أحببتُ معلمَ القيادة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4936 - عددالزوار : 2024210 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4511 - عددالزوار : 1301471 )           »          تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 859 - عددالزوار : 119072 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 56 - عددالزوار : 40243 )           »          التكبير لسجود التلاوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          زكاة التمر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          صيام التطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          كيف تترك التدخين؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          حين تربت الآيات على القلوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3096 - عددالزوار : 367085 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى مشكلات وحلول
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-02-2021, 08:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,235
الدولة : Egypt
افتراضي أحببتُ معلمَ القيادة

أحببتُ معلمَ القيادة


أ. مروة يوسف عاشور





السؤال

السَّلام عليكم.

بالرَّغم من أنَّ الموضوع محرجٌ قليلاً بالنسبة لي، وأيضًا أظنُّ أنَّ البعضَ سيسخرون منِّي، إلاَّ أنَّ مشكلتي والتي أريدُ التخلُّصَ منها هي: حبِّي لمعلمِ القيادة، لا أدري كيف حصلَ هذا؟! في البدايةِ كنتُ أحبُّ الذهابَ إلى درس القيادة لكي أحصلَ على رخصةٍ بأسرع وقت، ولكن مع الوقت بدأتُ أشعرُ بأنني أتأثر جدًّا بكلامِه؛ فأهتم بكلامِه كلمةً كلمة، وأحبُّ الحديثَ عنه وأُكْثرُ منه، أحبُّ التحدثَ إليه ورؤيته، ولكني حصلتُ على رخصةِ القيادة ولم أعد أراه، ولكن المشكلةَ الأكبر هي أنَّه متزوِّجٌ ولديه أولادٌ، وهو من نفسِ بلدتي، أحب قيادةَ سيارتي لكي يراني وأراه، علمًا بأنَّ والدي متوفى، وأنا لا أشعرُ بالحبِّ إلاَّ له، أرجو المساعدةَ في نسيانِه، فهذا الحبُّ صعبٌ بالنسبة لي ويعذبني كثيرًا، فهل هذا حبُّ المراهقةِ، لأنَّني محرومةٌ من حنانِ الأب، أم ماذا؟


الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

من الرَّائع حقًّا أن تأتينا استشارةٌ من عمرٍ صغير بهذا الوعي الكبير! أرسلتِ سؤالكِ ومعه توقُّعُ السَّببِ، والأروع أنَّ توقعَكِ على جانبٍ كبير من الصَّواب، فأسأل اللهَ أن يبارِكَ فيكِ.



مشكلتكِ ليست مدعاةً للسخريةِ على الإطلاق، ولعلَّكِ لا تعلمين أنَّ الكثيرَ من الفتيات ممن فقدْنَ آباءهنَّ حقيقةً، أو فقدنهم نفسيًّا، يقعْنَ في مثلِ هذه المشاعر المتضاربة، ويبقين في أسرِ الإعجابِ برجالٍ من أعمارِ آبائهن.



الأبُ روح الحياةِ وبهجةُ الأنفسِ ونعيمها، الأبُ رمزُ الأمان ولحنُ الحنان، الأبُ مصدرُ سعادةِ الأبناء، بفقدِه يفقدون الراحةَ، وبحرمانِه يُحرمون الهناء:





كَمْ تَمَادَيْتُ وَكَمْ بَاركْتَنِي

غَافِرًا مِنْ قَبْلِ أَنْ أسْتَغْفِرَكْ



طِفْلُكَ الْمُتعَبُ مُشْتَاقٌ فَمَنْ

يَا أَبِي عَنْ مَوْعِدِي قَدْ أَخَّرَكْ






ذاك قلب الأب، وذاك حاله مع بنيه؛ يعفو ويصفحُ وإنْ تجبَّرَ الأبناءُ وتمادوا، فكيف لا يفقدون بفقدِه معنًى من معاني الحياة السَّامية؟! وكيف لا يضيعون في متاهاتِ الحياة بغيابِ إرشاداته؟! وكيف لا تتوارى البسمةُ خلفَ الدَّمعةِ بعد أن رحلَ قنديلُ الظَّلامِ وضياء الأحلام، بعد أن اختفتِ الرَّوضةُ الغنَّاء التي كانوا يتفيؤون ظلالَها ويقطفون ثمارَها؟!



وضعتِ يدكِ على جرحٍ ما زال ينزف، وتعانيه الكثيراتُ مثلما تعانينه؛ تقول إحدى الفتيات: صرتُ أبحثُ عن كلِّ من شابَ شعرُه بعد موتِ أبي؛ أتطلَّعُ إليهم بلهفة، وكأنِّي أراه في بياضِ شعرِهم، وأسمع صوتَه في خشونةِ أصواتِهم!



وتعلنُ أخرى بكلِّ صراحةٍ وهي دون العشرين: لن أتزوَّجَ إلا كهلاً يذكِّرُني بأبي!



قد علمتِ - بفضل الله - الأسبابَ التي أوقعتكِ في هذه المشاعر، والتي ألهبتْ أحاسيسَ فتاةٍ فقدت أباها في وقت أشد ما كانت بحاجةٍ إليه، فجاء من يقاربُه في الصورةِ ويناهزه في العمر، وكان له دورُ المعلِّم القيادي الإرشادي النَّاصح المشفق، فتمكَّن من القلبِ بسهولة، هذا كلُّ ما في الأمر.



لن يكونَ من السَّهلِ نسيان حبه بلا شك، فالتحكمُ في المشاعر ليس من إمكانات البشر، وقد كان - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((اللهمَّ هذا قسْمي فيما أملك، فلا تلمْني فيما تملكُ ولا أملك)).



فلا ترهقي نفسَكِ في إجبار القلب وتسييره في الاتجاهِ الذي تريدين، وإنَّما عليكِ بمحاولةِ ضبط النَّفسِ وشغلها قدر المستطاع، وهاك بعض الإرشادات:

(1) أمرَ الله - تعالى - بغضِّ البصر، ولم يكن في ذلك الأمرِ مشقة: ﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ﴾ [النور : 31]، فواجبٌ عليكِ ألا تخرجي لغرضِ النَّظرِ إليه، وإن اضطررتِ للخروجِ فلْتحاولي تجنبَ الطرقِ التي قد ترينه فيها، قد تجدين مشقةً في البداية، لكن ثقي أنَّ هذا السلوك سبيل النسيان إن كنتِ حقًّا تنشدينه، أنا لا أطلبُ منكِ ما تعجزين عنه من تحكماتٍ عاطفية لا طاقةَ لكِ بها، وإنَّما قدرٌ من مجاهدةِ النفس مع الصبرِ والاحتساب، واعلمي أنَّ في غضِّ البصر من الخيرِ والصَّلاح للنَّفسِ ما لا يتوقعه المرء؛ فقد ثبت أنَّ العاطفةَ تقوى بمداومةِ النظر إلى المحبوب؛ وقال ابنُ القيم - رحمه الله: "والنفسُ مولعةٌ بحبِّ النظرِ إلى الصور الجميلة، والعينُ رائدُ القلبِ، فيبعث رائده لنظرِ ما هناك، فإذا أخبرَهُ بحسنِ المنظور إليه وجمالِه تحرَّك اشتياقًا إليه، وكثيرًا ما يَتعبُ ويُتعِبُ رسوله ورائده؛ كما قيل:





وَكُنْتَ مَتَى أَرْسَلْتَ طَرْفَكَ رَائِدًا

لِقَلْبِكَ يَوْمًا أَتْعَبَتْكَ الْمَنَاظِرُ



رَأَيْتَ الْذِي لاَ كُلّهُ أَنْتَ قَادِرٌ

عَلَيْهِ وَلاَ عَنْ بَعْضِهِ أَنْتَ صَابِرُ






فإذا كفَّ الرائد عن الكشفِ والمطالعة استراح القلبُ من كلفةِ الطَّلبِ والإرادة، ومن أطلقَ لحظاته دامت حسراتُه؛ فإنَّ النظرَ يولّدُ المحبةَ، فتبدأ عَلاقةٌ يتعلَّقُ بها القلبُ بالمنظورِ إليه، ثم تقوى فتصير صبابة ينصبُّ إليه القلبُ بكليتِه، ثم تقوى فتصير غرامًا يلزم القلب كلزومِ الغريم الذي لا يفارقُ غريمَه، ثم يقوى فيصير عشقًا، وهو الحبُّ المفرِط، ثم يقوى فيصير شغفًا، وهو الحبُّ الذي قد وصلَ إلى شغافِ القلب وداخلِه، ثم يقوى فيصير تتيمًا"ا.هـ، نسأل اللهَ السَّلامة.



(2) أنت توقنين الآن صعوبةَ أو استحالةَ زواجكِ بهذا الرَّجل، وتعلمين أيضًا سببَ ما أوقعكِ في حبِّه، فلمَ لا تحاولين تعويضَ تلك العاطفةِ الجياشة والتنفيس الانفعالي عن ذلك القلبِ المحروم؟ إن كنتِ قد حُرمتِ والدكِ - رحمه الله - في عمرِ المراهقة، فابحثي عن أعمامِكِ أو أخوالكِ، واعملي على بِرِّهم والتواصلِ معهم، وقد تجدين منهم من يصلحُ - وإن لم يعوض - لدورِ الأب ولو بنسبةٍ ما، وتكسبين ببرِّهم أجرَ صلةِ الرَّحمِ، وتستشعرين عاطفةَ الأبوة؛ فالعمُّ والخالُ كثيرًا ما يشعرُ ببنوةِ أبناء أخيه أو أختِه.



(3) مشكلات المراهقة - يا عزيزتي – كثيرةٌ، والعاطفيةُ منها هي الأكثر؛ يبقى الشاب والفتاة بحاجةٍ لمزيد من العطف والحنان، وإشعاره بروح الانتماءِ والجماعة داخل البيت، وأخشى أنَّ بيتَكم بعد غيابِ الوالد يفتقدُ لمثلِ هذا الجو الأسري الدافئ، فإنْ كان فاعملي على ربطِ الأسرة وتجميعِ ما تفكَّكَ من أواصرِها وما تفرَّقَ من مشاعرِها.



هالني حقًّا ما تقولينه: "لا أشعرُ بالحبِّ إلا له"! وأخشى أنَّ هذا حالُ بقية أفرادِ العائلة، ألا تشعرين بمحبةِ والدتِكِ وإخوتكِ؟ ألا تشعرين بالشَّوْقِ إلى عمِّك أو خالتِكِ أو أجدادِكِ؟ لهذا عليكِ أن تحرصي على إنقاذِ إخوتكِ وإن كانوا متزوِّجينَ وأهلكِ جميعًا، وتقيهم شرَّ الوقوعِ في مثلِ تلك الفخاخِ التي يزينُها الشَّيطانُ للإنسانِ بصرفِ النَّظرِ عن عمرِه وحاله، وستجدين من المتعةِ والرَّاحةِ في ذلك ما يصرِفُ عاطفتكِ، ويوجهها الوجهةَ الصَّحيحة التي تقيها شرَّ الوقوعِ في تلك الفتن - بإذن الله.



(4) شغلُ النَّفس أمرٌ لا بدَّ منه، وإن كانت الدراسةُ تأخذُ من يومكِ تسعين بالمائة، فإياكِ أن تتركي العشرةَ الباقية للشَّيطان، فنحن بصددِ عمليةٍ جراحية الآن، نحاولُ أن نستأصلَ أصلَ الخبثِ الذي نما في القلبِ، ونطهِّرَ أثرَ الجرح، وسينتجُ عن ذلك بلا شكٍّ بعضُ الألم الذي عليكِ تحمُّلُه صابرةً محتسبة، وتذكري أنَّ من تركَ شيئًا لله عوَّضَهُ الله خيرًا منه.



(5) أنتِ في عمرِ الزَّواجِ الآن، وإن كنتِ لا تفكِّرين فيه أو تفضلين تأخيرَ الزواج - كغالبِ الفتيات - لِما بعد الدراسة، فلا مانعَ أن تبدئي بوضعِ مواصفاتٍ لشريكِ حياتكِ، وتفكري مع إحدى أخواتِكِ أو والدتكِ فيها؛ هل تفضِّلينه يفوقُكِ بعامٍ أو خمسة أو أكثر؟ هل تفضلين مهنتَه على نحوٍ معين؟ وهكذا، لينحصرَ تفكيرُكِ على فئةٍ عمرية مناسبة لكِ، وهذا لشغلِ النفس بما يناسبُها والتخطيط للمستقبلِ على نحوٍ سليمٍ لا يحيد بها عن واقعها، ولا يموجُ بها في عالَمٍ من الأوهامِ والخيالات.



(6) لا تحاولي كبتَ مشاعركِ وحبسها، بل تفاعلي معها بصورةٍ إيجابية؛ فإنْ تذكَّرتِ الوالد - رحمه الله - فلتكتبي خواطرَ أدبيةً عن شعورِكِ نحوه، وإن استشعرتِ همًّا وغمًّا أحاطَ بكِ فأفرغي على الفورِ شُحناتِك العاطفية بكتابةِ أبياتٍ أو نثر، والتعبير الأدبي يتجلَّى في أبدعِ صوره حين يحزن القلبُ، وتشغله الهمومُ وتتربص به الأحزان، وقد شممتُ عبيرًا أدبيًّا خفيًّا كامنًا بين العباراتِ ملتفًّا بالزَّفرات، رغم جدية الموضوعِ الذي عنه تتحدَّثين.



ومن يدري لعلَّ هذا يكون بدايةَ خيرٍ لكِ، ونراكِ يومًا أديبةً أريبةً يُشارُ إليها بالبنانِ، ويتحدَّث عنها القاصي والداني، وكم يخرجُ الإبداعُ من قلبِ المحن، وتولَدُ الموهبةُ من رحمِ الأحزان!



أخيرًا:

يقول ميخائيل نعيمة: "قولُ شكسبير: الحبُّ أعمى، فيه مبالغةٌ، والحقيقةُ أنَّ الحبَّ بعينٍ واحدة".



فانظري بالعينِ الأخرى ترَيْ ما قد غابَ عنكِ، حماكِ الله وطهَّرَ قلبكِ من كلِّ ما لا يُرضيه، وربطَ على قلبِكِ وعصمكِ من فتنِ الزَّمان ما ظهر منها وما بطن، ونسعدُ بالتَّواصلِ معكِ في كلِّ وقت.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.15 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.88%)]