|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() غربتي عن الزوجة وارتكاب المخالفات أ. مروة يوسف عاشور السؤال بسم الله الرحمن الرحيم أولاً: أشكر القائمين على موقع الألوكة على تلك المجهودات العظيمة، والحلول والإفادات التي أعطتنا مزيدًا من الأمل في المستقبل. ثانيا: مشكلتي باختصار هي: إنني شابٌّ أعمل بدولة خليجية، ومتزوج ولدي أولاد - والحمد لله - كانت ظروفي قبل الزواج تحت المتوسط، وبفضل الله تزوَّجت قبل السفر، وبعد أن سافرتُ أكرمني الله من أوسع الأبواب، وسَدَدت ديوني، وأساعد أهلي. المشكلة تكمن في أني أريد العودة؛ لأني محتاج لزوجتي وأولادي معي، وفي الوقت نفسه كَرِهت الغربة، وأريد أن أربِّي أولادي تربية سليمة، تتفق وقِيَمَنا الإسلامية، وقد حاولتُ قبل ذلك أن أُحْضِر زوجتي وأولادي معي في تلك البلد التي أعمل بها، لكن والدتي غَضِبَت ومَرِضت؛ لأنها لا تريد فراق أولادي، فوافقتها؛ فلا أحب أن أغضبها. ولو رجعتُ إلى وطني الآن فليس لي موردٌ سوى مشروع أقمته مساعدة لأخي؛ فمورده لا يكفى إلا للعيش فقط، وأيضًا فإني خائف من قطع عملي بنفسي، وبصراحة هناك أمور أفعلها، أستحيي أن أذكرها؛ لعدم وجود زوجتي معي، وقد أكرمني الله بالهداية، فأصلي الفروض كلها في وقتها، أشيروا عليَّ، ماذا أفعل؟ الجواب الأخ الكريم،, حياك الله وكلَّ مستشير يَحُطُّ رِحَاله في شبكة "الألوكة"، سائلين الله - عز وجل - أن يخفِّف عنكم، ويهديَكم سبل الرشاد، ويُلْهِمنا وإيَّاكم الصواب في القول والعمل. حقيقةً ظننتُ أن الرسالة من امرأة ملَّت الغربة، وتَتُوقُ نفسها إلى العودة لوطنها بعد طول غياب؛ وذلك لكثرة ما يَرِد من رسائل بهذا العنوان من أخواتنا؛ إذ ترغب المرأة في العودة، ويأبى الزوج؛ فتكون المشكلة والحيرة بينه وبين الوطن، لكنَّ الأمر على عكس ما ظننت؛ فرجل حُرِم أبناءه وزوجه مدةً طويلةً، ويشتاق إلى مجاورتهم، والتمتع بالسعادة والدفء الأسري بعد سنوات قضاها وحيدًا، قدَّم فيها يد العون لإخوانه وأعانهم على إتمام الزواج وسدَّ دَينه، ولم تعد لديه القدرة على فراق أهله، حَرِيٌّ به أن يعيد النظر في حقوقه وحقوق أهله عليه، ويطيل التأمل في حاله وحالهم. أقول لك أخي الكريم: لم يجعل الله بر الوالدين أبدًا سببًا لمعصيته، ولم يَحُضَّ الإسلام على مراعاة جانب على حساب غيره؛ فبِرُّ الوالدين مقدَّم على كل شيء إلا على فعل يَضْطَرك للمعصية أو يُعِين عليها، وغيابُ أهلِك فيه من المفاسد الشرعية والاجتماعية والنفسية ما فيه، ولا يخفى على عاقل هذا. قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - حين سُئل عن أحق الناس بحسن الصحبة: ((أمُّك))، قيل: ثم مَن؟ قال: ((أمُّك))، قيل: ثم مَن؟ قال: ((أمُّك))، قيل: ثم مَن؟ قال: ((أبوك)). فحق الأم مقدَّم على حق الأب، وإذا تنازعا قُدِّم حق الأم، وفضَّلها الله على سائر الناس، وجعل لها الأولوية في البر، لكن ماذا لو تعارض حق الأم وحق الله؟ في الحقيقة لن يتعارضا إلا أن يتعدَّى أحدكما ويُسِيء؛ فقد يخطئ الولد ويعصي والدته، وقد تطلب الأم ما ليس لها بحق، مع الاحترام الشديد للوالدة – حفظها الله - لكن لا يُقدَّم حقُّها لو تعارض مع حق من حقوق الله، وما يؤدي للمعصية. "وهناك أمور أخرى أفعلها، أستحي أن أذكرها لعدم وجود زوجتي معي": وما لا تقدر على ذكره حياءً وخجلاً يجب عليك تركه، ولو لم تَرْضَ والدتك – حفظها الله - ولا يرضى قلب الوالدة العطوف ولا يقبل للولد أن يعصي الله، ويقاسي ألم فراق أهله؛ لمجرد أنها تُحِب أبناءه، ولا تقدر على فراقهم! قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله: وَقدِّمِ الأَعْلَى لَدَى التَّزَاحُمِ ![]() فِي صَالِحٍ وَالْعَكْسُ فِي المَظَالِمِ ![]() وَادْفَعْ خَفِيفَ الضَّرَرَيْنِ بِالأَخَفّ ![]() وَخُذْ بِعَالِي الْفَاضِلَيْنِ لاَ تَخَفْ ![]() فإن كان في فراق الأبناء ضرر على والدتك، فهو ضرر دنيوي يمكن رَتْقُه، وإنما الضرر الواقع عليك بغياب زوجك ضرر ديني ودنيوي، قد جمع بين الضررين، ولا ينظر للمضرة الدنيوية بجانب المضرة الأخروية. طاعة الله مقدَّمة على طاعة كل حي تجب عليك طاعته، والعكس حال المعصية يقدم الأخف إن وجد الإنسان نفسه مضطرًا إليه، فهل في جمع أبنائك وزوجك إليك عقوق بأمك؟ ليس فيه عقوق وليس لها أن تمنعك اصطحابهم، ولكن العاقل من يحاول احتواء المشكلة والخروج منها بأقل المفاسد؛ فمرض الوالدة لتعلقها بأبنائك يمكن التغلب عليه بعمل زيارة لها؛ فتصحبهم هي في رحلتهم إليك، والسعي لتجديد الزيارة ما أمكنك ذلك؛ فتكون قد جمعتَ بين صحبة الأبناء ورضا الوالدة. وإن لم يتيسَّر لك وعجزت عن ذلك، أرَ أن تحادث الوالدة، وتُكثِر من محاورتها بلطف وحنان حول حاجتك الماسَّة لوجود الأهل، وعجزك عن السير في حياتك، وأنت متزوج بلا زوج تؤنس وحشتك، وتخفف غربتك، وحدِّثها عن حاجتهم إليك، وخطورة أن ينشأ الأبناء بعيدًا عن عيني والدهم. وأقترح أن تجعل البداية زيارة لهم عِوَضًا عن استقدامهم للإقامة الدائمة، فتعتاد غيابهم بشكل تدريجي، وتمنع بذلك الصدمة التي قد تحدث بغيابهم المفاجئ عنها، ولتَطُل مدَّة الزيارة بعد ذلك؛ لتكون شهرين، وهكذا حتى تمتصَّ حزنها، ويَقِلَّ شوقها إليهم. بخصوص غياب الأب عن أبنائه، فهذه بَلِيَّة عظيمة، وآفة خطيرة يغفل عنها الكثير من الآباء بكل أسف، ويظن أنه يُضحِّي بحرمان نفسه منهم ليجلب لهم الرزق، وما يستعينون به على مصاعب الحياة ومتطلباتها. ولا يفطن المسكين أن الأمر لا يتعلق بحقِّه فقط، فلهم عليه حقوق أيضًا لا يجوز التفريط فيها إلا أن يُكْرَه، والأبناء لا يحتاجون منك المال بقدر احتياجهم لرعايتك وعطفك، وحزمك ومتابعتك، التي ستعجز عنها زوجك مهما حاولتْ، وستقصِّر في بعض جوانبها مهما كانت قوية الشكيمة، ثابتة الجأش؛ إذ لا يقوم بدَوْر الوالد إلا الوالد، ولو اجتمع كل رجال العائلة ونساؤها ليقوِّموا سلوك الأبناء ويعدِّلوا ما يعوجُّ منه لَمَا أفلحوا – إلا أن يشاء الله - فدور الأب دور توجيهي إصلاحي، لا يفي به إلا صاحبه، وهو من ضرورات التربية؛ إذ يمنح وجودُه الأبناءَ من الأمن النفسي، والتوازن الاجتماعي، والاعتدال السلوكي، ما لا يمكن أن يحدث في غيابه، ولا أدلَّ على ذلك من حالات الإدمان والانحراف، والانتكاس الأخلاقي الذي يحدث في أُسَرٍ غاب عنها الأب؛ إما للسفر أو بوفاته أو حدوث الطلاق. لتعلم أيها الوالد الفاضل والزوج الكريم، أن دورك في الأسرة لن يقوم به غيرك، وأن حاجة زوجك وأبنائك إليك لا تقل عن حاجتك إليهم، ولئن كانت زوجك صابرة محتسبة راضية، فلا يعني هذا قبولها للوضع ولا إقرارها للحال؛ لكنها آثرت الصمت في موقف بدا لها أن الحديث فيه غير مجدٍ، والكلام لا طائل من ورائه. ولتذكر أن طفولة أبنائك وسعادتهم ليست محصورة في المال والاكتفاء المادي؛ وإنما تتعدى كل دِرْهَم وتفوق كل مادَّة، تلك الحاجة التي لا تعوَّض بملايين الدولارات، ولا تقدر بكنوز الأرض، وانظر إن شئت واستمع إلى أنين المحرومين، وبكاء المنكوبين، فما أسوأ أن يستشعر الأبناء اليُتْم في حياة آبائهم، وما أَمَرَّ أن تترمَّل المرأة وزوجها حاضر غائب! سواء قرَّرْت الرجوع والاكتفاء بمشروعك الذي جعلته لأخيك، أو البقاء في البلد الذي أنت فيه، عليك أن تحل مشكلةَ تشتُّت الأسرة وتفرقكم بلا داعٍ! والذي أنصحك به: أن تجمعهم إليك مادمت لم تستقرَّ ماديًّا بعدُ، وتذكَّر أننا لا نحيا لنرضى بالشقاء في سبيل إسعاد غيرنا؛ وإنما نسعى للحصول على السعادة والاستقرار وإسعادهم معنا ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، وإلا فالله – تعالى- لا يكلِّف نفسًا إلا وُسْعها، أفيكلِّف ابنُ آدم نفسَه ما لا طاقة له به، ثم يَظَل دهره يبكي ويتحسر؟! ((إن لربك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا؛ فأَعْطِ كلَّ ذي حق حقَّه))، والذي أراه أنك لم توفِّ حق ربك، ولا حق نفسك، ولم يوف حق أهله أيضًا (زوجته) ، فهل يُعْقَل ذلك؟ وفي النهاية لابد أنك أدركتَ جوابي على طلبك: "أشيروا عليَّ، ماذا أفعل؟"، أنه لا خيار عن اجتماعك بزوجك على وجه السرعة، ولتبادر باتخاذ الإجراءات والخطوات اللازمة؛ لتَفِرَّ بدينك ونفسك عن كل إثم، وستعلم حينها أنك كنت مخطئًا فيما مضى! جمع الله بينكما على خير، وهَدَى والدتك، ورقَّق قلبها، وأصلح لكم الحال.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |