دقائق مع صهيب الرومي رضي الله عنه - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 889 - عددالزوار : 119589 )           »          الوصايا النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 27 - عددالزوار : 8872 )           »          البشعة وحكمها في الشريعة الإسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الألباني.. إمام الحديث في العصر الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 1199 )           »          لا تقولوا على الله ما لا تعلمون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          نصائح وضوابط إصلاحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 50 - عددالزوار : 22009 )           »          اصطحاب الأطفال إلى المساجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          صلة الرحم ليس لها فترة زمنية محددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          الدعاء بالثبات والنصر للمستضعفين من المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الأسباب المعينة على قيام الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > الملتقى العام > ملتقى أعلام وشخصيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى أعلام وشخصيات ملتقى يختص بعرض السير التاريخية للشخصيات الاسلامية والعربية والعالمية من مفكرين وأدباء وسياسيين بارزين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-09-2024, 11:00 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,296
الدولة : Egypt
افتراضي دقائق مع صهيب الرومي رضي الله عنه

دقائق مع صهيب الرومي رضي الله عنه

بقلم الدكتور محمد أديب الصالح



دراسة سير الأعلام في التاريخ أمر ذو أهمية بالغة الأثر في تكامل الثقافة والإعداد من أجل أن يأخذ الفرد دوره الفعال في حياة الجماعة وبناء المجتمع ، ونحن أمة أكرمنا الله بأن كان أعلامنا صورة حية واقعية للمبادئ التي حملوها ، ولم يبخلوا بالعطاء في سبيلها ؛ فإذا قرأت سيرة واحد من هؤلاء وقعت على الأنموذج الذي تعتبر حياته إعلاناً أي إعلان ينادي في الناس أن الإسلام وطاقات الإنسان على سبيل سواء ، وأن أولئك الرجال الذين اختصهم التاريخ واستودع أيامهم صفحاته ، إنما بلغوا ما بلغوا ، بحرصهم على الوفاء بموثقهم من الإسلام ، وإقدامهم حيث يتعين الإقدام ـ وصبرهم على مستلزمات العقيدة حيث لا يصبر إلا أقوياء الإيمان ـ فلا المال ولا الولد ولا حب الحياة بصارف عن هذا الذي هو إقدام ، ولا بمثبط عن ذاك الذي هو صبر وعطاء .

والحقيقة التي لا يسع منصفاً جهلها أو تجاهلها ، أن المسلمين الأوائل كانوا أقدر على نشر الإسلام في الجزيرة العربية ، ثم في تميزها من بقاع الأرض بذلك السلوك الفريد الذي كان ترجمان القرآن الذي حملوه إلى الناس ، وكان التعبير الفطري الميسر عن منهجهم في التفكير والطريقة التي تحكم سلوكهم تجاه أنفسهم وتجاه من يدعونهم إلى الإسلام .

وما أحسب أن واقعة من الوقائع التي يصنعها المرء بسلوكه وعطائه يمكن أن تبتلعها الأيام فلا تعطي عطاءها على ساحة البناء أو يندرس أثرها في التاريخ ؛ فالأجيال المتلاحقة تفيد وما تزال بحاجة إلى أن تفيد أكثر وأكثر من العمل القدوة الذي يصنعه الوعي الإنساني بوصفه إنساناً ، ويأخذ أبعاده بعمق وشمول منسقين مع العقيدة التي يحملها ، والفكر الذي يدعو غليه .

واليوم وقد كثرت المعوقات والمثبطات ، تبدو ضرورة ملحةً دراسة تلك النماذج بأصالة وعمق ، من أجل أن يكون ذلك عوناً للفرد على الإسهام الإيجابي النافع في كل ما هو خير لمجتمعه وأمته .

وعلى هذه الطريق المشرقة النيرة نحن على موعد مع قبسات من حياة واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . ذلك هو صهيب بن سنان الرومي .. ويقال : خالد بن عمرو بن عقيل . وأمه من بني مالك بن عمرو بن تميم ، ولقد ثبت أنه ليس برومي ، ولكن قيل له ذلك لأن الروم سبوه صغيراً ، رحمه الله ورضي عنه .

ويقول ابن سعد في (الطبقات) : كان أبوه وعمه على الأُبُلّة من جهة كسرى ، وكانت منازلهم على دجلة من جهة الموصل ، فنشأ صهيب بالروم فصار ألكن ، ثم اشتراه رجل من كلب فباعه بمكة فاشتراه عبد الله بن جدعان التميمي فأعتقه ، على أنه هو في حديث له مع عمر بن الخطاب قال عن نفسه : وأما انتمائي إلى العرب ؛ فإن الروم سبتني صغيراً ، فأخذت لسانهم . روى ذلك البغوي من طريق زيد بن أسلم عرابيه .

ولقد كان صهيب من السابقين إلى الإسلام والإيمان بمحمد عليه الصلاة والسلام ، فهو واحد من سبعة هم أول من أظهر إسلامه .

ولم تمر إسلامه دون أن يدفع ثمنها غالياً ، ولكن ما عند الله خير وأبقى لأولئك الذين صبروا على ظلم قريش وأذاها عندما آووا إلى دعوة الإسلام . جاء في صحيح الأخبار أن عمار بن ياسر كان يعذب حتى لا يدري ما يقول ، وكذا صهيب ، وعامر بن فهيرة وقوم ، وفيهم نزل قوله تعالى في سورة النحل : [ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ، ثم جاهدوا وصبروا ، إن ربك من بعدها لغفور رحيم] .

أجل : لقد كان صهيب من المستضعفين ممن يعذب في الله ، فما غيّر ولا بدل ، بل صدق ما عاهد الله عليه ، وصبر وصابر، وقد هاجر إلى المدينة مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه في آخر من هاجر في تلك السنة ، فقدما في نصف ربيع الأول ، وشهد بدراً والمشاهد بعدها .

ومن كريم مواقفه في البذل ، والشجاعة في مواجهة الباطل وأهله ما روي أنه لما هاجر، تبعه نفر من المشركين ، فسئل فقال : يا معشر قريش ، إني من أرماكم ، ولا تصلون إليّ حتى أرميكم بكل سهم معي ، ثم أضربكم بسيفي ، فإن كنتم تريدون ما لي دللتكم عليه ، فرضوا ، فعاهدهم ودلهم ، فرجعوا فأخذوا ماله ، فلما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ربح البيع ، فأنزل الله عز وجل : [وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالعِبَادِ] {البقرة:207} .

لقد كان رحمه الله شجاعاً صادق التوكل حين لم يخفه تهديد هؤلاء النفر من المشركين ووعيدهم ، بل هددهم بأن يستنفد ما في وسعه في قتالهم ، وكان شجاعاً صادق التوكل أيضاً حين نزل على كل ما يملك من المال في سبيل أن يسلم له دينه ، وتتم له هجرته ، وفي غمرة ذلك كله كان مثال الوفاء حين عاهدهم ودلهم ، وهم المشركون ـ فرجعوا بكل جشعهم وخيلائهم وأخذوا ماله .

ولكن الله الذي لا يضيع عنده مثقال ذرة أنزل فيه وفي أمثاله قرآناً يتلى حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يثني على صنع صهيب فيما بذل من الدنيا ابتغاء الآخرة وطلباً لرضوان الله ويزف إليه تلك البشرى العظيمة بقوله : ربح البيع ، ونزلت الآية الكريمة : [وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالعِبَادِ] {البقرة:207} لتظل عنوان الكرامة والقبول فسبحان المنعم المفضل .

ولقد كان هذا الصحابي الجليل ـ والحمد لله ـ جديراً بهذه المكرمة ، فقد ثبت على طريق الحق وأسهم أيما إسهام في بناء المجتمع الذي اتسم بالإيمان والتكافل والنظام ، ولم يتخلف يوماً واحداً عن كل ما هو بذل وعطاء في ساحة المكرمات . قال رضي الله عنه : لم يشهد رسول الله مشهداً قط إلا كنت حاضره ، ولم يبايع بيعة قط إلا كنت حاضرها ، ولم يسير سرية قط إلا كنت حاضرها ولا غزا غزاة قط إلا كنت فيها عن يمينه أو شماله ، وما خافوا أمامهم قط إلا كنت أمامهم ، ولا ما وراءهم إلا كنت وراءهم ، وما جعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين العدو قط حتى توفي .
مات صهيب سنة ثمان وثلاثين أو سبع وثلاثين للهجرة . رحمه الله وأعلى مقامه في الآخرين ، ورزقنا حسن التأسي ، فنحن اليوم أحوج ما نكون إلى حسن التأسي بهؤلاء الرجال ، وعلى الله قصد السبيل .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 48.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.07 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.43%)]