|
ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تطبيق قواعد تحكيم المواد العلمية على رسالة: (الطلاق والدور الوظيفي للأسرة المصرية) د. أحمد إبراهيم خضر تطبيق قواعد تحكيم المواد العلمية على رسالة ماجستير بعنوان: (الطلاق والدور الوظيفي للأسرة المصرية - دراسة ميدانية لأسر الطلاق بمدينة بني سويف) مقدمة إلى قسم الاجتماع بكلية الآداب جامعة بني سويف ونوقشت في يوم الأحد 6/5/2012 خطاب المناقشةبسم الله الرَّحمن الرَّحيم، وصلاةً وسلامًا على سيدنا محمَّد وعلى آلِه وصحْبه وسلَّمَ. هذه هي المرَّة الثانية التي أتشرَّف بها بمُناقشة رسالة في قسم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة بني سويف، وأشكُر فيها الأخ والصَّديق الأستاذ الدكتور "جَلال مَدبولي" على استِضافته لي في هذا المكان المحبَّب إلى نفْسي، والذي أَحمِل له أطيب ذِكرياتٍ، مع أساتذة وزملاء أفاضِل، وأبناء أحبُّوني وأحببْتُهم، وعلى رأسِهم الأخ العزيز الدكتور "جمال عبدالمطلب"، ومِن دواعي سُروري أن أتشرَّف اليوم - ولأوَّل مرَّة - بمُشارَكة الأخِ والصَّديق العزيز الأستاذ الدكتور "كمال الزيَّات" في مُناقشَة رسالة بهذا القِسْم الموقَّر. بارَك الله فيهم جميعًا، وبارَك في الحُضور، وشُكرٌ خاصٌّ للباحِثة التي كانت سببًا في اجتماعِنا هذا. والسلام عليكم ورحمَة الله وبرَكاته. حيثيات المناقشة رِسالة أشرَف عليها الأستاذ الدكتور "جلال مدبولي" كيف لي أنْ أُناقِشَها! وعُذري أنَّني تعودتُ مع صديقي - بلْ أستاذي - الدكتور "جلال" على أنْ نتحاوَر سويًّا، ونتبادَل وجهات النَّظَر، ودائمًا ما يكون ذلك في مصلحة طلابِنا الأعزَّاء. أَعتقِد تمامًا بأنَّ الغرَض مِن مُناقَشة أيَّة رسالة ليس الحُكم على رسالة الباحِث فقط؛ وإنَّما أن يُقدِّم المُناقِش الجديدَ الذي يُمكِن أن يَستفيد منه الباحِث عند إعدادِه لرسالة "الدكتوراه" بإذْن الله، وكذلك الباحِثون الآخَرون الحاضِرون لهذه المُناقَشة. ومِن هذا المُنطلَق حرَصْتُ اليومَ على اتِّباع أسلوب مُختلِف قَليلاً في مُناقَشة الباحِثة، عن هذا الأسلوب الذي اتَّبعتُه في المُناقَشة الأولى، حَرصْتُ في هذا الأسلوب الجَديد على بيان المعايير التي اتَّفق عليها مُعظَم العُلماء والأساتذة في الحُكم على الرسائل والأبحاث العلميَّة، ثمَّ الوقوف على مدى قُربِ أو بُعدِ رسالة الباحِثة عن هذه المعايير؛ بَدءًا مِن العُنوان، وانتهاءً بالنتائج والتَّوصِيات وتوثيق المَراجِع. يَشترِط العلماء والمتخصِّصون في مسألة الحُكم على الرسائل والأبحاث العلميَّة ضَرورةَ توافُر عدَّة شروط في البحْث الجيِّد. أوَّلاً: عُنوان الرِّسالة: 1 - أن يَكون العُنوان مُحدَّدًا، وواضِحًا، ومُختصَرًا، ومُرتَبِطًا بأهداف الرِّسالة ومُشكِلتها وأسْئلتِها. 2 - لا بدَّ أن يَحتوي عُنوان الخطَّة على المتغيِّر المُستقلِّ، والمتغيِّر التابع للدِّراسة؛ بحيث يُمكِن أن يتمَّ التعامُل معها إحصائيًّا. 3 - لا بدَّ أن يكون العُنوان قصيرًا، وغير مُملٍّ، وبعيدًا عن الإثارة غير المُفيدة. 4 - ألا يَتجاوَز خمسَ عشْرة كَلِمة. (عُنوان رسالة الباحثة يَحتوي على كل ذلك، ونحن نشهَد لها بذلك). ثانيًا: أن يتجنب الباحث الوقوع في الأخطاء اللغوية والإملائية والمطبعية، وأن تتَّسم الرِّسالة بالدقَّة والوضوح في التعبير، والاستِخدام الصَّحيح لعَلامات الترقيم في الرِّسالة، وأين وكيف توضَع؟ مثل: الفاصِلة (،) - الفاصلة التي تحتها نقطة (؛) - النقطة (.) - النقطتان الفوقيَّتان ( ![]() الواقِع أن هُناك الكَثير مِن الأخْطاء اللُّغويَّة والإمْلائيَّة والمَطبعيَّة؛ ممَّا يَحتاج الأمر إلى مُراجَعتها قبْل أن توضَع على رفوف المكتبات، لكن أشدُّ هذه الأخطاء هو أن يُفاجأ القارئ في أوَّل صفحة من صفحات الرِّسالة عند كِتابة الشُّكر والتَّقدير عبارة: "أتوجه ساجدتًا شاكرتًا حامدتًا لله سُبحانه وتعالى...."، وقد اتَّسمتْ بعض الفقرات الأُخْرى في الرِّسالة بعدَم الدقَّة في الوضوح والتعبير؛ وقد يَرجِع بعضُ ذلك إلى عدم الْتِزام الباحِثة بعلامات الترقيم إلا بما تَعرِفه عنها ممَّا هو شائع، ومهمَّة علامات الترقيم هي إزالة اللبْس، وإجْلاء المعاني في ذهْن القارئ. ثالثًا: عدم تكرار فكرة البحث: بتطبيق هذا المعْيار على رِسالة الباحِثة نجد أنَّ فكْرة البحْث وإن كانتْ مُتكرِّرةً في الكثير مِن البحوث العربيَّة والأجنبيَّة، فإنَّ المُتغيِّر المُستقلَّ للدِّراسة - وهو الدَّور الوظيفيُّ للأسرة - ليس مُتكرِّرًا. رابعًا: أنْ يُعالِج الباحث قضيَّة بحْثيَّة جديرة بالدِّراسة: نشهد للباحِثة بذلك؛ خاصَّةً وأنَّ في مصر أكثر مِن 2 مليون ونصف مُطلَّقة، وخَمسٍ وسبعينَ ألْف حالة طَلاق يوميًّا! كما أنَّ هناك ارتفاعًا في مُعدَّلات الطَّلاق في بني سويف، وأخشى أنْ تَتصدَّر صُحفَنا يومًا عناوينُ مُشابهة لتلك التي نشرتْها مجلة "النيوزويك" يومًا تحت عُنوان: "مِن الأيسر لك أن تُطلِّق امرأتَك في أمريكا عن أن تَجد لك "تاكسي" يُقلُّك مِن مكان إلى آخَر". خامسًا: أن يُقدِّم الباحِث تبريرات مُقنِعة لإجراء الدِّراسة: نعمْ، قدَّمت الباحِثة هذه التبريرات على المستويَينِ النظريِّ والتطبيقيِّ في مُقدِّمة الرِّسالة. سادسًا: أن يقوم الباحث بدراسة تَقدير مَوقِف، أو ما اصطُلح عليه بالدراسة الاستطلاعيَّة قبل البدْء في البحْث: لم تَستوفِ الباحِثة هذا المعْيار، لكنَّ البعْض يَرى أنَّ الدراسة الاستِطلاعيَّة غير مَطلوبة ما دام أنَّ الموضوع سيُدرَس مِن جانبٍ أو آخَر، لكنَّ الذين يُصرِّون على إجراء الدراسة الاستطلاعيَّة قبل إجراء الدراسة الفعليَّة يرون أنها دراسة "تقدير موقف"، ولها عدة فوائد، منها: • التحديد الجيِّد للمجال المكانيِّ. • التعرُّف على طريقة اختيار المعاينة الإحصائيَّة، وتحديد الحجْم الأمثل لحجْم العيِّنة، ولعلَّ حُجَّة الباحِثة هنا قد تكون أنها استخدَمتْ أسلوب المسْح الشامِل، لكنَّه مِن المُهمِّ هُنا أن نُشير إلى أنَّ الباحِثة عنْونَتْ دراستَها بأنها دراسة على الأُسَر المصريَّة، فهل أُسَر الطَّلاق في بني سويف تُمثِّل الأسر المصرية جميعها؟ فلا شكَّ أنَّ هُناك في مصر ثقافات فرعيَّة متعددة؛ (الرِّيف - الحضَر - شَمال الصَّعيد - جنوب الصَّعيد - أهل بحَري - أهْل قِبلي - البدْو - أهْل النُّوبة... إلخ). ويؤكِّد الباحِثون على أنَّ على الباحِث أن يُوليَ اهتمامًا خاصًّا للدراسات الاستطلاعيَّة؛ لأنَّ مِن شأن هذه الدراسات أن تُبصِّره بمدى وجود مُشكِلة فعليَّة تستحقُّ الدراسة أم لا. سابعًا: أن يَستنِد الباحِث إلى المصادر الأصليَّة الأوليَّة، سواء بالعربيَّة أو بالإنجليزيَّة؛ مثل دائرة معارف العلوم الاجتماعيَّة، وقواميس علْم الاجتِماع، وغير ذلك: الكثير مِن المراجع التي استنَدتْ إليها الباحثة مُقتبَسة مِن مَصادر أوَّليَّة، وهناك استِعانة ببعض قواميس علْم الاجتماع، لكنِّي لمْ أرَ أثرًا لاستِخدام الباحِثة لدائرة معارف العلوم الاجتماعية قَديمها وحديثها، ولكنْ كان يَلزمها أن تَستقيَ معلوماتِها - وخاصَّةً في القَضايا الشرعيَّة - مِن مَصادِرها الأصليَّة؛ لكنَّها اعتمدتْ على مَصادر ثانويَّة، ولا يحقُّ لها أن تُبرِّر ذلك بأيِّ تبرير كان. ثامنًا: أن تتضمَّن الدراسة الأبحاث المُتعلِّقة بها في المؤتَمرات العلميَّة والدوريات المُحكَّمة عِلميًّا والمُعترَف بها عالميًّا مِن عام 2011 فما دونها؛ حتَّى يَقف على آخِر التطوُّرات في دراسته: لا أجد أثرًا لذلك، بل لا أجد أثرًا حتَّى للدَّوريات العربيَّة في الرِّسالة، ولا للمُؤتَمرات العِلميَّة التي احتوتْ أوراقُها على موضوع دراسة الباحِثة. تاسعًا: أن يَرجع الباحث لمُلخَّصات الرَّسائل العِلميَّة التي تتناول موضوع دراسته، والمكتوبة بالإنجليزيَّة، وهي مُتوافِرة بمكتبة الجامِعة الأمريكيَّة بالقاهِرة منذ ما يَقرُب مِن نصف قرْن، وهي تحت اسم:"sociological abstract": لا أجد أثرًا لذلك في الرِّسالة. ما يتعلَّق بالدراسات السابِقة: عاشرًا:أن تكون الدراسات السابقة - بالإضافة إلى المَراجِع - حديثةً؛ بحيث لا تَزيد فتْرة نشْرِها عن عشْر سنَوات: استندَت الباحثة إلى واحد وثمانين مَرجعًا عربيًّا، بلغتْ نسْبة توافُر هذا المعيار فيها أقلَّ مِن عِشرين في المائة، وهُناك مَرجع إنجليزيٌّ واحِد تحقَّق فيه هذا المعيار مِن مجموع سبعة وأربعين مرجعًا. حادِيَ عشَر: أن يَربط الباحث بين نتائج الدراسات السابقة التي استعان بها وبين نتائج دراسته: الواقع أنَّ الباحِثة قد قامتْ بذلك، عندما تعرَّضتْ لتأثير الطلاق على مُستوى تحصيل الأبناء (ص: 204)، وعند تعرُّضِها لتأثير الطَّلاق على الحالة الصحيَّة للأبناء (ص: 186)، وعند تعرُّضها لعَلاقة الطَّلاق بالمثال الذي يَحتذِي به الأبناء (ص: 185). ثاني عشر: أن يكون عرْض وتَحليل الدراسات السابقة متَّسقًا مع القواعد المُحدَّدة علميًّا في هذا المجال: بتطبيق هذا المعْيار على رسالة الباحثة تبيَّن أنَّ الباحِثة اقتصَرتْ عِند عَرضِها للدِّراسات العشْر على عَرضِ أهدافِ ومَنهج الدِّراسة، وإطارها النظريِّ ونتائجها، ثمَّ أوضحَتْ - أخيرًا - كيف اختلفَتْ دراستُها عن هذه الدِّراسات، والجَديد الذي قدَّمتْه. الواقِع أنَّ عهْد هذا الأسلوب في عرْضِ وتَحليل الدِّراسات السابِقة قد ولَّى وانتَهى، أمَّا المَنهج الجَديد، فيَقوم على عِدَّة مَحاوِر، أهمُّها الآتي: (أ) عند استِعراض الباحث للدِّراسات السابِقة يجب أن يَقتصِر على الدِّراسات البارِزة، ذات العَلاقة المُباشِرة بموضوع دراستِه، ويَجب أن يَكون معْيار البُروز هُنا كَون الدِّراسة السابِقة أفردَت الموضوع بعمَل مُستقلٍّ، ثمَّ التي أفردَتْ له فصْلاً، ثمَّ تلك التي أفردَتْ له مَبحثًا مُستقِلاًّ، أو مَطلبًا، أما الفقْرات والإشارات غير البارِزة التي ظهرَتْ عرَضًا في دراسات ليستْ وثيقة الصِّلة بموضوع البحْث، والمعلومات التي صِلَتها ليستْ وَثيقة، فهي تَندرِج ضمن المادة العِلمية التي سوف يؤلِّف منها الباحث صلْب بحثِه. (ب) مِحور الاهتِمام هو ماذا قالتْ أو ذكرتْ تلك الدراسات السابقة البارِزة مُجتمِعةً حول نُقطة مِن نِقاط البحْث؟ وكيف كتبتْ عن الموضوع؟ وأحيانًا كم عدد الذين كتَبوا في الموضوع؟ وهل آراؤهم مُتَّفقة أم مُختلفة أم مُتعارِضة، وإلى أيِّ درجة؟ وما التوجُّه العام أو السِّمة البارِزة؟ ثمَّ هلْ عالَجتْ هذه الكِتابات - مُجتمِعةً - جميعَ عَناصِر المُشكِلة بشكْل لا يَترُك مجالاً لدراسة أخْرى في الموضوع؟ أم عالجَتْها بشَيء مِن القُصور، أو عالجَتْ بعض عناصِرها فقط بصُورة وافية؟ أم عالَجتْ جميع العناصر ولكنْ بصُورة ضَعيفة، وبمناهِج مُهلهَلة أدَّتْ إلى نتائج خاطئة؟ (ج) على الباحِث أن يُبيِّن نسبة وجود عناصِر دراستِه في كلِّ دراسة سابقة؛ هل تتوفَّر في عَناوينها، أو عناوين موضوعاتها الرئيسة والفرعية - كلُّ العناصر، أو نِسبة سبعين في المائة أو خمسين وأقل... ومِن بينها العُنصر الذي يمثِّل نُقطة الارتكاز؟ (د) يجب أن يوضِّح الباحِث كيف قادتْه الدِّراسات السَّابقة إلى النُّقطة التي بدَأ منها دِراستَه، وكيف تُعتبَر النُّقطة المحْوَريَّة في دِراساته امتدادًا لنتائج الدِّراسات السابِقة. (هـ) على الباحِث أنْ يُبيِّن كيف لم تتطرَّق الدِّراسات السابقة للمُشكلة مِن الزاوية نفْسها، بالمنهج نفسه، وكيف تأكَّد مِن وجود قُصور مِن حيث المضْمون أو المنهَج، استوجَب إعادة البحْث أو مزيدًا مِن الجُهود البحثيَّة. (و) ما هي الأفكار التي زوَّدتْه بها الدراساتُ السابقة في موضوع بحثِه مِن زاويَة المنهَج والأدوات، وماهيَّة الإيجابيَّات والسلبيَّات فيهما؟ (ز) ما هي المصادر العلميَّة التي لفتَت الدراساتُ السابقة الباحِثَ إليها ولم يَكنْ يَعرفها؟ (ح) يجب على الباحث بيان ما نبَّهتْ إليه الدراساتُ السابقة الباحِثَ عن طبيعة المادَّة العلمية الموجودة، مثل: كَون المادَّة العلميَّة مُتيسِّرة أو صعْبة المنال، وكَونها مُعقَّدة أو غير مُعقَّدة... والعقَبات التي تَعترِض البحث. ما يتعلَّق بالمفاهيم: ثالث عشَر: الاستِخدام العلميُّ الصَّحيح للمفاهيم المرتبطة بالدراسة: 1- في الجزء المتعلِّق بالمفاهيم الأساسية للدراسة أجادَت الباحِثة في عرْضِها لمفاهيم الزَّواج والأسرة، والدور والتَّنشِئة الاجتماعيَّة، والتفكُّك الاجتِماعيِّ، والتفكُّك الأُسريِّ، والطلاق؛ تميَّز عرْض الباحِثة بأنها قدَّمتْ هذه المَفاهيم وعرضَتْها على المُستوى اللُّغويِّ والاصطِلاحيِّ، ثم المُستَوى الاجتِماعيِّ، وأخيرًا المستوى الإجرائيِّ، لكننا نَأخُذ عليها الآتي: أ - اعتمدَت الباحِثة على المفاهيم الإجرائيَّة كنُقطة انطِلاق لدراستها، وكغَيرها مِن الباحِثين أَهملَتْ تَمامًا أنه يَجب عليها قبْل أن تُحدِّد المفهوم الإجرائيَّ أن تَصلَ بنفسِها إلى المفهوم العلميِّ الذي تتبنَّاه، هذا المَفهوم العِلميُّ لا بدَّ أن تَتحقَّق فيه عدَّة شُروط؛ منها: (وضوح الجانب البِنائيِّ والوظيفيِّ - أن يَرتبط بالمَفاهيم السابِقة - أن تَصل إلى تعريفٍ مَبدئيٍّ - أن تُخضِعه للنَّقد وتُعدِّل فيه، وأن تتأكَّد مِن دقَّته وعُموميَّته)، الباحِثة اكتفتْ بعرْض مجموعة مفاهيم لبعْض العُلماء، دون أن تَضع لنا التَّعريف العِلميَّ الذي تَتبناه. ب - هناك بعض المفاهيم يَتناقَض فيها المعنى الاجتِماعيُّ مع المعنى الشرعيِّ، مثل: مفهوم الأسرة، وما دام أنَّ الموضوع الذي تتحدَّث عنه - وهو الطَّلاق - تَحكُمه جميعَه الأبعادُ الشرعية، كان لزامًا على الباحِثة أن تُحدِّد - بوضوحٍ - الفُروقَ بين المعنى السُّوسيولوجي والمعنى الشرعيِّ. هذه النقطة أشرْتُ إليها عند مُناقَشتي لرسالة سابِقة، حضَرتْها الباحِثة كما أبلغتْني، وكان مِن المُفترَض أن تَنتَبِه لِما أشرْتُ إليه؛ فلا تَقع في نفْس ما وقعَتْ فيه زميلتها. ما يتعلق بالإطار النظري: رابع عشر: أن تستند الدراسة إلى إطار نظري تنطلق منه: نعم، انطلقَت الباحِثة مِن إطار نظَريٍّ؛ وهو النَّظريات البنائيَّة الوَظيفيَّة، والصِّراع والتفكُّك الاجتِماعيُّ، والتبادُل الاجتِماعيُّ، والدور. خامس عشر: أن يَتناسب هذا الإطار النظَريُّ مع ثَقافة المُجتمَع الذي يَدرُسه الباحث: لا يتناسَب هذا الإطار النظريُّ الغربيُّ مع ثقافة المُجتمَع المِصريِّ؛ ولهذا أوقَع تبنِّي هذا الإطار النظريِّ الغربيِّ الباحثةَ في تَناقُض كبير؛ فهي درسَتْ ظاهرةً قائمةً في مُجتمَع تُسيطِر عليه الثقافة الإسلاميَّة، ومقيَّدة بأحكام دينيَّة شرْعيَّة إسلاميَّة (كما جاء في الفصْل الرابع مِن الرِّسالة) في ضَوء نظريَّات وضعيَّة نشأتْ في ظلِّ مُجتمَعات غربيَّة، وفي ظروف خاصَّة لا تَنتمي إلى ثقافتِنا مِن قَريب أو بعيد. سادس عشر: أن يكون الباحث على علْم بالقواعد التي يجب أن يضعها في الاعتِبار عند اختيار الإطار النظريِّ: الواقع أنَّ عدَم عِلم الباحثة بهذه القواعد جعلَها تُغفِل حقائقَ بالِغة الأهميَّة، منها: أ - أدَّى إلى أن تُغفِل الباحثة القاعدة القائلة بأنَّ "طبيعة أيِّ حقيقة هي التي تُحدِّد منهج تَناوُلها، وأسلوب التعبير عنها كذلك"؛ فالحَقيقة الماديَّة يُمكِن تَناوُلها بتَجارِب المَعمَل، والحَقيقة الرياضيَّة يُمكِن تَناوُلها بالفُروض الذهنيَّة، أمَّا الحَقيقة الدينيَّة، فهي وراء ذلك كلِّه؛ ولهذا لا بدَّ مِن تناولها بمنهج مُختلِف يتَّفق مع طبيعتها الخاصَّة بها، ويتمُّ التعْبير عنها بغير أسلوب النظريات والقَضايا الذهنيَّة التي تعالج بها باقي الحَقائق. ب - أدَّى إلى أن تُغفِل الباحثة قاعدة أن مُحاولة فهْم ظاهِرة الطَّلاق عبْر النظريَّات الغربيَّة محكومٌ عليه بالفشَل؛ لأنَّ دقَّة نظام الأُسرة وشُموله لجزئيَّات عديدة ومُعقَّدة لا يُشجِّع أيَّ نظرية وضعيَّة على الخوض في غِمار مُناقَشة الدَّور الاجتِماعي للأُسرة، وليسَت النظريات الغربيَّة استِثناءً مِن تلك القاعدة؛ فهي تَفتقِد الصُّورة الواضِحة والمَنهج الدَّقيق الذي يُعالِج المشاكلَ الزوجيَّة في المُجتمَع، المُتمثِّلة بالأسئلة التالية: أيهما أحقُّ بالولاية القانونيَّة العائليَّة: الزَّوج أو الزَّوجة؟ وأيهما أفضَل للنِّظام الاجتِماعيِّ: نظام تعدُّد الزَّوجات أو نِظام الزَّواج المُتعدِّد؟ وأيُّهما أفضَل للنِّظام الاجتماعيِّ: زَواج الأقارب أو زواج الأباعِد؟ وأيُّهما أولى بالميراث: الأحْفاد مِن جانب الأمِّ أو الأحفاد مِن طرَف الأب؟ وأيُّهما أفضَل وأكثَر إنتاجًا للمُجتمَع الإنساني: العوائل الصغيرة أو العوائل المُمتدَّة الكبيرة التي تَضمُّ - إضافةً إلى الزَّوجَين - الأجداد والأولاد وأحفادهما؟ والفشل في الإجابة عن تلك الأسئلة المُهمَّة على الصَّعيد الاجتماعيِّ - يُعطي للعَقيدة الدينيَّة تَفوُّقًا واضِحًا على العقائد الوضْعيَّة في التعامُل مع القَضايا العائليَّة. ج - إنَّ النظريات الغربية تَعكِس في تَحليلاتها أوضاع ومشاكل الأسرة في المُجتمَعات الغربيَّة، وليس المجتمَعات الإسلاميَّة، فحتَّى الستينيات مِن القرْن العشْرين لم تكن المرأة في النظام الغربي قادِرةً - مِن الناحية القانونيَّة - على المُشاركة في إنشاء أيِّ عقْد مِن العقود التجاريَّة دون إذْن زوجها، وفي النِّصف الثاني مِن القرْن نفْسِه وصلَتْ حالة العُنف بين الزَّوج والزَّوجة في مُجتمَع الولايات المتَّحدة إلى درجةٍ، بحيثُ وُضعَت المؤسَّسة العائليَّة على قمَّة المؤسَّسات الاجتماعيَّة التي تُمارِس العُنف والإجرام؛ فالجَرائم الجنائيَّة بين الأزواج تُمثِّل - كما ذكرْنا سابقًا - عُشر إجمالي الجَرائم الجنائية السنَويَّة، وفي كلِّ عام يُحاول أكثر مِن سبعة ملايين زوج أو زوجة إنزال الأذى بالآخَر، قتْلاً كان أو ضرْبًا مُبرِّحًا أو جَرحًا بليغًا، ويُحاول أكثر مِن مليونَي طفْل سنويًّا الاعتِداء على أمثالهم بسلاح ناريٍّ أو نحوِه بنيَّةٍ وتَصميم مُسبق للقتْل، وفي كلِّ عام يَهرُب أكثر مِن مليونَي مُراهِق مِن بيوتهم؛ بسبب الاعتِداءات الخلُقية عليهم مِن قِبَل آبائهم، وأكثر المشاكل الزوجيَّة انتشارًا في المجتمع الغربيِّ اليوم هو الاعتِداء الجسَديُّ بين الأزْواج، مع النيَّة المُسبقة بإنزال الأذى بالآخَر. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |