الغفور - الغفار - الغافر جل جلاله وتقدست أسماؤه - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1074 - عددالزوار : 127130 )           »          سورة العصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          عظات من الحر الشديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          المشي إلى المسجد في الفجر والعشاء ينير للعبد يوم القيامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          القلب الناطق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          الظلم الصامت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          من أدب المؤمن عند فوات النعمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          عن شبابه فيما أبلاه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          بلقيس والهدهد وسليمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          غزة تتضور جوعا.. قصة أقسى حصار وتجويع في التاريخ الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 31-01-2024, 12:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,699
الدولة : Egypt
افتراضي الغفور - الغفار - الغافر جل جلاله وتقدست أسماؤه

الغفور - الغفار - الغافر جل جلاله وتقدست أسماؤه
الشيخ وحيد عبد السلام بالي

الدِّلَالَاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاِسْمِ (الْغَفَّارِ):
الْغَفَّارُ فِي اللُّغَةِ مِنْ صِيَغِ المُبَالَغَةِ عَلَى وَزْنِ فَعَّالٍ كَثِيرِ المَغْفِرَةِ، فِعْلُهُ غَفَرَ يَغْفِرُ غَفْرًا وَمَغْفِرَةً، وَأَصْلُ الغَفْرِ التَّغْطِيَةُ وَالسَّتْرُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ عَنِ المَعْنَى اللُّغَوِيِّ فِي تَفْسِيرِ اِسْمِ اللهِ الْغَفُورِ[1].

وَالْغَفَّارُ سُبْحَانَهُ هُوَ الَّذِي يَسْتُرُ الذُّنُوبَ بِفَضْلِهِ، وَيَتَجَاوَزُ عَنْ عَبْدِهِ بِعَفْوِهِ، وَطَالمَا أَنَّ الْعَبْدَ مُوَحِّدٌ فَذُنُوبُهُ تَحْتَ مَشِيئَةِ اللهِ وَحُكْمِهِ، فَقَدْ يُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ اِبْتِدَاءً، وَقَدْ يُطَهِّرُهُ مِنْ ذَنْبِهِ.

وَالْغَفُورُ وَالْغَفَّارُ قَرِيبَانِ فِي المَعْنَى فَهُمَا مِنْ صِيَغِ المُبَالَغَةِ فِي الفِعْلِ، وَقِيلَ الْغَفَّارُ أَبْلَغُ مِنَ الْغَفُورِ، فَالْغَفُورُ هُوَ مَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ الْعِظَامَ، وَالْغَفَّارُ هُوَ مَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ الْكَثِيرَةَ، غَفُورٌ لِلْكَيْفِ فِي الذَّنْبِ وَغَفَّارٌ لِلْكَمِّ فِيهِ[2].

وَقَدْ تَكُونُ هُنَاكَ مِنَ الْفُرُوقِ مَا لَمْ يَظْهَرْ حَتَّى الآنَ مِمّا يُظْهِر إِعْجَازَ الْقُرْآنِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ مِنَ الزَّمَانِ، كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الإِعْجَازِ الْعَدَدِي لِحسَابِ الْحُرُوفِ وَالْجُمَلِ فإِنَّهَا أُمُورٌ تُزِيدُ الْعَقْلَ عَجْزًا فِي تَصَوُّرِ عَظَمَةِ الْقُرْآنِ[3]، وَقَدْ ظَهَرَ الْآنَ الإِعْجَازُ الصَّوْتِيُّ لِلأَسْمَاءِ الْحُسنَى، وَإِنْ كَانَ الأَمْرُ يَتَطَلَّبُ مَزِيدًا مِنَ الأَدِلَّةِ، فَقَدْ تَبَيَّنَ بِالتَّجْرِبَةِ أَنَّ كُلَّ اسْمٍ لَهُ تَأْثِيرٌ صَوْتِيٌّ عَلَى الْجِهَازِ المَنَاعِي فِي الإِنْسَانِ، وَأُمُورٌ أُخْرَى تُبَيِّنُ أَنَّ اِسْمَ اللهِ الْغَفَّارُ عَلَى وَزْنِ فَعَّالٍ لَهُ مَوْضِعُهُ المحْسُوبُ بِدِقَّةٍ فِي كِتَابِ اللهِ، وَأَنَّ اسْمَ اللِه الغَفُورُ عَلَى وَزْنِ فَعْولٍ لَهُ أَيْضًا مَوْضِعُهُ المَحْسُوبُ بِدِقَّةٍ فِي كِتَابِ اللِه[4].

وَأَيًّا كَانَ الْفَرْقُ فَإِنَّ الْغَفَّارَ يَدُلُّ عَلَى المُبَالَغَةِ فِي الْكَثْرَةِ.

وَاللهُ عز وجل وَضَعَ نِظَامًا دَقِيقًا لِمَلائِكَتِهِ فِي تَدْوِينِ الْأَجْرِ المَوْضُوعِ عَلَى الْعَمَلِ، فَهِي تُسَجِّلُ مَا يَدُورُ فِي مَنْطِقَةِ حَدِيثِ النَّفْسِ دُونَ وَضْعِ ثَوَابٍ أَوْ عِقَابٍ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الحَدِيثِ: «إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَكَلَّمْ»[5]، وَهَذَا يَتَطَلَّبُ اِسْتِغْفَارًا عَامًّا لِمَحوِ خَوَاطِرِ الشَّرِّ النَّابِعَةِ مِنْ هَوَى النَّفْسِ، وَيَتَطَلَّبُ اِسْتِعَاذَةً لِـمَحْوِ خَوَاطِرِ الشَّرِّ النَّابِعَةِ مِنْ لَمَّةِ الشَّيْطَانِ، كَمَا أَنَّهَا تُسَجِّلُ مَا يَدُورُ فِي مَنْطِقَةِ الكَسْبِ مَعَ وَضْعِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَهِيَ تُسَجِّلُ فِعْلَ الإِنْسَانِ المُحَدَّدِ بِالزَّمَانِ وَالمَكَانِ، ثُمَّ تَضَعُ الْجَزَاءَ المُنَاسِبَ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ فِي مُقَابِلِ الْعَمَلِ، فَإِذَا تَابَ الْعَبْدُ مِنَ الذَّنْبِ مُحِيَتْ سَيِّئَاتُه وَزَالَتْ وَغُفِرَتْ بَأَثرٍ رَجْعِيٍّ وَبُدِّلَتِ السَّيِّئَاتُ حَسَنَاتٍ كَمَا قَالَ: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان: 70].

وَهَذِهِ هِيَ المُبَالَغَةُ فِي المَغْفِرَةِ أَنَّ الْوِزْرَ يُقَابِلُهُ بِالتَّوْبَةِ الصَّادِقَةِ حَسَنَاتٌ، فَاللهُ عز وجل غَفَّارٌ كَثِيرُ المَغْفِرَةِ لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ بِالْعَفْوِ مَعْرُوفًا، وَبِالْغُفْرَانِ وَالصَّفْحِ عَنْ عِبَادِهِ مَوْصُوفًا.

وَكُلٌّ مُضْطَرٌّ إِلَى عَفْوِهِ وَمَغْفِرَتِهِ كَمَا هُوَ مُضْطَرٌّ إِلَى رَحْمَتِهِ وَكَرَمِهِ، وَقَدْ وَعَدَ عِبَادَهُ بِالمَغْفِرَةِ وَالْعَفْوِ لِمَنْ أَتَى مِنْهُم بِأَسْبَابِهَا، فَقَالَ: ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه: 82][6].

الْغَفُورُ[7]:
الْغَفُورُ فِي اللُّغَةِ مِنْ صِيَغِ المُبَالَغَةِ عَلَى وَزْنِ فَعُولٍ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْكَثْرَةِ فِي الْفِعْلِ، فِعْلُهُ غَفَرَ يَغْفِرُ غَفْرًا وَمَغْفِرَةً.

وَأَصْلُ الغَفرِ التَّغْطِيَةُ وَالسَّتْرُ، وَكُلُّ شَيءٍ سَتَرْتَهُ فَقَدْ غَفَرْتَهُ.

وَالْمِغْفَرُ غِطَاءُ الرَّأْسِ، وَالمَغْفِرَةُ التَّغْطِيَةُ عَلَى الذُّنُوبِ وَالْعَفْوُ عَنْهَا، غَفَرَ اللهُ ذُنُوبَه أَيْ: سَتَرَهَا[8].

وَعِنْدَ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ اِبْنِ عُمَرَ رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللهَ يُدْنِي المُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ، فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّه هَلَكَ، قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الأَشْهَادُ: هَؤُلَاءِ الذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ»[9].

وَالْغَفُورُ سُبْحَانَهُ هُوَ الَّذِي يَسْتُرُ الْعُيُوبَ وَيَغْفِرُ الذُّنُوبَ.

وَمَهْمَا بَلَغَ الذَّنْبُ أَوْ تَكَرَّرَ مِنَ الْعَبْدِ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ إِلَى الرَّبِّ فَإِنَّ بَابَ المَغْفِرَةِ مَفْتُوحٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ.

وَاسْمُ اللهِ الْغَفُورُ يَدُلُّ عَلَى دَعْوَةِ الْعِبَادِ لِلاسْتِغْفَارِ بِنَوْعَيْهِ: الْعَامِّ وَالْخَاصِّ، فَالاسْتِغْفَارُ مِنَ الْعَبْدِ عَلَى نَوْعَينِ:
الأَوَّلُ: الاسْتِغْفَارُ الْعَامُ وَهُوَ الاسْتِغْفَارُ مِنْ صَغَائِرِ الذُّنُوبِ، وَمَا يَدُورُ مِنْ خَوَاطِرِ السُّوءِ فِي الْقُلُوبِ، فَالْقَلْبُ فِيهِ مَنْطِقَةُ حَدِيثِ النَّفْسِ وَمَنْطِقَةُ الْكَسْبِ، فَمِنَ المَنْطِقَةِ الأُولَى تَخْرُجُ الْخَوَاطِرُ الَّتِي تَتَطَلَّبُ الاِسْتِغْفَارَ الْعَامَّ، وَهِي خَوَاطِرُ النَّفْسِ الأَمَّارَةِ، كَمَا وَرَدَ فِي قَوْلِهِ سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ [يوسف: 53].

وَعِنْدَ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَاللهِ إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً»[10].

وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ الأَغرِّ المُزَنِيِّ رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي، وَإِنَّي لأَسْتَغْفِرُ اللهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ»[11].

الثَّانِي: الاْسْتِغْفَارُ الْخَاصُّ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَنْطِقَةِ الْكَسْبِ بَعْدَ تَعَمُّدِ الْفِعْلِ وَاقْتِرَافِ الإِثْمِ فِي اللِّسَانِ وَالْجَوَارِحِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان: 68 - 70].

وَاللهُ عز وجل خَلَقَ الْبَشَرَ بِإِرَادَةٍ حُرَّةٍ مُخَيَّرَةٍ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالْخَطَأِ وَالصَّوَابِ، وَأَعْلَمَهُم أَنَّهُ الْغَفُورُ التَّوَّابُ؛ لِيُظْهِرَ لَهُم الْكَمَالَ فِي أَسْمَائِهِ، وَيُحَقِّقَ فِيهِم مُقْتَضَى أَوْصَافِهِ لِتَعُودَ المَنْفَعَةُ عَلَيْهِمْ؛ لَأَنَّهُ الْغَنِيُّ عَنْهُم أَجْمَعِين.

رَوَى التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ»[12].

وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَوْ أَنَّكُمْ لَمْ تَكُنْ لَكُمْ ذُنُوبٌ يَغْفِرُهَا اللهُ لَكُمْ لَجاءَ اللهُ بِقَوْمٍ لَهُمْ ذُنُوبٌ يَغْفِرُهَا لهُمْ»[13].

وُرُودُ الأَسْمَاءِ فِي القُرْآنِ الْكَرِيمِ[14]:
سَمَّى اللهُ نَفْسَهُ بِالْغَفُورِ فِي إِحْدَى وَتِسْعِينَ آيَةً، وَأَمَّا اِسْمُهُ (الْغَفَّارُ) فَقَدْ جَاءَ فِي خَمْسِ آيَاتٍ، فَعُلِمَ أَنَّ وُرُودَ (الْغَفُورِ) فِي الْقُرْآنِ أَكْثَرُ بِكَثِيرٍ مِنَ (الْغَفَّارِ)، وَ (الْغَفَّارُ) أَبْلَغُ مِنَ (الْغَفُورِ)، وَكِلَاهُمَا مِنْ أَبْنِيَةِ المُبَالَغَةِ.

قَالَ تَعَالَى: ﴿ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الشورى: 5].
وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الحجر: 49].
وَقَالَ: ﴿ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ [البروج: 14].
وَقَالَ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر: 53].
وَقَالَ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ [الشورى: 23].
وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا [فاطر: 41].
وَقَالَ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ [فاطر: 28].
وَأَمَّا (الْغَفَّارُ) فَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ [الزمر: 5].
وَقَوْلُهُ عز وجل: ﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ [ص: 66].
وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا [نوح: 10].

وَأَمَّا (الْغَافِرُ) فَقَدْ وَرَدَ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الْقُرْآنِ وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ [غافر: 3].

مَعْنَى الأَسْمَاءِ فِي حَقِّ اللهِ تَعَالَى:
قَالَ الزَّجَّاجُ: «وَمَعْنَى الْغَفْرُ فِي حَقِّ اللهِ سُبْحَانَهُ هُوَ الَّذِي يَسْتُرُ ذُنُوبَ عِبَادِهِ وَيُغَطِّيهِم بِسَتْرِهِ»[15].

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: «فَالْغَفَّارُ السَّتَّارُ لِذُنُوبِ عِبَادِهِ، وَالمُسْدِلُ عَلَيْهِم ثَوْبَ عَطْفِهِ وَرَأْفَتِهِ، وَمَعْنَى السَّتْرِ فِي هَذَا: أَنَّهُ لَا يَكْشِفُ أَمْرَ الْعَبْدِ لِخَلْقِهِ، وَلَا يَهْتِكُ سِتْرَهُ بِالعُقُوبَةِ الَّتِي تُشَهِّرُهُ فِي عُيُونِهِم»[16].

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: «وَالمَغْفِرَةُ مِنَ الذُّنُوبِ إِنَّمَا هُوَ إِلْبَاسُ اللهِ النَّاسَ الْغُفْرَانَ وَتَغَمُّدُهُمْ بِهِ»[17].

وَقَالَ الحُلَيْمِيُّ: «(الْغَافِرُ): وَهُوَ الَّذِي يَسْتُرُ عَلَى المُذْنِبِ، وَلَا يُؤَاخِذُهُ فَيُشَهِّرُهُ وَيَفْضَحُهُ.

(الْغَافِرُ): وَهُوَ المُبَالِغُ فِي السَّتْرِ، فَلَا يُشْهِرُ المُذْنِبَ لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الآخِرَةِ.

(الْغَفُورُ): وَهُوَ الَّذِي يَكْثُر مِنْهُ السَّتْرَ عَلَى المُذْنِبِينَ مِنْ عِبَادِهِ، وَيَزِيدُ عَفْوُهُ عَلَى مُؤَاخَذَتِهِ»[18].

وَقَالَ اِبْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْأَمَدِ: «المَسْأَلَةُ الثَّالِثَّةُ فِي تَرْتِيبِ هَذِهِ الأَسْمَاءِ الثَّلَاثَةِ، وَفِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: إِنَّ غَافِرًا فَاعِلٌ مِنْ غَفَرَ، وَإِنَّ قَوْلَنَا «غَفُورٌ» لِلمُبَالَغَةِ إِذَا تَكَرَّرَ، وَإِنَّ «الْغَفَّارَ» أَشَدُّ مُبَالَغَةً مِنْهُ.

الثَّانِي: إِنَّ قَوْلَهُ (غَافِرٌ) بِسَتْرِهِ فِي الدُّنْيَا، وَإِنَّ (غَفُورًا) بِسَتْرِهِ فِي الآخِرَةِ، وَإِنَّ (غَفَّارًا) بِسَتْرِهِ عَنْ أَعْيُنِ الْخَلَائِقِ، وَعَنْ أَعْيُنِ المُذْنِبِينَ، لِيَكُونَ لِكُلِّ لَفْظٍ فَائِدَةٌ يَخْتَصُّ بِهَا».

قَالَ: «وَالْقَوْلُ الأَوَّلُ هُوَ أَصَحُّ، وَمَا بَعْدَهُ تَحَكُّمُ لَا يَشْهَدُ لَهُ لُغَةٌ وَلَا حَقِيقَةٌ»[19].

وَقَالَ السَّعْدِيُّ: «(الْعَفُوُ - الْغَفُورُ - الْغَفَّارُ): الَّذِي لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ بِالْعَفْوِ مَعْرُوفًا، وَبِالْغُفْرَانِ وَالصَّفْحِ عَنْ عِبَادِهِ مَوْصُوفًا، كُلُّ أَحَدٍ مُضْطَرٌّ إِلَى عَفْوِهِ وَمَغْفِرَتِهِ، كَمَا هُوَ مُضْطَرٌّ إِلَى رَحْمَتِهِ وَكَرَمِهِ، وَقَدْ وَعَدَ بِالمَغْفِرَةِ وَالْعَفْوِ لِمَنْ أَتَى بِأَسْبَابِهَا، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه: 82]»[20].

وَقَالَ اِبْنُ الْقَيِّمِ فِي (النُّونِيَّةِ):
وَهُوَ الْغَفُورُ فَلَو أَتَى بقُرابِها
لَأَتَاهُ بِالغُفْرَانِ مِلءَ قُرَابِها
مِنْ غَيرِ شِرْكٍ بَلْ مِنَ العِصْيَانِ
سُبْحَانَهُ هُوَ وَاسِعُ الْغُفْرَانِ[21]


مِنْ فَوَائِدِ الإِيمَانِ بِهَذِهِ الأَسْمَاءِ:
1- وَصَفَ اللهُ سُبْحَانَهُ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ غَفَّارٌ وَغَفُورٌ لِلذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا وَالسَّيِّئَاتِ لِصِغَرِهَا وَكَبِيرِهَا، وَحَتَّى الشِّرْكِ إِذَا تَابَ مِنْهُ الإِنْسَانُ وِاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ، قَبِلَ اللهُ تَوْبَتَهُ وَغَفَرَ لَهُ ذَنْبَهُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر: 53]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا [النساء: 110].

فَمَهْمَا عَظُمَتْ ذُنُوبُ هَذَا الإِنْسَانِ فَإِنَّ مَغْفِرَةَ اللهِ وَرَحْمَتَهُ أَعْظَمُ مِنْ ذُنُوبِهِ الَّتِي اِرْتَكَبَهَا، قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ [النجم: 32].

وَقَدْ تَكَفَّلَ اللهُ سُبْحَانَهُ بِالمَغْفِرَةِ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه: 82].

بَلْ مِنْ فَضْلِهِ وَجُودِهِ وَكَرَمِهِ أَنْ تَعَهَّدَ بِأَنْ يُبَدِّلَ سَيِّئَاتِ المُذْنِبِينَ إِلَى حَسَنَاتٍ، قَالَ تَعَالَى عَنِ التَّائِبِينَ: ﴿ فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 70].

2- وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ لِلمُسْلِمِ أَنْ يُسْرِفَ فِي الْخَطَايَا وَالمَعَاصِي وَالْفَوَاحِشَ بِحُجَّةِ أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ؛ فَالمَغْفِرَةُ إِنَّمَا تَكُونُ لِلتَّائِبِينَ الأَوَّابِينَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا [الإسراء: 25]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ [النمل: 11].

فَاشْتَرَطَ تَبَدُّلَ الْحَالِ مِنْ عَمَلِ المَعَاصِي وَالسَّيِّئَاتِ إِلَى عَمَلِ الصَّالِحَاتِ وَالْحَسَنَاتِ لِكَي تَتَحَقَّقَ المَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ﴾ [النساء: 48]، [النساء: 116]، يُبَيِّنُ أَنَّ المُقِيمَ عَلَى الشِّرْكِ حَتَى الوَفَاةِ لَا غُفْرَانَ لِذُنُوبِهِ؛ لأَنَّهُ لَمْ يُبَدِّلْ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ، وَكَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى عَنِ المُنَافِقِينَ: ﴿ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ [المنافقون: 6] ؛ لأَنَّهُم لَمْ يُخْلِصُوا دِينَهُم للهِ وَلَمْ يُصْلِحُوا مِنْ أَحْوَالِهم.

وَأَمَّا إِذَا حَصَلَ ذَلِكَ فَإِنَّ المَغْفِرَةَ تَحْصُلُ لَهُمْ مَعَ المُؤْمِنِينَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء: 146].

فَلَا بُدَّ مِنَ الأَخْذِ بِالأَسْبَابِ المُؤَدِّيَةِ إِلَى المَغْفِرَةِ.

وَأَمَّا إِنْ مَاتَ وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى الكَبَائِرِ مِنْ غَيرِ أَنْ يَتُوبَ فَإِنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ بِالمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، بَلْ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَعَفَا عَنْهُ بِفَضْلِهِ كَمَا قَالَ اللهُ عز وجل: ﴿ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء: 48]، [النساء: 116]، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ فِي النَّارِ بِعَدْلِهِ، ثُمَّ يُخْرِجُهُ مِنْهَا بِرَحْمَتِهِ وَشَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ مِنْ أَهْلِ طَاعَتِهِ، ثُمَّ يُدْخِلُهُ الجَنَّةَ، وَذَلِكَ لِلْمُوَحِّدِينَ خَاصَّةً.

3- اِتِّصَافُ اللهِ سُبْحَانَهُ بِأَنَّهُ (غَفَّارٌ) لِلذُّنُوبِ وَالسَّيِّئَاتِ فَضْلٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ عَظِيمَةٌ لِلعِبَادِ؛ لأَنَّهُ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ، لَا يَنْتَفِعُ بِالمَغْفِرَةِ لَهُم؛ لأَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يَضُرُّه كُفْرُهُم أَصْلًا.

وَلَا يَغْفِرُ لَهُم خَوْفًا مِنْهُم أَيْضًا؛ لأَنَّهُ قَوِيٌّ عَزِيزٌ، قَدْ قَهَرَ كُلَّ شَيءٍ وَغَلَبَهُ، وَلَا يُعْجِزُهُ شَيءٌ فِي الأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ، وَقَدْ نَبَّهَ اللهُ عِبَادَهُ إِلَى هَذَا الأَمْرِ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ عِدَّةَ مَرَّاتٍ، بِاقْتِرَانِ اسْمِهِ (الغَفُورِ) مَعَ (العَزِيزِ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ [فاطر: 28]، وَقَوْلِهِ: ﴿ أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ [الزمر: 5]، فَمَعَ عِزَّتِهِ وَقَهْرِهِ، إِلَّا أَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.

الفَرْقُ بَيْنَ العَفْوِ وَالغُفْرَانِ:
قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: إِنَّ الغُفْرَانَ سِتْرٌ لَا يَقَعُ مَعَهُ عِقَابٌ.
وَالعَفْوُ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ وُجُودِ عَذَابٍ وَعِتَابٍ[22].

ثَمَرَاتُ الإِيمَانِ بِهَذِهِ الأَسْمَاءِ الْكَرِيمَةِ[23]:
مَنْ عَرَفَ مَغْفِرَةَ اللهِ لِعِبَادِهِ عَلَى ظُلْمِهِم، وَعَظِيمَ عَفْوِهِ عَنْهُم مَعَ إِسَاءَتِهِم فَقَدْ عَرَفَ جَانِبًا عَظِيمًا مِنْ صِفَاتِ اللهِ جل جلاله وتقدست أسماؤه، وَإِلَيْكَ جَانِبًا مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ:
1- لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ:
قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ [آل عمران: 135].
قَالَ اِبْنُ كَثِيرٍ: «أَيْ لَا يَغْفِرُ أَحَدٌ سِوَاهُ».

وَكَانَ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «وَأَبُوءُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ»[24].

2- إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ المَغْفِرَةِ:
قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ [النجم: 32].

فَإِنَّ اللهَ عز وجل وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ كُلَّ شَيءٍ، وَمَغْفِرَتُهُ أَعْظَمُ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى فِي الحَدِيثِ القُدُسِيِّ: «يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اِسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُّمَ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً»[25].

3- إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا:
فَمَهْمَا عَظُمَتْ ذُنُوبُ العَبْدِ فَإِنَّ مَغْفِرَةَ اللهِ وَرَحْمَتَهُ أَعْظَمُ مِنْهَا، بَلْ وَمِنْ كُلِّ شَيءٍ، فَلَا يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ وَلَا يَيْأَسُ مِنْ عَفْوِهِ وَغُفْرَانِهِ أَحَدٌ أَبَدًا.

قَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر: 53].

قَالَ ابْنُ عَبَاسٍ رضي الله عنهما فِي هَذِهِ الآيَةِ: «قَدْ دَعَا اللهُ إِلَى مَغْفِرَتِهِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ المَسِيحَ هُوَ اللهُ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ المَسِيحَ هُوَ ابْنُ اللهِ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ عُزَيْرًا اِبْنُ اللهِ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللهَ فَقِيرٌ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ يَدَ اللهِ مَغْلُولَةٌ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى لِهَؤُلَاءِ: ﴿ أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المائدة: 74]، ثُمَّ دَعَا إِلَى التَّوْبَةِ مَنْ هُوَ أَعْظَمُ قَوْلًا مِنْ هَؤُلَاءِ، مَنْ قَالَ: ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى [النازعات: 24]، وَقَالَ: ﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾ [القصص: 38]»، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَاسٍ رضي الله عنهما: «مَنْ آيَسَ عِبَادَ اللهِ مِنَ التَّوْبَةِ بَعْدَ هَذَا فَقَدْ جَحَدَ كِتَابَ اللهِ عز وجل»[26].

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «إِنَّ أَكْثَرَ آيَةً فِي الْقُرْآنِ فَرَحًا فِي سُورَةِ الغُرَفِ: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ[27].

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ يَعْلَمُ الكَافِرُ مَا عِنْدَ اللهِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَا قَنَطَ مِنْ جَنَّتِهِ أَحَدٌ»[28]، حَتَّى الشِّرْكُ يَغْفِرُه اللهُ لِمَنْ تَابَ، فَمَا أَعْظَمَ رَبَّنَا! وَمَا أَكْرَمَ إِلَهَنَا! وَمَا أَحَنَّهُ عَلَى خَلْقِهِ وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْهُم! وَمَا أَحَبَّهُ لِتَوْبَتِهِم وَهُمْ لَا يَضُرُّونَهُ شَيْئًا وَلَا يَنْفَعُونَهُ!

وَللهِ دَرُّ القَائِلِ:
يَا رَبِّ إِنْ عَظُمَتْ ذُنُوبي كَثْرَةً
فَلَقَدْ عَلِمْتُ بأَنَّ عَفْوَكَ أَعْظَمُ
أَدْعُوكَ رَبِّ كَمَا أَمَرْتَ تَضَرُّعًا
فَإِذَا رَدَدْتَ يدي فَمَنْ ذَا يَرْحَمُ
إِنْ كَانَ لَا يَدْعُوكَ إِلَا مُحْسِنٌ
فَبِمَنْ يَلُوذُ وَيَسْتَجِيرُ المُجْرِمُ
مَالِي إِلَيْكَ وَسِيلَةٌ إِلَّا الرَّجَا
وَعَظِيمُ عَفْوِكَ ثُمَّ إِنِّي مُسْلِمُ


4- السَّتْرُ عَلَى عَبْدِهِ:
قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ عز وجل حَيِيٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الحَيَاءَ والسَّتْرَ»[29].

وَقَالَ اِبْنُ القَيِّمِ رحمه الله:
وَهُوَ الحَيِيُّ فَلَيْسَ يَفْضَحُ عَبْدَهُ
عِنْدَ التَّجَاهُرِ مِنْهُ بِالعِصْيَانِ
لَكِنُّهُ يُلْقِي عَلَيْهِ سِتْرَهُ
فَهُوَ السَّتِيرُ وَصَاحِبُ الْغُفْرَانِ


فَإنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُحِبُّ السَّتْرَ عَلَى عِبَادِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.

فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَدْنُو أَحَدُكُم مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ: عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، وَيَقُولُ: عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُقَرِّرُهُ ثُمَّ يَقُولُ: إِنِّي سَتَرتُ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، فَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ»[30].

وَفِي رِوَايةٍ: «فَإِنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَإِنِّي أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ، فَيُعَطَى صَحِيفَةَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الكُفَّارُ وَالمُنَافِقُونَ فَيُنَادَى بِهِم عَلَى رُؤوُسِ الخَلَائِقِ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ»[31].

وَإِذَا سَتَرَ اللهُ مُؤْمِنًا فِي الدُّنْيَا فَكَذَلِكَ يَسْتُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ.

فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَسْتُرُ اللهُ عَلَى عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا، إِلَّا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ»[32].

بَلْ وَيَسْتُرُ مَنْ سَتَرَ المُسْلِمِينَ، فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ»[33].

وَيَذُمُّ مَنْ يَتَتَبَّعُ عَوْرَاتِ المُسْلِمِينَ وَيَفْضَحُ أَمْرَهُم وَيَكْشِفُ سِتْرَهُم، وَتَوعَّدَهُم عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الإِيمَانُ قَلْبَهُ لَا تَغْتَابُوا المُسْلِمِينَ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّه مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَاتِهِم، يَتَّبِعِ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ»[34].

فَسُبْحَانَ اللهِ عَلَى سِتْرِه لِمَنْ عَصَاهُ وَرَحْمَتِهِ بِمَنْ جَفَاهُ.

وَللهِ دَرُّ القَائِلِ:
فَكَمْ عَصَيْتُكَ يَا مَوْلَايَ مِنْ جَهلٍ
وَأَنْتَ يَا سَيِّدِي فِي الْغَيْبِ تَسْتُرُنِي
لَأَبْكِيَنَّ بِدَمْعِ الْعَيْنِ مِنْ نَدَمٍ
لَأَبْكِيَنَّ بُكَاءَ الْوَالِهِ الحَزِنِ


5- إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَابِينَ:
فَإِنَّ اللهَ عز وجل يُحِبُّ التَّوْبَةَ أَكْثَرَ مِنْ حُبِّ التَّائِبِ لَهَا، وَيُحِبُّ المَغْفِرَةَ أَكْثَرَ مِنْ حُبِّ النَّاسِ أَنْ يُغْفَرَ لَهُمْ.

قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة: 222].

وَمِنْ حُبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلتَّوْبَةِ وَالاِسْتِغْفَارِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُذْنِبِ النَّاسُ لَذَهَبَ بِهِمْ وَلَأَتَى بِقَوْمٍ لِيُذْنِبُوا فَيَسْتَغْفِرُوا لِيَغْفِرَ لَهُمْ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ تَعَالَى بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ تَعَالَى فَيَغْفِرُ لهُمْ»[35].

وَقَدْ أَحْسَنَ مَنْ قَالَ:
دَعَوْتُ كَرِيمًا قَدْ وَثَقْتُ بِصَنْعِهِ
وَلَيْسَ مَنْ يَدْعُو الكَرِيمَ يَخِيبُ
فَيَا مَنْ يُحِبُّ الْعَفْوَ إِنِّيَ مُذْنِبٌ
وَلَا عَفْوَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ ذُنُوبُ


6- وَيَفْرَحُ بِهِمْ:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «للهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ سَقَطَ عَلَى بَعِيرِهِ وَقَدْ أَضَلَّهُ فِي أَرْضِ فَلَاةٍ»[36].

وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: «للهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأْرْضِ فَلَاةٍ، فَانْفَلَتَتْ[37] مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ[38] مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا، وَقَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ بِخِطَامِهَا[39]، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ».

7- وَيَضْحَكُ إِلَيْهِمْ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَضْحَكُ اللهُ سبحانه وتعالى إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ يَدْخُلَانِ الجَنَّةَ، يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ عَلَى القَاتِلِ فَيُسْلِمُ فَيُسْتَشْهَدُ»[40].

8- وَيُسَخِّرُ لَهُمْ مَخْلُوقَاتِهِ:
فَمِنْ عَظِيمِ رَحْمَةِ اللهِ عز وجل أَنَّهُ يُحِبُّ لِلْتَّائِبِينَ الرَّحْمَةَ وَالْقَبُولَ، وَأَنْ يُدْخِلَهُمْ الجَنَّةَ، حَتَى أَنَّهُ يُسَخِّرُ لَهُمْ الْأَرْضَ مِثْلَ مَا حَدَثَ فِي تَوْبَةِ قَاتِلِ الْمائَةِ؛ إِذْ أَوْحَى لِلْأَرْضِ الطَّيِّبَةِ أَنْ تَقْتَرِبَ مِنْهُ، وَأَنْ تَبْتَعِدَ عَنْهُ الْأَرْضُ الْخَبِيثَةُ؛ حَتَّى تَأْخُذَهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ، فَسُبْحَانَ اللهِ.

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا، ثُمَّ خَرَجَ يَسْأَلُ، فَأَتَى رَاهِبًا فَسَأَلَهُ، فَقَالَ لَهُ: هَلْ مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: لَا، فَقَتَلَهُ، فَجَعَلَ يَسْأَلُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: اِئْتِ قَرْيَةَ كَذَا وَكَذَا - وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللهَ فَاعْبُدِ اللهَ مَعَهُمْ» - فَأَدْرَكَهُ المَوْتُ، فَنَاءَ بِصَدْرِهِ نَحْوَهَا، فَاخَتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ، فَأَوْحَى اللهُ إِلَى هَذِهِ: أَنْ تَقَرَّبِي، وَأَوْحَى إِلَى هَذِهِ: أَنْ تَبَاعَدِي، وَقَالَ: قِيْسُوا مَا بَيْنَهُمَا، فَوُجِدَ إِلَى هَذِهِ[41] أَقْرَبَ بِشِبْرٍ، فَغُفِرَ لَهُ»[42].

9- وَيَغْضَبُ عَلَى مَنْ قَنَّطَ النَّاسَ مِنْ رَحْمَتِهِ:
عَنْ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ رَجُلًا قَالَ: وَاللهِ لَا يَغْفِرُ اللهُ لِفُلَانٍ، قَالَ اللهُ: مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أَنْ لَا أَغْفِرَ لِفُلَانٍ، فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلَانٍ وَأَحْبَطُتْ عَمَلَكَ»[43]، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: «فَوَالَّذِي نَفْسُ أَبِي الْقَاسِمِ بِيَدِهِ، لَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَوْبَقَتْ[44] دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ»[45].

المُسَارَعَةُ إِلَى التَّوْبِ بَعْدَ الذَّنْبِ:
قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران: 133].
منقول

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 180.28 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 178.56 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (0.95%)]