|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() فترة المراهقة والتعامل مع الوالدين الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل السؤال: ♦ الملخص: فتاة مراهقة تشكو كثرة المشاكل بينها وبين أمها، فأمها تتَّهمها بافتعال المشاكل دائمًا، وتسأل: ما النصيحة؟ ♦ تفاصيل السؤال: أنا الابنة الكبرى لوالديَّ، في الثامنة عشرة من عمري، مشكلتي مع والدتي؛ فأنا أتشاجر معها دائمًا بسبب أشياءَ تافهة؛ هذا الأمر يُبكيني ويرهقني، ولا أدري سبب تلك المشاجرات؛ هل هي بسبب نفسيتي أم بسبب الضغوطات التي تعانيها أمي؛ كونها موظفة، وإذا ما حاولت أن أتكلم مع أمي، فإني أتسبب بمشكلة كبيرة غير أصل المشكلة، فتتهمني بافتعال المشاكل؛ فمثلًا أنا أحب المزح، فقلت لأبي ذات مرة - وهو مُعلِّم - بأنه يمكن لأمهات الطلاب أن يتكلمن كما يحلو لهن، وأما أمي، فلا، فاتهمني بأنني أريد النزاع بينه وبين أمي، على أنني لم أكن أقصد ذلك؛ إذ ماذا سأستفيد من حدوث نزاع بينهم، ومنذ أن قال لي ذلك وأنا في اكتئاب، أرجو توجيهكم ونصحكم، وجزاكم الله خيرًا. الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد: فيبدو من رسالتكِ أنكِ لا زلتِ تعيشين فترة المراهقة، وما يكتنفها من عَجَلَةٍ وغضب وحِدَّةٍ في الآراء، وتسفيه للآخرين، وكل هذه السلبيات سبَّبت لكِ المتاعب التي تعيشينها مع والديكِ، ويؤكد ذلك ما ذكرتِهِ من سلامة تصرفات والديكِ مع أخواتكِ الأصغر منكِ، وإذا علمتِ بذلك، فما الحل لمشكلتكِ، فأقول مستعينًا بالله سبحانه: الحل بإذن الله في الآتي: أولًا: أن تعلمي بعِظَمِ حقِّ والديكِ عليكِ، وأنه لا يجوز لكِ أبدًا أي شيء يدخل في دائرة العقوق؛ سواء كان تلفظًا، أو أي عملٍ ما؛ وتذكري قوله سبحانه: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء: 23]، فإذا كان الله تعالى نهى عن كلمة ﴿ أُفٍّ ﴾، فما هو أكبر منها من باب أولى، ومن هذه الآية تعلمين أن أعظم حق بعد حقوق الله سبحانه هو حقوق والديكِ؛ ولذا قرن الله سبحانه الأمر ببرهما، مع الأمر بإخلاص العبادة لله تعالى، ونبذ الشرك. ثانيًا: من أخطاء بعض الأبناء والبنات التعامل النِّدِّيُّ مع الوالدين، أو تعامل المكافأة؛ فبِرُّ الوالدين واجب شرعي، وقربة عظيمة إلى الله سبحانه، لا علاقة له أبدًا بإحسانهما لكِ أو إساءتهما، مع أن إحسانهما لكِ كثيرٌ جدًّا تعجزين عن شكره، مهما بذلتِ في ذلك، وكذلك التعامل معهما ليس معاملة ندٍّ لنِدِّهِ، بل معاملة صغير لكبير، له فضلٌ عظيم عليه؛ ولذا أمر الله سبحانه ببر الوالدين ولو كانا مشركَيْنِ، مع عدم طاعتهما في الشرك؛ قال سبحانه: ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [لقمان: 15]؛ لذا تفقَّدي تعاملكِ معهما، وحاسبي نفسكِ، وأكثري من التوبة والاستغفار. ثالثًا: اجتهدي في كَظْمِ غيظِكِ عليهما، وادعي ربكِ كثيرًا أن يرزقكِ الحِلْمَ، وحسن الخلق معهما. رابعًا: من الطبائع الغالبة على النفوس أن الكبير لا يتقبل نصحَ الصغير، ولو كان حقًّا، خاصة إذا جاءت نصيحة الصغير بجفاء؛ ولذا إذا لحظتِ أخطاء واضحة منهما، وأردتِ نصحهما، فمهِّدي لها بالثناء عليهما، ثم تخيري وقتًا لا يكونان فيه مُتعبَيْنِ، أو جائعَيْنِ، أو مُغضبَيْنِ، وقبل البدء بالنصح، استخيري الله في ذلك، وادعي ربكِ كثيرًا أن يوفقكِ لحُسْنِ الأسلوب، ولهما بالقبول، ثم انصحي بهدوء وحِلْمٍ ورفق، وابتعدي عن الجدال والعناد. خامسًا: لعلكِ مقصرة جدًّا في الخدمة في البيت، أو تخدمين بتأفُّفٍ وتضجُّر، وهذه الحالة تجعل الوالدين يتضايقان جدًّا من هذا السلوك، وأيضًا لا تكون من البر الذي تؤجرين عليه. سادسًا: حاسبي نفسكِ؛ لعلكِ تقعين في بعض المعاصي التي تُسخط الله عليكِ، وتُسبب تسلط والديكِ عليكِ؛ فأكثري من التوبة والاستغفار، وأقلعي فورًا عن هذه المعاصي؛ سواءً كانت العقوق، أو قطيعة الرحم، أو غيرها؛ قال سبحانه: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 165]، وقال سبحانه مرغبًا في الاستغفار، ومبينًا ثمرته: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا * مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ﴾ [نوح: 10 - 14]. سابعًا: من العلاجات عظيمة الأثر الإلحاح بالدعاء؛ فالله عز وجل أمرنا بالدعاء، ووعدنا بالإجابة إذا أخلصنا فيه، واجتنبنا أسباب عدم الإجابة؛ قال سبحانه: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62]، فادعي الله كثيرًا أن يعينكِ على بر والديكِ، وعلى حسن الخلق معهما، وعلى الحلم وكظم الغيظ عليهما، وادعي الله أيضًا وكثيرًا أن يغفر لكِ ما سلف من تفريط وتقصير، وثِقِي أنكِ إذا عملتِ ما أرشدتكِ له من وصايا إلهية ستجنين ثمارها اليانعة؛ بشرطين هما: الإخلاص، عدم استبطاء النتيجة، بل وبمشيئة الله ستلحظين تغيرًا إيجابيًّا مفرحًا لكِ في سلوك والديكِ معكِ، ومحبتهما لكِ. حفظكِ الله، ورزقكِ برهما، وأعاذكِ من شر الغضب ومخاطر المراهقة. وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |