخلفة من الاختلاف. ومعنى شرعي خاص، هو الزيادة في الدين أو النقصان منه."([3])
حيث يصرح:
"بأن الأمة الإسلامية من عهد عمر إلى يومنا هذا، متفقة على كيفية صلاة التراويح المعمول بها الآن، وهو أنها بالإجماع عليها، وأنها في أول الليل، وأنها في العدد الذي يصليه المسلمون الآن في مساجدهم مع أنه لم يقل بهذا الاتفاق أحد."([6])
وينقل القسام والقصاب عن الإمامين الشوكاني والنووي، اللذين يقولان باتفاق العلماء على استحباب القيام بها جماعة. لكنهما يذكران أن مالكاً وأباً يوسف وبعض الشافعية وغيرهم، قالوا: الأفضل صلاتها فرادى في البيت لقول الرسول (ص): "أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته، إلا المكتوبة."([7])
من هذا العرض السريع لبعض ما جاء في الرسالة، نتبين أن الذي دفع القسام إلى المشاركة في كتابتها هو صدقه مع نفسه ورغبته في توعية الناس وتنويرهم، وحضهم على الابتعاد عن البدع في الدين، كي تكون عبادتهم لله خالصة من كل شائبة، فقد رفض القسام الذاكرة الجاهزة، ووقف ضد الصورة القارة في أذهان الناس.
هذا هو عز الدين القسام. رجل عاش رؤية الدين ومفهومه للجهاد، فنذر روحه وزمنه لهذا المفهوم ولتلك الرؤية، وتماهى بهما وجداناً وجسداً. رجل وطني رائد في وطن محتل، معلم في مجتمع جاهل مظلوم، جريء أمام غاز طامع، صريح في محاربة البدع والترهات.
إنه عز الدين القسام، الذي غاب جسداً وبقي فكراً ونهجاً وممارسة.
وصدق فيه قول الشاعر فؤاد الخطيب:
ما كنتُ أحسبُ قبلَ شخصك أمةً
في بردتيه يضمُّها إنسانُ
لم يثن عزمَك والكتائبُ شمرتْ
نصلٌ يشبُّ توقداً وَسِنانُ
هو صيحةٌ ملأ الفضاءَ دويُّها
فَسَلِ العروبةَ هلْ لها آذانُ
أَوْلتْ عمامتُك العمائمَ كلّها
شرفاً تقصرُ عندها التيجانُ
وجعلتَ لاسمِ الشيخِ أرفعَ رتبةً
نبذتْ قديَم عهوِدها الأوطانُ
يا حصنَ يعربَ في ثراكَ موسدٌ
نعمَ الضحية عنكَ والقربانُ
__________________

أَطْـــ ي َــافْ المَـــ جْ ـــد

حَمَامَةً تَحْمِلُ رِسَالةً لِكَيْ تُوَّصِلَ تَارِيخَ أَرْضَ الرِبَاطْ
عَبْرَ نَافِذَةِ العَالَمْ ..لِنَجْعَلَ مِنَ الأَلمْ أَمَلْ
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 19-11-2007, 11:45 AM
الصورة الرمزية * فلسطــ نجمة ــــين *
* فلسطــ نجمة ــــين * * فلسطــ نجمة ــــين * غير متصل
مشرفة سابقة
 
تاريخ التسجيل: May 2007
مكان الإقامة: أينما وجد الظلم فذاك موطني
الجنس :
المشاركات: 1,993
الدولة : Palestine
Icon1



القسام أسس فروع تنظيم عمل الثورة
هو عز الدين عبد القادر مصطفى القسام من مواليد 1883م –جبلة –سوريا.
سافر إلى الأزهر هو وشقيقه فخري عام 1901م حيث تتلمذ على يد الشيخ محمد عبده.
استلم بعد عودته من الأزهر كتّاب والده لتعليم تحفيظ القرآن الكريم وغماما وخطيبا لمسجد المنصوري في مدينة جبلة.
بدأت أولى حركاته الثورية بالتضامن مع الثورة الليبية إبان الاحتلال الإيطالي لليبيا في بداية 1911 حيث قاد أولا مظاهرات تندد بالاحتلال الإيطالي لليبيا حيث كانوا يرددون "يا رحيم يا رحمن غرق أسطول الطليان" وبعدها عمل على تجنيد متطوعين وجمع التبرعات لاسناد الثوار الليبيين وبناء على ذلك جند حوالي 400 متطوع سافر بهم إلى استنبول للسفر من هناك بحرا إلا أن الأتراك منعوهم من المغادرة.عاد بعدها إلى سوريا(جبلة) حيث قام ببناء مدرسة بجزء من أموال التبرعات (تحمل اسم الآن) وسافر برفقة ابن عمه عبد المالك إلى ليبيا عبر مصر حيث قابل الشهيد عمر المختار وسلمه ما تيسر من أموال وتعاهدوا على المضي بالثورة ومقاومة الاحتلال.
وهكذا مع بدء الاحتلال الفرنسي لسوريا عام 1917 قاد وأسس أول ثورة مسلحة ضد الفرنسيين ،وفي محاولة لرشوته عرضوا عليه استلام القضاء والافتاء في سوريا إلا أنه رفض فنظموا له محكمة غيابية حكمت عليه بالإعدام وكان من شدة قمع الفرنسيين للثورة أنهم إذا أسروا أحد رجال القسام يحرقونه حيا!ومع اشتداد ملاحقة الفرنسيين وتضييق الخناق عليه آثر السفر إلى فلسطين حيث وصلها بحرا من جزيرة أرواد إلى حيفا عام 1921وكان ابن عمه عبد المالك مرافقا له في رحلته هذه ولحقت به بعد ذلك زوجته وبناته تهريبا عبر البحر.
عمل القسام لكسب لقمة عيشه كمدرس بمدرسة البرج الإسلامية ومن ثم مأذونا شرعيا وقام بحملة تبرعات بنى على أثرها مسجد الاستقلال الذي تولى لاحقا إمامته والخطابة فيه ،وكان من مؤسسي جمعية الشبان المسلمين وكان اكثر ما يهتم به من احتفالات هو ذكرى تحرير القدس على يد الناصر صلاح الدين حيث كان ينظم احتفالا كبيرا يحضره كثير من الناس ،وكانت معظم خطبه وأحاديثه سواء بالمسجد أو المدرسة تحرض على الجهاد وضرورة مقاومة الاحتلال الإنجليزي وأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة ،
وأسس القسام خمسة أفرع لتنظيم عمل الثورة:-
1ـ فرع الإعلام و الخطابة للتحريض والتوعية وتولاه بنفسه مباشرة.
2ـ فرع لجمع التبرعات وشراء الأسلحة وكان يشرف عليه الشيخ فرحان السعدي.
3ـ فرع المخابرات وجمع المعلومات وتحديد الأهداف كان يشرف عليه الشيخ زيد الذي يعمل في الميناء.
4ـ فرع للتدريب على السلاح حيث أحضر مدربا خاصا من سوريا.
5ـ فرع للتجنيد والعمل العسكري.
عندما شعر القسام بالحاجة الماسة للمال لشراء السلاح أوفد أخاه فخري إلى سوريا حيث قام الأخير ببيع منزلهم في جبلة من أجل شراء السلاح ،سجن القسام أكثر من مرة على يد الإنجليز.
كان يردد باستمرار الحديث الشريف:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا ديس شبر من أرض المسلمين فعلى المرأة أن تخرج دون إذن زوجها وعلى الفتى أن يخرج دون إذن أبيه"،أصدر فتوى تقول بأن الجهاد المحتل الآن أولى من الحج ،طالما الأرض محتلة،فالجهاد ذروة سنام الإسلام..ولم يؤد الشيخ القسام فريضة الحج.
كانت آخر خطبة للقسام في مسجد الاستقلال يوم 10/11/1935م حيث أعلن الثورة وأوضح أن خارج للجهاد ولن يعود لهذه المسجد إلا بعد طرد الإنجليز واليهود من البلاد واشهر سلاحه على المنبر قائلا:"بهذا فقط يتم التحرير والاستقلال.
انطلق القسام من حيفا إلى القرى يرافقه العديد من المجاهدين وكان الإنجليز بإثرهم حيث تمت محاصرتهم أخيرا في أحراش يعبد قرب نزلة الشيخ زيد يوم 19/11/1935م ،وتمت محاصرتهم بحوالي 600 جندي وكانت طائرة حربية تحلق بالأجواء واستمر القتال حوالي سبع ساعات ورفض القسام خلالها الاستسلام حيث كان يرد على دعواتهم:"هذا جهاد نصر أو استشهاد ..يا رفاقي موتوا شهداء.
وهكذا استشهد الشيخ عز الدين القسام مع اثنين من رفاقه ،وجرح آخرون ونفذت ذخيرة المجاهدين..ودفن القسام وزميلاه في حيفا،مقبرة بلد الشيخ.
للقسام أربعة أولاد وثلاث بنات هن :ميمنة،خديجة وعائشة وابن واحد هو محمد وقد ولد في حيفا
الاحتلال يحاول هدم قبر الشيخ القسام :
حاولت سلطات الاحتلال أكثر من مرة هدم مقبرة الاستقلال في بلد الشيخ وهدم وإزالة قبر القسام لكن جماهير فلسطين داخل الخط الأخضر وخصوصا الحركة الإسلامية وعلى رأسها الشيخ رائد صلاح تصدوا لهم وكان المئات يتناوبون على الحراسة ويبيتون داخل المقبرة للذود عنها بارك الله فيهم وجزاهم عن المسلمين والقسام خير الجزاء.
وحتى لو أزالوا المقبرة وهدموا القبر الرمز فإن القسام باق في قلوب الجماهير وعقولها مدرسة للنضال والجهاد عبرة للاحتلال ومفهوم حي لتواصل الأجيال نضاليا وجهاديا حتى التحرير والعودة بإذن الله تعالى
واحد وسبعون عاما مرت على ذكرى معركة يعبد الخالدة التي خاضها الشيخ المجاهد عز الدين القسام مع رفاقه في جبالها في 19/11/1935 . ومنذ ذلك الحين ارتبط اسم جنين بعروة وثقى مع اسم الشيخ الجليل عز الدين القسام السوري المنبت والمنشأ.
الذي حمل المصحف في يد وضم البندقية باليد الأخرى رافعا شعار الجهاد في سبيل الله ومقاومة المحتل لأرض القداسة فلسطين.
__________________

أَطْـــ ي َــافْ المَـــ جْ ـــد

حَمَامَةً تَحْمِلُ رِسَالةً لِكَيْ تُوَّصِلَ تَارِيخَ أَرْضَ الرِبَاطْ
عَبْرَ نَافِذَةِ العَالَمْ ..لِنَجْعَلَ مِنَ الأَلمْ أَمَلْ
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 19-11-2007, 11:58 AM
الصورة الرمزية * فلسطــ نجمة ــــين *
* فلسطــ نجمة ــــين * * فلسطــ نجمة ــــين * غير متصل
مشرفة سابقة
 
تاريخ التسجيل: May 2007
مكان الإقامة: أينما وجد الظلم فذاك موطني
الجنس :
المشاركات: 1,993
الدولة : Palestine
افتراضي



رجل .. رفع هامات الأمة

تمر ذكرى استشهاد الرجل كل عام مروراً عابراً دون الاهتمام والتقدير اللذين يليقان بمكانته.. ولو أن هناك عقولاً تتدبر حال الأمة الذي بلغ منها الهوان مبلغه على أيدي يهود.. لوقفت لذكرى هذا الرجل احتراماً.. الزعماء قبل الشعوب.
ولو أن هناك من يحرص على حراسة ذاكرة الأمة بانتصاراتها المجيدة وأبطالها الذين حفروا بدمائهم تاريخاً ناصعاً.. لأصبح يوم التاسع عشر من نوفمبر كل عام عيداً قومياً يجتمع حوله العرب ليكون من الأيام النادرة التي تجمعهم بعد أن فرقتهم الأهواء .. لكن يبدو أنني أحلم حلماً بعيداً.. فالرجل نفسه لو كان حياً لكان على رأس المطلوبين من أنظمة عربية كثيرة إرضاء لليهود، ولتم تصنيفه على رأس قائمة الإرهاب لأنه هو الذي غرس بذرة الجهاد على أرض فلسطين ضد المشروع الاستعماري الصهيوني.. ومن يومها ترعرعت البذرة حتى صارت اليوم شجرة باسقة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.. وصارت مستعصية على الاقتلاع.

ففي مثل هذا اليوم.. التاسع عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 1935م استشهد الشيخ المجاهد عزالدين القسام وهو ممسك بسلاحه ووسط إخوانه يقاوم الاحتلال الغاصب بجسارة منقطعة النظير .. بينما كانت بعض الحكومات العربية تشارك في حراسة المشروع وتخذّل عنه وتسارع للدخول في هدنة تلو الهدنة حتى اليوم.

بين الحين والآخر أتوقف كثيراً أمام شخصية الرجل، كلما سمعت اسم «كتائب الشهيد عزالدين القسام» وأعيد قراءة سطور حياته الناصعة فأخلص إلى نتيجة واحدة وهي: إن الإيمان بالله سبحانه وتعالى مع العلم من منابعه الصافية النقية مع العمل المخلص لله يصنع رجالاً يعدلون أمماً.. بهم يحيي الله موات أقوام، ويبعث فيهم همة وجسارة وإقداماً، وبهم ينعدل ميزان الحق والقسطاس وبهم تتحرر الأوطان وتصان الأعراض.. وترتفع رايات الإسلام خفاقة.

الرجل كان عالماً ورعاً من علماء سورية «من مواليد قرية جبلة» وداعية من دعاة الإسلام الذين تهتز لهم القلوب قبل المنابر.. كان عالماً عاملاً، وكان من قواد الثورة على الاستعمار الفرنسي، وعندما طارده الاستعمار الفرنسي في سورية غادرها في مطلع عشرينيات القرن الماضي مع شقيقه إلى مدينة «حيفا» في فلسطين وهناك اتخذ من المسجد الكبير مقراً يلقي فيه دروسه اليومية التي تركزت على مشروعية الجهاد في سبيل تخليص الأوطان من الاحتلال، وإعلام المسلمين بأن الجهاد العملي والقتال الصادق هو خير منطق يجابه الأعداء الذين يهاجمون أرضنا ويدنسون مقدساتنا.

ومن هذه الدروس انتقى تلامذته من الشباب والرجال الذين كانوا يلتفون حوله ويتفاعلون مع دروسه وكلماته، وكوَّن أول كتيبة للجهاد عرفتها أرض فلسطين. وانطلق في أوائل عام 1935م من المثلث العربي «جنين ـ نابلس ـ طولكرم» ومن هذا المثلث انطلقت أول شرارة للجهاد ومنه سرت روح الجهاد إلى أنحاء فلسطين، لكن قوات الاحتلال الإنجليزي ومعها الصهاينة سارعوا إلى إطفاء جذوة تلك الشرارة، فحاصروا الشيخ ومعه إخوانه المجاهدين في غابة «يعبد» بمنطقة جنين.ودارت معركة فاصلة استشهد فيها الشيخ 25 تشرين الثاني نوفمبر1935م..

وذهب القسام إلى ربه شهيداً بعد عام إلا قليلاً من الجهاد، وظن اليهود أنه تم وأد شرارة الجهاد في مهدها، لكن قطرات الدماء التي تفجرت من جسده الطاهر روت أرض «جنين» وسرت من تحت الأرض لتنبت شجرة الجهاد الصلبة وتحولت شرارتها إلى نيران تحرق العدو كل يوم..

لقد استشهد عز الدين في عام 1935م فأشعل استشهاده الثورة الكبرى في عام 1936م التي استمرت ثلاث سنوات ولم يطفئها إلا نداء الزعماء العرب الذين انخدعوا بوعود بريطانيا.
واستشهد عز الدين عام 1935م لتولد من جديد عام 1987م بنفس الاسم «كتائب الشهيد عزالدين القسام» .. التي عدلت الميزان.. ميزان القوة.. وميزان الرعب مع عدو لا تجدي معه إلا القوة.. ولا يرغمه على الاعتراف بحق إلا الرعب.

ألا يستحق الشهيد عز الدين القسام تكريماً يليق به؟! يكفي الرجل أن من يعرف قدره وهم يتكاثرون مع مرور السنين.
رائد المجاهدين في بلاد الشام في العصر الحديث
الشيخ المجاهد الشهيد عز الدين القسام: "هذا جهاد نصر أو استشهاد"

ليسوا سواء من علم ولم يعمل بما علم ، ومن علم وعمل بما علم ، وجاهد في سبيل الله منذ وعى معنى كلمة الجهاد ، ومكانه الجهاد والاستشهاد في الإسلام وعند الله الذي أمر الرسول القائد بالجهاد وجعله ذروة سنام الإسلام كما ورد على لسان النبي العظيم محمد صلى الله عليه وسلم ، و إلا فالعلماء والمشايخ والمثقفون كثر ، وقليل منهم الشكور الذي يشكر ربه على ما أعطاه من علم بالعمل به ، وليس بمجرد كلمات يلوكها لسانه الذرب في المجالس والمحافل والمؤتمرات ، وعلى المنابر الإعلامية والإعلانية.

ومن هنا تأتي أهمية الكتابة عن الشيخ المجاهد الشهيد عز الدين القسام، رائد المجاهدين في بلاد الشام في العصر الحديث ، وربما كان رائدهم في سائر بلاد المسلمين.

قاعدة انطلاق للنهوض بالأمة:
لقد امتلأت نفسه بحقائق الإسلام وقضايا المسلمين ، فجعلت منه شخصية فذة تتمثل الإسلام عقيدة وأخلاقاً وسلوكاً كفاحياً ، فكان – من بعد – حرباً على الجهل والفقر والظلم والتبعية والتخلف والخرافات والبدع ، وداعية إلى الالتزام بالإسلام المصفى ملاذاً وحيداً ، وقاعدة انطلاق للنهوض بالأمة ، وتحدي أعدائها ، والتصدي لألوان الغزو الفكري والحضاري والعسكري الصليبي – الصهيوني اليهودي.

العودة إلى الوطن :
بهذه الشخصية الثائرة على كل أشكال التخلف عاد الشاب الشيخ عز الدين إلى بلدته (جبلة) التي تغفو على الشاطئ الشامي ، دون أن تقوى تلك الأمواج على إيقاظها من سباتها ، مثلها مثل كل المدن والبلدات والقرى في العالم الإسلامي الذي استنام ثم هجع في أحضان التخلف وانعدام الوعي ، ولكن شخصية القسام كانت الأقوى ، فأيقظت البلدة من سباتها العميق ، أيقظتها كلمات نسيتها وذكرها بها الشيخ الشاب بخطبه الواعية المستنيرة ، وبدروسه في مسجدها الكبير الذي يؤم المصلين فيه ، ويعظهم ، ويخطبهم ، ويدعوهم إلى إرسال أولادهم إلى المدرسة التي يعلم فيها نهاراً ، وإلى مجيء الأميين منهم ، وأكثرهم أميون ، مجيئهم إلى المدرسة ليلاً ، ليعلمهم ، لوجه الله تعالى ، القراءة والكتابة والقرآن العظيم.

لم يكتف الشيخ الشاب بهذه الدعوات في المسجد الذي غدا إماماً فيه ، بل انطلق يغشى المضافات والمجالس ، يسهر معهم ، ويتحدث إليهم ، يعلمهم أمور دينهم ، ويفتح عقولهم وقلوبهم وعيونهم وآذانهم على الواقع المزري الذي يرتعون فيه.. كان يهاجم الجهل والفساد والظلم والواقع عليهم ، ويندد بالظالمين من أصحاب الأملاك والمزارع الكبيرة الذين يسومونهم سوء العذاب ، يشغلونهم ونساءهم وأطفالهم في مزارعهم ، ثم يلقون إليهم فتات الطعام ، وبالي اللباس.

نفذت كلمات الشيخ الشاب إلى عقولهم وقلوبهم ، فبادروا إلى إرسال أولادهم إلى مدرسته ، وصاروا هم تلاميذ المدرسة الليلية ، وصاروا يغشون دروسه وخطبه المسجدية ، فأحسوا أن لهم كياناً وشخصية وكرامة ، وشعروا بالظلم الواقع بهم ، وتململوا ، وأفصح بعضهم عن معاناته ، فثارت ثائرة كبار الملاك ، وعرفوا أن القسام الشيخ هو الذي حرك النيام بأفكاره التي لامست قلوبهم ، وأثرت بهم ، وجمعتهم حوله ، فثار الإقطاعيون على الشيخ ، وحاولوا الدس عليه لدى الاتحاديين العلمانيين مثلهم ، وهددوا الشيخ الشاب ، ولكن هيهات هيهات أن ينثني أو يتراجع من عرف الإسلام ، وتشبع بروحه التي قررت التكريم والكرامة لنبي آدم.

الانطلاق :
انطلق الشيخ يستقطب الفلاحين والعمال والفقراء ، بما أوتى من الصدق والإخلاص والوعي ، ومن براعة الحديث ، وتواضع النفس ، ودماثة الأخلاق ، وكياسة التعامل ، واستقامة السلوك ، وتوثب الروح ، واستنارة البصيرة ، ومن تسام عما يقتتل حوله الناس ، ويتزاحم الطامعون والطامحون في الاستيلاء على الحطام ، ومن زهد بما في أيدي الناس ، ومن تقشف في حياته البيتية ، وفي طعامه ولباسه ، ومن تضحية بالمال والوقت والجهد والراحة ، ومن جرأة في قول الحق ، ونصر المظلوم ، ومن استعلاء على المستكبرين وأصحاب النفوذ ..

كان الفقراء – وأكثرهم من أتباع الدعوات – يرون فيه القدوة والعالم المحبوب ، والصديق الصدوق ، كانوا يرونه واحداً منهم ، فهو يزورهم في بيوتهم المتواضعة، وفي مزارعهم وقراهم وأماكن عملهم ، يشاركهم في أعمالهم ، ويؤاكلهم على موائدهم البسيطة ويحضر أعراسهم وأفراحهم ، ويظهر الحزن عليه في مآتمهم وأتراحهم ومصائبهم ، ويساعد من يستطيع مساعدته منهم ، يبذل جهد المقل ، فأحبوه ، واستمعوا له وأطاعوه ، وصار مثلاً أعلى لهم ، فقد كان بحق ، قدوة عملية لهم ، لا يكتفي بالكلام المعسول ، بل يقرن كلامه بالعمل ، وربما سبق عمله قوله ، وبهذا تميز من سائر من عرفوا من المشايخ والوجهاء والزعماء.

جهاده :
كان الشيخ عز الدين ابن زمانه ، يعرف ما يحيط به وبإخوانه المسلمين في كل مكان ، وأن المسلمين أمة واحدة ، وجسد الواحد ، إذا اشتكى شعب منهم ، وجب أن يتداعى سائر المسلمين لنصرة ذلك الشعب ، بعيداً كان أو قريباً ، ولهذا كان جهاده يمتد إلى المكان الذي يطوله بجهده ويده ولسانه.

1- ضد الإنكليز في مصر : فقد سمع الكثير عن جرائمهم ومظالمهم ، كما شاهد الكثير بأم عينه ، وعرف الكثير من أحاديث مشايخه وزملائه طلبة العلم ، فامتلأت نفسه كرهاً لهم ، وحقداً عليهم ، وانطلق لسانه يذمهم ، ويدعو إلى محاربتهم وإخراجهم من مصر.

2- وعندما هاجم الإيطاليون طرابلس الغرب،عام 1911 ثار القسام ، وخطب ضدهم ، واستنفر أبناء الساحل السوري لقتالهم ، فتجمع معه بضع مئات من المقاتلين ، وجمع الأموال لشراء السلاح ، وتسليح المقاتلين ، والإنفاق عليهم وعلى أسرهم ، وكلهم من الفقراء ، كان القسام يقود المظاهرات في اللاذقية وجبلة وسائر المدن والبلدان الساحلية ، ويدعو الناس إلى التطوع من أجل الدفاع عن طرابلس واختار من المتطوعين مائتين وخمسين متطوعاً ، وسافر بهم إلى ميناء الإسكندرونة ، وأقاموا في الإسكندرونة أربعين يوماً ينتظرون السفينة التي ستقلهم إلى ليبيا ،

كما وعد الخليفة العثماني وبابه العالي ،ولكن الاتحاديين(القوميين العلمانيين الطورانيين الذين كانوا الحكام الفعليين للدولة العثمانيين) نكصوا وتخاذلوا أمام إيطاليا، وحالوا بين الشيخ المجاهد وجنوده المتطوعين ، وبين السفر من أجل القتال والدفاع عن ليبيا ، فعاد الشيخ القائد بمن معه إلى (جبلة) وبني مدرسة بالمال الذي كان جمعه ، وتابع مهمته التعليمية والتربوية فيها : يعلم الصغار في النهار ، والكبار في الليل.

3- وعندما احتل الفرنسيون الساحل السوري عام 1918 نادى القسام بالثورة عليهم ، وباع بيته الذي لا يملك سواه ، واشترى بثمنه أربعاً وعشرين بندقية، وخرج بأسرته إلى قرية (الحفة) في جبل صهيون ، والتحق بمن معه من تلاميذه المجاهدين إلى الثورة التي قادها المجاهد عمر البيطار في جبال اللاذقية ، وانطلق إلى القرى يدعو الناس إلى الالتحاق بالثورة لمقاتلة الفرنسيين وطردهم من البلاد التي احتلوها ، وكان المسجد منطلقه في كل قرية وبلدة ومدينة ، وبهذا أعاد القسام إلى المسجد دوره ووظيفته الجهادية ، كما كانت أيام الرسول القائد ، وخلفائه الراشدين فمن بعدهم من القادة الفاتحين.

كان القسام حركة دائبة لا تهدأ ، يتصل بقادة الثورات في المناطق السورية ، ويغير على الدوريات والحاميات الفرنسية ، وينسق بين المجاهدين في حلب وجبل الزاوية ودمشق ، يساعده في ذلك الشيخ المجاهد كامل القصاب الذي كان يمده بالسلاح والمال ، ويجعل من نفسه نقطة الوصل مع الثوار الآخرين.

وعندما علم القسام أن الفرنسيين سوف يجتاحون سورية ، ويحتلون دمشق ، سارع مع صاحبه الأثير (القصاب) إلى دمشق ، وشارك في معركة ميسلون ، وكانت معركة غير متكافئة ، وعرف تخاذل الطامحين إلى الحكم ، الطامعين فيه بأي سبيل ، فأسرها في نفسه لقابل الأيام.
عاد القسام إلى جبال اللاذقية ليتابع كفاحه الدامي ضد الغزاة الفرنسيين ، ولكنه وجد المجاهدين في أسوأ حالاتهم ، فقد نفد ما عندهم من زاد وعتاد أو كاد ، وانقطعت الإمدادات التي كانت ضئيلة وغير مناسبة للمهمات الكبيرة التي تصدوا لها ، وغادر بعضهم إلى تركيا ، واستسلم آخرون لليأس ، فعادوا إلى أعمالهم محبطين ، ومع ذلك ، صمم القسام على متابعة الجهاد والقتال مع من بقي معه من المجاهدين.


__________________

أَطْـــ ي َــافْ المَـــ جْ ـــد

حَمَامَةً تَحْمِلُ رِسَالةً لِكَيْ تُوَّصِلَ تَارِيخَ أَرْضَ الرِبَاطْ
عَبْرَ نَافِذَةِ العَالَمْ ..لِنَجْعَلَ مِنَ الأَلمْ أَمَلْ
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 19-11-2007, 12:20 PM
الصورة الرمزية * فلسطــ نجمة ــــين *
* فلسطــ نجمة ــــين * * فلسطــ نجمة ــــين * غير متصل
مشرفة سابقة
 
تاريخ التسجيل: May 2007
مكان الإقامة: أينما وجد الظلم فذاك موطني
الجنس :
المشاركات: 1,993
الدولة : Palestine
افتراضي



إغراءات :
حاول الفرنسيون إغراءه ، ولكن هيهات لمن باع نفسه لله ، أن يستجيب لمغريات الدنيا ، فقد نوى الشهادة في سبيل الله ، فماذا يستفيد من ذهب الدنيا وما فيها من متع ومتاع ؟


وعندما لم يستجب للإغراء ، ولا تمكنوا منه في ساحات القتال، رغم الأعمال الوحشية التي ارتكبوها بحق الفلاحين الفقراء الذين كانوا يتعاونون مع القسام ، ويؤون رجاله ، اجتمع (الديوان العرفي) في (دولة العلويين التي كانت قائمة أيام الانتداب الفرنسي) وحكم على القسام وبعض رجاله المقربين منه بالإعدام ، ووضعوا مكافأة كبيرة لمن يدل عليه ، قدرها عشرة آلاف ليرة.


عندها نصحه صديقه القصاب بالرحيل إلى فلسطين ، لمتابعة الجهاد هناك ، حيث الأرض المقدسة أسيرة محتلة من قبل الإنكليز وقائدهم الجنرال اللنبي الذي قال بعد أن احتلها : (الآن انتهت الحروب الصليبية) وتذاكرا وعد بلفور المشؤوم بإقامة دولة يهودية على أرض فلسطين التي قرر الإنكليز وتعهدوا أن تكون وطناً قومياً لأعدى أعداء المسلمين والإنسانية : اليهود ، وسوف يمكنونهم في فلسطين ، والجهاد هو الجهاد في أي أرض مسلمة يجتاحها الغزاة ، في مصر ، وفي طرابلس الغرب ، وفي بلاد الشام ، وقبلها فلسطين والقدس والمسجد الأقصى فالإنكليز أساس البلاء ويجب محاربتهم وطردهم من فلسطين قبل أن يستفحل خطر اليهود ويتمكنوا من الأرض المقدسة التي باركها الله وبارك ما حولها.

4- الكفاح الدامي في فلسطين: غادر القسام عرينه في جبال اللاذقية ، وتوجه إلى بيروت ، ومنها إلى فلسطين ، يصحبه ابنا أخيه ، ورفيقا درب جهاده ، الحاج عبيد ، والحنفي ، وسكنوا قرية (الياجور) قرب حيفا في بيوت من تنك ، كان هذا أواخر عام 1920 ، ثم انتقلوا إلى حيفا ، وصار إمام مسجد الاستقلال وخطيبه المفوه الذي استقطب المصلين الذين كانوا يفدون إليه من الأحياء ، والقرى المجاورة ، ليستمعوا إلى هذا الشيخ الوافد من سورية الشمالية ، ويدور على لسانه كلام جديد لا عهد له به وبأمثاله ، كلام لا يعرفه كل من استمعوا إليه من الخطباء ، كلام يتجاوز الآذان ليستقر في العقل والقلب.

أدرك القسام أن الحرب الصليبية الجديدة ستكون أضرى من سابقاتها ، وأن اليهود سيكونون طلائعها ووقودها ، وهذا يعني أن يعد للأمر عدته ، فليس هؤلاء كأي استعمار لأي بلد مسلم ، ولا يلبث أن يزول ، إن استعمار اليهود استيطاني خبيث ، سوف يتشبث في الأرض ، ويحرق ما عليها ، من أجل أن يبقى فيها.

المهمة شاقة : فالمعركة بين علم وجهل وبين غزاة جاؤوا مسلحين بأحدث أنواع السلاح ، وأغنياء ، ولهم أهداف بعيدة ، وماكرون خبثاء ، والمسلمون جهلة متخلفون فقراء ، وليس معهم سلاح يقاومون به الغزاة ، وزعماؤهم متناحرون على المناصب ، منكبون على الشهوات والمتع الرخيصة ، يكيد بعضهم لبعض ، ويتزاحمون على أبواب المستعمرين يقدمون لهم فروض الطاعة والولاء ، وينفقون أموالهم على الغواني من اليهوديات الساقطات.

إذن لا بد من وضع خطة محكمة ينفذها في كفاحه المرير ، ويتعهد تلاميذه ورجاله بتنفيذها من بعد موته ، لأن المعركة طويلة طويلة.

كان من أولويات خطته ، أن يدرس الساحة التي سيتحرك عليها دراسة بشرية وجغرافية ، وهذا يعني أن يكون مع الناس ، وأن يقيم صلاة عميقة معهم من خلال المسجد والمدرسة ، فعمل إماماً وخطيباً لجامع الاستقلال ، وأقام مدرسة كتلك التي أقامها في بلدته (جبلة) لتعليم الصغار والكبار ، يعلمهم فيها ويعظهم ويربيهم وينقلهم إلى ساحة الوعي بدروسه بعد الصلوات ، ثم عمل مأذوناً شرعياً ، ورئيساً لجمعية الشبان المسلمين التي أنشأها في حيفا ، وفتح فروعاً لها في عدد من القرى المحيطة بها ، وبهذا كان الغطاء كافياً ليتصل بسائر الناس ، وكلهم من العمال الذين يعملون في الميناء ، أو الفلاحين الفقراء الذي يعملون في أراضيهم أو أراضي المزارعين الكبار.


كان القسام يزورهم في بيوتهم المتواضعة ، ويسهر معهم ويقص عليهم القصص الهادفة من حياة النبيين والصالحين والمجاهدين الفاتحين ، ويزرع في قلوبهم الإيمان الصحيح ، ويثير فيهم النخوة والكرامة وإباء الضيم ورفض الظلم والبغي ، فأحبه الفلاحون والعمال وسائر الفقراء ، أما الزعماء والوجهاء والأغنياء ، فقد كانت علاقاته بهم جيدة ، ولكنه كان حذراً منهم ومن صلاتهم بالإنكليز واليهود ، فلم يطلعهم على ما يدور في خلده ، لأن مطامحهم غير ما يدندن القسام حوله ويدعو إليه ، وبهذا بعد عن شرورهم وإيذائهم إلى حد ما ، وأمن مكرهم.

مدرسة القسام :
إنها مدرسة الرسول القائد ، صلى الله عليه وسلم ، مدرسة جمعت بين التربية والجهاد ، فهر يربي أبناءها على حب الموت في سبيل الله ، والجهاد من أجل نصرة دينه ، وتحرير مقدساته ، وكل الأرض الشامية مباركة مقدسة ، بل كل بلاد المسلمين تفرض علي المسلمين أن يذودوا عنها عدوان المعتدين ، وأن يبذلوا في سبيل تحريرها من أيدي الغاصبين كل غالٍ نفيس ؛ لذلك رأينا القسام يبيع بيته في (جبلة) ويشتري به سلاحاً يوزعه على المجاهدين لقتال الاستعمار الفرنسي ، وتحرير سورية الشمالية منه ، وطرد جيشها المحتل لأرضها.

وفي حيفا وفر ما استطاع من مال ، واشترى به السلاح ، ودرب المجاهدين عليه ، ثم سلحهم به .. طاف كثيراً من القرى ، وتعرف إلى الناس ، واصطفى منهم صفوة اعتمد عليهم ، ورباهم على الدين والفضيلة ، وعلى الزهد والعفة ، وعلى حب الإسلام ونبي الإسلام ، وعلى الجهاد سبيلاً للتحرير ، وعلى حب الموت في سبيل الله ، وترك المظاهرات والمؤتمرات والمفاوضات للزعامات اللاهثة وراء الحلول السلمية والاستسلامية ، وترك لهم الشعر والشعراء ، والخطب (العصماء) والعواطف البلهاء ، وأكب على التخطيط والعمل والتنفيذ بسرية وكتمان وعمل دؤوب لتكوين نواة حركة جهادية ، وسهر عليها ، ولم يضع شيئاً من الوقت ، ولم يبخل بمال أو جهد أو راحة عليها ، فقد كان يعلم أنه في سباق مع الأعداء ومع الزمن ، مع وعي تام لكل ما يتطلبه السباق من أسس علمية سليمة ، ومن مبادئ إسلامية تحدد له الغاية والأهداف والوسائل النظيفة المتاحة على أرض المعركة.

لقد بذل القسام من الجهد والوقت والمال كل ما كان عنده ، ولم يستبق منه لنفسه ولأسرته شيئاً .. كان يخرج مع تلاميذه ليلاً يخرجهم إلى الخلاء إلى المقالع الحجرية التي جند أكثر العاملين فيها ، ومعه المدرب والمدربان ، ليعلموا المجاهدين فك السلاح ، بارودة كان أم مسدساً ، وعلى تركيبه ، وعلى تنظيفه وصيانته ، وعلى استخدامه والتصويب به بدأ من نقطة الصفر معهم ليكون البناء سليماً قائماً على أسس سليمة ، حتى يدوم ويستمر إلى ما شاء الله ، إلى النصر والتحرير.

وكان تلاميذه يزدادون تعلقاً به ، وحباً له ولما يدعو إليه ، فقد رأوا فيه القدوة العلمية ، والمسلم الحق الذي يطابقون بينه وبين ما علمهم وما عرفوا من سمات القادة الربانيين.
كان القدوة في التضحية والبذل والعطاء ، كان لله وفي الله ، فكانوا كذلك معه ، ولهذا تحملوا حزمه وشدته في التدريب على السلاح في سائر الأحوال ، وعلى الاخشيشان والمشاق.. يأمرهم أن يخلعوا أحذيتهم ويمشوا حفاة فوق الأشواك والصخور ، وأن يتسلقوا الأشجار والجبال ، فتكون المسارعة إلى طاعة الأوامر بحب وطيب ونفس.. يأمرهم بالنوم في العراء في الليلة الباردة والمطيرة ، ويمنعهم من تناول الطعام والشراب ، فينامون بلا وطاء ولا غطاء ، ولا طعام ولا شراب ، استعداداً لما سوف يستقبلهم ويستقبلونه من أيام عوابس ، وليال عجاف وكان من أقسى ما يؤمرون به ، أن يناموا في بيوتهم على الحصير ، وزوجاتهم ينظرن إليهم يفعلون هذا مرة مرتين في الأسبوع ، ويطلبن تفسيراً لهذا التصرف الغريب ، وكأنه هجران في المضاجع ، فيسكت الواحد منهم ، ولا يستطيع إفشاء السر الذي ائتمنه عليه الشيخ القائد الآمر.

كان المبدأ الذي يعتمده شعاراً وسلوكاً ، ويأمر خاصته به : علنية الدعوة ، وسرية التنظيم ، وعلى هذا نشط في زيارة القرى ، والاحتكاك بأهلها ، يلقي دروسه ومحاضراته في مسجدها ومضافاتها وفروع جمعية الشبان المسلمين التي يرأسها، وكانت كلماته تشق طريقها إلى القلوب فتأسرها ، تعلمهم الإسلام وما ينبغي أن يتحلى به المسلم من عزة وكرامة وإباء ، وكيف يدافعون عن أنفسهم وأرضهم وعرضهم ودينهم ضد الغزاة من اليهود والإنكليز المستعمرين المحتلين ، وكان في الوقت نفسه ، يعرف كيف يختار أعوانه ومساعديه ممن يتوسم فيهم الإيمان وما يستتبعه من صدق وإخلاص وتضحية وجهاد في سبيل الله ينظمهم ويفكر معهم في الطريقة المثلى للتحرك في مناطقهم بسرية وكتمان حتى استطاع أن يبث القيادات ويوزعهم في كثير من القرى والبلدات والمدن الفلسطينية ، بل وصل تنظيمه هذا إلى مدينة اللاذقية في سورية ، لتكون قاعدة التسليح فيها.

وهكذا استمر خمسة عشر عاماً يخطب ويحاضر ويحض على الجهاد، ويحث على التضحية والبذل والجود بالمال والروح، وكان يشتري الساحل سراً، ويدرب عليه من وقع اختياره عليه من الأتباع، ثم يأمر أعوانه بتدريب من يرونه أهلاً لحفظ السر والكتمان، على السلاح وعلى القتال، ويأمر من يلقاه من أصحاب الحمية والدين باقتناء السلاح،

تمهيداً للقيام بثورة حدد أهدافها الثلاثة مسبقاً وهي :
1- تحرير فلسطين من الاستعمار الإنجليزي الذي يعد العدو الأول للفلسطينيين ولسائر المسلمين ، لأنه وعد اليهود بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين عبر وعد بلفور المشؤوم عام 1917م وسمح بهجرة عشرات الآلاف منهم إليها ، ودرب شبابهم ، وسلحهم ، وتغاضى عن السلاح الذي كانوا يستوردونه من أوروبا وروسيا.

2- الحيلولة دون تحقيق آمال اليهود في إنشاء وطن قومي لهم في فلسطين وإنشاء دولة يهودية على أرضها ، مهما كلفهم من جهد ودماء وأموال ومتاعب.

3- إقامة دولة عربية إسلامية في فلسطين ، تكون نواة لدولة الواحدة التي تجمع العرب والمسلمين وكان شعاره في حركته : (هذا جهاد .. نصر أو استشهاد) يدور على ألسنة المجاهدين في فلسطين.
كان الشيخ عز الدين يعمل في سرية وتكتم ، ولا يطلع على خطته إلا خاصة أعوانه ومساعديه الذين كانوا يخططون معه للعمليات التي ينفذونها ضد ثكنات الإنجليز ، ومستوطنات اليهود القادمين من الخارج ليلاً ، ثم يعودون إلى أعمالهم نهاراً ، ويستأنفون أعمالهم العادية ، فلا ينتبه لهم أحد.

جهاد فاستشهاد :
كانت عيون الإنجليز واليهود مفتوحة على الشعب ، ثم تركزت على الشيخ عز الدين ، وقد استدعته سلطة الاحتلال الإنجليزي وحققت معه أكثر من مرة ، وكان في كل مرة مثال العالم المجاهد الشامخ بعلمه وعمامته ، يقارعهم الحجة بالحجة ، ولا يخشى سجونهم وما فيه من بلاء.

ولما عرف الشيخ أن وضعه قد انكشف ، وعرف أعداؤه بعض ما قام به ، وما يخطط للقيام به ، خرج بأعوانه إلى جبل جنين ، لتثوير الفلاحين وتدريبهم على حمل السلاح ، ومناجزة الإنجليز واليهود ، وقبل أن يتحرك الشيخ وأعوانه لتنفيذ ما انتووا القيام به ، كشفت سلطات الاحتلال مكانه ، فحشدت أكثر من مائة وخمسين شرطياً بريطانياً وعربياً ، وحاصرته في حرش (يعبد) صباح 20/11/1935 من ثلاث جهات ، وكان بإمكان الشيخ وإخوانه أن يهربوا ، ولكنه أبى الفرار من المعركة التي فرضت عليه ، وقرر خوضها مع علمه بأنها معركة غير متكافئة ، من حيث العدد والعدد والتدريب والمكان ، فقد كان الشيخ وإخوانه في الوادي ، وكان المهاجمون المحاصرون في الجبل.

كان القائد الإنجليزي وضع الشرطة العرب في ثلاثة صفوف أمامية ، فكانوا يتقدمون الحملة ، وكان قد أوهمهم أنهم يهاجمون عصابة من اللصوص وقطاع الطرق ، فأمر الشيخ أخوانه بألا يقتلوا أحداً من الشرطة العرب الذين كانوا يتقدمون نحو المجاهدين ، وهم لا يعرفون أنهم يقاتلون الرجل الذي يحبون إلى أن أحيط بالشيخ وإخوانه فطلب قائد الحملة من الشيخ أن يستسلم وإخوانه ، لينجوا من الموت المؤكد ، فأجابه الشيخ الذي يرى الموت ماثلاً أمامه : (هذا جهاد في سبيل الله ، ومن كان هذا جهاده ، لا يستسلم لغير الله( ) يبدو أن الأمر كان لا يتحمل المناورة والتكتيك السياسي في ذلك الموقف) ، ثم التفت إلى إخوانه وهتف بهم : "موتوا شهداء".

فمات الشيخ وأربعة من إخوانه شهداء ، وجرح اثنان ، وأسر أربعة ، بعد ست ساعات من القتال الضاري ، أظهر فيه الشيخ وإخوانه بطولة نادرة ، وكانوا أمثلة حية تحتذى في التضحية والإخلاص لله والأمة والوطن ، وكان لاستشهاد الشيخ وإخوانه دوي هائل في فلسطين خاصة وبلاد الشام عامة.
ودفن الشيخ عز الدين في قرية (الشيخ) قرب حيفا ، ورثاه كبار الأدباء والشعراء والعلماء والسياسيين .. ولم يخف بعد القادة الإنجليز إعجابهم بالشيخ وبطولته وجهاده.

أما بعد :
فقد تابع تلاميذه تنفيذ خطته من بعد استشهاده ، وفجروا الثورة الفلسطينية الكبرى بعد عام من استشهاده ، واستمرت برغم المؤامرات عليها ، حتى عام 1939 ثم استأنف تلاميذ تلاميذه انتفاضتهم الأولى عام 1987 والثانية عام 1998 وما تزال مستمرة ، شعارها ذلك الذي رفعه رائد المجاهدين الاستشهاديين في العصر الحديث هذا جهاد نصر أو استشهاد ، وسيكون نصراً مؤزراً إن شاء الله القوي العظيم ، مهما تكاثفت الغيوم واسودت المؤامرات في الداخل والخارج ، وبرغم أنوف المتآمرين مع بني صهيون من الفلسطينيين والعرب والبريطانيين والأمريكان ، والله غالب على أمره ، وناصر جنده الذين رباهم الشيخ المجاهد الشهيد عز الدين القسام.











__________________

أَطْـــ ي َــافْ المَـــ جْ ـــد

حَمَامَةً تَحْمِلُ رِسَالةً لِكَيْ تُوَّصِلَ تَارِيخَ أَرْضَ الرِبَاطْ
عَبْرَ نَافِذَةِ العَالَمْ ..لِنَجْعَلَ مِنَ الأَلمْ أَمَلْ
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 19-11-2007, 12:30 PM
الصورة الرمزية * فلسطــ نجمة ــــين *
* فلسطــ نجمة ــــين * * فلسطــ نجمة ــــين * غير متصل
مشرفة سابقة
 
تاريخ التسجيل: May 2007
مكان الإقامة: أينما وجد الظلم فذاك موطني
الجنس :
المشاركات: 1,993
الدولة : Palestine
افتراضي


ومضات مشعة من حياة الشيخ عز الدين القسام:

لعل من أهم واجباتنا الوطنية المقدسة في فلسطين الوقوف احتراما وإجلالا لأهم رموز وعناوين الحركات الوطنية الثورية.. واهم معالم الثورة والجهاد في فلسطين والتي بالتأكيد تعتبر من باب الوفاء والإخلاص لمن ضحى بماله وروحه من اجل القضية الفلسطينية... وأيضا الاعتراف بالفضل وعدم نكران الجميل والحقائق التاريخية.. وأيضا تثبيتا للمواقف البطولية ..


ومن ابرز هذه الشخصيات على الإطلاق والتي كان لها دور بارز وفاعل في مرحلة المقاومة في العشرينيات والثلاثينيات هو الشيخ الجليل القائد والمعلم/ عز الدين القسام, 1882المولود في جنوب اللاذقية بسوريا لأب شيخ ومعلم في علوم القران.. وقد درس القسام في الأزهر وتأثر ببعض الشخصيات الإسلامية في ذلك الوقت أمثال الشيخ محمد عبده...وقد تأثر أيضا بالمقاومة المصرية للاحتلال البريطاني آنذاك واستفاد من تجاربها.. كما استفاد من تجارب المقاومة السورية واللبنانية للمحتل الفرنسي ...

وقد فر الشيخ القسام إلى فلسطين بعد أن حكم عليه الاحتلال الفرنسي بالإعدام غيابياً.
ومهما تحدثنا عن مناقب الرجل فبالتأكيد لن نعطيه حقه.. فهو اكبر من أن تصفه الكلمات... وأفعاله اشمل واكبر من أن تطوقها المعاني...
ولكن في سطور بسيطة.. هذا الرجل بدا نضاله منذ أن وطأت قدمه ارض فلسطين حيث أدرك منذ البداية أن الخطر آنذاك (العشرينيات) هو الاحتلال البريطاني (الانتداب) كونه الوحيد في المنطقة الذي يستطيع تمكين اليهود من بناء دولة لها رقعة جغرافية ولها شعب وجيش ولها نظام سياسي ذو سيادة ..

وأدرك أيضا خطورة دور السماسرة العرب الذين كانوا يستغلون الوضع الاقتصادي السيئ للفلاح الفلسطيني والذي سببه الانتداب البريطاني والاحتلال الصهيوني فكانوا يسهلون عملية انتقال الأراضي من أيدي العرب الفلسطينيين إلى أيدي الصهاينة اليهود...وذلك بقيام سلطة الانتداب بتصفية البنوك التي أنشاها النظام العثماني لمساعدة الفلاحين .. وأيضا عن طريق غلق الحدود أمام الصادرات والمنتجات الفلسطينية مما يؤدي إلى انخفاض أسعارها ودفع الفلاحين الذين ليس لهم حول ولا قوة بالاقتراض من البنوك اليهودية التي لعبت دور كبير من خلال رفع سعر الفائدة والذي يضطر الفلاح في النهاية إلى بيع أراضيه للسماسرة بسعر زهيد وبسعر بخس كي يسدد ديونه التي تثقل كاهله...

فأدرك الشيخ من خلال فهمه للدين فهم جيد وليس تقليدي ومن خلال انفتاحه على تجارب الدول المجاورة ومن خلال حسن اضطلاعه على مجرى الأمور في المنطقة بان هذا الخطر الصهيوني في تزايد وفي تنامي فاخذ من خلال خطبه ومن خلال الندوات والحلقات الدينية بتوعية الجماهير.. وهنا نسجل إحدى أهم مناقبه وهي بعد نظره للأمور ونظرته الثاقبة حيث اعتمد على جذب الشرائح الكبيرة في المجتمع والمكونة من العمال وأصحاب المهن الحرفية والمزارعين الفلاحين والمشردين والعاطلين عن العمل وهي شرائح عريضة لها تأثيرها وقوتها في المجتمع واغلب هذه الشرائح فقيرة.. وفتح مدرسة لمحو الأمية, واتصل بقيادات حزب الاستقلال.. ومن خلال تواضع الشيخ استطاع جذب الجماهير العريضة وكسب حبهم...

ومن إحدى خطبه المؤثرة في مسجد حيفا أن قال:" أيها المؤمنون أين نخوتكم؟ أين أيمانكم؟ أين هي مروءتكم؟
إن الصليبية الغربية والصهيونية اليهودية تريد ذبحكم كما ذبح الأمريكان الهنود الحمر .. تريد إبادتكم أيها المسلمون حتى يحتلوا أرضكم من النيل إلى الفرات ويأخذوا القدس ويستولوا على المدينة المنورة ويحرقوا قبر الرسول(ص)" ..

نستشف من المقطع البسيط من خطبته انه يعرف عن تاريخ أمريكا وما صنعوا الأمريكان في الهنود الحمر وما زالت صورة المجازر في ذهنه ماثلة.. وأيضا يكشف لنا اضطلاعه على مخططات بني صهيون و إيمانه العميق بان مثل هذه المخططات هي محاولات جدية ويعرف عن أطماع اليهود وحدود دولتهم الكبرى.. ويعرف أنهم يدعون ويزعمون أحقيتهم الدينية في القدس ويعرف بأنهم يحلمون بالرجوع إلى ارض الحجاز وكل ذلك ...
كما وكشف الستار عن دور السماسرة وفضح أمرهم حيث أباح دمهم واعتبرهم من الطابور الخامس ونادي بتصفيتهم وبالفعل تم تصفية العديد منهم والبعض فر من فلسطين ...

ومن عبقرية هذا الرجل انه وطد علاقته بالقادة الكبار في دول الجوار وبأشخاص وطنية ومسيحية , فقد حضر السيد حنا عصفور حلقات التوعية التي كان يقوم بها الشيخ عز الدين القسام.. ونجح في الحصول على الدعم المادي من المؤسسات الوطنية.. فقد دعم السيد رشيد إبراهيم الذي كان يعمل في البنك العربي في فلسطين حركة القسام..

وقد استمر الشيخ في مقاومته للاحتلال فترة طويلة إلى أن جاء يوم19/11/1935والذي كان يوم استشهاده حيث طوقت سلطات الانتداب المكان الذي لجا إليه فارا منهم وعندما حاصروه قام بالتصدي لهم ولم يستسلم بل واجههم وقتل ما يزيد عن 15 جندي بريطاني واستشهد هو فيما بعد ومعه البعض من رفقاءه ...
وهكذا كانت نهاية الرجل الذي الحق بالقوات البريطانية الكثير من الأذى والذي بين خطر الصهيونية في جميع المراحل...

حقيقة, لقد مثل القسام القيادة الحقيقية للشعب الفلسطيني وكان رافضا لأسلوب القيادات التقليدية المتخاذلة .. وحيث اعتبر القضية الفلسطينية قضيته الأولى وجسد ضمير الأمة وطموحاتها وآمالها وانتمى لفئة الفقراء ابتدءا من مولده وانتماءا باستشهاده , وحيث مثل استشهاده الشرارة الأولى لثورة 1936-1939 .. فرحم الله الشهيد البطل والقائد الفدائي والثوري المخلص الغيور على بلاده الشيخ الجليل عز الدين القسام.

كتائب القسّام تؤكد مضيها على نهج الشيخ الذي حملت اسمه
كتائب الشهيد عز الدين القسّام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، والتي حملت هذا الاسم تيمناً بالشيخ المجاهد "عز الدين القسّام" وتمسكاً بالمبادئ التي سار عليها حتى لحظة استشهاده، جددت في ذكرى استشهاد الشيخ القسّام تأكيدها على مواصلة نهج الجهاد والمقاومة حتى تحرير فلسطين، كل فلسطين، مشددة على أن الاندحار الصهيوني من قطاع غزة هو أولى ثمار السير على
هذا الطريق، وأن المقاومة هي الخيار الكفيل بتحرير باقي التراب الفلسطيني المحتل.

وتقول كتائب القسّام في بيان لها في الذكرى السنوية الواحد والسبعون لاستشهاد الشيخ القسام، "يوافق هذا اليوم الأغر، ذكرى عزيزةً على قلوب أبناء شعبنا الفلسطيني عامة، وعلى قلوب أبناء حركة "حماس" وجناحها العسكري خاصة، فهذا الذراع العسكري المجاهد، هو الذي حمل اسم القائد المظفر صاحب الذكرى، الذي ما عرف للراحة طعماً، مذ بدأت حكومات الاحتلال الظالمة باستباحة البلاد العربية، فنفر مع إخوانه يرشدهم ويبصرهم ويدعوهم إلى الجهاد، بل ويشاركهم في ساحات الوغى، فيخط بجهاده أروع آيات البطولة والفداء".
وطبعا قبل أن أنهي كتابتي أقول كل التحية والاجلال لهذا الرجل المغوار والعظيم
وأقول أيضا هنا كلمة للقسام الجناح العسكري للمقاومة الاسلامية حماس
أيتها الحركة اسمك مرتبط باسم أعظم الرجال الذين شهدهم التاريخ الذي لم يرفع سلاحه
إلا في وجه العدو ولم يرفعه أبدا أمام أخاه، وهو من أعظم رجال الدين والمقاومة وكذلك الشيخ أحمد ياسين
أتمنى منكِ أيتها الحركة أن لا تنسي ذلك أبدا وتبقي على خطى الأساتذه العظام
والقادة الذين أسسوا هذه الحركة العظيمة
فأعانك الله أيتها الحركة المقاومة للعدو والمجاهده على درب التحريرفهذا هو درب القسام الجهاد في سبيل الله

__________________

أَطْـــ ي َــافْ المَـــ جْ ـــد

حَمَامَةً تَحْمِلُ رِسَالةً لِكَيْ تُوَّصِلَ تَارِيخَ أَرْضَ الرِبَاطْ
عَبْرَ نَافِذَةِ العَالَمْ ..لِنَجْعَلَ مِنَ الأَلمْ أَمَلْ
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 19-11-2007, 03:10 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,020
الدولة : Yemen
Icon1

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكِ

رحمه الله شيخ المجاهدين .. عز الدين القسام

نعم وكما ذكرتى بل اكثر من اسطوره

وصدق الشاعر حين قال ..

........

ما كنتُ أحسبُ قبلَ شخصك أمةً
في بردتيه يضمُّها إنسانُ
لم يثن عزمَك والكتائبُ شمرتْ
نصلٌ يشبُّ توقداً وَسِنانُ
هو صيحةٌ ملأ الفضاءَ دويُّها
فَسَلِ العروبةَ هلْ لها آذانُ
أَوْلتْ عمامتُك العمائمَ كلّها
شرفاً تقصرُ عندها التيجانُ
وجعلتَ لاسمِ الشيخِ أرفعَ رتبةً
نبذتْ قديَم عهوِدها الأوطانُ
يا حصنَ يعربَ في ثراكَ موسدٌ
نعمَ الضحية عنكَ والقربانُ


.. كل احتـــــــــــــرامي ..


__________________
[CENTER]
كبرنا
وأصبح لنا أصدقاء لا يجمعنا بهم شئ
يرحلون بلا ودآع . ولا نعلم سـ يعودون أم لا !

واستراح الشوق منى
وانزوى قلبى وحيداً
خلف جدران التمني
واستكان الحب فى الاعماق
نبضاً غاب عني


ما هقيت السعادة .. خيالا في خيال

كن الحياه ... رافق الجميع .. ولا تتمسك . باحـــد .
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 192.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 186.88 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (3.05%)]