
17-06-2021, 02:57 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,985
الدولة :
|
|
وأنا أسير
وأنا أسير
مأمون أحمد زيدان
"1"
وأنا أسير
على طريق مهجور
همست لي مئذنة
بسر غريب
"2"
عشب يتكسر، يَهُس
تحت خطواتي
يئن، يترنح
"3"
نملة دؤوب
تحمل رزقها
رزق يفوق أضعاف وزنها
تشد الخطى
"4"
أسير
نحلة تزن
تطير، تحط
تمتص رحيقًا
تحث جناحيها نحو قفير
"5"
أسير
سلحلفاة مغطاة بدرع مكسور
تسابق المستحيل
تطل برأسها
يمنة ويسرة
تطيل التأمل، والتحديق
تمد أطرافها
تتنهد نسمة ظل حنون
"6"
أسير
كلب يلهث
لهاث برق خاطف
ورعد قاصف
لعاب يسيل
بطن ضامر، صافق، مصفوق
عينان متجمرتان
تائهتان، ملتهبتان
وحمامة متعفنة بين ألواحِ صبر
"7"
أسير
دودة تخرق الأرض
تمتص الريح والشمس والضياء
تخرق الأرض
تمتص الرطوبة والبلل والماء والظلام
تحط فوقها ذرات من تراب
تغسلها حفرة ماء آسن
"8"
أسير
قط متألق
كنمر صغير
يموء بهمس وخفر
يتمطى فوق غصن لوز
يفرك أنفه بيديه
يتثاءب بكسل
تحت الغصن
بقايا ريش
"9"
أسير
أفعى رقطاء تتلوى
تفوح بحنق مكتوم
تتلع برأس مثلث
تُنَضنِض بلسان مشعب
تتسحب ببطء
على الأرض بقايا من شعر فأر
"10"
أسير
خلد يطل برأسه من حفرة
يختفي، يظهر
يظهر، يختفي
كوم من رمل ناعم
يتوزع فوق مساحات
دهاليز تحت المسافات
تلفها ظلمة دامسة
لا فرق بين ظلام ونور
"11"
أسير
قطيع خراف يسد النظر
عشب متفجر، مكتظ بالألوان
روعة عين ترسم الجمال حياة
يرعى
يشنف الآذان لصوت نايٍ حزين
بفمِ راعٍ يعذبه الجمال
يصلبه النماء
وآماد تحفظ حزن الناي
تسجلها، ترسخها
كبَلُّوط وسِنْدِيان وصَنَوبَر
"12"
أسير
نهر صغير منزوع من جبل
يسير معي
يترجرج، يتقلب، يلتف، يتداخل
يكتب أحرفًا تؤرق العين
يحمل جثثَ نبات ونبات
حيوان وحيوان
طير وطيور
يغني، يشدو
يقرأ، يلقي قصائد
عصية على التدوين
يبكي
يُنَهنهه البكاء والعويل
يخرخر
يغسل ذاته بذاته
يتنشف بشمس وقمر
يتحول لُجَين مخلوط بذهب
في الصباح والمساء
يتدثر بشفق وغسق
يتحول فيروز ولازَوَرْد
يغفو بعينين مضيئتين
يصحو بعينين صافيتين
كجُلَّنار مخلوط بزهر لوز
"13"
أسير
تراب متشقق
من شقوقه تطل براعمُ وتُوَيجات
ناعمة خجولة
كطفل مولود الآن
أنام على بطني
ألصق أذني بالشقوق
أنفاس معذبة، قلقلة، مضطربة
حلقها يابس
كغصن مسكون بالخواء والنمل والحشرات
أُصغي جيدًا
في الأسفل صوت حياة تضج بحياة
أنهر وجداول وغدران
ينابيع وعيون وشلالات
غرقى وغرقى
توشوشني تويجة
لا تقلق
في الصباح يأتي
الندى
"14"
أسير
معي روحي تسير
تبحث، تنقب، تتأمل
قَلِقَ، تقلقَل، تقَضقَض
هموم تتوالد، أحزان تتناسل
شيء يمسك أنفاسي
يَغُلها، يُصفِّدها
يغرس شوكًا ناعمًا فيها
يعذب ويتعذب
مثل أفق متوهج محشو بعتمة
ومثل حمامة تهدل حزنًا
كخلوج حيرى تثغو للصحراء
ألحان شوق واشتياق
وفقدٍ وأسًى
روحي تشير بجمرة متقدة
أرى
أشجار الصفاف تتندى بدموع
تتهدل الأغصان تعبًا وولهًا ولهفة
تغلق الأوراق ذاتها على ذاتها
تنوء السيقان من فرط الوجع
تمتص الرياح صفيرًا ونشيجًا
ألم منقَّع بألم
وعواء ونباح وجواح
هروب وشرود وانشداه
تخلخل، تزحزح، ترجرج، تهدم
توقٌ إلى مجهول وغامض وخفاء
"15"
أسير
روحي تخالفني
في اتجاه مخالف تسير
تقول:
في الاختلاف ائتلاف
في التناقض انفلات من رتابة عمر
كجبل يمس السحاب
يجس الغيم الملقح بالثلج والنار
وادٍ يعلو نحو هضبة
من أجل سنبلة تفترش الهواء والنقاء والمدى
نرجسة تشد بشفتيها على حبة ندى
بكر، كاعب، تنزُّ ولهًا
يَسيل رُضاب مثل قرص شهد
ينقط
تمتصه صبارة حزينة
تتحول رمانًا، كرزًا، لوزًا
وزَنْبقًا
في الاختلاف ائتلاف يا صديقي
روحي تقول:
ليل ونهار
خريف وربيع
ثلج متقد ونار متجلدة
أفق ممتد وشوكة
حبة تين وبركان
زيتونة حبلى وفسائل
صفائح أرض وزلازل
غربة واغتراب
تربة وتراب
وطن مهجور منبوذ
وطن معمور مشدود
ووطن فقط
يسمى، يدعى، يلقب
وطنًا
للدجاجة أرض وبيت ووطن
وللكلب، للذئب، للفأر، للدود، للبعوض أيضًا
أرض وبيت وطن
لنا نحن
قارئُ كفٍّ وفنجان
خُرافة وأسطورة
سحر وساحرات
حجاب وتميمة
للغيب نوافذ وبوابات
تسكنها الوحوش والغيلان
الجن والعفاريت
ويسكنها - يا للغرابة - أحدب موشوم بالخصي والعجز
والجبن والخوف
لكن
في كفيه هرواة غليظة
وله عرش وصولجان
فرعون
ما زال فينا يحيا
يَرتع، يقتات
من لحومنا، دمنا، بؤسنا
عبوديتنا، ذلِّنا، وإذلالنا
هرمًا، قبرًا لخصيِّه وللخصيان
ما زالت الشمس تأكلنا، تنهشنا
تلوحنا، تصوحنا، تقلينا
وما زلنا للمجهول نحيا، كذل يعشق الذل
بركان ينفجر
كي يأكل بركانًا
قطعان من خراف
من غنم وبقر
نركع للذئب، للدب، للعُقبان
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|