|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() أين نحن من طلب العلم؟! أم محمد عياطي إذا تجاذَبنا الحديث عن طلب العلم، فإن أولَ ما يتبادر إلى الأذهان هو الأسلوب الاعتيادي في الدراسة؛ أي: التدرج التقليدي ضمن الفصول والمواسم الدراسية، حتى الحصول على الشهادات العالية، وكلٌّ حسب ميوله وإمكانياته العلمية، ولكننا إذا اقتصَرنا على هذه النظرة المألوفة لطلب العلم، فقد ضيَّقنا واسعًا، فلطلبِ العلم مفهومُه الواسع والأشمل من أن يُحصَرَ ضمنَ مكان خاص، أو زمانٍ محدد، أو حتى عمرٍ معين! فالسعي الدؤوب لتحصيل العلم لا يخضَع إلا لنفسٍ شغوفة للمعرفة توَّاقة للارتقاء، حاجتها للعلم كحاجة الجسم للأكسجين إذا افتقدتْه، ذوَتْ وذبُلتْ، واختُنِقت، فهي لا تعيش بدونه، ولا تتنفَّس بغيره؛ لأنه شريان الحياة بالنسبة لها، تنفصِم بانفصامه، وتحيا بمدده واتصاله، وكلما صفا لها موردُه، وراق لها منهلُه، ازداد ظمؤُها إليه وإقبالُها عليه؛ لأن كل وعاء يَضيق بما فيه، إلا وعاء العلم فإنه يتَّسع؛ يقول الإمام عبدالحميد بن باديس: "يتعلم الإنسان حتى يصير عالِمًا ويصير معلمًا، ولكنه مهما حاز من العلم، وبلغ من درجةٍ فيه، ومهما قضى من حياته في التعليم، وتوسَّع فيه وتكمَّل، فلن يزال بحاجة إلى العلم، ولن تزال أمامَه فيما علِمه أشياءُ مجهولةٌ يحتاج إليها، فعليه أن يتعلَّم، وأن يطلب المزيد، ولذا أمَر الله نبيه - وهو المعلم الأعظم - أن يطلب من الله - وهو الذي علَّمه ما لم يكن يعلَم - أن يَزيده علمًا، فقال: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114]". ويُخطئ الكثير فيظنُّ أن لطلب العلم مرحلة مؤقتة آنية هي مرحلة الشباب، فإذا ولَّت ولَّى عهده واضمَحَلَّ؛ إذ لا فائدة تُرجى ممن غادره الشبابُ الرطيب، وتغشَّاه المشيبُ الكئيب، ولكن لنا في سِيَر العلماء أُسوة طيبة، فمنهم مَن استمرَّ في طلبه للعلم حتى التسعينيات من العمر؛ كالزهري وابن باز، وابن عقيل رحمه الله؛ يقول: "إني لأجد من لذة الطلب وأنا ابن ثمانين أشدَّ مما أجد وأنا ابن أربعين". وقد يطرح البعض سؤالًا: كيف يكون هذا وقد هجَرهم حماسُ الشباب واتِّقادُه، وتملَّكهم كِبرُ السن واشتدادُه؟! فنقول: يكون لهم ذلك؛ لأنهم تذوَّقوا متعة طلب العلم، فأنِسوا به؛ حيث لم يُعد يؤنسهم جليسٌ غيره، ونهَلوا من فَيضه؛ حيث لم يعد لهم حوضٌ يرتوون منه إلا هو، واقتاتوا من ثمره، فاستطابوا قوتَه لعقولهم، واستعذبوا غدقَ سقائه لقلوبهم. قد ألِفوه بالمداومة، فألِفَهم بالحضور، جعلوه عبادة يُثقلون بها الميزان ويتقرَّبون للرحمن؛ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إن الملائكة لتَضَعُ أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنَع)). فالعلم هو نور الله المبسوط في قلب مَن يطلبه حثيثًا، فطُوبَى لمن استنار به في حياته، وبدَّد بطلبه ظُلماتِه.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |