|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() في تفسير قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [يس: 60] التجاني صلاح عبدالله المبارك قال الله تعالى في محكم تنزيله: ﴿ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ﴾ [يس: 60 - 62]. قال ابن كثير في تفسير هذه الآيات: "قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [يس: 60]: هذا تقريع من الله للكفرة من بني آدم، الذين أطاعوا الشيطان، وهو عدو لهم مبين، وعصوا الرحمن، وهو الذي خلقهم ورزقهم. ولهذا قال: ﴿ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ﴾ [يس: 61]؛ أي: قد أمرتكم في دار الدنيا بعصيان الشيطان، وأمرتكم بعبادتي، وهذا هو الصراط المستقيم، فسلكتم غير ذلك، واتبعتم الشيطان فيما أمركم به. ﴿ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا ﴾ [يس: 62]، يُقال: جِبلًّا بكسر الجيم، وتشديد اللام، ويُقال: جُبُلًا بضم الجيم والباء، وتخفيف اللام، ومنهم من يسكن الباء، والمراد بذلك الخلق الكثير؛ قاله مجاهد، والسدي، وقتادة، وسفيان بن عيينة. وقوله: ﴿ أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ﴾ [يس: 62]؟ أي: أفما كان لكم عقل في مخالفة ربكم فيما أمركم به من عبادته وحده لا شريك له، وعدولكم إلى اتباع الشيطان؟! مع ذلك يمكن استنباط العديد من الفوائد من هذه الآيات؛ منها: 1- تضمنت الآية العهدَ والأمر من الله، ألَّا يُعبد الشيطان؛ قوله عز وجل: ﴿ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ ﴾ [يس: 60]؛ يعني: الوصية والأمر، والعهد: التقدم إلى المرء في الشيء، والعهد: الذي يُكتب للولاة، وهو مشتق منه، والجمع عهود، وقد عهد إليه عهدًا، والعهد: الموثق واليمين يحلف بها الرجل، والجمع كالجمع، تقول: عليَّ عهد الله وميثاقه، وأخذت عليه عهد الله وميثاقه، وتقول: عليَّ عهد الله لأفعلن كذا؛ ومنه قول الله تعالى: ﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ ﴾ [النحل: 91]، وقيل: ولي العهد؛ لأنه ولي الميثاق الذي يُؤخَذ على من بايع الخليفة، والعهد أيضًا: الوفاء؛ وفي التنزيل: ﴿ وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ ﴾ [الأعراف: 102]؛ أي: من وفاء، والعهد: الأمان، وفي التنزيل: ﴿ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 124]، وفيه: ﴿ فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ ﴾ [التوبة: 4]، وأهل العهد: أهل الذمة. 2- أن العبادة هي عهد بين العبد وربه؛ لذلك أرسل إليهم الرسل بالدين وهو الإسلام؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [آل عمران: 19]. أرسل إليهم الرسل مبشرين ومنذرين، داعين إلى ترك عبادة العباد إلى عبادة رب العباد وحده، وترك عبادة غير الله، والعبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال؛ الباطنة والظاهرة. 3- في الآية يخبر الله سبحانه وتعالى أن الشيطان عدو مبين، ينصب عداوته لبني آدم؛ ليُضِلَّهم عن الطريق المستقيم. 4- وصف الشيطان بوظيفة ومهنة إضلال بني آدم. 5- أن السعادة الحقة هي في اتباع طريق وصراط الله جل وعز، فيه الفلاح والسعادة الدنيوية والأخروية؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153]. 6- أن طريق الله مستقيم لا اعوجاج فيه، أو زيغ أو انحراف. 7- أن العبادة تكون على مثل ما أمر الله سبحانه وتعالى، ومثلما بيَّن وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم. مع هذا، فإن أي عبادة ليست على مثل ما أمر الله سبحانه وتعالى، وبيَّن رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، هي عبادة مبتدعة ومردودة، لا يقبلها الله سبحانه وتعالى؛ قال الله تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ [الكهف: 103، 104]. وحتى لا يقع الفرد في الضلال والخسران، فإن عبادته ينبغي أن تكون على ما أمر الله سبحانه وتعالى، لا يزيد فيها، ولا ينقص منها شيئًا. إن الدين كامل من حيث فرائضه وأوامره ونواهيه، لا يحتاج إلى زيادة أو إصلاح أو رتق؛ لأن الزيادة والإصلاح إنما تكون للشيء الناقص؛ قال الله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]. ويدخل في العبادات كل أنواع العبادات إن كانت فعلية أو قولية؛ فالدعاء عبادة، والصلاة عبادة، والخوف والرجاء عبادة، والصوم عبادة، والنذر والاستغاثة، والذبح والطواف؛ كلها عبادات. هذا، والله أعلم وأحكم، والحمد لله رب العالمين. المصادر: ابن كثير، تفسير القرآن العظيم. أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور، لسان العرب.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |