|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() أوهام الاضطهاد وحياة المظلومية أ. هنا أحمد السؤال: ♦ الملخص: فتاة تعاني نوبات غضب شديدة، وهذه النوبات تدفعها للكذب على الآخرين لاستجلاب تعاطفهم، وتعيش أوهام المظلومية، وأنها وحيدة ومنبوذة، وتسأل: ما تفسير ذلك؟ ♦ التفاصيل: مشكلتي أنني عندما أشعر بالغضب، أو ينتابني شعور بالاضطهاد، فكأن الشيطان يتلبَّس بي، فأغدو شخصًا آخر، وأسب وأشتم، وتأتيني رغبة بالانتحار - رغم أنه بالواقع أنا أخاف الموت جدًّا - وأحيانًا أصرخ وأُخيف من حولي، وأشعر بأن جميع مَن حولي يضطهدونني ويمقتونني، وأشعر بغضب عارم تجاههم، وأحيانًا عندما تأتيني نوبة الغضب، فإنني أختلق أكاذيب شتى؛ فمثلًا: زعمتُ ذات مرة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي التي تخفي هوية المتكلم، وقلت بأن أهلي يضربونني، وأتعرض للعنف منهم؛ إذ كنت غاضبة منهم، رغم أنني - ولله الحمد - لا أتعرض للعنف أو الضرب من قِبلِهم، ومرة أخرى قلت إن شخصًا اغتصبني، ونلتُ تعاطف الكثير، لا أعلم ما السبب في ذلك، ولكن عندما تذهب نوبة الغضب العارمة، أشعر بالندم، وألوم نفسي، وأصبح وديعة وأشبه بالملاك، أيضًا أشعر أحيانًا أن بي مرضًا نفسيًّا؛ فأنا أشعر دومًا بأنني منبوذة ووحيدة، وأعاني من عدم الثقة بالنفس، وكراهية للذات، وكنت أعاني لفترة طويلة من نوبات الهلع والخوف الشديد، أريد تفسيرًا لهذه الحالة من حضرتكم، وشكرًا جزيلًا. الجواب: بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد: فعن أبي هريرة رضي الله عنه ((أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوْصِني، قال: لا تغضب، فردد مرارًا، قال: لا تغضب))؛ [رواه البخاري]. كانت هذه وصية عظيمة للإنسان: لا تغضب؛ فالغضب يجعل الإنسان عاجزًا عن التفكير، فريسة للشيطان، وهو كجمرة من نار تُوقَد في جوف ابن آدم، فتحمرُّ عيناه، وتنتفخ أوْدَاجُه، وتحرق قلبه. ما يقع لكِ عند الغضب شيء طبيعي جدًّا، ولكن يبدو أنكِ تستسلمين له تمامًا حتى تصيري كدُميةٍ صغيرة؛ فيتلاعب هو والشيطان بكِ. الجميل في رسالتكِ أنكِ تشيرين إلى مواضع الخلل في أفعالكِ وشخصيتكِ، فإن الإنسان الذي يعاني أوهام الاضطهاد، ويعيش حياة المظلومية، ويشعر وكأن العالم يعاديه، والأقدار تعانده - هو إنسان افتقر إلى مقومات النجاح في الحياة إلى حدٍّ كبير، أو على الأقل لم يَنَلْ من الحياة النجاح الذي كان يحلُمُ به. لم تخبرينا في رسالتكِ كثيرًا عن نجاحاتكِ في الحياة، غير أنكِ طالبة جامعية في سن 24 عامًا، وربما يكون المتعارف عليه أن تكوني قد انتهيتِ من دراستكِ في هذه السن، إلا أن تكوني تدرسين دراسة تمتد أكثر من 5 سنوات. ادَّعاؤكِ على مواقع التواصل الاجتماعي أنكِ تتعرضين للضرب والاضطهاد، بل وتعرضتِ للاغتصاب - ما هو إلا سلوك نفسي معروف عند الراغبين في انتزاع التعاطف، وسماع عبارات المواساة، وهو يحقق رضًا نفسيًّا عند من يفتقر للإنجازات على أرض الواقع. ليس ما تعانين منه مرضًا نفسيًّا، بل افتقارًا للإنجازات، وعدم رضًا عن الواقع، والفشل في تحقيق الأحلام والطموحات، أو على الأقل تحقيق قدر غير مرضي منها، ومحاولة منكِ لتحميل الآخرين نتيجة هذه الإخفاقات؛ هروبًا من واقع يصعب عليكِ التعايش معه، وكما قلت لكِ كل هذا سلوك بشري معروف ومفهوم، ويلجأ إليه الكثيرون عندما يغيب الوازع الديني عن عقولهم، أو يضعف تحت تأثير الغضب، أو بحثًا عن الراحة. هل هناك حل لهذه المشكلة؟ بالطبع الحل دائمًا موجود، ولا يحبس الإنسان عنه إلا ضعف همته وقلة حيلته، وحبه للراحة. لكن أولًا أريد منكِ أن تفكري في كلماتي السابقة، فإن شعرتِ أني قد أصبتُ الحقيقة أو حتى اقتربتُ منها، فأكملي القراءة، ولا تأخذي عليَّ صراحتي معكِ، فكلامي معكِ غيرُ مباشر، ولعله إن لم يُفِدْكِ، يُفِدْ غيركِ. أولًا: نحتاج وقفة مع النفس نخرج فيها من أجسادنا، ونرتقي وننظر لها من بعيد، ننظر لهذا الإنسان ثم نُقيِّمُهُ، ونعطيه درجة لكل شيء، درجة لِما وصل إليه في الدراسة، والأخلاق، وطلب العلم الشرعي، والعلاقات الاجتماعية، وكل شيء نراه مهمًّا. مقدمًا وقبل أن أعرف النتيجة، أقول: إن هذه النتيجة لن ترضيكِ، وهذا سبب المشكلة. وإصلاح هذا الوضع يحتاج لهِمَّةٍ كبيرة وعزيمة قوية، ولا أعرف إن كنتِ تملكين هذا أم لا. أظن أن أفضل الطرق وأقربها للإنسان هي إصلاح ما أفسده من العبادة، وجبر ما نقص منها، وحفظ ما تيسَّرَ من كتاب الله، وقراءة كتب الرقائق، وتزكية النفس؛ هذه الخطوة تحتاج إلى تركيز ووقت قبل الانتقال لِما بعدها. الخطوة التالية هي إيجاد نشاط مجتمعي تحاولين من خلاله إقامة جسر تشعرين به بأهميتكِ في حياة الناس، أنا لا أعرف ما هو النشاط المتاح في مجتمعكِ، ولكن كبداية أظن أن الالتزام في دار تحفيظ للقرآن خطوةٌ تصلح لأغلب المجتمعات، أو العمل في أنشطة جمعية خيرية إن أمكن. تحسين مستواكِ الدراسي خطوة مهمة؛ لأن نظرات الإعجاب بالتفوق في عيون الناس سوف تقربكِ منهم وتقربهم منكِ. حاولي أن تنشئي حسابات حقيقية على مواقع التواصل الاجتماعي، وأن تنشري فيها شيئًا مفيدًا، ولا تقضي فيها أوقاتًا كثيرة، وإن كنتُ أنصحكِ بتأجيل هذه الخطوة في الوقت الراهن، ولم أذكرها هنا إلا إشفاقًا عليكِ من استمراركِ في الحسابات الوهمية التي تضطرين فيها للكذب؛ فتضيع بسببها مجهوداتكِ في تزكية وإصلاح نفسكِ. وفي النهاية أدعو الله أن يهديَكِ سواء السبيل.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |