اللحظة الحاسمة (قصة قصيرة) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1146 - عددالزوار : 130061 )           »          الصلاة مع المنفرد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الاكتفاء بقراءة سورة الإخلاص (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          أصول العقيدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الإسلام يبيح مؤاكلة أهل الكتاب ومصاهرتهم وحمايتهم من أي اعتداء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          تحريم الاعتماد على الأسباب وحدها مع أمر الشرع بفعلها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3097 - عددالزوار : 370049 )           »          وليس من الضروري كذلك! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          مساواة صحيح البخاري بالقرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          محرومون من خيرات الحرمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي
التسجيل التعليمـــات التقويم

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 25-06-2022, 07:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,819
الدولة : Egypt
افتراضي اللحظة الحاسمة (قصة قصيرة)

اللحظة الحاسمة (قصة قصيرة)


علي قوادري







ليس الآن، عليَّ أن أتريَّث، ربما حين نصِل الشارع الضيق، هناك هو المكان الأنسب، أحاول جادًّا التمسك بأعصابي، لعلَّه يلاحظ حبَّات العرق الرقيقةَ المتصببة، أو تلك الحمَّى الخفيفةَ التي تسيطر عليَّ الآن، أو الرعشةَ التي تزداد وضوحًا على مفاصل وجهي.



تكبدتُ الكثير وأنا أحضِّر لهاته اللَّحظة، مقدِّمات كلامية وترحيب، وبسمة رسمتُها، وضحكة غرستُها من أجل اللحظة الحاسمة، يرمقني في التفاتة غريبة.

هل يشك بي؟ هل استمع لنيَّاتي المخبأة؟! هل يتكلَّم صمتي؟!

سأشغله بالكلام عن مواضيع يحبها.

آهٍ! نسيتُ ماذا يحب.

الرياضة؛ كرِهها منذ أحداث مصر والجزائر، وما صاحَبها من مناوشات وعداء كبير من أجل جلد منفوخ.



السياسة؛ يبغضها منذ اختلطَتِ المصطلحات، وسالت أودية الدَّم في البلدان العربية، واتخذت تسمية طائفية مَقيتة.

كَرِه الرياضة والسياسة؛ لأنَّ الدَّهماء تتكلَّم فيهما.

أكلِّمه عن الموسيقا؟ أكلِّمه عن الأدب والثقافة؟ أكلمه عن عالم التكنولوجيا والأقمار والفضاء والتاريخ؟ لكن لا بدَّ أن أقتنص اللَّحظة الحاسمة وألَّا أسهو عنها.



يستأذنني من أجل أن يشحن هاتفَه النقَّال ليكلِّم زميلًا، يتناقشان حول قانون التقاعد الجديد، يتبرم مخبرًا صديقَه أنْ لا طاقة له بمواصلة العمل كلَّ تلك السنوات.



أعود لنفسي، أرتِّب حوارًا جديدًا متمسكًا بكلِّ التفاصيل، محاولًا أن أراقب كلَّ خلجاتي، فلربما فضحتني، ما زال أمامنا الطريق طويلًا، نجانب المسجد العتيق، أستغلُّ الفرصة فأحدثه عمَّا سمعتُه من حكايات حول هذا المبنى الذي مرَّ عليه أئمَّة ورجال وشيوخ، وبقي شامخًا يروي التاريخ، تعانق ذاكرتي الأماكنَ والحنين لمدينتي الصَّغيرة قبل أن تنتفخ وتتعرى من كل جميل كساها.



يسألني فجأة:

هل قرأتَ عن التصوُّف؟



لمحت في عينيه ما يشبه الْتِماعة تهتزُّ لكلمة التصوف، ما يشبه ولوجًا لحالة مختلفة، أردف مواصلًا:

كنَّا صغارًا، تشدنا مجالس الورد والتجلِّي، وتجذبنا عوالم من زمرُّد الذِّكر وموسيقا روحية، وتوحد مع الذِّكْرِ والقراءة الجماعية للقرآن بالطريقة المغاربية.



توقَّف متأففًا من روائح السجائر المتدافعة نحو أنفه من المقهى، وضجيج زبائنها وهم يتحدَّثون بلغات مختلفة؛ صراخ، همس، وكلام بذيء يمسُّ الذات الإلهية.. حاولتُ اللحاق به، فقد تسارعَتْ خطواته بشكلٍ غريب، في العادة يمشي بخطوات ثقيلة.



لا أدري متى تكون اللَّحظة الحاسمة؛ فالشارع الرئيسي في هذه النقطة يضيق ويزداد حركة؛ شاحنات، وسيارات، والأمرُّ إصرار المشاة على استِغلال الطريق المعبد.



قهقه مشيرًا إليهم:

أتدري، لو انتُخبتُ رئيس بلدية، أول عمل أبادِر به؟ أنزع كلَّ الأرصفة، فلا أحد يستغلها، وأغيِّر بعضَ الشعارات؛ كالرجل المناسب في المكان المناسب، فلا أحد في مكانه، ودولة لا تزول بزوال الرجال.



رغم سخرية الموقف ومشاركتي له بالضحك، فالفكرة راقتني وأحسستُ أنِّي أحسده على هذه الالتقاطة؛ فقد كنتُ مميزًا في هذه الالتقاطات، يبدو لي الآن أكثر ذكاء ودهاء وليس بالضحيَّة السهلة، واللَّحظة الحاسمة بدأَتْ تفصلنا عنها هوَّةٌ كبيرة.

برزخ مِن انتظار وارتقاب.

جذبتُه بسرعة من كتفه؛ فالسيارة كادت تصدمه، بالكاد نهض يَنفض عنه الغبار وبعض الماء المتسرِّب على الأرض.



قال لي بحسرة:

قديمًا كان مَن علَّمني حرفًا صرتُ له عبدًا، واليوم من علَّمني حرفًا صرتُ له عدوًّا.



وواصل كأنَّ الأمر عادي جدًّا:

هذا الشاب الذي كاد يَصدمني بسيَّارته، أمسكتُه متلبسًا بالغشِّ ذات امتحان، وما زال رغم كل هذه السنين يَحمل لي غلًّا!

تعاطفتُ معه قبل أن أنتبه وأعود متحينًا اللحظة الحاسمة، صمتنا وكأن كلَّ المواضيع انتهت، ولم نعد نتكلَّم، فترة ثقيلة عبرت، لا أحد ينظر للآخر.



أفكار كثيرة تتوارد، تكلَّم أخيرًا متبرمًا من ارتفاع أسعار كل شيء، وعن الدخول الاجتماعي والعيد وعن الأضحية، لم يكن ذِهني يسمع شيئًا؛ لأني كما قال لي:

أنت من عامَّة الناس غير متزوج، والزواج جمعيَّة سريَّة، الداخل فيها لا يفشي أسرارها، والخارج منها لا يعرف عنها شيئًا؛ كما قال برنارد شو.



مع بلوغ شارع سكنَّاه، اتخذتُ قراري وجمعتُ قواي وعقدتُ عزمي، متبركًا بانتصارات وشجاعات قبيلتنا الضاربة في عمق التاريخ والقاهرة لكلِّ قبائل الدنيا، فليس مثلها في الكون قبيلة، وحمارنا إن ساندناه في الانتخابات لا بدَّ يفوز.




نظرتُ في عينيه غير آبه، وصهيل البطولات يؤزُّني أزًّا، وكلُّ أشعار الفخر التي أحفظها تردد صداها في داخلي، لتنتظم خفقات القلب في إيقاع عَسكري موحَّد، لا تشوبه شائبة، وأطلب منه ما جاهدتُ النفسَ كلَّ هذه المسافة بلوغه:

أن يعيرني 100 دج...!

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 64.55 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 62.83 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.67%)]