هذا الربيع - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4939 - عددالزوار : 2030026 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4514 - عددالزوار : 1306264 )           »          تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1009 - عددالزوار : 123945 )           »          سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 121 - عددالزوار : 77604 )           »          الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 62 - عددالزوار : 49050 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 191 - عددالزوار : 61511 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 76 - عددالزوار : 42914 )           »          الدورات القرآنية... موسم صناعة النور في زمن الظلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          تجديد الحياة مع تجدد الأعوام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          الظلم مآله الهلاك.. فهل من معتبر؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-01-2025, 02:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,564
الدولة : Egypt
افتراضي هذا الربيع

هذا الربيع

غادة الشافعي


هذا هو الربيع يعُود إلينا مِن جديد؛ ليزداد الجوُّ دِفْئًا، والشمس إشراقًا، والزهور تَفَتُّحًا، ولينطلق الصغار والكِبار سواء إلى حيث يستمتعون بهذه الطبيعة الخلاَّبة التي وهبها الله عز وجل لبلادنا.

فيتفكرون في خَلْق الله عز وجل: ﴿ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 191].

فلا ريب أنَّ أحقَّ الناس بالاستمتاع ببديع خَلْق الله عز وجل، والتفكُّر فيه، والحديث عنه، هم المؤمنون الموحِّدون الذين يقرؤون كلام الخالق في: ﴿ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾ [هود: 1].

ويَستَنيرون بهَدْي النبوَّة والوحي المنزَّل في تفسير هذه الآيات بلا تحريف ولا تغيير، ولا حَيْدٍ عن فَهْم أوَّل مَن تلقَّاه ونزل فيهم، وهم الصحابة رضوان الله عليهم، ومَن اتَّبعَهم بإحسان.

فهؤلاءِ المؤمنونَ الموحِّدونَ المتَّبعونَ في كل عصر، همُ الذين ينهلونَ الدِّينَ مِن مَنبعهِ الصافي رائقاً زلالًا، يُذْهِب ظمأ النفوس العَطْشَى إلى الحقِّ، ويروي الفيافي والصحاري، فتصير بإذن الله خصبةً مُثمرةً، وواحات تهتدي إليها وبها القلوب الحيارى، والعيون الزائغة.

فعند هؤلاء، وحيث يكُونون، تصدُق المعاني، وتتَّضح الرُّؤى، وتتمايز الألوان، ويبدو الكون بمعرفة خالقه، والهدف مِن خلْقه أكثرَ جمالًا، وكأن المخلوقات قد انتظمت في تسابيح صدْق بحمد الله عز وجل خالقها.

ومما يدعو إلى التفكُّر أيضًا، أنَّ الله عز وجل كما جعَل بلادنا أجملَ أجواء الدنيا، فقد اصطفاها أيضًا لتكونَ مهبط رسالاته إلى البشر.

وكأن الكون يذكِّرنا في كلِّ فصل مِن فصوله الأربعة - إذا ما حلَّ علينا قرُّ الشتاء، أو لفحَنا حرُّ الصيف، أو طابت لنا نسماتُ الربيع والخريف - بواجبنا في الدعوة إلى الله، وبأنه كما أن كثيرًا مِن شعوب العالم تتمنَّى العيش فوق أرضنا، وتحت سمائنا؛ لِيَستَمتعوا بهذه الأجواء الخلَّابة، فإنهم ولا شك يتُوقون أيضًا لأن يَهتدوا لما هدانا الله عز وجل إليه مِن دِين حَقٍّ، أرخَى ظلالَه الوارفة، ونسماته العَطِرة على جميع جوانب حياتنا نورًا وإشراقًا وإزهارًا.

وبأنه لزامٌ علينا أن نأخذ بأيديهم لنخرجهم بإذن الله تعالى من الظلمات إلى النور، وإلى دِفء الحياة مِن برْد القبور.

ولَسْنا في ذلك إلا متَّبِعين سبيلَ محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الرحمة المهداة إلى البشريَّة كلها، والذي خاطبه ربُّه عز وجل قائلاً: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [يوسف: 108].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بلِّغوا عنِّي ولو آية))؛ حديث صحيح.

لذلك؛ فإنْ كان الربيع لا يغادر على الحقيقة قلوبَنا؛ إلا أنه قد يكُون في اختلافِ الفصول، واعتدالِ الجوِّ فرصةٌ أكبر لفتح نوافذ الدعوة على مصاريعها، ونفْض ما عَلِق عليها مِن تراب الشتاء ورطوبته، ومن أفكار واردة كاسدة تنمِّي فينا الانعزاليَّة والفرديَّة بدعوة الحريَّة الشخصيَّة، وكأن الشمس يمكن أن تسير على هواها، أو يمكن للقمر يومًا أن يلقاها.

أما الحقيقة فهي أن الكَون كله مسلم لله عز وجل.

فمتى استقامَ البشَر لِخالقهم وأسلَموا، انضمُّوا إلى هذه المنظومة الكونيَّة المسلمة في انسجام وتكامل يزيد بهجة الحياة، ويفعِّل برَكَتها، ويسخِّر الكونَ للإنسان؛ لِيُتيح له أداء مهمَّته الأساسيَّة؛ وهي: عبادة الله عز وجل وتعبُّده سبحانه وتعالى في جميع حركاته وسَكَنَاته.

والله تعالى يقول: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].

أما إذا خالف البشر أمرَ ربِّهم، وشذُّوا كالذرَّات المتنافرة عن هذه المنظومة الكونيَّة، ذاقوا مرارة التضادِّ وتعثُّر الأمور، وخيَّمت الكآبة على حياتهم، ومحقت بركتها.

ويا للبشَر الضعافِ وقد اصطفُّوا في حربٍ مع الكون العظيم المسخَّر لخالقه: ﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُو ﴾ [المدثر: 31].

ولا شكَّ أنَّ أحبَّ مَن عاش الحياة الطيِّبة إلينا هُم أهلُنا وأحبَّاؤنا، الأقرب فالأقرب، فلنُجاهد أنفسَنا إذًا في دعوتهم، ولنحتمَّل منهم، ولنصبر عليهم يومًا بعد يوم، فإنْ أراد الله عز وجل هدايتَهم، فما أعظمَ أن يكون ذلك على أيدينا! وإنْ شاء سبحانه غيْرَ ذلك، فقد أدَّيْنا واجبَنا تجاههم، ولم نقصِّر في حقِّهم.

ومِن بَعْد الأهلِ الجيرانُ والأصحابُ، فلبئس الجيرة نحن إنْ خشينا أن تَسْقط مِن شُرفاتنا قطراتُ ماءٍ على مَن هُم أسفل مِنَّا تأثُّمًا - وحق لنا أنْ نتأثَّم - ثم تركناهم يَسقُطون في النار، ونحن نراقبهم لا نمدُّ إليهم أيدينا لِنَنتَشلَهم منها.

ولبئس الصحْب نحن إنْ هادَيْنا الرِّفاق طلبًا لقلوبهم، وما هدَيْناهم الطريق طلبًا لنجاتهم، ومرضاةِ ربِّنا.

ولبئس القوم نحن إنْ لم نُظهر مِن شعائر الإسلام، والحرص عليها، ما يُنَبِّه القلوبَ الغافلة، ويُقِرُّ الأعيُنَ الزائغة.

إنها مشاعر الحُبِّ لهداية كلِّ الخلْق ولخيرِهم، وألَّا نستأثر بالخير دونهم، إنها مشاعر البِرِّ والهدى والنور.

إنه ربيع الفصول يُذَكِّرنا جمالُه بأنه يَسَع الجميعَ، فكيف بربيع القلوب؟!

إنه الربيع ككلِّ شيءٍ جميل في الحياة يذكِّرنا بقُدرة الله عز وجل، وبديع خلْقه، ومُتقَن صُنْعه؛ حتى تتيقَّن نفوسُنا بوعد الآخرة: ألا إنْ كان هذا الجمالُ يُحيطنا، ويُبهج نفوسَنا على تقصيرنا وذنوبنا وظُلمنا، فكيف بدار الكرامة؟! وما أعدَّه الله عز وجل لِعبادِه الصالحين؛ حيث ((ما لا عينٌ رأت، ولا أُذُنٌ سَمِعتْ، ولا خطَر على قلبِ بشَرٍ))؛ صحيح.

ثم كيف والربيع على صفاء نهاره، وجمال أزهاره، وضوء القمر في الليل كالزينات على صفحات مياهه وأنهاره، لا يصفو ولا يدوم، وإنه لضيف مُتعجِّل الرحيل؟!

أوَنركنُ إليه وكأنه الغاية والمنتهَى، ولا تشتاق نفوسُنا المتعَبة ليومٍ يُذْهب اللهُ فيه عنا الحزنَ، ويُحِلُّنا دارَ المقامة مِن فضله؛ حيث لا يمسُّنا فيها نَصَبٌ.

((مَن يدخلها يَنْعم ولا يَبْأس، ويخلد ولا يموت، لا تَبْلَى ثيابُه، ولا يَفْنَى شبابُه))؛ صحيح.

وكيف بمساكن طيِّبة في جنات عَدْن، وغُرَف مِن فوقها غُرَف مبنيَّة تجري مِن تحتها الأنهار، بناؤها لَبِنة ذهبٍ، ولَبِنة فِضَّة، ومِلاطُها المسْك، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابُها الزعفران، حُلِيُّ أهلِها مِن أساور مِن ذهب ولؤلؤ، ولباسُهم فيها حرير.

﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ﴾ [الرحمن: 54].

﴿ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ ﴾ [الواقعة: 17، 18].

تحيَّتُهم فيها سلامٌ، والملائكة يدخلون عليهم مِن كلِّ بابٍ: ﴿ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 24].

ثم كيف بالقُصور والحُور والحُبور، وعيشة راضية، في جَنَّة عالية، قطوفها دانية.

﴿ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ ﴾ [الواقعة: 32، 33].

﴿ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ﴾ [الواقعة: 21].

﴿ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ﴾ [الإنسان: 5- 6].

﴿ أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾ [محمد: 15].

ثم كيف بشجرة على ساقٍ يَسِيرُ الراكبُ المجدُّ في ظلِّها مائةَ عام في نواحيها، فيخرج أهل الجَنَّة أهل الغُرَف وغيرهم، فيتحدثون في ظلِّها فيشتهي بعضُهم ويذكر لهو الدنيا، فيُرسِل اللهُ ريحًا مِن الجَنَّة، فتحرَّك تلك الشجرة بكلِّ لهوٍ كان في الدنيا؛ صحيح.

ألا فكيف يفُوتنا أن نسعَى لمثل هذه الحياة - لنا ولمن حوْلنا - على ما في الدنيا مِن كدر، وإنْ طاب أمرٌ فليس بغاية الطيِّب، ولا هو يستمر؟!
وهل على مثل ما في الجَنَّة مِن صَبْرٍ لِبَشَر؟!

فهذا الربيع يذكِّرنا الخبَر.
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾ [القمر: 54، 55].



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 51.24 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.15%)]