|
من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() سراديب الخوف أحمد كمال أحمد محمد بيدٍ مُرتعشة أمسكَتْ مفتاحًا صَدئًا، حاولتْ أن تفتح سراديب قلبها المظلم، نزلتْ على سلالم الذِّكرى تكتشف كُنْهَ الخوف، نقطة صغيرة تومض في الأفق، حاولتْ أن تسير ببطء؛ فمنذ خناجر الخِذلان أصبحت بسيقانٍ رخوة، تَخمش بأظافرها خيوط عناكبِ طيبتِها المفرطة، كانت الخفافيش تكوِّن سحابةً فوقها، غصَّة تَجتاح حلقها كلما تذكرت هراوةَ إخوتها وهم يضربونها بالعزلة، لكن الصورة القاتمة التي روَتِ الخوف كانت انشغال والدها بفُتات الحياة، ما أقسى أن تفقد يدًا تربِّت على صدرك البئيل! يد أمِّها الندية دُفنتفي مقابر الرحيل، ودفنت هي تحت كومة العزلة في بيت لا يَعرف إلا الجفاء، تُجرجِر قدمَيها في وحل دموعها، دموع تَختزل سجنها المطبق على أنفاسها، ما عادت قادرةً على البوح إلا بالدموع، يُجافيها الوسن خوفًا من مستقبل مُظلِم، وأمنيات تستحيل إلى كومة رماد، تُواصِل معراجَها الليلي المُعتاد، تبسَّم لنجمة شاردة، وترقب شجرة يُداعبها النسيم، أشباح الذعر تَجتاح عينها كلما لامست رأسها الوسادَة، آهٍ حين تتسربَل بلباس القلق، أناس تَدفعك أن تلوك البسمات المُصطَنعة رغمًا عنك، كلما نظرتْ للمرآة بدا لها قلبُها الشاحب، تمشِّط كل ليلة وجهها بالصمت، لكن الصمت في غابة الخوف يَجعلها ترتكس في وحل الوساوس، وصلتْ لمسام قلبها تبحث عن نفسها، شهقتْ ذُعرًا حين رأت شبح نفسها تحوَّل لكهل لا تعرفه، كان ريش أجنحتها يتساقَط كلما أوغلتْ في وحل نفسها، جلستْ على حافَة الوجع تَرتعِد فرائصها، تبكي أيامًا كانت خالية البال، تَستجدي أمانًا يغلِّف حياتها المستقبلية، كانت سطورًا تظهر في دفتر الحقيقة، دفتر المكاشفة في مظهر الخوف العتيق، الخوف الذي بدأ يَأسِرها، حين ارتضَتْ أن تصمُت على كل جرح، وتلوك العجز تجاه ما تريد، الخوف الذي ربَّى في قيعان قلبها مرارة العيش حين جاملتْ مَن لا يستحق، الخوف حين سارت تحت حائطِ الانكماش بداعي أنها أنثى ليس مِن حقِّها التمرُّد، الخوف حين دهسها قطار الصدمة من تخلِّي إخوتها عنها، حين كانت تنزف صمتًا وتقول لهم في لوعة: ليس الاهتمام بالمال؛ إنما الاهتمام بكسرة حنان تَقيني مؤنة الجحود، الاهتمام أن تسقوني قطرة الرِّفق بدلاً مِن شهد الهدايا، الاهتمام أن تُخفض صوت هراوتك حين أحبو عاجزةً أمام زوجتِك، انتفضَتْ حين سمعت ضوء السماء يخترق أعماقها، صوت يتردَّد في داخلها: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾ [العنكبوت: 69]، مزقت أحذية الخوف، ولبست خوذة الشجاعة وقالت بإصرار: ما عادتْ فئران الخوف تُخيف أُسُود المصارَحة.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |