الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة الصالح - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير (الجامع لأحكام القرآن) الشيخ الفقيه الامام القرطبى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 519 - عددالزوار : 131587 )           »          أصول الاستدلال في تفسير الأحلام (pdf) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          حقوق الزوجة على زوجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          شموع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 84 - عددالزوار : 8334 )           »          إيذاء موسى عليه السلام: قراءة تفسيرية وتحليلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          حين يجمع الله ما تفرَّق بالدعاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          وقفات ودروس من سورة آل عمران (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 2516 )           »          من مائدة الفقه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 6 - عددالزوار : 1966 )           »          حديث: أدركت بضعة عشر رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يقفون المولي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          أهمية وثمرات الإيمان باليوم الآخر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-07-2025, 08:42 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,210
الدولة : Egypt
افتراضي الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة الصالح

الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة الصالح

د. ضياء الدين عبدالله الصالح

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين؛ سيدنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
فإن الكتاب العزيز والسُّنَّة المطهرة هما المصدران الأساسيان المتفق عليهما في الشريعة الإسلامية بإجماع الأمة، وهما المنهج الكامل للحياة الطيبة، والميزان العادل الذي تُوزَن به الأقوال والأفعال، ولا شأنَ ولا قدر للمسلمين، ولا عزَّ ولا نصر، ولا فلاح في الدنيا ولا نجاة في الآخرة، إلا بالاعتصام بالكتاب والسُّنَّة بفَهم سلف الأمة من الصحابة الكرام والتابعين، والأدلة من القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الصحيحة، وأقوال السلف، على ضرورة التمسك والاعتصام بالكتاب والسُّنَّة كثيرة جدًّا لا مجال لاستعراضها.

فالاعتصام بالكتاب العزيز والسُّنَّة المطهرة أصل من أصول الدين، بل كل الأصول ترجع إليهما؛ ومن ثَمَّ يجب علينا أن نجعلهما بفهم سلف هذه الأمة الصالح منهجًا في حياتنا، وأن نعتصم ونتمسك بهما، وفي ذلك نجاة من الانحراف، وأمان من الضلال.

وباختصار، فإن هذه العبارة صحيحة لا غبار عليها، ولكن تحتاج إلى تفصيل، ففَهم الصحابة الكرام والتابعين مقدَّم في فهم الثوابت والمسلَّمات من أصول الدين والعبادات، وليس في بعض مسائل الفرعيات والاجتهاد فيها، وفي المستجِدات والنوازل المعاصرة فبابها مفتوح بسبب تغيُّر الأحوال والأزمان؛ (فلا ينكر فيها تغير الأحكام بتغير الأزمان إلا ما كان بنص السُّنَّة والقرآن)، وأما في العقيدة والعبادات، فيقدم مفهوم السلف الصالح من الصحابة الكرام والتابعين من القرون المفضَّلة بنص الحديث الصحيح، وهذا باتفاق الأئمة المرضيِّين.

ويُراد بمصطلح السلف الصالح للأُمَّة:
هم الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عنهم والتابعون ومن تبعهم بإحسان من أئمة الإسلام العدول، ممن اتفقت الأمة على إمامتهم وعِظم شأنهم في الدين، وتلقَّى المسلمين كلامَهم خلفًا عن سلف بالقبول؛ كالأئمة الأربعة المتبوعين المرضيين: الإمام أبي حنيفة النعمان الكوفي، والإمام مالك بن أنس المدني، والإمام محمد بن إدريس الشافعي، والإمام أحمد بن حنبل البغدادي رحمهم الله تعالى، وغيرهم من أعلام الهدى من القرون الثلاثة المفضَّلة، دون من رُمِيَ ببدعة، أو لُقِّب بغير مرضيٍّ، أو بفرقة ضالَّة.

فالسلف الصالح يُطلق بالأصالة على القرون الثلاثة المفضَّلة بنص الحديث المتفق عليه في الصحيحين: ((خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، قال عمران: فلا أدري أقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قرنه مرتين أو ثلاثًا، ثم يكون بعدهم قوم يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، ويُنذرون ولا يُوفُّون، ويظهر فيهم السِّمَنُ)).

والسلف الصالح هم أهل القرون الثلاثة الأولى، خير قرون هذه الأمة وأقربها إلى تمثيل الإسلام فهمًا وإيمانًا، وسلوكًا والتزامًا، واتباعهم يكون بالرجوع إلى ما كانوا عليه في فهم الدين عقيدةً وشريعةً وسلوكًا، وقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((أن الفرقة الناجية هم ما عليه اليوم هو وأصحابه رضي الله عنهم)).

والاختلاف واقع في الأمة حتمًا، وهو من السنن الكونية؛ قال تعالى: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ [هود: 118]، ومن أهم أسباب هذا الاختلاف هو سوء الفهم للنصوص الشرعية على غير مراد الله تعالى ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم، فكان من الواجب الرجوع إلى فَهم السلف الصالح للنصوص؛ لأنه أتم وأحكمُ، وأعلم وأسْلَمُ.

والمراد بفهمهم: هو ما فهِموه من مراد الله تعالى ومراد رسوله عليه الصلاة والسلام من النصوص الشرعية؛ قال شيخ الإسلام في [مجموع الفتاوى: 12/ 235]: "الذي يجب على الإنسان اعتقاده في ذلك وغيره ما دلَّ عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، واتفق عليه سلف المؤمنين الذين أثنى الله تعالى عليهم، وعلى من اتبعهم، وذمَّ من اتبع غير سبيلهم".

وقال الإمام ابن القيم في [إعلام الموقعين: 4/ 112]: "فإذا وُجد فيها قول لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم، الذين هم سادات الأمة، وقدوة الأئمة، وأعلم الناس بكتاب ربهم تعالى وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، وقد شاهدوا التنزيل، وعرفوا التأويل، ونسبة من بعدهم في العلم إليهم كنسبتهم إليهم في الفضل والدين - كان الظن والحالة هذه بأن الصواب في جهتهم، والحق في جانبهم من أقوى الظنون، وهو أقوى من الظن المستفاد من كثير من الأقيسة، هذا ما لا يمتري فيه عاقل منصف".

قال الإمام أبو إسحاق الشاطبي في [الاعتصام 1/ 88]: "قوله صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بسُنتي وسُنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسَّكوا بها وعَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثاتِ الأمور))، فقرن عليه السلام - كما ترى - سُنة الخلفاء الراشدين بسنته، وأن من اتباع سنته اتباع سنتهم، وأن المحدثات خلاف ذلك ليست منها في شيء؛ لأنهم رضِيَ الله عنهم فيما سنُّوه، إما متَّبعون لسنة نبيهم عليه السلام نفسها، وإما متَّبعون لِما فهموا من سنته صلى الله عليه وسلم في الجملة والتفصيل، على وجهٍ يخفى على غيرهم مثله، لا زائدًا على ذلك".

وقال تعالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100].

قال الإمام ابن القيم في [الرسالة التبوكية: 1/ 53]: "فهؤلاء هم السعداء الذين ثبت لهم رضا الله عنهم، وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل من تبِعهم بإحسان إلى يوم القيامة، ولا يختص ذلك بالقرن الذين رأوهم فقط، وإنما خصَّ التابعين بمن رأى الصحابة تخصيصًا عرفيًّا ليتميزوا به عمن بعدهم، فقيل: التابعون مطلقًا لذلك القرن فقط، وإلا فكل من سلك سبيلهم فهو من التابعين لهم بإحسانٍ، وهو ممن رضيَ الله عنهم ورضوا عنه".

وقال في [إعلام الموقعين: 2/ 141]: "وتقليدهم اتباع لهم، ففاعله ممن رضي الله عنهم، ويكفي في ذلك الحديث المشهور: ((أصحابي كالنجوم، فبأيهم اقتديتم اهتديتم))، وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: من كان منكم مستنًّا فليستنَّ بمن قد مات، فإن الحي لا تُؤمَن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد؛ أبرُّ هذه الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه، فاعرفوا لهم حقهم، وتمسكوا بهديِهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم"، وقد رُوِيَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((عليكم بسُنتي وسُنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي))، وقال: ((اقتدوا باللذَين من بعدي: أبي بكر وعمر، واهتدوا بهديِ عمار، وتمسكوا بعهد ابن أم عبد))، وقد كتب عمر إلى شريح: "أن اقضِ بما في كتاب الله، فإن لم يكن في كتاب الله، فبسُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم يكن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقضِ بما قضى به الصالحون".

وعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال للخوارج يوم ناظرهم [جامع بيان العلم وفضله: 2/ 127]: "جئتكم من عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس فيكم أحد منهم، وعليهم نزل القرآن وهم أعلم بتأويله".

قال الإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله تعالى في "رسالته البغدادية" [إعلام الموقعين: 1/ 63]: "وقد أثنى الله تبارك وتعالى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن والتوراة والإنجيل، وسبق لهم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفضل ما ليس لأحدٍ بعدهم، فرحِمهم الله، وهنَّأهم بما آتاهم من ذلك ببلوغ أعلى منازل الصديقين والشهداء والصالحين، أدَّوا إلينا سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشاهدوه والوحي ينزل عليه، فعلِموا ما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم عامًّا وخاصًّا، وعزمًا وإرشادًا، وعرفوا من سنته ما عرفنا وجهلنا، وهم فوقنا في كل علم واجتهاد، وورع وعقل، وأمر استدرك به علم واستنبط به، وآراؤهم لنا أحمدُ، وأولى بنا من رأينا عند أنفسنا"، وهذا كله تنبيه للأمة على صحة مسلكهم ومنهجهم، ودقة فهمهم لنصوص الكتاب والسُّنَّة.

ما يتميز به فهم السلف:
هذا، ومما ميَّز علم السلف عمن جاء بعدهم: قربُهم من عهد الرسالة، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم بتبليغ الدين للناس وتعليمهم الإسلام، وكذلك سلامة مصادرهم في التلقي بتجرد وإيمان راسخ، وتسليم كامل للكتاب والسُّنَّة، ولم يحتكموا لغيرهما، وهم أطهر الناس سيرةً، وأعمق علمًا، وأخلص الناس قلوبًا، وهم خير الأمة وأفقهها، وأعلم الناس بلغة القرآن وبتفسيره، فقد نزل بلغتهم، وأيضًا قد تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغتهم، واشتهروا بحرصهم على أخذ العلم عنه، ولم يترددوا من سؤاله؛ ليفهموا مراده، وليعملوا بما فهموه.

وكذلك تمكُّنهم من اللغة وأدوات الاستنباط بالسليقة، مع تفرغهم للعلم غالبًا وإقبالهم عليه، وبذلهم الوسع فيه، ووجودهم في بيئة معينة على ذلك، وهذا ما يفقده المتأخر غالبًا، لا سيما مع بعد العهد، وتعقيد الحياة وأساليبها، وأنماط المعيشة، والله تعالى أعلم.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 0 والزوار 6)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 53.77 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.10 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.10%)]