المعروف.. قيدُ الأحرار - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1074 - عددالزوار : 127167 )           »          سورة العصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          عظات من الحر الشديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          المشي إلى المسجد في الفجر والعشاء ينير للعبد يوم القيامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          القلب الناطق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          الظلم الصامت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          من أدب المؤمن عند فوات النعمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          عن شبابه فيما أبلاه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          بلقيس والهدهد وسليمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          غزة تتضور جوعا.. قصة أقسى حصار وتجويع في التاريخ الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي
التسجيل التعليمـــات التقويم

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 24-05-2022, 11:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,699
الدولة : Egypt
افتراضي المعروف.. قيدُ الأحرار

المعروف.. قيدُ الأحرار


موسى آل هجاد الزهراني


قال أبو الطيب المتنبي :
‌وأظلمُ ‌أهلِ ‌الظلمِ مَنْ بات حاسداً لمن بات في نعمائِه يتقلَّبُجاء هذا البيت العظيم على لسان صاحبي الأديب الراقي فانتشيتُ طرباً، وإن كان معناه لا يوحي بالنشوة ولا بالطرب. ثم دار الحديث حول معناه، وكيف استطاع أبو الطيب أن يُلخص حالة نكران قلوب كثيرةٍ، لأيادٍ كثيرة. واختلفنا في مقصد أبي الطيب؛ لأنه يُضمّن شعره المعاني الغزيرة، في جملٍ قصيرة، وانتهينا إلى أن أشدَّ الناس ظُلماً هو الذي تنتشلُه أيدي الرجال من براثن الفقر أو الذل، فلا يرقى أن يجزيهم بردِّ المعروف، بل يحسد هؤلاء الرجال على ما هم فيه من نعماء، لا يزال هو يتقلب فيها، فهل رأيتم أعجب من هذا؟ هذا هو معنى البيت.
وكم شكى أبو الطيب من مثل هذه النفوس الدنيئة، التي يأنف من ذكرها أقحاح العرب الكرماء، وكان هو نفسه يأنف منها:
‌وآنفُ ‌من ‌أخي لأبي وأمي إذا ما لم أجِدهُ من الكرامِبل لم أقرأ في حياتي وصفاً أدق وأعظم في الهجاء من وصفه لتلك النفوس اللئيمة التي يتأذى منها حتى الموت!، فلا يقربها ساعة قبض أرواحها إلاّ بعُودٍ يحمله في يده من قبح نتنها وروائحها القبيحة:

‌مَا ‌يقبض ‌الْمَوْت ‌نفسا من نُفُوسهم إِلَّا وَفِي يَده من نتنها عودُ!والكرم عنده لا يقتصر على بذل المال، بل هو معنى أعلى وأرقى من هذا، فالطبع الكريم لا يفارق صاحبه حتى في أحلك لحظات الحرب العصيبة:
‌وفي ‌الحرب ‌حتى ‌لو ‌أراد ‌تأخّراً لأجبره الطبعُ الكريمُ إلى القُدْمالنفوس الحرة الكريمة هي التي يقيدها المعروف، حتى تصبح أسيرةً له، تحتار كيف تستطيع أن تجزي صاحبه:
وما قتل الأحرارَ كالعفو عنهم ومَنْ ‌لك ‌بالحرِّ الذي يحفظ اليدا؟!وبخلاف اللئيم الذي يحسدُ صاحبَ نعمته، وهو لا يزال يتقلب في تلك النعمة، تجد أن الحر الكريم إذا أسدي إليه معروفٌ فكأنه صار أسيراً لدى صاحب المعروف، ولذا فإن أبا الطيب يراهم في الناس من النوادر: ومَنْ ‌لك ‌بالحرِّ الذي يحفظ اليدا؟.
وهذا أقسى على القلوب الحرة من نقل الجبال الشامخات على الكواهل:
إذا أنتَ أكرمت الكريمَ ملكتَه وإنْ أنتَ أكرمتَ اللئيمَ تمرَّدااحذر: لا تكرم اللئيم، ولا تتواضع له.
والإحسان قيدٌ للنفوس الكريمة الأبية، كما قال:
وقيّدتُ نفسي في ذَراك محبّة ومن وجدَ الإحسانَ قيْداً تقيّداوقديماً سارت أمثال العرب بمثل هذا، فقالوا:«‌‌ ‌غَلَّ ‌يَداً ‌مُطْلِقُها، واسْتَرَقَ رَقَبَةً مُعْتِقُهَا» وقد ذكر أهل التاريخ قصة جماعةٍ أسرهم الحجاج بن يوسف الثقفي المعروف ببطشه، وأمر بقتلهم؛ لأنهم خرجوا عليه، إلا أنه رأى فيهم رجلاً كان قد أسدى للحجاج معروفاً فيما مضى، فعفى عنه الحجاج، وأطلقه، رغم أنه صديقُ عدوّه، فلما عاد الرجل إلى قومه قالوا له: «عاود قتالَ عَدو اللَّهِ الحَجَّاج، فَقَالَ هَيْهَات، ‌غَلَّ ‌يدا ‌مُطْلِقُها واسترقَ رَقَبَة معتقُها» وهذا هو الذي عناه أبو الطيب بقوله:

وما قتل الأحرارَ كالعفو عنهم ومَنْ ‌لك ‌بالحرِّ الذي يحفظ اليدا؟!




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.12 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.40 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.91%)]