سوء الخاتمة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 959 - عددالزوار : 121320 )           »          الصلاة دواء الروح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          أنين مسجد (4) وجوب صلاة الجماعة وأهميتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          عاشوراء بين ظهور الحق وزوال الباطل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          يكفي إهمالا يا أبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          فتنة التكاثر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          حفظ اللسان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          التحذير من الغيبة والشائعات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          كيف ننشئ أولادنا على حب كتاب الله؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          قصة سيدنا موسى عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-11-2021, 10:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,460
الدولة : Egypt
افتراضي سوء الخاتمة

سوء الخاتمة



الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

وبعد:
عن سهل بن سعدٍ السَّاعدي رضي الله عنه؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:
«إنَّ العبد لَيعمل - فيما يرى الناس - عملَ أهلِ الجَنَّة، وإنه لَمِن أهلِ النار، ويعمل فيما يرى الناس عملَ أهلِ النار، وهو مِن أهلِ الجَنَّة، وإنما الأعمال بخواتيمها» [1].

قال ابن بطَّال: "وفي تغييب خاتمة العمل عن العبد حكمةٌ بالغة، وتدبيرٌ لطيفٌ؛ لأنه لو علِم وكان ناجيًا أُعْجِبَ وكسل، وإنْ كان هالكًا ازداد عُتُوًّا، فحُجِبَ عنه ذلك؛ ليكون بين الخوف والرجاء"[2].

لأجل ذلك كان خوف الصالحين مِن سوء الخاتمة شديدًا؛ يقول أحدهم: "خوف الصالحين مِن سوء الخاتمة عند كل خَطْرَةٍ وحركة".

ويقول أبو الدَّرداء: "ما أحدٌ أَمِنَ على إيمانه أَلَّا يُسْلَبَهُ عند الموت؛ إلا سُلِبَهُ"[3].

ولما حضرتِ الوفاةُ سفيانَ الثَّوري رحمه الله جَعَل يبكي؛ فقال له رجلٌ: "يا أبا عبد الله، أَمِنْ كَثْرَةِ الذُّنوب؟"؛ فقال: "لا، ولكن أخاف أنْ أُسْلَبَ الإيمانَ قبل الموت"[4].

فمِن هذا خاف السَّلف مِن الذنوب؛ أن تكون حجابًا بينهم وبين الخاتمة الحسنة.

قال ابن القيِّم رحمه الله: "وهذا مِن أعْظم الفِقه؛ أنْ يخاف الرجل أن تَخْدَعَهُ ذنوبه عند الموت، فتَحُولُ بينه وبين الخاتمة الحُسْنى"[5].

قال الحافظ عبد الحق الإشبيلي: "ولِسوء الخاتمة - أعاذنا اللهُ منها - أسبابٌ، ولها طُرُق وأبواب، وأعظَمُها: الانكباب على الدنيا وطلبُها، والحرْص عليها، والإعراض عن الآخِرة، والإقدام والجرأة على معاصي الله، ورُبَّما غَلَبَ على الإنسان ضَرْبٌ مِن الخطيئة، ونوعٌ مِن المعصية، وجانبٌ مِن الإعراض، ونصيبٌ مِن الجرأة والإقدام، فمَلَكَ قلبَه، وَسَبَى عَقْلَهُ، فربما جاءه الموتُ على ذلك، وسوءُ الخاتمة لا تكون لِمَن استقام ظاهِرُه، وصلح باطِنُه، ما سمِع بهذا ولا علِمَ، ولله الحمد، وإنما تكون لِمَن له فَسَادٌ في العقيدة، أو إصرارٌ على الكبيرة، وإقدامٌ على العظائم، فربما غلَب ذلك عليه حتى نزَل به الموتُ قبْل التوبة"[6]. اهـ.

وقد يَظهر مِن المحتضَر ما يدلُّ على سوء الخاتمة، مثل: النُّكول عن النطق بالشهادتيْن، ورفض ذلك، والتحدُّث بالسيئات والمحرَّمات، وإظهار التعلُّق بها، ونحو ذلك مِن أقوالٍ وأفعالٍ تدلُّ على الإعراض عن دِين الله، والتَّبرُّم لِنُزولِ قضائِه[7].

قال ابْنُ القَيِّمِ: "وإذا نظرتَ إلى حال كثير مِن المُحتضَرين: وَجَدْتَهم يُحال بينهم وبين حُسْن الخاتمة؛ عقوبةً لهم على أعمالهم السيئة"[8].

قال ابن رجب: "وإنَّ خاتمة السوء تكون بسبب دسيسةٍ باطنةٍ للعبد، لا يطَّلع عليها الناس، إمَّا مِن جهة عملٍ سيِّئٍ ونحو ذلك، فتلك الخَصلة الخفيَّة تُوجِب سوءَ الخاتمة عند الموت، وكذلك قد يَعمل الرَّجل عملَ أهل النار، وفي باطِنه خَصلةً خفيَّةً من خِصال الخير، فتغلب عليه تلك الخَصلة في آخِر عمره، فتُوجِب له حُسْنَ الخاتمة"[9]. اهـ.

وقد ذكَر بعضُ أهل العِلم أسبابًا ينشأ عنها سوءُ الخاتمة:
أولًا: التَّسويف بالتوبة، والاستمرار في المعاصي، والتَّهاون في فعل الواجِبات، ويُضمِر بعضُهم أنه سيتوب، ولكن متى؟ يقول الأعزب: حين أتزوج، والطالب: حين أتخرج، والفقير: حين أتوظَّف، ويقول الصغير: حين أكبر. وهكذا يحدَّد كل واحد موعدًا لتوبته!!

فيقال لهؤلاء جميعًا: مَنْ يضْمن لكم بلوغَ هذه الآمال؟! أما تخشون أن تخترمكم المنايا قبل وصولها؟!! ثم لو وصلتم إليها؛ هل تَضْمَنون أن تُوفَّقوا للتوبة، وقد قضيتُم الأعمارَ في الغِواية والضَّلال والشَّهوات المحرَّمة، التي غالبًا ما تكون سببًا لانقلاب القلوب وانتكاسها؟!! قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الأنفال: 24].

وقال تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ} [الأنعام: 110]، ثم بيَّن سببَ هذا الانقلاب فقال: {كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام: 110]؛ أي: بسبب ردِّ الحقِّ أول ما جاءهم، ثم قال: {وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأنعام: 110].

وقد ذمَّ اللهُ قومًا طالتْ آمالُهم حتى أَلْهَتْهُم عن العمل للدار الآخِرة؛ ففاجأهم الأَجَلُ وهم غافلون؛ قال تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ * ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الحجر: 2، 3].

قال عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه: "إنما أخشَى عليكم اثنتين: طُولُ الأمَل، واتِّباع الهوى. فأمَّا طُول الأمَل: فإنه يُنسي الآخِرة، وأمَّا اتِّباع الهوى: فإنه يَصُدُّ عن الحقِّ".

ثانيًا: حبُّ المعصية؛ فإن الإنسان إذا داوم على المعاصي، ولم يُسارِع إلى التوبة منها - أَلِفَها قلبُهُ؛ فاستوْلَتْ على تفكيره في اللَّحظات الأخيرة مِن عمره؛ فيموت عليها، ويُبْعث عليها!

عن جابرٍ رضي الله عنه؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «يُبْعَثُ كلُّ عبدٍ على ما مات عليه» [10].

قال ابن كثير: "والذنوب والمعاصي والشهوات تخذل صاحبها عند الموت مع خذلان الشيطان له؛ فيجتمع عليه الخذلان مع ضعف الإيمان؛ فيقع في سوء الخاتمة"[11].

قال عبد العزيز بن أبي روَّاد: "حضرتُ رجُلًا عند الموت، يُلَقَّنُ (لا إله إلا الله)، فقال في آخِر ما قال: هو كافرٌ بما تقول! ومات على ذلك. قال: فسألتُ عنه، فإذا هو مُدمنُ خمرٍ!! فكان عبد العزيز يقول: اتَّقوا الذنوب؛ فإنها هي التي أوقعتْه. وآخَرَ حضرتْه الوفاة، فقيل له: قُلْ: لا إله إلا الله؛ فجَعَل يهذي بالغناء حتى قُبضتْ رُوحُه!! وقيل لآخَر عند موته: قُلْ: لا إله إلا الله؛ فقال: آه آه، لا أستطيع أن أقولها!! والقصص في هذا كثيرة"[12].

قال ابن قُدامةَ رحمه الله: "وإذا عرفتَ معنى سوء الخاتمة؛ فاحذرْ أسبابَها، وأَعِدَّ ما يصلح لها، وإيَّاك والتَّسويف بالاستعداد؛ فإنَّ العمرَ قصيرٌ، وكلَّ نَفَسٍ مِن أنفاسك بمنزلة خاتمتِكَ؛ لأنه يُمْكن أنْ تُخطَف فيه رُوحُكَ، والإنسان يموت على ما عاش عليه، ويُحْشَرُ على ما مات عليه"[13].

فعَلى العبدِ أن يُلْزِمَ نفسَه بالطاعة والتقوى، وأن يَنْأى بنفسِه عمَّا حرَّم الله، وأن يُبادِر بالتوبة مِن المعاصي، وأن يُلِحَّ في دعاء الله أنْ يُخْتَم له بالخاتمة الحُسْنَى، وأن يُحسِن الظنَّ بربِّه عزَّ وجلَّ.

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه؛ أنه سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: «إنَّ قلوبَ بني آدم كلها بين أصبعين مِن أصابع الرَّحمن عزَّ وجلَّ كقلبٍ واحدٍ، يصرفه حيث شاء»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم مُصَرِّفَ القلوب، صَرِّفْ قلوبَنا على طاعتكَ» [14].

والحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.


ــــــــــــــــــــ
[1] "صحيح البخاري" (4/190) برقم (6493)، و"صحيح مسلم" (2/2042) برقم (2651) واللفظ للبخاري.
[2] "فتح الباري" (11/338).
[3] "مختَصر منهاج القاصدين" (ص391).
[4] "مختصَر منهاج القاصدين" (ص391).
[5] "الجواب الكافي لِمَن سأل عن الدواء الشافي" (ص148).
[6] "الجواب الكافي لِمَن سأل عن الدواء الشافي" (ص146، 148).
[7] مشاهِد الاحتِضار (ص75).
[8] الجواب الكافي لِمَن سأل عن الدواء الشافي (ص146 ).
[9] جامع العلوم والحِكَم (ص172-173).
[10] صحيح مسلم (4/2206) برقم (2878).
[11] البداية والنهاية (9/163).
[12] انظر: جامع العلوم والحِكَم (ص173)، والجواب الكافي (ص147).
[13] مختصَر منهاج القاصدين (ص393).
[14] صحيح مسلم (4/2045) برقم (2654).


__________________________________________________ ___
الكاتب: د. أمين بن عبدالله الشقاوي










__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.24 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.57 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.19%)]