مبحث مختصر للناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 994 - عددالزوار : 122274 )           »          إلى المرتابين في السنة النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          رذيلة الصواب الدائم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          استثمار الذنوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          حارب الليلة من محرابك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          حديث: ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          ذكر الله تعالى قوة وسعادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          السهر وإضعاف العبودية لله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          مميزات منصات التعلم الإلكترونية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-06-2024, 06:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,513
الدولة : Egypt
افتراضي مبحث مختصر للناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم

مبحث مختصر للناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم

وحيد بن عبدالله أبوالمجد

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

إن علوم القرآن من المباحث التي تتعلق بالقرآن الكريم من ناحية نزوله وترتيبه، وجمعه وكتابته، وقراءاته، ومحكمه ومتشابهه، وناسخه ومنسوخه، وإعجازه، وأساليبه، وغيرها من الأقسام الجليلة، في (علوم القرآن)، وقد أوصل الزركشي عدد تلكم الأقسام في كتابه (البرهان) إلى سبعة وأربعين قسمًا، وأوصلها الحافظ السيوطي في كتابه (الإتقان في علوم القرآن) إلى ثمانين قسمًا.

مما يستوجب على كل طالب علم معرفة تلكم العلوم العظيمة؛ حتى يتمكن من فهم كتاب الله على طريقة ساداتنا من السلف الصالح من الصحابة رضوان الله عليهم، والتابعين رحمهم الله جميعًا، وقد كانوا يتدبرونه، ويتعمقون في معانيه وفي علومه، ويبحثون في عمومه وخصوصه، وناسخه ومنسوخه.

وهنا أقدم لكم مختصرًا وافيًا في علم الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم؛ لرفع مظنة الالتباس عند بعض الناس في هذا الشأن العظيم، ولإزالة التعارض الظاهر بين بعض النصوص، والذي قد يرجع إلى أن أحد الحُكمين متقدم على الآخر، وأن الأول منهما كان مؤقتًا، ثم زال بالمتأخر.

وسوف يتضح لنا من سياق الحديث الإجابة الشافية بإذن الله تعالى عن بعض الأسئلة التي تدور حول هذا الموضوع مثل: معنى النسخ لغةً واصطلاحًا، وهل النسخ ثابت في كتاب الله تعالى؟ وما الحكمة من ورائه؟ وهل هناك آيات نُسخت- أي: مُسحت من القرآن- ووضع محلها آية أخرى؟ وما الآيات التي تم نسخها؟ وهل تم النسخ في الأحكام أم في التلاوة؟

كلها أسئلة تدور في ذهن البعض، مع ملازمة الاستيضاح لها محل هذا المبحث بإذن الله وتوفيقه.

وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.

ذكر الزرقاني رحمه الله في مناهله عن علم الناسخ والمنسوخ، قال:
(إن معرفة الناسخ والمنسوخ ركن عظيم في فهم الإسلام، وفي الاهتداء إلى صحيح الأحكام، خصوصًا إذا ما وجدت أدلة متعارضة لا يندفع التناقض بينها إلا بمعرفة سابقها من لاحقها، وناسخها من منسوخها؛ ولهذا كان سلفُنا الصالح يعنون بهذه الناحية، يحذقونها، ويلفتون أنظار الناس إليها، ويحملونهم عليها...).

أولًا: النسخ لغةً واصطلاحًا:
النسخ في اللغة: أي الرفع والإزالة.

واصطلاحًا: هو رفع حكم شرعي بدليل شرعي متأخر، والناسخ هو الحكم الأخير، والمنسوخ هو الحكم الأول.

وقد أورد فيه الشيخ عبدالقاهر البغدادي رحمه الله أقوالًا في المعنى الاصطلاحي، خلاصتها جميعًا: أن النسخ هو (الخروج من حكم إلى حكم جديد ينافيه، أو يُدخل عليه بعض التعديل).

والنسخ في كلام العرب على وجهين:
أحدهما: النقل؛ كنقل كتاب من آخر، ومنه قوله تعالى: ﴿ إِنَّا كُنَّا ‌نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الجاثية: 29]؛ أي: نأمر بنسخه وإثباته.

الثاني: الإبطال والإزالة، وهو المقصود هنا في هذا المبحث.

وقد قال ابن فارس رحمه الله: (النسخ نسخ الكتاب)، و(النسخ أن تزيل أمرًا كان من قبل يُعمل به، ثم تنسخه بحادث غيره)؛ كالآية تنزل بأمر ثم ينسخ بأخرى، وكل شيء خلف شيئًا فقد انتسخه، كما يقال: (انتسخت الشمس الظل، والشيب الشباب، وكذلك تناسخ الأزمنة والقرون).

وليس معنى النسخ أن اللّه أمر أو نهى أولًا، ثم بدا له رأي فنسخ الحكم الأول -تعالى اللّه عن ذلك عُلُوًّا كبيرًا- بل معناه أن اللّه كان يعلم أن هذا الحكم يكون باقيًا إلى وقت معلوم، ثم يُنسخ، فلما جاء الوقت أرسل حكمًا آخر.

ثانيًا: ثبوت النسخ في الكتاب والسنة:
هل النسخ ثابت في الكتاب والسنَّة؟ نعم؛ كما قال تعالى في محكم آياته: ﴿ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ ‌أُمُّ ‌الْكِتَابِ ﴾ [الرعد: 39].

وكما في تفسير الطبري:
(قال سعيد بن جبير وقتادة: يمحو الله ما يشاء من الشرائع، والفرائض فينسخه ويبدله، ويثبت ما يشاء منها فلا ينسخه).

وقال الله تعالى: ﴿ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ ‌نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ﴾ [البقرة: 106].

وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا ‌بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 101].

ولكن اعلم- يرحمك الله- أن (الآيات الكونية والمعجزات الربانية، والعقائد والأخبار) لا يدخلها النسخ؛ إنما يكون النسخ في بعض فروع الأحكام (كالأمر والنهي، والحلال والحرام)؛ يعني جل ثناؤه بقوله تعالى: ﴿ مَا ‌نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ ﴾؛ أي: ما ننقل من حكم آية إلى غيره فنبدله ونغيره، وذلك أن يحول بعض الفروع من الأحكام مثل الحلال حرامًا، بعدما كان فيه الحِل، والحرام حلالًا بعد أن كان محرمًا، والمباح محظورًا، والمحظور مباحًا، وهكذا.

أما غير ذلك -كما تقدم- فلا يكون فيه ناسخ ولا منسوخ.

والله سبحانه وتعالى حين نسخ بعض أحكامه ببعض ما ظهر له أمر كان خافيًا عليه، وما نشأ له رأي جديد كان يفقده من قبل، تعالى الله عن ذلك؛ وإنما كان سبحانه يعلم الناسخ والمنسوخ أزلًا من قبل أن يشرعها لعباده؛ بل من قبل أن يخلق الخلق، ويبرأ السماء والأرض؛ إلا أنه جلت حكمته أن الحكم الأول المنسوخ منوط بحكمة أو مصلحة تنتهي في وقت معلوم.

وكما ذكر أحد المفسرين الفضلاء رحمهم الله قال: النسخ هو النقل، فحقيقة النسخ نقل المكلفين من حكم مشروع إلى حكم آخر، أو إلى إسقاطه.

وكان اليهود ينكرون النسخ، ويزعمون أنه لا يجوز، وهو مذكور عندهم في التوراة، في مواضع عديدة، فإنكارهم له كفر، وهوى محض.

فعلى سبيل المثال: كان زواج الأخوة بالأخوات في عهد آدم عليه السلام، وتزوج إبراهيم عليه السلام من أخته سارة، كما جاء في (التكوين 20: 12): وَهِيَ بِالْحَقِيقَةِ أُخْتِي، ابْنَةُ أَبِي، غَيْرَ أَنَّهَا لَيْسَتْ ابْنَةَ أُمِّي فَاتَّخَذْتُهَا زَوْجَةً لِي).

وتم تحريم نكاح الأخت بعد ذلك في شريعة موسى عليه السلام، فجاء في (اللاويين 18: 9): (لاَ تَتَزَوَّجْ أُخْتَكَ بِنْتَ أَبِيكَ، أَوْ بِنْتَ أُمِّكَ، سَوَاءٌ وُلِدَتْ فِي الْبَيْتِ أَمْ بَعِيدًا عَنْهُ).

وغيرها من الأمور التي لا مجال لسردها في هذا المقام.

- وكل من قدح في النسخ فقد قدح في ملكه، وقدرته سبحانه وتعالى، فقال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * ‌أَلَمْ ‌تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [البقرة: 106-107].

فإذا كان مالكًا لكم، متصرفًا فيكم، تصرف المالك البر الرحيم في أقداره وأوامره ونواهيه، فكما أنه لا حجر عليه في تقدير ما يقدره على عباده من أنواع التقادير؛ كذلك لا يعترض عليه فيما يشرعه لعباده من الأحكام، فالعبد مدبَّر، مسخَّر تحت أوامر ربه الدينية والقدرية، فما له والاعتراض؟!

وهو أيضًا ولي عباده ونصيرهم، فيتولاهم في تحصيل منافعهم، وينصرهم في دفع مضارهم، فمن ولايته لهم أن يشرع لهم من الأحكام ما تقتضيه حكمته، ورحمته بهم.

إذن النسخ ثابت في كتاب الله، ولا يقع النسخ إلا في فروع الأحكام من عبادات ومعاملات، أما غير ذلك من عقائد وأخلاق، وأصول العبادات والمعاملات، ومدلولات الأخبار المحضة، والآيات الكونية فهي ثابتة، فلا نسخ فيها على الرأي السديد الذي عليه جمهور العلماء.

الحكمة من وقوع النسخ:
معلوم عند أهل العلم أن معرفة الحكمة وراء تشريع النسخ إراحة للنفس، وعصمتها من الوسوسة.

ومن خصائص القرآن الكريم تدرُّجه في التشريع؛ فأحكام الشرع الإسلامي لم تنزل من الله جملة واحدة؛ بل جاءت متفرقة، وروعي فيها قابلية النفوس لتلقي الأحكام والسير عليها.

ولقد أخبر الله تعالى عن حكمته في النسخ، في قوله تعالى: ﴿ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا ﴾؛ أي: نُنسها العباد، فنزيلها من قلوبهم: ﴿ نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا ﴾ [البقرة: 106]، وأنفع لكم، ﴿ أَوْ مِثْلِهَا ﴾ [البقرة: 106].

فدل على أن النسخ لا يكون لأقل مصلحة لكم من الأول؛ لأن فضله تعالى يزداد، خصوصًا على هذه الأمة التي سهل عليها دينها غاية التسهيل، وكما نسخت الشريعة الإسلامية كل شريعة قبلها.

وغالبًا ما يكون الناسخ تخفيفًا على المسلمين، أو تكثيرًا للأجور، ومن تأمَّل ما وقع في القرآن والسنة من النسخ عرف بذلك حكمة الله، ورحمته بعباده، وإيصالهم إلى مصالحهم، من حيث لا يشعرون بلطفه.

أنواع النسخ:
1. نسخ التلاوة والحكم.

2. نسخ الحكم دون التلاوة.

3. نسخ التلاوة دون الحكم.

1- الأول: ما نُسخ تلاوةً وحُكمًا؛ أي: إنه لا يوجد ضمن المصحف الشريف الآن؛ لأن تلاوته رفعت، وكذلك تغير حكمه بحكم آخر.

روى الشيخان من حديث عائشة رضي اللَّه عنها قالت: "كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ مِمَّا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ".

وأجاب العلماء عن قولها: "تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ مِمَّا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ" بأن التلاوة نُسخت دون أن يبلغ هذا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.

وهذا النوع من النَّسخ أجمع عليه القائلون بالنَّسخ من المسلمين.

2- الثاني: نسخ الحكم دون التلاوة: وهو أساس علم النسخ في القرآن، وإن كان بعض المؤلفين فيه قد بالغ في تعداد المنسوخ، فقد رجع المحققون منهم إلى الاعتدال؛ مثل: ابن عربي المالكي، وابن الجوزي الحنبلي، وهكذا قال السيوطي، ومن أمثلته قوله تعالى: ﴿ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ ‌عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ﴾ [الأنفال: 65]، نُسخ بقوله تعالى بعده: ﴿ الْآنَ ‌خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ﴾ [الأنفال: 66].

قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ ‌يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 240].

نسخت بقوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ ‌يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [البقرة: 234].

فالحكم الذي تضمنته هذه الآية منسوخ- كما سبق بيانه- وهي فيما يُتلى من القرآن؛ فهي مما نسخ حكمه وبقيَت تلاوته.

قال القاضي عياض: والإجماع منعقد على أن الحول منسوخ، وأن عدتها أربعة أشهر وعشر، وقد ذهب جماعة من المفسرين في تأويل هذه الآية: أن المتوفى عنها زوجها كانت تجلس في بيت المتوفى عنها حولًا كاملًا، وينفق عليها من ماله ما لم تخرج من المنزل، فإن خرجت لم يكن على الورثة جناح في قطع النفقة عنها، ثم نسخ الحول بالأربعة الأشهر والعشر، ونسخت النفقة أيضًا بالربع والثمن في الإرث كما في سورة (النساء).

كذلك من الأمثلة قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ‌نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المجادلة: 12]، وهذا الحكم منسوخ - كما سلف- فهذه الآية وإن نسخ حكمها فقد بقيت تلاوتها.

3- الثالث: نسخ التلاوة دون الحكم: ومثاله الأشهر آية الرجم: "إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما ألبتة نكالًا من الله والله عزيز حكيم"، فالحكم هو هذا الحكم، وأما التلاوة فقد رُفِعت.

ومن حديث عمر رضي الله عنه قال: إن الله بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل عليه آية الرجم، فقرأتها وعقَلتها ووعيتها، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله تعالى؛ فالرجم على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت به البينة، أو كان الحَبَل، أو الاعتراف، وقد قرأتها: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالًا من الله، والله عزيز حكيم"؛ متفق عليه.

إذن فعدد الآيات المنسوخة محل اجتهاد واختلاف بين العلماء، والمحققون من العلماء ذهبوا إلى أن ما صح نسخه من القرآن حوالي عشرين آية.

وكل هذا لا يقع إلا في الأمر والنهي، أما الآيات الكونية والمعجزات الربانية، والعقائد والأخبار فلا يقع فيها النسخ كما تقدم.

هذا وأسأل الله العظيم أن يفقهنا في ديننا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

المصادر:
لسان العرب، المعجم الوسيط.

مناهل العرفان للزرقاني.

تفسير ابن جرير الطبري، تفسير القرطبي، تفسير ابن كثير، تفسير السعدي.

صحيح مسلم، شرح النووي على صحيح مسلم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.14 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.47 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.87%)]