|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() قبول الخاطب وبيئته القروية أ. مروة يوسف عاشور السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا فتاة أقيم في السعودية، وقد تقدَّم لي شخص من البلد، وتردَّدت في قَبُوله، لا لشيء فيه، لكني متردِّدة في السكن معه في البلد، فهو في قرية، ولا تزال بدائية بعضَ الشيء، والحياة هناك متعبة، حتَّى إنَّ والدتي قالت: لن أعيشَ هناك، ولا بناتي، والأهل هناك لا يتركون شخصًا في حاله، فهم يتحدثون عن كلِّ صغيرة وكبيرة، وأي أمر يحدث ينتشر انتشارَ النار في الهشيم، والله لا أبالغ، وهذا الأمر يُتَحَدَّث به، ويُضايق مَن يقيمون خارجَ البلد، والدتي لا تُمانع في قَبُوله، وعندما أخبرت أختي التي تصغرني، قالت: لكني لا أريد أن أقيمَ بالبلد، ونحن نخشى أن تطولَ بنا السنون، أرجوكم أفيدونا برأيكم، جزاكم الله خيرًا. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. حياكِ الله أختي الكريمة, ومرحبًا بكِ معنا في شبكة (الألوكة). عند قَبول الخاطب أو رَدِّه يَجب أن نكونَ أشدَّ حَذَرًا، وأكثر تأنيًا، فالأمرُ يتعَلَّق بحياتكِ المستقبلية القادمة - بإذن الله - وبأبناء المستقبل وحياتهم كلها، والأمر أشدُّ من أن نعلقَه على بعض الجوانب دون بعض, نجعل الرفضَ أو القَبول مبنيًّا عليها. فطر اللهُ الناسَ على حب الخير, والسعي لتحقيق الراحة والسعادة في هذه الحياة؛ ﴿ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ﴾ [العاديات: 8], لكن العاقل يُدرك أنَّ تَحصيل الكمال، وتَحقيق الهناء التام والسرور الكلي - أمر مستحيل في هذه الدُّنيا، فقد جبلها الله على المشقة والتعب؛ ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾ [البلد: 4], وجعلها دارًا للابتلاءات، وليس لتحصيل أنواع الخيرات، وشتى المسرّات. ففي غالب الأحوال, لا ينبغي للفتاة أن تَحلُم بحياة زوجية مثالية خالية من كلِّ نقص, منزهة عن كل عيب, وإنَّما تكتفي بتحصيل أكبر قدر من النجاح، والتغاضي عما يمكن التغاضي عنه. أول ما على الفتاة أن تفكر فيه: صفاتُ الشخص الذي تقدَّم إلى خِطْبتها؛ من حيث دينُه وخُلقه وصفاته الشخصية, ثم بعد ذلك تفكر في أهله ووالدَيْه, ثم بيئته التي نشأ فيها, ثم حالته الاجتماعية والمادية, ثم المكان الذي ستعيش فيه معه, وهكذا؛ فهناك المهم، وهناك الأكثر أهمية. كيف يجب أن تفكري؟ بالنسبة للشاب: ذكرتِ أنه مناسب, ولم تذكري عن دينه وخُلُقه شيئًا, أم أنَّ هذا الجانبَ لَم يتضح لكِ بعدُ؟ قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا خَطَبَ إليكم من ترضون دينه وخلقه، فزوجوه، إلاَّ تفعلوا، تكن فتنةٌ في الأرض، وفساد عريض))؛ رواه الترمذي وابن ماجه. فإن كان دينه على درجةٍ عالية, فلا ينبغي التفريطُ في مثل هذا, ولا يغيبنَّ عنكِ أنَّنا في زمنٍ قَلَّ فيه الظفر بزوجٍ كهذا, وأمَّا إن كان الأمرُ غير ذلك, فتأَمَّلي بقيةَ الجوانب ومدى صلاحيتِه كزوج. أعلم أنَّ الحياةَ في مثل هذا المكان قد يكون فيها شيءٌ من المشقَّة, لكن هل الزوجُ يستحق التضحية؟ هذه نقطة. النقطة الثانية: تقولين: إنَّ الناسَ لا يتركون أحدًا في حاله, لكن هل لهم إيجابِيَّات مقابل هذه الصفة السلبية؟ على الأغلب تكون تلك البلاد لها من الميزات ما ليس لغيرها. فيكون أهلُ البلدة أكثرَ ترابطًا من غيرهم، فيُساعدون المحتاج منهم، ويتعاونون على الخير, ولا يشعر الإنسانُ أنَّه يَحيا وحيدًا في العالم، كما هو الحال في بعض المدن المتحضرة. وتذكري - يا عزيزتي - أنَّ كل إنسان له طباع وصفات تُميزه عن غيره, فإن كانوا يتحدثون عن غيرهم، وتنتشر الأخبار عندهم بهذا الشكل المُفزع, فما يضيرك لو أغلقتِ عليك بابَك، واكتفيتِ بالعلاقات الودود معهم؟ قد يستنكرون هذا في البداية, لكن سُرْعَانَ ما يعتادونه؛ إذ يجدون كثيرًا غيرَك ممن يمدُّهم بمعلومات يتناقلونها. والكثير من تلك القرى شاع عنها بعضُ الصِّفات، وصارت لصيقةً بها التصاقَ الحديد بالمغناطيس, فتكون بعض الصفات التي كانت لهم في الماضي قد تغلغلت وانتشرت بين المدن والقرى المجاورة، وبعد مضي زمن، ومرور السنين، وتغيُّر الأحوال - تبقى لهم تلك الصفة، ولا يجدون منها فَكاكًا. فقد يكون الأمر كذلك، فتحروا قبل الحكم عليهم. على كل حال, أرجو أن تنظري لخاطِبِك من جميع الجوانب، وتقارني بين مَيْزَاتِه وعيوب المنطقة التي سيسكن بها, وبإمكانكم أنْ تبحثوا معه إمكانيةَ الانتقال لسكنٍ آخر متى ما تيسَّر له ذلك, ولا تشترطي أنْ يكونَ السكن قريبًا من أهلِك, بل وضِّحي له أنَّ الغرضَ فقط هو التخلُّص من حياة لن تكونا سعيدين فيها. وأذكركِ أخيرًا بصلاة الاستخارة، فلا غنى لنا عن الدُّعاء، والتوكل على الله، وتفويض الأمر إلى علامِ الغيوب, وَفَّقك الله، وأصلح حالكِ، ورزقكِ سعادةَ الدَّارين, ونسعد بالتواصُل معك في كل وقت، فلا تتردَّدي في مراسلتنا.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |