|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ديوان الفيض بتحقيق: د. ظهور أحمد أظهر (دراسة ونقد) د. أورنك زيب الأعظمي مدخل بما أن شخصية العلامة فيض الحسن السهارنفوري مجهولة في العالم العربي العلمي، فلم أقرأ عنه في المجلات والجرائد العربية إلا قليلًا نادرًا، وهذا القدر لا يبرد غليل الباحث العلمي، ولا يفي بعبقرية العلامة السهارنفوري، فأود أن أقوم بذكره، ولو وجيزًا؛ كي يعرفه من لم يقف عليه وعلى أعماله الجليلة، فأبدأ بآبائه الذين كانوا عربًا خلَّصًا. لمحة عن آبائه الكرام: تبلغ شجرة نسب الشاعر قبيلة بني أمية، وعلى ذلك فهو يكتب لنفسه "القرشي"، غادر بعض أجداده جزيرة العرب، ونزلوا بمحافظة سهارنفور (Saharanpur)، فأقاموا بها وتوطنوها، ونسبة إلى هذه المنطقة فهو يكتب له "السهارنفوري". كانت أسرته تعتبر إحدى أُسَر الإقطاعيين، إلا أن أفرادها فضَّلوا العلمَ على المال والجاه، فعُرفوا بلقب "الخليفة"[1]؛ لأجل المحبة للعلوم والمعارف. وعلى ذلك، فهو فيض الحسن بن علي بخش بن خدا بخش بن الشيخ قلندر بخش القرشي الحنفي الجشتي[2]، لم يذكر أصحاب التراجم سلسلة نسبه الكاملة، البالغة أسلافَه من بني أمية، كان يلقب نفسه بـ: "فيض" في إبداعاته المنظومة الفارسية والأردية. مولده وطفولته: لم يجئ أي خلاف عن سنة ولادته؛ فقد اتفق كافة أصحاب التراجم والسير على أنه وُلِدَ في 1816م[3]، في حي لسهارنفور يسمى بـ: "شاه ولايت"[4]. طبع الشيخ على حدة في الذهن، وفكاهة في العادة، فمال في عهد طفولته إلى مباراة الطيارات ومسابقتها، ولما بلغ عنفوان شبابه رغب في مصارعة الأبطال المحليين، فاستفاد من المرشد معز الدين[5]، ولكن لم يمضِ إلا قليلٌ من الزمان حتى رغب عنها وأبغضها، وانقطع إلى نيل العلوم والمعارف، فتعلم الكتب الفارسية والعربية على والده الجليل، ثم خاض في المنطق إلى حد اشتهر بـ: "المنطقي"، وحدث هذا كله وهو لم يكد يتجاوز من عمره عشرين سنة[6]. رحلته للمزيد من العلم والفن: بعدما شدا في الفارسية والعربية على يدي أبيه الكريم، أراد أن ينال المزيد من العلوم والمعارف، فبحث في سهارنفور عمن يبرد غليله، ولكنه لم يجد من يسكن ظمأه، فعزم على مغادرة البيت وقريته متوجهًا نحو عاصمة الهند دلهي؛ حيث استفاد من المفتي صدر الدين آزرده صدر الصدور دلهي لمدة، ثم تعلم شيئًا من الأحاديث على الشيخ أحمد سعيد بن أبي سعيد العمري الدهلوي[7]، وبعد ذلك تتلمذ لآخون الولايتي الذي كان محدثًا كبيرًا، وحصل على الشهادة في هذا الفن، ومن هنا ارتحل إلى رامفور (Rampur)؛ حيث لقي بحر العلوم وجامع الكمالات الشيخ فضل حق الخيرابادي، وأخذ من هذا العلامة المعقولات والأدب والفلسفة، كما أخذها من علمائها الآخرين، ومن هنا تبدل لقبه "المنطقي" بلقبه الجديد، وهو "الأديب"[8]، وعلاوة على هؤلاء فإنه تعلم على علماء لكناؤ، كما حذق في الطب على الحكيم إمام الدين خان[9]. أساتذته الكرام: تتلمذ الأستاذ العلامة لأمهر أساتذة زمانه في العلوم والفنون؛ فالشيخ فضل حق الخيرابادي كان جامعًا للكمالات العلمية، والشيخ صدر الصدور المفتي صدر الدين آزرده والشيخ آخون الولايتي كانا على معرفة واسعة في علوم الحديث والفقه، والشيخ أحمد سعيد كان ذا خُلق عظيم، وله اليد الطولى في مجال معرفة الذات، والشيخ إمام بخش صهبائي كان أستاذًا في الشعر الفارسي، والميرزا غالب كان معترفًا به في الفارسية والأردية، فكأنه ألقى رحاله لدى المهرة في الفنون والمتضلعين من اللغات، وجهد واجتهد في نيل العلوم والمعارف حتى أصبح إمامًا في الفنون، لا سيما اللغة العربية وآدابها[10]. في البحث عن المعاش: انتهت هنا عملية الدراسة ونيل العلوم الإجبارية، فالآن أصبح هذا الشاب البطل متضلعًا في اللغات، وماهرًا في العلوم المتداولة، وتأهل لأن يُفيض ما حشاه في ذهنه، ويكتسب بما ناله من العلوم، فلقيه السير سيد أحمد خان للاستفادة في 1846م، فعلمه السهارنفوري مقامات من "مقامات الحريري"، و"منار أصول الفقه"، وقصائد من "المعلقات السبع"، فتشرف خان بمكانة أول تلميذ لـه[11]. وإثر ثورة 1857م ترك العلامة دلهي، ورجع إلى قريته، ولكن جلالة قدره العلمي قد جذبت أنظار الناس، فدعاه السير سيد المذكور لتعليم وتربية ولده سيد محمود، ومن ثم طلب منه ترجمة بعض الكتب للمجمع العلمي الذي قام هو بتأسيسه، فتم توظيفه فيه على 50 روبية هندية شهريًّا[12]، وبعدما قضى العلامة رَدَحًا من الزمان عيِّن كرئيس قسم اللغة العربية وآدابها في كلية لاهور الشرقية، فغادره السهارنفوري في 1870م[13]، وكذا اشترك في تأسيس الجامعة الإسلامية الشهيرة مظاهر علوم، سهارنفور[14]، كما سعى لتطوير دار العلوم، ديوبند[15]. أدى العلامة فريضة الحج، وكان يصاحبه السيد عبداللطيف والشاه عبدالرحيم الراي بوري والشيخ ثابت علي، وآخرون[16]. موته المفاجئ: هذا العبقري قد فاجأ تلامذته ومادحيه موتُه، الذي زاره بسبب لدغ الحية في 6 فبراير سنة 1887م، أوصى الأستاذ بأن تحمل جُثته إلى وطنه في سهارنفور، فتم الامتثال لهذه الوصية، ودفن بها هذا البحر الزاخر للعلوم والآداب[17]. من أخلاقه وسجاياه: كان الأستاذ حليمًا، ذا خُلق عظيم، خليطًا بالناس ظريفًا، فُطِرَ على أخلاق الشرق وعاداته، ولكن مع ذلك كان لا يبالي بالخوض في أشياء يكرهها الكرام، فذات مرة كان يرجع من الكلية إذ رأى في سبيله مجلسًا للرقص فحضره[18]، لم يكترث العلامة بأحد في قول الحق وتلفظ الصدق، فخالف السير سيد في جمع التبرعات لكلية محمد العربية الشرقية في مجلة "شفاء الصدور"[19]. وقد اعتاد على المصارعة، حتى لم يترك الرياضة البدنية في شبابه، فكانت صحته جيدة. إنكاره للقب "شمس العلماء": لم يكن العلامة مفطورًا على التملق والخضوع، فلم يحرص على المال، ولم يتهافت على الجاه؛ ولذلك لما وصى أصحابُ حل وعقد جامعة بنجاب أمام الحكومة لإكرامها إياه بلقب "شمس العلماء" أنكره، وقال: إن تلامذتي يتشرفون بهذا اللقب، وأما أنا فأجدر بأن ألقب بـ: "شمس شموس العلماء"[20]. معاصروه: كان العلامة ممن تمتع بحسن الحظ في نيل المعاصرة؛ فقد عاصره العلماء الكبار، والمحدثون العظام، والأدباء المفلقون، ولكن كلهم قدروه تقديرًا، وعظموه تعظيمًا، وممن برز منهم في مختلف المجالات: حجة الإسلام الشيخ محمد قاسم النانوتوي، والمحدث الكبير الشيخ أحمد علي العليكري، والمحدث الجليل الشيخ خليل أحمد الأنبهتوي، والشيخ لطف الله العليكري، والشيخ ذو الفقار علي الديوبندي، والشيخ خليل الرحمن السهارنفوري، والشيخ أحمد علي السهارنفوري، والشيخ المنشي نجف علي السهارنفوري، والنواب صديق حسن خان البوفالي، والنواب محمود علي خان والي بهافالفور (Bhavalpur). تلامذته البارزون: استفاد منه العديد من علماء الهند وأدبائها وشعرائها، ولكني أذكر هنا من لمع نجمه في أي مجال من مجالات الأدب والحياة، وهذا لأن فهرس تلامذته يطول به المقال، وهم كما يلي: 1- السير سيد أحمد خان: لا تخفى شخصية السير سيد على من لـه أي صلة بجامعة علي كره الإسلامية؛ فهو اجتهد كثيرًا في بث الوعي الفكري فيما بين المسلمين، وكذلك فإنه قام بالرد على دعاوى المستشرقين على حياة محمد وفكرته صلى الله عليه وسلم. 2- والعلامة شبلي النعماني: لا يكمل بدون ذكر شبلي تاريخُ الرد على المستشرقين الذين أثاروا اعتراضات متنوعة على مختلف جوانب الإسلام الفكرية والعملية، ومع ذلك فإنه قام بتأليف تذكرة مهمة عن الشعر الفارسي وشعرائه، وهو كتاب لا يستغني عنه أي باحث في اللغة الفارسية وآدابها. 3- والشيخ ألطاف حسين حالي: لا يُذكر النقد الجديد في الأدب الأردي إلا ويُعلي ذكرَ هذا الناقد الرائد؛ فقد أتى هذا الكاتب الحاد الذهن بشيء لم يسبق إليه، بل بقي أثره حتى يومنا هذا، وأما مسدساته فهي لا تزال مؤثرة في أذهان مسلمي الهند. 4- والشيخ إسماعيل الميرثي: أدب الأطفال والشيخ إسماعيل الميرثي توءمان؛ فأسلوبه المعياري التام لا يزال مؤثرًا حتى الآن، اعترف به القدماء والمتأخرون كذلك. 5- والعلامة حميد الدين الفراهي: هذا هو العلامة الجليل الذي نادى بفلسفة نظام القرآن، التي بدأ بها أستاذه الفيض في الهند، والتي أكملها تلميذه الرشيد الشيخ أمين أحسن الإصلاحي، وبجانب هذا فقد قام الإمام بنقد منطقي أرضي على نظرية أرسطو في المحاكاة، في كتابه الشهير: "جمهرة البلاغة"، كافة مؤلفاته مشحونة بتعليم وتوضيح القرآن، والتأثر بعلومه وأفكاره. يلمح من هذا الفهرس أن الشيخ السارنفوري كان خالق رجالٍ بجانب خلقه للأدب العالي. انطباعات العلماء والمؤرخين عنه: وبما أنه كان عالمًا كبيرًا وأدبيًا بارعًا ومعلمًا فائزًا، فقد أثنى عليه العلماء والمؤرخون في زمانه وبعد موته، وإليكم بعض الانطباعات: يقول صاحب "سير المصنفين": "كان الشيخ يعتبر أصمعي زمانه، وأبا تمام عصره"[21]. ويقول الشيخ عبدالله القرشي: "كان أم الجلسات الأردية في بنجاب… كلامه محكَم، وأفكاره متنوعة، وتراكيبه متلونة، وجمله متينة، وكلماته محشوة بالألحان…"[22]. ويقول صاحب "نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر": "كان من أعاجيب الزمان ذكاءً وفِطنة وعلمًا، لم يكن في عصره أعلم منه بالنحو واللغة والأشعار وأيام العرب، وما يتعلق بها، متوفرًا على العلوم الحكمية… انتهت إليه رئاسة الفنون"[23]. ويقول السيد سليمان الندوي: "كان الأستاذ فيض الحسن السهارنفوري أديبًا شهيرًا في زمنه، زاره الطلاب سامعين عن علو كعبه في العلوم والفنون"[24]. ويقول الشيخ أمين أحسن الإصلاحي: "لم يكن لـه نظير في الأدب العربي في الهند كلها"[25]. ويقول الدكتور حامد علي خان: "كان حادًّا ذهنُه، وعاجلًا فهمُه، لم يكن لـه نظير في أيام العرب، والصرف والنحو، والنصوص الأدبية، أصدر مجلة "شفاء الصدور"، التي كانت مشتملة على مقالاته وانطباعاته فحسب"[26]. ويقول الشيخ خليل أحمد السهارنفوري: "كان للشيخ فيض الحسن الأديب صِيت ذائع في الآفاق لجدارته"[27]. وعلاوة على هؤلاء، فقد رثاه تلميذه الإمام حميد الدين الفراهي[28]، وكرر ذكره الشاعر الإسلامي محمد إقبال، وغيرهما[29]. آثاره القيمة النادرة: قام العلامة السهارنفوري بتأليف كتب ورسائل مهمة لم تصل إلينا بكاملها، فالتي وصلت إلينا نذكرها فيما يلي: 1 - تعليقات الجلالين 2 - حل أبيات البيضاوي[30] 3 - حاشية على مشكاة المصابيح[31] 4 - التحفة الصديقية 5 - رياض الفيض 6 - الفيضي، شرح ديوان الحماسة 7 - حاشية على ديوان حسان بن ثابت 8 - حاشية على ديوان النابغة 9 - أنساب وأيام العرب 10 - فيض القاموس 11 - عروض المفتاح 12 - شرح تاريخ تيموري 13 - خلاصة كتاب إيلاقي 14 - قرابادين فارسي 15 - فيضية 16 - نسيم فيض 17 - روضه فيض 18 - جشمه فيض 19 - مثنوي صبح عيد 20 - كلزار فيض 21 - ديوان الفيض 22 - مجلة "النفع العظيم" 23 - مجلة "شفاء الصدور"[32] وفيما يلي بعض الأضواء عليها: 1- تعليقات الجلالين: هذا شرح موجز لمعضلات تفسير "الجلالين"، جزؤه الأول المشتمل على سورة الفاتحة حتى سورة بني إسرائيل تم طبعه في 1287ﻫ من مطبع المعهد، علي كره، وأما جزؤه الآخر فقد بقي غير مطبوع؛ لقلة الأموال، وهو في صورة مخطوط حتى الآن[33]، اعتنى فيه العلامة بجانب حل معضلات "الجلالين" بالاستدلال بكلام العرب في فهم المفردات والاحتجاج بالقرآن، لا سيما نظمه في الإدلاء برأيه في التفسير، كما استفاد من الأحاديث وأقوال الصحابة والتابعين وأبرز المفسرين، إنه تفسير جميل[34]. 2- الفيضي، شرح ديوان الحماسة: ديوان الحماسة لأبي تمام من أهم وأبرز مختارات الشعر العربي التي نالت قبولًا عامًّا بين طلاب الأدب العربي والباحثين فيه، ونظرًا لأهمية هذا المجموع الشعري قام عديد من الأدباء بشرحه، وتوضيح معضلاته، وتحقيق ما جاء فيه، وأكثر هذه الشروح تداولًا هو ما قام به العلامة التبريزي، ولكنه أيضًا غير تام، ولا موثوق به؛ فقد قام العلامة فيض الحسن السهارنفوري بشرحه المفصل بجانب الإشارة إلى أخطاء الشارحين، التي لم يقف عليها أحدنا، يشتمل هذا الكتاب على 800 صفحة، وطبع من مطبع نول كشور في يناير 1877م. يمتاز هذا الشرح بما يأتي: • راجع الأستاذ السهارنفوري في شرحه شرح التبريزي، والأغاني، وكتاب ابن خلكان، ومقدمة وتاريخ ابن خلدون، والكامل، والإصابة، وأسد الغابة، وغيرها من الكتب في الموضوع. • قام بتعريف الشعراء وتمييزهم عن الجاهلي والمخضرم والإسلامي. • حل عقد المفردات الصعبة بجانب ذكر الأنساب. • أشار، خلال الشرح والتوضيح، إلى أخطاء الشارحين في حل المفردات، وذكر الأنساب، ومعاني الشعر. • واستدل كثيرًا بالقرآن والأحاديث في شرح الأبيات[35]. 3- رياض الفيض: هذا شرح المعلقات السبع: لامرئ القيس، وطرَفة بن العبد البكري، وزهير بن أبي سُلْمى، ولَبيد بن أبي ربيعة العامري، وعنترة بن شداد، وعمرو بن كلثوم، وحارث بن حلزة اليشكري، يحتوي الشرح على 471 صفحة، وتوجد له نسخة خطية في المكتبة المركزية لمدرسة الإصلاح، أعظم كره، الهند، تم طبعه من مطبع أنجمن لاهور في مارس 1884م، يتميز هذا الشرح بأنه كامل مفصل، وكتب بالعربية، مع ترجمة الأبيات بالفارسية والأردية، ولمزيد البيان عن هذا الكتاب الجامع أنقل هنا مقدمته، فهو يقول: "الحمد لله الذي شرح صدري لشرح الكتب، ورفع عني الأستار والحجب، فلا أبالي بما قل أو كثر، ولا أحجم عما صغر أو كبر، والصلاة على من هو الصادق المصدوق، والسابق المسبوق، وهو خاتم الرسل، وخير من يهدي السبل، وعلى آله الكرام، وأصحابه العظام، ومن تبِعهم إلى يوم القيام، لمؤلفه، بيت: قومٌ همُ السادة البيض الكرام لهم وبعد، يقول الفيض السهارنفوري القرشي الحنفي: إنه لما كانت السبع المعلقات كالسبع الشداد، ولم يسلك شارحٌ من شرَّاحها مسلك السداد، وقد تناولها الرائغون بفنون الأدب، وتداولها المغرمون بلسان العرب، أردت أن أشرحها شرحًا وافيًا، وأكشف عنها كشفًا كافيًا، ثم حثني عليه رجسترارنا (المسجل) المشهور في المشارق والمغارب، بحسن الشمائل وكرم المناقب، جي دبليو ليتز صاحب، بيت:![]() فضلٌ وفوزٌ بما شاؤوا من الرُّتَبِ ![]() كلٌّ أعزُّ كريمٌ صالحٌ حسنٌ ![]() حلوٌ حبيبٌ شريفُ النفس والنسبِ ![]() تُحصَى النجومُ ولا تُحصَى مناقبُهم ![]() فإن أخذتَ فقد ألقيتَ في التعبِ ![]() له همم لو كان في الدهر مثلها ![]() لكان لنا ما كان خيرًا وأصلحا ![]() أتيناه من أرض بعيد نياطها ![]() فلولاه ما سرنا وما كن رزحا ![]() فشرحتها على أن فسرت بالعربية لغاتها، وما يتعلق بها من صلاتها ومحاوراتها، وترجمت أولًا بالعربية ثم بالفارسية ثم بالهندية جميع أبياتها؛ لئلا يطول ألقاب بلا طائل؛ فإن بيان الصلات ونحوها على من لا يعلم العربية ولو كان بلسانه لا يرجع إلى حاصل، ثم إني كتبت قبل كل قصيدة منها ترجمة صاحبها وما يذكر فيها؛ ليكون بصيرة لمن ينظر فيها، وإنما سميت هذه القصائد معلقات؛ لأنها كانت معلقة على ركن من أركان الكعبة في الجاهلية، ولو كانت الأولى أولى المعلقات وأولى بالتعليق، ثم علقت الستة الباقية لما أن الأولى أحسن نظرًا وأجود سبكًا؛ فإن امرأ القيس كان من أبناء الملوك، وقد قيل: إن كلام الملوك ملوك الكلام، وأما سائرهم فكانوا من الأعراب، هذا ولا أرجو إلا القبول في حياتي، والدعاء بعد مماتي، وكل شيء هالك إلا وجهه"[36]. 4- التحفة الصديقية وما شابهها: هذا و"حل أبيات البيضاوي"[37]، و"حاشية على مشكاة المصابيح"، شروح وتعليقات للقرآن والأحاديث؛ فالأول شرح لحديث أم زرع، أهداه إلى صديقه الحميم السيد صديق حسن خان القنوجي، والثاني شرح مفصل لأبيات البيضاوي، تفسير شهير تم تقريره في المدارس الهندية والباكستانية، والثالث شرح مخطوط[38] لمعضلات مشكاة المصابيح. ذكر في هذه الشروح والحواشي آراء الأئمة والعلماء البارزين. 5- فيض القاموس: هذا شرح لـ "خطبة القاموس" لمجد الدين الفيروزابادي، ويحتوي على 59 صفحة، تم تأليفه في 1299ﻫ، طبع هذا الشرح على نفقة الحاج كلب علي خان والي رامفور من مطبع أنجمن لاهور، يتمتع الكتاب بمقدمة تحتوي على 26 سطرًا، وتشمل معلومات قيمة عن الموضوع. 6- فيضية: هذا كتيب في 42 صفحة عن علم المناظرة، قام العلامة بكتابته بطلب من مسجل الكلية جي دبليو ليتز، يحتوي الكتيب على مقدمة وفصول وخاتمة، تم طبعه من مطبع أنجمن بنجاب، لاهور سنة 1882م. 7- ديوان الفيض: هذا أروع ما خلفه العلامة من آثاره العلمية والأدبية؛ فهو يشمل 1549 شعر، توجد نسخة له خطية في المكتبة المركزية لمدرسة الإصلاح؛ حيث كان الفراهي مديرًا لها، ناسخها السيد أبو محمد، وانتهى نسخها في الثاني من ذي الحجة لسنة 1311ﻫ، قام تلميذه الرشيد الإمام عبدالحميد الفراهي بطبعه في 1334ﻫ من مطبع أختر دكن بحيدر آباد، ونشره، وهذا كله حدث على نفقته الخاصة، ولو أنه لم يشر إلى ذلك، وكذا صدرت له طبعة أخرى من باكستان في 1416ھ. وبجانب هذه القصائد له توطئات وتوصيات ومقدمات منظومة على مختلف الكتب المهمة، من مثل: "لقطة العجلان"، و"التحفة الصديقية"، و"فتح البيان في مقاصد القرآن"، وسأتكلم عن هذه المجموعات في فصل مستقل. 8- جشمه فيض وما شابهها: هذا و"روضه فيض" و"صبح أميد" مجموعات لشعره المثنوي؛ فالأولان باللغة الفارسية، وأما الآخر فهو باللغة الأردية، ومع ذلك هناك ديوان لشعره الفارسي، يعنون "نسيم فيض"، وديوان لشعره الأردي يسمى "كلزار فيض". 9- مجلتا "النفع العظيم" و"شفاء الصدور": هاتان مجلتان تم إصدار أولاهما بيدي العلامة السهارنفوري حين إقامته بعلي كره، ولكنها مجهولة اليوم، فلا توجد أي نسخة منها، وأما الأخرى فقد أصدرها قسم اللغة العربية وآدابها بكلية لاهور الشرقية، فكان العلامة مديرها، وهي خير نموذج للأدب العالي الصحفي، ودليل على براعته في هذا المجال، نذكر فيما يلي العبارات التي خالف فيها العلامة حركة السير سيد أحمد خان حينما زاره خان ودياره لجمع التبرعات لفكرته التي أساءت عديدًا من العلماء، فهو يقول: "إني لا أذكر شيئًا من الأمور في هذا الأخبار إلا ما رأيت بعيني أو سمعتُ بأذني على توثق أو استناد من الأخبارات الجارية في البلاد والأمصار إذا كان مما يجوزه العقل السليم والطبع المستقيم، فمن ذلك ما رأيته وما سمعته من تعظيم السيد أحمد خان في الفنجاب (Punjab)، حيث عظمه وبجله أهل الفنجاب مما أنهم استقبلوه ورحبوا به، وقدموا إليه النذورَ والتقادم، وتلوا عليه ما كتبوه لـه وإليه، وأيدوا مدرسته بالأنفس والأموال، ولم يكن ذلك إلا لاعتقادهم فيه، وتصديقهم إياه فيما قال أو يقول، والله لو ادعى للولاية والإمامة بل النبوة بل الألوهية لصدقوه بالقلب واللسان، ولآمنوا به، وأذعنوا لـه غاية الإذعان، ولكنه لم يدعِ للولاية؛ لما أنه لا يعد الولاية شيئًا، ولا النبوة؛ لما أنه لا يعد تصديقَ النبي ضروريًّا في الإسلام، ولا الألوهية لتنافي الظاهر بين البشرية والألوهية، وهؤلاء المعتقدون رجالٌ إذا جاءهم دجال من الدجالين الذين يأتون قبل القيامة - كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم - لصدقوه باللسان والجنان، إن رغبتهم في منافع الدنيا شيء يعتقد به لا غير، ليسوا سواء، فمنهم من آمن به، ومنهم من كفر، ومن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، ويستفاد من "آفتاب الفنجاب" المطبوع في ثلاثين من الشهر الماضي أن الهنود أيضًا أيدوا مدرسة العلوم المذكورة بشيء من المال، واعترض عليه هندكي بأن المسلمين الذين هم في سائر بلاد الهند لم يأتوا من العرب، بل الأصل أن آباءهم وأجدادهم كانوا هنودًا في الأصل، فأسلموا خوفًا على أنفسهم وأموالهم، فتسلط المسلمون عليهم حتى أخذوا نساءَ الهنود وضيعاتهم وأموالهم، وهدموا معابدهم، وبنوا المساجد عليها، وكسروا أصنامهم وذللوها، فإن كانت لهم قوة ومنعة كما كانت لهم في العهد الماضي هدموا المعابد وكسروا الأصنام، والهنودُ قومٌ لا عقلَ لهم ولا شعور، ولا يتدبرون في المنافع والمضار، فمن قال لهم ما بطرت به أنفسهم وخدعتهم بأدنى شيء، فهم ينخدعون به، ولا يعلمون أن من يتعلم في تلك المدرسة من المسلمين يكون الأسد، ويصيد من الهنود كما صادهم مَن قبلهم، وإذا كان الأمر كذلك فلا بد للهنود أن يقيموا مدارسَهم الدينية، ويبذلوا فيها أنفسهم وأموالهم". أقول: ولعل هذا الهندكي لا يعلم حقيقة مدرسة العلوم المذكورة، فإنها لا يدرس فيها ما ينافي دينَ الهنود؛ حيث منافعها مقصورة على منافع الدنيا، وهي أكبر همهم؛ ولذلك أيدها من أيدها من الهنود، ولو كانت تلك المدرسة كمدارس بلادنا - سلمها الله تعالى من الشرور والآفات - لما أعطى هندكي شيئًا قليلًا في إمدادها، كما هو مجرب مشاهد، على أن مدرسة العلوم ليست مختصة بتعليم أهل الإسلام حتى يخافَ منها، بل يتعلمُ فيها الهنود والمسلمون ما يُفيد الدنيا، ويُبيد الدين؛ وذلك لشيوع تعلم اللسان الإنجليزي فيها، واعتقادهم أن سبب الرزق منحصر فيه، وأن كل كمال من كمالات الإنسان لا يبلغ مرتبة من المراتب العالية إلا به، حتى زعمه من صرف برهة من عمره العزيز في العلوم العربية ثم تعلق بتلك المدرسة منذ مدة يسيرة، اللهم أعذني من وساوس الشيطان وهمزاته"[39]. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |