أحكام آيات الصيام [سورة البقرة (183-187)] - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير (الجامع لأحكام القرآن) الشيخ الفقيه الامام القرطبى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 544 - عددالزوار : 132936 )           »          ياصاحبي..... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 9 - عددالزوار : 2799 )           »          مالٌ لا يغرق! (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 56 - عددالزوار : 43501 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 68 - عددالزوار : 37075 )           »          سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 112 - عددالزوار : 71497 )           »          فأنا أقسم عليك لما سقيتهم(قصة) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          حديث: رب أشعث مدفوع بالأبواب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          لا هادي إلا الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          كل أحاديث يوم عاشوراء من صحيح الجامع.. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 06-05-2021, 02:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,259
الدولة : Egypt
افتراضي أحكام آيات الصيام [سورة البقرة (183-187)]



أحكام آيات الصيام


[سورة البقرة (183-187)]


د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن الله تعالى أنزل كتابه ليعمل به، ولا يمكن ذلك إلا بمعرفة معانيه، وفي هذا البحث جمع لما تيسر من أحكام آيات الصيام في سورة البقرة، ومن الله أستمد العون والتوفيق.

قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾:
من أحكام هذه الآية:
1- أن من شروط وجوب الصوم الإسلام - وقد أجمع المسلمون على ذلك - التكليف؛ لأن غير المكلف غير مخاطب بالأحكام، والمكلف هو البالغ العاقل، وأما الصبي الذي يطيق الصوم بعد بلوغه عشر سنين، فإنه سيؤمر به ويُضرب على تركه؛ ليعتاد على الصوم كما يؤمر بالصلاة، لا لأنه واجب عليه[1].

2- أن من توفرت الشروط فيه أثناء النهار، فإنه يمسك ويقضي، ووجه إمساكه أنه مخاطب بهذه الآية، فالشروط متوفرة والموانع منتفية، ووجه وجوب القضاء لأنه لا يصح صوم جزء من النهار قياسًا على الحائض؛ قال ابن قدامة في المقنع: "وإن أسلم كافر أو أفاق مجنون أثناء النهار، أو بلغ صبي، فكذلك - يعني لزمهم الإمساك والصوم - وعنه لا يلزمهم شيء"، وذكر في الشرح الكبير أن المذهب الأول وفاق لأبي حنيفة[2].

قوله تعالى: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].
فيه أن الصوم فرض وركن من أركان الإسلام، وهذا بالإجماع، فمن أنكر وجوبه، فقد كذب بالقرآن، والمكذب به كافر[3].

قوله تعالى ﴿ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ﴾، فيها من الأحكام ما يلي:
1- أن الصوم الشرعي يكون بالإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس - وهو اليوم عند الإطلاق كما في المفردات[4]، ومن ذلك يعلم أن الوصال غير مشروع؛ كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال؛ متفق عليه[5].

2- أنه إذا قامت البينة في أثناء النهار، فإنه يلزم الإمساك لوجود الشروط وانتفاء الموانع، ويلزم القضاء؛ لأنه لم يصم يومًا كاملًا، ومثله من زال عذره وسط النهار[6]، وعليه فتوى اللجنة الدائمة والشيخ ابن باز[7].

قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا ﴾ [البقرة: 184] فيها من الأحكام ما يلي:
1- الرخصة للمريض أن يفطر، وقد نقل القرطبي أن المريض له حالتان:
الأولى: ألا يطيق الصوم بحال، فعليه الفطر وجوبًا.

الثانية: أن يقدر على الصوم بضرر ومشقة، فيُستحب له الفطر، ونقل عن الجمهور أنه إذا كان به مرض يؤلِمه ويؤذيه، أو يخاف تماديه، أو يخاف زيادته، صحَّ له الفطر[8].

وذكر الطبري رحمه الله أنه لا يُعذر بالفطر إلا من كان الصوم جاهده جهدًا غير محتمل، وأما من كان الصوم غير جاهده، فهو بمعنى الصحيح الذي يطيق الصوم، فعليه أداء فرضه[9].

2- وفيها أن المريض لو صام، فقد فعل مكروهًا لإضراره بنفسه وتركه تخفيف الله تعالى[10].

قوله تعالى: ﴿ أَوْ عَلَى سَفَرٍ قوله: "سفر" نكرة في سياق الشرط، فتعم كل ما يطلق عليه سفرًا، وفي الآية من الأحكام ما يلي:
1- الرخصة لمن كان مسافرًا أن يفطر، ولو كان سفره سفر معصية، وهو مذهب أبي حنيفة والظاهرية، ورجَّحه شيخ الإسلام[11].

2- وفيها أن كل ما أُطلق عليه سفر، فإنه مرخص للفطر وهو مذهب الظاهرية [12]، ورجحه شيخ الإسلام[13]، ونقلاه عن عددٍ من السلف، وذهب الأئمة الأربعة إلى تحديد السفر، ولهم أدلة تُراجع في المطولات.

3- وفيها أن من سافر أثناء النهار، فإنه يباح له الفطر، وهذا هو المذهب عند الحنابلة، وهو قول الظاهرية خلافًا للجمهور[14].

4- وفيها أنه لا يفطر حتى يتحقق فيه وصف السفر بأن يخلف عامر البلد خلف ظهره[15].

5- وفي قوله تعالى: "على سفر" دليلٌ على أن الرخصة لمن كان مسافرًا في الطريق، أو لمن يصل إلى بلد وهو لا ينوي الإقامة التي تخرجه عن حد السفر، أما من وصل إلى بلد غير بلده، وعزم على البقاء فترة تُخرجه عن حد السفر عرفًا، فإنه لا يترخَّص برُخَصِ السفر[16]؛ وذلك لأن "على" تدل على الاستعلاء والاسقرار، ولقوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} [النساء: 101]، ولقوله: ﴿ يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ ﴾[17]، فالناس إما ظاعن مسفر وإما مقيم، ولا ثالث لهما.

وقد حدد المالكية والشافعية أن الإقامة أقل من أربعة أيام لا تمنعه من الرخصة لحديث: "يقيم المهاجر بعد قضاء منسكه ثلاثًا"[18]، وحدده الحنابلة في المشهور عنهم أنه إن أقام عشرين فرضًا، فإنه يترخص، فإن زاد فرضًا أتَم، واستدلوا بقصره صلى الله عليه وسلم في مكة، وأنه أقام أربعة أيام، وحدده الحنفية بخمسة عشر يومًا، ومن ثم فالتحديد مذهب الجمهور[19].

6- وفيه أنه إن لم ينو إقامة ولم يعلم متى يذهب، سواء غلب على ظنه قضاء الحاجة في مدة يسيرة أو طويلة، واحتمل انقضاؤها في المدة التي لا تقطع حكم السفر مما تقدم في المسألة السابقة، فإنه يترخص رخص السفر، وهذا مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة، وقول عند الشافعية[20].

قوله تعالى: ﴿ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184] التقدير: فأفطر؛ كما في قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ ﴾.."[21]، تقديره: فحلق ففدية؛ قال ابن العربي: وهو من لطيف الفصاح[22].

1- فليس في الآية على هذا التأويل عدم صحة صوم المسافر لثبوت صومه صلى الله عليه وسلم في السفر، ولكن قد يكون فيها إيماء إلى استحباب الفطر لمن لا يشق عليه الصوم، فالفطر رخصة، وهو مذهب الحنابلة ورجَّحه شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم، واللجنة الدائمة، والشيخ ابن باز[23].

وذهب الأئمة الثلاثة إلى أن الصوم أفضل لحديث أبي الدرداء رضي الله عنه وفيه: "وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبدالله بن رواحة"؛ متفق عليه، ولا يفعل النبي صلى الله عليه وسلم إلا الأفضل[24]، ورجَّحه ابن عثيمين[25].

وذهب عمر بن عبدالعزيز وغيره إلى أن الأفضل الأيسر للمسافر لعموم أدلة التيسير[26].

2- وفيه دليل على عدم وجوب التتابع، وإنما هو مُستحب، وهو قول الأئمة الأربعة، وأما ما أخرجه الدارقطني عن عائشة رضي الله عنها قالت: نزلت "فعدة من أيام أخر متتابعات"، فسقطت[27]" متتابعات"، قال الدارقطني: "إسناده صحيح[28].

وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "من كان عليه صوم من رمضان فليسرده، ولا يقطعه"[29]، فمحمولان على الاستحباب إن ثبتا[30].

3- وفيه دليل على أن أهل البلد إذا صاموا تسعة وعشرين يومًا وثمة معذور لم يصم معهم، فإنه يقضيه تسعة وعشرين يومًا وهو قول الحمهور[31].

4- وفيه دليل لمن أجاز صوم النافلة قبل قضاء الفرض؛ لقوله تعالى: "فعدة"، وهي نكرة واقعة في جواب الشرط، وهو مذهب الحنفية ورواية عند الحنابلة[32].

5- وفيه دليل لمن لم يوجب الكفارة على مَن أخَّر القضاء لغير عذر إلى رمضان آخر، وهو مذهب الحنفية، وذهب الجمهور إلى لزوم الكفارة لثبوت ذلك عن ابن عباس، وأبي هريرة رضي الله عنهما، ولم يعلم لهما مخالف من الصحابة[33]، وقد قال يحيى بن أكثم: لا أعلم لهم مخالفا[34]، ورجح البخاري قول الحنفية فقال: ولم يذكر الله الإطعام، إنما قال: فعدة من أيام أخر"[35].

6- وفيه أن القضاء دين على من ترخص فأفطر، فإن مات قبل القضاء فله ثلاث حالات:
الأولى: أن يموت قبل تمكنه من القضاء، فلا شيء عليه، ولا يلزم الورثة شيء.

الثانية: أن يموت مفرطًا بأن تمكَّن من القضاء فلم يقض، فذهب الجمهور إلى أنه يطعم عنه من تركته، ولا يصام عنه، ورجَّحه شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم[36]، وذهب داود وبعض الشافعية إلى أن الأولياء يخيَّرون بين الصوم والإطعام من تركته لعموم أحاديث القضاء[37].

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: يشرع لبعض أقاربه أن يصوموا عنه[38].

قوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184]، ذهب الجمهور إلى أنها منسوخة، وأن هذا كان في أول الإسلام، وهو قول سلمة بن الأكوع وابن عمر ومعاذ رضي الله عنهم، وذهب ابن عباس رضي الله عنهما إلى أنها مُحكمة فيمن يستطيع الصوم بكلفة ومشقة كالكبير والمريض، وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما:" يُطَوَّقونه" بمعنى يتكلفونه[39]، وعلى قراءته فإن في الآية:
1- لزوم الفدية على من كان مريضًا، ولا يرجى برؤه، أو كبيرًا، وهو قول الجمهور لهذه القراءة، وفعل أنس رضي الله عنه[40].

2- ومثل الكبير: الحامل والمرضع إن خافتا على نفسيهما، قال ابن عباس رضي الله عنهما في الآية: "كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وهما يطيقان الصيام أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكينًا، والمرضع والحبلى إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا"[41]، ولم يذكر القضاء؛ لأنه أمر معلوم.

3- وفيها أن الفدية تكون طعامًا، فلا يُجزئ غير الطعام[42].

4- نقل القرطبي عن أبي عبيد أن قوله:" فدية طعام.." بيَّنت أن لكل يوم طعامًا واحدًا[43]، وهذا مذهب الجمهور خلافًا للحنفية[44].

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: ولا حرج أن تعطي الجميع واحدًا من الفقراء أو بيتًا فقيرًا[45].

5- وفي قوله: "طعام" استدل به من أجاز إطعام المساكين بطعام مطبوخ، وهو رواية عند الحنابلة، واستدلوا أيضًا بفعل أنس رضي الله عنه، واختاره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله[46].

6- وفي قوله: "مسكين.." أنه لا يعطى إلا من أسكنته الحاجة، فلو أعطى غير محتاج عامدًا لم يُجزئه ذلك.

قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ فيه مشروعية الزيادة في الإطعام عن الواجب، قال ابن عباس رضي الله عنهما:" فمن تطوع خيرًا.."، قال: مسكينًا آخر فهو خير له؛ رواه الدارقطني وقال: إسناده صحيح ثابت[47].

قوله تعالى: ﴿ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَدليل على قول مَن رجَّح إحكام الآية، فإن فيها أنه يجوز للكبير والمريض الذي يشق عليه الصوم أن يصوم إذا لم يودِ به إلى الهلاك[48].

قوله تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185]، فيه إيماء إلى اختصاص هذا الشهر بالإكثار من قراءة القرآن، وهذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وهدي الصحابة رضي الله عنهم من بعده.

قوله تعالى: ﴿ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185]، فيه أن الدعوة بالقرآن أنجح وأعظم أثرًا لوصفه بالهداية، قال علي رضي الله عنه: "ومن ابتغى الهدى بغيره أضلَّه الله"؛ رواه الترمذي، فهو كلام الله وخير الكلام كلام الله، وقد كان صلى الله عليه وسلم يخطب بسورة "ق"، وقد قال تعالى: ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 6].

قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ [البقرة: 185] فيه من الأحكام:
1- استدل بها الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في رواية أن من سافر أثناء النهار فإنه لا يباح له الفطر؛ لأنه شهد وقت الصوم، فيدخل في قوله تعالى: "فليصمه"، ومذهب الحنابلة إباحة الفطر؛ لأن معنى الآية عندهم: من شهد اليوم كاملًا بدلالة السُّنة وفعل الصحابة[49].

2- استدل الحنابلة بهذه الآية على أن من أفطر لعذرٍ أول النهار ثم زال عذره، فإنه يمسك وعليه القضاء، وذلك في مسائل:
الأولى: إذا قامت البينة بالرؤية أثناء النهار، وهو قول عامة أهل العلم.

الثانية: كل من أفطر والصوم واجب عليه كالمفطر بلا عذر، ومن ظن غروب الشمس ولما تغب، ونحوهم، فإنه يمسك بلا خلاف.

الثالثة: إن بلغ صبي أو أسلم كافر، أو أفاق مجنون، أو برئ مريض مفطرًا، وهو أيضًا مذهب أبي حنيفة خلافًا لمذهب الشافعي، وكذلك إذا طهُرت حائض أو نفساء، أو قَدِمَ المسافر مفطرًا[50].

3- استدل بقوله: "الشهر" على أنه لا يُصام إلا الشهر المعروف في اللغة وهو الشهر القمري، ويكون إما تسعة وعشرين يومًا وإما ثلاثين، وفي ذلك مسائل:
الأولى: إن صام الناس ثمانية وعشرين يومًا بسبب غيم أو صام شخص برؤية بلد، ثم سافر إلى بلد سبق البلد الأول في الرؤية، فيلزمه أن يقضي يومًا؛ لأن الشهر لا يقل عن تسعة وعشرين يومًا[51].

الثانية: أما إن صام الناس برؤية خاطئة ولم يروا هلال شوال ليلة الثلاثين، فإنهم يصومون؛ لأنه تبين أن أول يوم صاموه هو تمام الثلاثين من شعبان.

4- وفيه استحباب ترائي الهلال ليلة الثلاثين من شعبان[52]، وقد قالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره، ثم يصوم لرؤية رمضان، فإن غمَّ عليه عدَّ ثلاثين ثم صام"[53].

5- وفيه أنه لا يجب الصوم إلا إن دخل الشهر بيقينٍ؛ فيكره صيام يوم الشك، واختلف العلماء في تحديد يوم الشك على أقوال؛ منها:
الأول: أنه اليوم المكمل للثلاثين من شعبان الذي تكون ليلته صحوًا، فإن لم يرَ الهلال فيها، فإنه يكره الصوم على مذهب مالك والشافعي وأحمد، وجمهور أهل العلم، وقد قال عمار رضي الله عنه: "من صام اليوم الذي يشك فيه، فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم"[54].

الثاني: أنه اليوم المكمل للثلاثين من شعبان الذي تكون ليلته بها غيم أو قتر يحول دون رؤية الهلال، وفي هذه المسألة أقوال:
1- وجوب الصوم احتياطًا، لقوله صلى الله عليه وسلم: فإن غم عليكم فاقدروا له"، والمعنى: ضيِّقوا له بأن يجعل الشهر تسعة وعشرين يومًا، ولفعل ابن عمر رضي الله عنهما وهو راوي الحديث وأعلم بمعناه، فيجب الرجوع إلى تفسيره[55]، وهو ظاهر مذهب الإمام أحمد.

2- تحريم الصوم وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي لحديث عمار وغيره في النهي عن يوم الشك، وإعمالًا للأصل وهو بقاء شعبان، وللنهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين، ولحديث: "فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين"[56]، وأما رواية: "فاقدروا له"، فتُفسر بالروايات الأخرى.

3- أنه يجوز صومه ويجوز فطره، وهو مذهب أبي حنيفة، وهو قول شيخ الإسلام رحمه الله.[57]

4- أنه يستحب صيامه، قال في الفروع: ولكن الثابت عن أحمد أنه كان يستحب صيامه اتباعًا لابن عمر وغيره من الصحابة الذين كانوا يصومونه ولا يأمرون الناس بصومه[58].

5- وفيه أن من شهد الشهر برؤية ثقة ممن دخل في الخطاب الأول بقوله: "يا أيها الذين آمنوا"، فقد وجب عليه الصوم؛ لأن الخطاب للأمة كافة، فإذا رُئي الهلال في بلد لزم أهل البلاد الأخرى الصوم دون الاعتبار بالمطالع، وهو مذهب أحمد[59].
والقول الثاني: اعتبار المطالع، وهو قول لأصحاب أبي حنيفة، وحدَّده الشافعي بقرب البلدان، وهو اختيار جمع من المحققين كابن عبدالبر والنووي وشيخ الإسلام، وعلل بأن كل قوم مخاطبون بما عندهم كما في أوقات الصلاة، ولحديث كريب مع ابن عباس رضي الله عنهما، وفيه أن أبا كريب قال: ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ رواه مسلم[60].

6- وفيه أنه لا اعتبار للحساب في الصوم إجماعًا[61].
يتبع






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 128.72 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 127.01 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.33%)]