قواعد تأويل الرؤية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 121 - عددالزوار : 77547 )           »          الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 62 - عددالزوار : 48950 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 191 - عددالزوار : 61463 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 76 - عددالزوار : 42838 )           »          الدورات القرآنية... موسم صناعة النور في زمن الظلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          تجديد الحياة مع تجدد الأعوام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الظلم مآله الهلاك.. فهل من معتبر؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          المرأة بين حضارتين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          رجل يداين ويسامح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          سلسلة شرح الأربعين النووية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 24 - عددالزوار : 5282 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-08-2007, 09:19 AM
الصورة الرمزية ابو كارم
ابو كارم ابو كارم غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2006
مكان الإقامة: فلسطين
الجنس :
المشاركات: 2,323
الدولة : Palestine
01 قواعد تأويل الرؤية

بسم الله الرحمن الرحيم
قواعد تأويل الرؤيا
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام المهتدين
سئٌل فضيلة الشيخ عبد الله بن محمد السدحان من أحد الأخوة سؤال
كيف أفسر رؤياي يا فضيلة الشيخ ؟؟؟
فأجاب الشيخ حفظه الله على هذا السؤال
ولقد نقلت لكم إجابته حتى يصلكم هذا العلم
ولربما يكون بمقدوركم تأويل رؤياكم بأنفسكم

قواعد تأويل الرؤية
القاعدة الأولى: "الرؤيا نتيجة ظاهرة: فهي واقع محيي لحوادث واقعة أو سوف تقع، وعلى ضوء حكمك على هذه المقدمات يكون التعبير، وهي النتيجة في نهاية المطاف"
مثاله: قصة تأويل نبي الله يوسف ـ عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ـ وذلك حينما عبر لأحد الفتيين بالموت لمن كانت الطير تأكل من رأسه دون أن يستطيع رد تلك الطير؛ فعلم أنه مفارق للحياة وهي النتيجة.
وعلى هذه القاعدة فقس؛ فالحبس ذلة وهم، والحديد: قوة، والرطب: هناء عيش، وكما عبر الصديق ـ رضي الله عنه ـ للرجل الذي يرى أنه يبول دماً فقال له: "أنت تأتي امرأتك وهي حائض فاستغفر الله ولا تعد".
القاعدة الثانية: "الغالب أن ما يأتي من دار الحق فهو حق مع القرائن"
والمقصود بدار الحق: الدار الآخرة؛ فما يأتي منها فهو حق، كرؤية الأموات، ورؤية الجنة والنار، والبعث والصراط ونحوه.
مثاله: قصة ثابت بن قيس ـ رضي الله عنه ـ لما استشهد في معركة اليمامة، وكانت عليه درع نفيسة، فأخذها أحد المسلمين، فبينما أحد المسلمين نائم، إذ أتاه في منامه وقال له: "أوصيك بوصية فإياك أن تقول: هذا حلم فتضيعه، إني لما قٌتلت مر بي رجل من المسلمين وأخذ درعي، ومنزله في أقصى الناس، وعند خبائه فرس يستن في طوله: (أي يمرح في حبله المشدود)، وقد كفأ على الدرع برمة (قدر)، وفوق البرمة رحل، فأتِ خالداً فمُره أن يبعث إليَّ درعي فيأخذها، فإذا قدمت إلى خليفة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أبي بكر فقل له: إن عليَّ من الدين كذا وكذا، وفلان من رقيقي عتيق"، فأتى الرجل خالداً فأخبره، فبعث إلى الدرع فأُتي بها، وحدث أبا بكر برؤياه فأجاز وصيته بعد موته، ولذا قيل: لا يُعلم أحد أجيزت وصيته بعد موته إلا ثابت بن قيس رضي الله عنه.
قال الشيخ "محمد بن عثيمين- رحمه الله-: كل رؤيا تدل قرائن على صدقها فلا مانع من إجازتها".
القاعدة الثالثة: "كل رؤيا مرموزة تُعبر بالضد، إلا ما جاء تعبيره بدلالة القرآن والسنة، أو ما جاء من دار الحق، أو ما كان رؤيا عامة"، فجميع الرؤى تكون عكسية، فالمعطي آخذ، والآخذ معطي، والضارب مضروب، والمضروب ضارب، ورؤية الحامل لأنثى فهي بشارة بذكر والعكس بالعكس.
الأمثلة: من دلالة القرآن الكريم: الضحك بشارة، لقوله تعالى: (( فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا)) (هود: 71) .
فلا يقلب المعنى، وأما دلالة السنة: فالخل خير وبركة، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (( نعم الأدم الخل)) (رواه مسلم) .
فلا يقلب المعنى حينئذ.
وسبب هذا والله أعلم: أن مَلك الرؤيا يضرب المثل بالعكس، حتى يفرق بين النوم واليقظة، لاسيما أن كثيراً من الناس يعيش رؤياه في واقعه فلا يفرق بينهما، فيقوم مثلاً من رؤيا أغضبته فيبقى على غضبه في اليقظة، فجاء بالضد للتفريق بين الحقيقة والخيال.
ويستثنى من القلب ثلاث: ما وجد تعبيره في القرآن والسنة لأنهما حقيقة، وما جاء من دار الحق لأنه حق، والرؤيا العامة، وأمثلة ذلك أكثر من أن تحصى.
القاعدة الرابعة: "أصول الرؤيا الرمزية تدور من حيث: (الجنس، والصنف، والطبع).."
فالجنس: كالشجر والطير والحيوان، والصنف: وهو أن تعلم صنف تلك الشجرة من الشجر، وذلك الطائر من الطيور، وذلك الحيوان من الحيوانات، والطبع: تنظر ما طبع تلك الشجرة فيكون طبعاً للرجل حسب نوعها، وإن كان طائراً علمت أنه رجل ذو أسفار؛ لحالة الطير في عدم الاستقرار، وإن كان حيواناً فتنظر طبعه ثم تنسبه إلى رجل هذا طبعه، ومثاله:
الجنس

الصنف

الطبع
شجر

نخلة

هناءة عيش ورزق
طير

غراب

فسق وخراب
حيوان

ذئب

الاعتداء والأنانية
ذكر الليث بن سعد: أن رجلاً أتى سعيد بن المسيب فقال: إني رأيت على شرفات المسجد حمامة بيضاء، فعجبت من حسنها، فأتى صقر فاحتملها. فقال ابن المسيب: إن صدقت رؤياك، تزوج الحجاج بن يوسف بنت عبد الله بن جعفر، فما مضى إلا يسير حتى تزوجها، فقيل له: يا أبا محمد كيف خلصت إلى هذا؟ فقال: إن الحمامة امرأة، والبيضاء نقية الحسب، فلم أرى أحداً من النساء أنقى حسباً من ابنة الطيار في الجنة، ونظرت في الصقر، فإذا هو طائر عربي ليس من طير الأعاجم، فلم أر أصقر من الحجاج!!
ولم يذكر "شرفات المسجد" على أهميتها لوضوحها، وهي تعني امرأة ذات شرف ودين، وهذا يليق بابنة عبد الله بن جعفر رضي الله عنه.
القاعدة الخامسة: "العبرة في تأويل الكلمة لمعناها المتحرك وليس ثبات النص".
فالكلمة في الرؤيا لها معنى متحرك متغير، وهو الأسلوب الذي يعطي المعبر طريقة التفكير حسب واقعه المعاش، بينما النص الثابت يعطيه التعمق في دراسة الفكرة، فلا تهمل كتب التفسير للرؤى؛ لأن منهج القدامى يحاكي عصرهم وواقعهم الذي عاشوه؛ فتتغير معنى الرؤى بتغير الأحوال.
مثاله: الطيران في المنام عُبِّر به عن الانتقال، فقال الأقدمون: من طار من دار يعرفها إلى دار لا يعرفها فإنه يموت!! وهذا صحيح المعنى في واقعهم، أما واقعنا فالمعنى: كثرة السفر لاختراع الطائرة، فكلمة طيران (وهو الانتقال) ثابتة، ولكن المعنى متحرك في واقع الإنسان إلى قيام الساعة.
مثال آخر: اللحية: فذهابها في الرؤيا عند الأقدمين هي ذهاب الدين، أما معناها في واقعنا: فهو ذهاب الدين من مكان إلى آخر؛ كانتقال إمام مسجد، أو درس عالم، أو مكتبة دينية.
ومثاله: رؤية بيوت الطين، تُعبر بالمأوى، فقال الأقدمون: هي المرأة؛ لأنه يأوي إليها أو دنيا تؤويه، أما في واقعنا فالمعنى: أنها ديار الجن؛ لأنها تأوي إليها؛ لاستغناء الأنس عنها، وتعبر بالمس الشيطاني، قال ابن بطة: {أولئك من عين واحدة شربوا، فعليها يردون، وعنها يصدرون، وقد وافق الخلف الغابر للسلف الصادر}.
القاعدة السادسة: { تعبير الرؤيا لا يتم إلا بأمرين: وضوح الرؤيا، وانتفاء ما يفسدها من حديث النفس ووسوسة الشيطان}.
فالرؤيا الصادقة يجب أن تكون واضحة المعاني، قصيرة الأحداث، مؤثرة في اليقظة، مخالفة للواقع في الغالب، وليس لها رابط في يقظة الرائي، ولا بتلاعب الشيطان من إخافة ونحوها.
مثالها: قصة رؤيا ملك مصر حينما رأى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف، وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات، فالبقرات السمان: سنون خصبة، والسنبلات اليابسات: سنون مجدبة.
مثال آخر: رؤية يوسف ـ عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ـ في حال صباه، حينما رأى أحد عشر كوكباً والشمس والقمر له ساجدين، فالأحد عشر كوكباً: هم إخوته، والشمس: أبوه والقمر: خالته .
القاعدة السابعة والثامنة: الرؤيا حديث المَلك وهو لا يكذب.
الرؤيا حديث الملك، وهو متعلق بالروح، وقد وُكِّل بها والملك لا يكذب، ولذلك سماها الله "أحاديث".
أما الأحلام فهي حديث الشيطان ووسوسته، وهي متعلقة بالنفس، وقد وكل بها شيطان، والكذب عمدته لإخافة الحالم .
أما حديث النفس فهو متعلق بالجسد، وهو الرغبات والمشاعر المكبوتة في اللاشعور، فتستيقظ في المنام ولا تأويل له، ومراتب النفس:
أ- النفس اللوامة: من تأثير فعل المعصية في الواقع؛ فيحصل تأنيب الضمير والبكاء.
ب- النفس المطمئنة: من تأثير فعل الحسنة في الواقع؛ فيحصل له من رضا داخلي وسرور وضحك.
ج- النفس الأمارة بالسوء: كالهم بالمعصية في الواقع؛ فيحصل له تفريغ هذه المشاعر عن طريق الحلم، ومثله الهم بالشرب للجائع في رمضان؛ فيرى ذلك في منامه واقعاً.
ما كان له في الواقع صلة مباشرة فإنه لا يعتد به، ويلحق حينئذ بحديث النفس ما لم يكن بعد استخارة أو استشارة أو دعاء.
مثاله: من كان لديه اختبار غداً، فيرى نفسه وقد دخل صالة الاختبار. ومثل رجل ضُرب في الواقع فيرى نفسه هو الضارب، فهذا نوع من التفريغ الانفعالي فلا يُعتد به.
أما ما كان بعد دعاء فمثل حديث عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: (( رأيت امرأة سوداء ثائرة الرأس خرجت من المدينة بمهيعة وهي الجحفة، فأولت أن وباء بالمدينة نقل إليها)) (رواه البخاري).
فهذه رؤيا، وقد دعا النبي- صلى الله عليه وسلم- بذهاب حمى يثرب؛ لما عاناه الصحابة منها إلى الجحفة؛ لكون المشركين بها حينئذ، وكان يتوقع الإجابة، فلما رأى هذه الرؤيا استبشر بها خيراً وعبرها؛ لأنه ينتظر إجابة دعائه.
ويقاس على الدعاء: الاستخارة والاستشارة، فالرؤيا بعدهما حجة في هذا الباب.
القاعدة التاسعة: ما لا يذكر من الرؤيا بعد اليقظة فلا خير فيه، ما لم تدل عليه قرينة في الواقع تذكر به، فلو قام من نومه وقد نسي رؤياه، فلما ذهب إلى عمله شاهد لوناً أخضر، فتذكر الرؤيا بتفاصيلها من رؤية حدائق خضراء ونحوها؛ فالرؤيا صادقة لوجود تلك القرينة.
القاعدة العاشرة:وما جاء في الرؤيا بخوف ووجل، فالأصل في التعبير التيسير والبشارة: لقوله تعالى( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)) (البقرة: 185).
مثاله: لو رأى أنه خائف فإنه يعبر بالأمن لقوله تعالى: (( وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً)) (النور: 55).
ولو رأى نفسه فقيراً، فإن الله سوف يغنيه لقوله تعالى حاكياً عن موسى -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام-: (( رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)) (القصص: 24).
فأغناه الله بعد مقالته، ورؤية نكاح المحارم بر وصلة رحم، ورؤية الزواج تجارة، والطيران سفر وهكذا.
القاعدة الحادية عشرة: التعبير قياس وتشبيه وظن لا يقطع به، ولكن يستأنس به، ولا يحلف على غيبه إلا أن يظهر في اليقظة صدقه.
مثاله: جاءت امرأة إلى ابن سيرين وهو يتغذى، فقالت له: يا أبا بكر، رأيت رؤيا، فقال: تقصين أو تتركيني حتى آكل؟ قالت: أتركك، فأكل ثم قال: قصي، قالت: رأيت القمر قد دخل في الثريا، فنادى مناد من خلفي: ائتي ابن سيرين فقصي عليه، قالت: فغسل يده عن الطعام، وقال: ويلك، كيف رأيت؟ فأعادت عليه، فتغير لونه، وقام وهو آخذ ببطنه، فقالت أخته: مالك؟ فقال: زعمت هذه المرأة أني ميت إلى سبعة أيام، قال الأشعث: فعددنا سبعة أيام، فدفناه في اليوم السابع!
فهذه القصة لابن سيرين ظهرت علامات صدقها في اليقظة فيجزم بها، وأما إذا لم يظهر في الواقع شيء يدل على صدق الرؤيا فتكون مجرد ظن واستئناس.
القاعدة الثانية عشرة: كل أثر مؤلم في اليقظة بعد رؤيا، فهو دلالة بداية مس عن طريق العين، فلابد من مبادرة أخذ الأثر حتى لا تتمكن منه تلك العين.
مثاله: رجل رأى كأن أحداً يضربه بسكين في خاصرته، فقام من نومه متألماً من مكان الضربة، فلاشك أن هذه علامة من علامات الإصابة بالعين، فلابد من أخذ الأثر ممن رآه في المنام حتى تذهب تلك العين.
القاعدة الثالثة عشرة: الرؤيا سر أودعه الله عن طريق المَلك للرائي، فلا يقص إلا على عالم أو ناصح، والسبب في ذلك ـ والله أعلم ـ حتى لا يعبر عن طريق جاهل أو حاسد فيقع ما لا تحمد عقباه، أما إذا قيلت في مجمع طلبة علم أو عقلاء، فلا بأس بالجهر بها؛ لأن الصحابة دائماً يقصون الرؤى بحضور غيرهم.
مثاله: قصة يوسف مع إخوته حينما قال له والده: (( لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً)) (يوسف: 5).
القاعدة الرابعة عشرة: كل رؤيا لها معنيان: بعيد وقريب يتفاوتان في الخير والشر، فيُغلَّب جانب الخير على جانب الشر.
مثاله: حديث عائشة زوج النبي- صلى الله عليه وسلم- قالت: (( كانت امرأة من أهل المدينة لها زوج يختلف، فكانت ترى رؤيا كلما غاب عنها زوجها، وقلما يغيب إلا تركها حاملاً، فتأتي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فتقول: إن زوجي خرج تاجراً فتركني حاملاً، فرأيت فيما يرى النائم أن سارية بيتي انكسرت، وأني ولدت غلاماً أعور، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (( خيراً يرجع زوجك عليك إن شاء الله صالحاً وتلدين غلاماً باراً)).
فكانت تراها مرتين أو ثلاثاً، كل ذلك تأتي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فيقول لها ذلك، فيرجع زوجها وتلد غلاماً، فجاءت كما كانت تأتيه، ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- غائب، وقد رأت تلك الرؤيا. فقلت لها: عم تسألين رسول الله يا أمة الله؟ فقالت: رؤيا كنت أراها؛ فآتي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأسأله عنها فيقول: (( خيراً )) فيكون كما قال، فقلت: فأخبريني ما هي؟ قالت: حتى يأتي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأعرضها عليه كما كنت أعرض، فوالله ما تركتها حتى أخبرتني، فقلت: والله لئن صدقت رؤياك، ليموتن زوجك وتلدين غلاماً فاجراً، فقعدت تبكي، فقال لها- يعني رسول الله- صلى الله عليه وسلم – (( ما لها يا عائشة)) فأخبرته الخبر وما تأولته لها، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: (( مه يا عائشة، إذا عبرتم للمسلم الرؤيا فاعبروها على الخير، فإن الرؤيا على ما يعبرها صاحبها)) .
فمات والله زوجها، ولا أراها إلا ولدت غلاماً فاجراً".
فالنبي- صلى الله عليه وسلم- رأى المعنى البعيد من أن انكسار سارية البيت معناه: سعة للبيت، وسعته من سعة الرزق، والغلام الأعور: أي أنه لا يرى إلا طريق الخير وهو إشارة لقوله تعالى: (( وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)) (البلد:10).
أما عائشة- رضي الله عنها- فنظرت إلى المعنى القريب وهو: أن سارية البيت هو زوجها، وانكسارها: موته، والغلام الأعور: إشارة إلى المسيح الدجال.
ومثله رؤيا النار، فالمعنى القريب تعني الخصومة والشقاق، وهو بمعنى سيئ، أما المعنى البعيد فهو الخير والبركة إشارة لقوله: (( أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا)) (النمل: 8).
القاعدة الخامسة عشرة: رؤيا المؤمن تسره ولا تغره.
فهي مبشرة لا يتكل عليها فقط، فلابد من مبادرة الأعمال،
قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: كان إبراهيم الحميدي رجلاً صالحاً، فدخل عليه الإمام أحمد بن حنبل- رضي الله عنه- فقال له: إن أمي رأت لك كذا وكذا، وذكر الجنة، فقال الإمام أحمد: يا أخي إن سهل بن سلامة كان الناس يخبرونه بمثل هذا، وخرج سهل إلى سفك الدماء، ثم قال له: "الرؤيا تسر المؤمن ولا تغره".
وقال الإمام الذهبي: في رؤيا عبد الرحمن بن عوف- رضي الله عنه- أن يدخل الجنة حبواً مع أنه من أهل الجنة، وأحد العشرة المبشرين.
قال: إسناده حسن، فهو وغيره منام، والمنام له تأويل، وقد انتفع ابن عوف- رضي الله عنه- بما رأى وبما بلغه، حتى تصدق بأموال عظيمة أطلقت – ولله الحمد - قدميه وصار من ورثة الفردوس فلا ضير.
القاعدة السادسة عشرة: التعبير يختلف باختلاف هيئات الناس وأقدارهم.. فلابد أن ينظر إلى حال الرائي وقدره، ثم يبنى على ذلك التأويل المناسب.
مثاله: قصة الرجلين اللذين رأى كل منهما أنه يؤذن، فقال ابن سيرين للسيئ منهما: أنت تسرق، وقال للصالح: أنت تحج، فقال له جلساؤه: كيف فرقت بينهما والرؤيا واحدة؟ قال: رأيت للأول سيما حسنة فتأولت (( وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ)) (الحج: 27).
ولم أر هيئة للثاني فتأولت: (( ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ)) (يوسف: 70).
هذا والله الموفق
والله ورسوله أعلم
السلام عليكم ورحمة الله
__________________


غزة يا أرض العزة

سلاماً من القلب يا نزف القلب




رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-10-2008, 11:19 AM
نور نور غير متصل
ادارية
 
تاريخ التسجيل: Sep 2006
مكان الإقامة: بيروت
الجنس :
المشاركات: 13,572
الدولة : Lebanon
افتراضي

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بارك الله بك أخي أبو كارم على النقل
نسأل الله أن يهدينا جميعاً إلى سواء السبيل
في أمان الله وحفظه
__________________




و لربّ نازلةٍ يضيق بها الفتى ذرعاً ، وعند الله منها المخرجُ
ضاقت .. فلما استحكمت حلقاتها .. فرجت .. و كنت أظنها لا تُفرجُ






.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 07-10-2008, 11:48 AM
flower3 flower3 غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
مكان الإقامة: في الشفاء
الجنس :
المشاركات: 455
افتراضي

بوركت أخي الكريم وفي ميزان حسناتك
__________________
لا إله إلا الله محمد رسول الله
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 68.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 65.65 كيلو بايت... تم توفير 2.61 كيلو بايت...بمعدل (3.82%)]