الْقَنَاعَةُ كَنْزٌ لَا يَفْنَى - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         جهاد الأم في ميادين الصبر والتربية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          السجائر الإلكترونية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          أكثر ما نحرص عليه أكثر ما نتركه خلفنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          إذا ثَقُلَ صدرُك راجِع وِرْدَك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          الثمرات اليانعات من روائع الفقرات .. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 27 - عددالزوار : 7978 )           »          فضل الصدقة سرًا وعلانية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          تداول النكت والطرائف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          إهمال الجانب الروحي في الحضارة المعاصرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          الشتاء والبرد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن الملقن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 24 - عددالزوار : 1170 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 10-10-2023, 04:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,401
الدولة : Egypt
افتراضي الْقَنَاعَةُ كَنْزٌ لَا يَفْنَى

خطبة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية

– الْقَنَاعَةُ كَنْزٌ لَا يَفْنَى

الفرقان


  • الْإِنْسَانَ لَا يَشْبَعُ مِنَ الدُّنْيَا وَلَوْ حِيزَتْ لَهُ بِحَذَافِيرِهَا حَتَّى يَمُوتَ وَإِنَّهُ لَيَمُوتُ دُونَ أَنْ تَتَحَقَّقَ أَمَانِيُّهُ وَآمَالُهُ
  • الدُّنْيَا دَار امْتِحَانٍ وَاعْتِبَارٍ وَالْآخِرَةُ دَار جَزَاءٍ وَقَرَارٍ وَلَمْ يَجْعَلِ الدُّنْيَا دَارَ كَرَامَةٍ وَلَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَكَانَ أَسْعَدَ النَّاسِ بِهَا الْأَنْبِيَاءُ وَالْأَوْلِيَاءُ وَالصَّالِحُونَ وَالْأَتْقِيَاءُ
  • لْيَنْظُرِ الْعَبْدُ إِلَى مَا عِنْدَهُ مِنْ نِعَمٍ لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى وَلْيُقَارِنْهَا بِحَالِ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِ اللهِ يَجِدْ فَضَلَ اللهِ عَلَيْهِ كَبِيرًا
جاءت خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، لهذا الأسبوع 21 من ربيع الأول 1445هـ الموافق 6/10/2023م، بعنوان: (الْقَنَاعَةُ كَنْزٌ لَا يَفْنَى)؛ حيث بينت الخطبة أنَّ مِنْ كَمَالِ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ -تَعَالَى-، وَمِنْ تَمَامِ الْإِيمَانِ بِاللهِ رَبًّا، وَالرِّضَا بِهِ -سُبْحَانَهُ- رَازِقًا وَقَاسِمًا: أَنْ يَعْلَمَ الْمُسْلِمُ أَنَّ النَّفْعَ وَالضَّرَّ، وَالْخَيْرَ وَالشَّرَّ؛ بِيَدِ اللهِ جَلَّ فِي عُلَاهُ، وَأَنَّهُ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ، وَأَنَّهُ لَا يَنْفَعُ صَاحِبَ الْغِنَى غِنَاهُ، وَلَا يَبْلُغُ بِالْعَبْدِ مُنَاهُ: إِلَّا اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
وَلَقَدْ شَاءَ -عَزَّوَجَلَّ- أَنْ تَكُونَ الدُّنْيَا دَارَ امْتِحَانٍ وَاعْتِبَارٍ، وَالْآخِرَةُ دَارَ جَزَاءٍ وَقَرَارٍ، وَلَمْ يَجْعَلِ الدُّنْيَا دَارَ كَرَامَةٍ، وَلَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَكَانَ أَسْعَدَ النَّاسِ بِهَا الْأَنْبِيَاءُ وَالْأَوْلِيَاءُ، وَالصَّالِحُونَ وَالْأَتْقِيَاءُ، بَلْ جَعَلَهَا سُبْحَانَهُ دَارَ فِتَنٍ وَشُرُورٍ، وَقَنْطَرَةَ عُبُورٍ لِدَارِ الْآخِرَةِ دَارِ الْأَفْرَاحِ وَالسُّرُورِ، فَالسَّعِيدُ حَقَّ السَّعَادَةِ مَنْ سَعِدَ فِي الْآخِرَةِ، وَالشَّقِيُّ شَرَّ الشَّقَاءِ مَنْ شَقِيَ فِيهَا؛ قَالَ -تَعَالَى-: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} (الحديد:20).
هَوَانِ الدُّنْيَا عَلَى اللهِ -تَعَالَى
وَمِنْ هَوَانِ الدُّنْيَا عَلَى اللهِ -تَعَالَى-: أَنَّهُ سَاقَهَا لِلْكُفَّارِ وَالْفُجَّارِ وَتَرَكَهُمْ يَتَمَتَّعُونَ بِهَا، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِحَقَارَتِهَا لَدَيْهِ وَلِهَوَانِ هَؤُلَاءِ عَلَيْهِ؛ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ: مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ» (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ). وَلَمَّا كَانَتِ الدُّنْيَا بِهَذَا الْهَوَانِ عَلَى اللهِ؛ لَمْ يَغْتَرَّ بِهَا الصَّالِحُونَ، وَلَمْ يَطْلُبُوا مِنْهَا الْمَزِيدَ، بَلْ قَنَعُوا مِنْهَا بِحَدِّ الْكَفَافِ، وَأَخَذُوا مِنْهَا بُلْغَتَهُمْ بِغَيْرِ إِسْرَافٍ، وَقَدْ عَدَّهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - كَمَقِيلِ قَائِلٍ، أَوْ سَرَابٍ زَائِلٍ، وَأَعْطَى وِجْهَتَهُ اللهَ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ؛ فَعَنْ عبداللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: اضْطَجَعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى حَصِيرٍ فَأَثَّرَ فِي جِلْدِهِ، فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ كُنْتَ آذَنْتَنَا فَفَرَشْنَا لَكَ عَلَيْهِ شَيْئًا يَقِيكَ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا أَنَا وَالدُّنْيَا، إِنَّمَا أَنَا وَالدُّنْيَا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا» (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ). وَكَانَ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُو اللهَ أَنْ يَجْعَلَ رِزْقَهُ وَرِزْقَ أَهْلِ بَيْتِهِ إِلَى حَدِّ الْكِفَايَةِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ)، وَجَعَلَ الْقَنَاعَةَ بِالْكَفَافِ مِنْ أَسْبَابِ الْفَوْزِ وَالْفَلَاحِ؛ فَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عبداللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللهُ بِمَا آتَاهُ».
الصحابة -رضوان الله عليهم
وَعَلَى نَهْجِهِ - صلى الله عليه وسلم - سَارَ أَصْحَابُهُ الْكِرَامُ؛ إِذْ رَضُوا بِمَا قَسَمَ اللهُ لَهُمْ، وَلَمْ يُنَافِسُوا أَحَدًا فِي الدُّنْيَا بَلْ كَانَ هَمُّهُمُ الآخِرَةَ؛ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -: أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ شَاةٌ مَصْلِيَّةٌ، فَدَعَوْهُ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ، وَقَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الدُّنْيَا وَلَمْ يَشْبَعْ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ» وَهُوَ الَّذِي رَوَى لَنَا وَصِيَّةَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْقَنَاعَةِ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم -: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ كُنْ وَرِعًا؛ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَكُنْ قَنِعًا؛ تَكُنْ أَشْكَرَ النَّاسِ، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ؛ تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَحْسِنْ جِوَارَ مَنْ جَاوَرَكَ؛ تَكُنْ مُسْلِمًا، وَأَقِلَّ الضَّحِكَ؛ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ» (رَوَاهُ الْتِّرْمِذِيُّ وابْنُ مَاجَهْ). وَهَكَذَا كَانَ حَالُ الصَّحَابَةِ -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ-، زَاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا، رَاغِبِينَ فِي الْآخِرَةِ، رَاضِينَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَهُمْ، قَانِعِينَ بِمَا لَدَيْهِمْ مِنْ قُوتٍ وَكَفَافٍ.
واقعنا الحالي
إِنَّ نَظْرَةً فَاحِصَةً لِوَاقِعِنَا الْمَعِيشِ لَتُبْدِي لَنَا مَا وَصَلَ إِلَيْهِ حَالُ النَّاسِ الْيَوْمَ - إِلاَّ مَنْ عَصَمَ اللهُ وَرَحِمَ- مِنَ اللَّهَثِ وَرَاءَ سَرَابِ الدُّنْيَا، وَالِاسْتِكْثَارِ مِنْ لَذَّاتِهَا، وَالتَّنَافُسِ فِي شَهَوَاتِهَا، وَالْمُسَارَعَةِ إِلَى التَّبَاهِي بِمَا فِيهَا مِنْ أَمْوَالٍ وَأَرْصِدَةٍ وَقُصُورٍ، وَالتَّكَالُبِ عَلَى الْجَاهِ وَالْمَنَاصِبِ وَحُبِّ الشُّهْرَةِ وَالظُّهُورِ؛ فَهَلْ هَذَا إِلَّا انْغِمَاسٌ فِي حُبِّ الدُّنْيَا وَغَفْلَةٌ عَنِ الْآخِرَةِ، وَتَرْكٌ لِجَوَاهِرِ الْحَيَاةِ وَتَمَسُّكٌ بِالْقُشُورِ؟! فَمَا لِهَذَا خُلِقْنَا، وَلَا بِهَذَا أُمِرْنَا؛ {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} (لقمان: 33). حَتَّى إِنَّكَ لَا تَكَادُ تَرَى مَنْ يَقْنَعُ بِمَا آتَاهُ اللهُ مِنَ الْمَالِ أَوِ الزَّوْجَةِ أَوِ الْوَلَدِ أَوِ الْجَاهِ أَوِ الْمَنْصِبِ، بَلْ كَثِيرٌ مِنَ النُّفُوسِ إِلَى الْمَزِيدِ مُشْرِفَةٌ، وَمِنَ الْعَوَزِ وَالْفَقْرِ مُتَخَوِّفَةٌ، فَلَا تَشْبَعُ مِنْ مُرَادٍ، وَلَا تَتَفَكَّرُ فِي مَعَادٍ، وَهِيَ بِرَغَائِبِهَا تَهِيمُ فِي كُلِّ وَادٍ، لَا تَقْنَعُ بِقَلِيلٍ، وَلَا تَشْبَعُ مِنْ كَثِيرٍ، فَلَا أَصْحَابُ الْمَلَايِينِ قَنَعُوا بِمَلَايِينِهِمْ، وَلَا الْمُلَّاكُ وَأَهْلُ الْعَقَارَاتِ وَالثَّرَوَاتِ اكْتَفَوْا بِمَا عِنْدَهُمْ، بَلْ لِسَانُ حَالِهِمْ يُرَدِّدُ دَائِماً: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟ فَمَتَى يَشْبَعُ ابْنُ آدَمَ؟!
الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ
لَقْدَ عَلِمَ كُلُّ عَاقِلٍ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَشْبَعُ مِنَ الدُّنْيَا -وَلَوْ حِيزَتْ لَهُ بِحَذَافِيرِهَا- حَتَّى يَمُوتَ، وَإِنَّهُ لَيَمُوتُ دُونَ أَنْ تَتَحَقَّقَ أَمَانِيُّهُ وَآمَالُهُ؛ عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لَابْتَغَى وَادِيًا ثَالِثًا، وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَنْ تَابَ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ). فَمَنِ ابْتَغَى السَّلَامَةَ لِنَفْسِهِ، وَالنَّجَاةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ فَلْيَأْخُذْ مِنَ الدُّنْيَا مَا يَكْفِيهِ، وَلْيَقْنَعْ بِمَا رَزَقَهُ اللهُ -تَعَالَى- مِمَّا بَيْنَ يَدَيْهِ؛ فَإِنَّ غِنَى النَّفْسِ هُوَ الْغِنَى الْحَقِيقِيُّ، وَلَيْسَ بِمَا أُوتِيَ مِنْ حُظُوظِ الدُّنْيَا؛ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ، وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ». وَلْيَنْظُرْ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ فِيهَا؛ لِيَعْرِفَ نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْهِ وَلَا يَحْتَقِرَهَا؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -). وَأَمَّا فِي الدِّينِ فَلْيُنَافِسْ مَنْ يُنَافِسُهُ فِيهِ؛ فَإِنَّهُ سِبَاقٌ مَحْمُودٌ فِي الْمَيْدَانِ، وَسَيْرٌ إِلَى الْجِنَانِ، وَمُسَارَعَةٌ يُحِبُّهَا اللهُ وَيَرْضَاهَا فِي كُلِّ آنٍ، {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} (المطففين:26).
نِعَم لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى
وَلْيَنْظُرِ الْعَبْدُ إِلَى مَا عِنْدَهُ مِنْ نِعَمٍ لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى، وَلْيُقَارِنْهَا بِحَالِ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِ اللهِ: يَجِدْ فَضَلَ اللهِ عَلَيْهِ كَبِيرًا: نِعَمٌ مِنْ فَوْقِهِ، وَنِعَمٌ مِنْ تَحْتِهِ: إِيمَانٌ وَأَمَانٌ، وَأَمْنٌ فِي الْأَوْطَانِ، وَأَمْوَالٌ وَأَوْلَادٌ، وَآلَاتٌ وَأَدَوَاتٌ، وَخَدَمٌ وَحَشَمٌ، أَلَا يَدْعُونَا ذَلِكَ لِلشُّكْرِ وَالْقَنَاعَةِ؟! عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الْخَطْمِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ (أَيْ: فِي نَفْسِهِ أَوْ قَوْمِهِ) مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ: فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا» (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ)، فَكَمْ مِنَّا مَنْ يَعِيشُ عِيشَةَ الْمُلُوكِ، وَيَحْيَا حَيَاةَ الْأُمَرَاءِ، وَهُوَ لَا يَدْرِي!! قَالَ عبداللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- وَقَدْ سَأَلَهُ رَجُلٌ: أَلَسْنَا مِنْ فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ؟، «أَلَكَ امْرَأَةٌ تَأْوِي إِلَيْهَا؟». قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «أَلَكَ مَسْكَنٌ تَسْكُنُهُ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَأَنْتَ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ»، قَالَ: فَإِنَّ لِي خَادِمًا، قَالَ: «فَأَنْتَ مِنَ الْمُلُوكِ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا
وَلْيَعْلَمِ الْعَبْدُ -أَيْضًا- أَنَّ اللهَ يُحَاسِبُهُ عَلَى مَالِهِ مِنْ أَيْنَ؟ وَإِلَى أَيْنَ؟ فَحَلَالُهُ حِسَابٌ، وَحَرَامُهُ عَذَابٌ، وَلَكِنَّهُ لَا يُلَامُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَالْكِفَايَةِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ الْفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ، وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ، وَلَا تُلَامُ عَلَى كَفَافٍ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ - رضي الله عنه )، وَمَنْ جَعَلَ الدُّنْيَا هَمَّهُ: أَتْعَبَ نَفْسَهُ وَأَضْنَى غَيْرَهُ، وَأَسْخَطَ رَبَّهُ، وَمَنْ جَعَلَ الْآخِرَةَ هَمَّهُ: أَرَاحَ نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ، وَأَرْضَى رَبَّهُ؛ عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ هَمَّهُ: جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ: جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ» (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ).
هِيَ الْقَنَاعَةُ فَالْزَمْهَا تَعِـشْ مَلِكـــــاً
لَوْ لَمْ يَكُـنْ مِنْكَ إلَّا رَاحَةُ الْبَـــــدَنِ
وَانْظُرْ لِمَنْ مَلَكَ الدُّنْيَا بِأَجْمَعِهَا
هَلْ رَاحَ مِنْهَا بِغَيْرِ الْقُطْنِ وَالْكَفَنِ

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 76.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 75.19 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.24%)]