تفسير سورة الفيل - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 704 - عددالزوار : 116380 )           »          بقرة بني إسرائيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 102 )           »          المسيح ابن مريم عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 3590 )           »          مبحث حول إمام المفسرين المؤرخ الفقيه المحدث المقرئ أبي جعفر محمد بن جرير الطبري (224 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 69 )           »          أوليات عمر بن الخطاب رضي الله عنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          نوادر من الفتح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 59 )           »          فضائل المسجد الأقصى المبارك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          قصة سيدنا هود عليه الصلاة والسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          دراسة ميدانية شرعية: أين السعادة الحقيقية..؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 31 )           »          مكارم الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 3316 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-02-2021, 02:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,026
الدولة : Egypt
افتراضي تفسير سورة الفيل

تفسير سورة الفيل


محمد حباش




تترابط سُورُ القرآن بعضها ببعض، وتتسلسل الأحداث في القرآن منذ خَلَقَ اللهُ هذا الكون إلى قيام الساعة؛ فقد ذكر الله لنا في سورة البُروج قِصَّةَ أصحاب الأخدود، وما جرى للمؤمنين من تحريق، وبَيَّن لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم تفاصيلَ هذه القصة؛ تصديقًا لقوله تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 44]، في حديث قصة الساحر والراهب والغُلام، وما فعل الملك الظالم الذي ادَّعى الربوبيَّة بالموحِّدين من النصارى.

ولما كانت سُنَّة الله في خَلْقه أن يقطع دابِرَ الكافرين، سلَّط الله عليه وعلى جُنْدِه الأحباش النصارى الذين غزوا اليمن انتصارًا لاضطهاد إخوانهم، فجاسوا خلال الديار، وقتَّلوا الكافرين تقتيلًا، وكان على الجيش أبرهة الذي بنى بعد انتصاره كنيسةً رفيعةَ البناء، وعزم على أن يصرف حجَّ العرب إليها كما يُحَجُّ إلى الكعبة بمكة، ونادى بذلك في مَمْلَكته، فغضبت قريشٌ لذلك، وقصد كنيسة أبرهة بعضُهم، فدخلها ليلًا ونجَّسَها، فلما رأى السَّدَنةُ ذلك الحَدَثَ، قالوا لأبرهة: إنما صنع هذا بعضُ قريش غضبًا لبيتهم الذي ضاهيت هذا به، فأقسم ليسيرنَّ إلى بيت مكة، وليخرِّبنَّه حجرًا حجرًا، فخرج بجيشه قاصدًا الكعبة؛ قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ﴾ [الفيل: 1].

قوله سبحانه: ﴿ أَلَمْ تَرَ ﴾: الاستفهام هنا للتقرير، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، ولو أنه لم يَرَ الحادثة، فهو ولد في عام الفيل، ومعنى الآية: ألم تعلم أو ألم يبلغك فيما أُوحِي إليك، وهذا كقوله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ ﴾ [البقرة: 258]، وكقوله: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى ﴾ [البقرة: 246]؛ إذ إن علم اليقين من القرآن والسنَّة يصير كرأي العين وهي الرؤية القلبيَّة؛ قال سبحانه: ﴿ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ﴾ [التكاثر: 5، 6]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ سَرَّهُ أن يَنْظُرَ إلى يَوْمِ القيامة كأنَّه رأيُ العَيْنِ، فَلْيَقْرَأ: ﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ﴾ [التكوير: 1]، و﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ﴾ [الانشقاق: 1]، و﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ ﴾ [الانفطار: 1]))؛ الصحيحة؛ وقال حنظلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "نكون عندك تُذَكِّرُنا بالنار والجنة حتى كأنها رأيُ العَيْنِ، فإذا خَرَجْنا من عندك، عافَسْنا الأزواجَ والأولادَ والضَّيْعات، فنَسِينا كثيرًا"؛ صحيح مسلم.

وقال سبحانه: ﴿ كَيْفَ فَعَلَ ﴾، ولم يقل: ما فعل، وفي هذا إشارة إلى تهويل الحادث، وأنه وقع على كيفيَّةٍ وحالةٍ، هي فوق مستوى ما عهِده البشر، وأضاف سبحانه لاسمه الربِّ ضميرَ الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، دون ضمير غيره، إضافةَ تشريفٍ، فهو أكملُ الناس، وأقومُهم بالعبوديَّة لله، ولبيان اختصاص هذا الحادث به، وأنه كان من أجْلِه، ومن أجل رِسالتِه، وللإشارة إلى أن هذا الفعل لا يقدر عليه أحدٌ سواه سبحانه، ثم زاد سبحانه تقريرًا إلى التقرير الأول، فقال: ﴿ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ﴾ [الفيل: 2]؛ أي: قد جعل الله كَيْدَهم في تضليل.

والكيد: الحيلة والمكر والخداع لبلوغ الهدف، ويكون في خفية، وسمَّاه سبحانه كَيْدًا، مع أنهم جاؤوا لهدم الكعبة جهارًا نهارًا؛ لأن ما حدث في الكنيسة ما كان إلا ذريعةً لغزو مكة بنوايا خبيثة مدسوسة، ولا يزال مثل هذا الكيد يُكادُ بالإسلام وأرْضِه وأهله إلى يومنا هذا.

والتضليل: جعل الغير ضالًّا، لا يهتدي لمراده، فالله أبطل كيدهم بتضليلهم فلم ينتفعوا بحيلتهم، ولا بقوَّتهم ولا بعَدَدهم، مع ضَعف وقلَّة أصحاب مكة.

﴿ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ﴾ [الفيل: 3]: قال البخاري في صحيحه: قال مجاهد: ﴿ أَبابِيلَ ﴾: "متتابعة مجتمعة".

﴿ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ﴾ [الفيل: 4]: قال البخاري في صحيحه: قال ابن عباس: ﴿ مِنْ سِجِّيلٍ ﴾: "هي سَنْكِ وَكِلْ"، ومعناها: حجر وطين.

﴿ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ﴾ [الفيل: 5] العصف: هو ورق الزرع إذا يبس، فتعصف به الرياح لخفَّته، زيادة على هذا فقد وصفه سبحانه بأنه مأكولٌ، فهو مع يُبوسته مُتقطِّع غير مكتمل الأوصاف.

عن ابن عباس قال: "جاء أصحاب الفيل حتى نزلوا الصِّفاح - (موضعَ خارجِ مكةَ مِن جهةِ طريقِ اليَمَنِ) - فأتاهم عبدالمطلب، فقال: إن هذا بيت الله، لم يُسلِّط عليه أحدًا، قالوا: لا نرجع حتى نهدِمَه، وكانوا لا يُقدِّمون فِيْلَهم إلا تأخَّر، فدعا الله الطير الأبابيل، فأعطاها حجارةً سوداء عليها الطين، فلما حاذَتْهم رَمَتْهُم، فما بقي منهم أحدٌ إلا أخذته الحَكَّة، وكان لا يحُكُّ أحدٌ منهم جِلْدَه إلا تساقط لحْمُه"؛ حسن إسناده، ابن حجر في فتح الباري (207/12).

وهكذا ذكَّرَ اللهُ نبيَّه بنعمته عليه؛ إذ صرف ذلك العدوَّ العظيم عامَ مولِدِه، تعظيمًا لجنابه، وإرهاصًا بنبوَّته، فهو صلى الله عليه وسلم أعظم حُرْمةً وشرفًا من الكعبة مع عظمتها، فقد نظر صلى الله عليه وسلم إليها، وقال: ((مرحبًا بِكِ من بيتٍ، ما أعظمَكِ، وأعظمَ حُرْمَتَكِ، ولَلْمُؤمِنُ أعْظَمُ حُرْمةً عند اللهِ منكِ، إن اللهَ حرَّم منكِ واحدةً، وحرَّمَ مِنَ المؤمنِ ثلاثًا: دمَه، ومالَه، وأن يُظَنَّ به ظَنُّ السُّوء))؛ الصحيحة.

قال الماوردي في (أعلام النبوة): ولما دنا مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، تقاطَرَتْ آياتُ نبوَّته، وظهرت آيات بركته، فكان من أعظمها شأنًا، وأظهرها بُرْهانًا، وأشهرها عيانًا وبيانًا، أصحاب الفيل أنفذهم النجاشي من أرض الحبشة، في جمهور جيش إلى مكة، لقَتْل رجالها، وسبي ذراريها، وهدم الكعبة .. ثم قال: وآية الرسول من قصة الفيل أنه كان في زمانه حملًا في بطن أمِّه بمكة.... ثم قال: فكانت آيتُه في ذلك من وجهين:
أحدهما: أنهم لو ظفروا لسَبَوا واسترقُّوا، فأهلكهم الله تعالى؛ لصيانة رسوله أن يجري عليه السبيُ حَمْلًا ووليدًا.

والثاني: أنه لم يكن لقريش من التألُّه ما يستحقُّون رفع أصحاب الفيل عنهم، وما هم أهل كتاب؛ لأنهم كانوا بين عابد صَنَمٍ، أو مُتديِّن وثن، أو قائل بالزندقة، أو مانع من الرَّجْعة، ولكن لما أراده الله تعالى من ظهور الإسلام تأسيسًا للنبوة، وتعظيمًا للكعبة، وأن يجعلها قِبْلةً للصَّلاة ومَنْسَكًا للحج.

فإن قيل: فكيف منع الكعبة قبل مصيرها قِبْلةً ومَنْسَكًا، ولم يمنع الحجَّاجَ من هَدْمِها، وقد صارت قِبلةً ومَنْسَكًا، حتى أحرَقها، ونصَب المنجنيق عليها؟
قيل: فعلُ الحَجَّاجِ كان بعد استقرار الدِّين، فاستغنَى عن آيات تأسيسه، وأصحابُ الفيل كانوا قبل ظهور النبوَّة، فجُعِل المنعُ منها آيةً، لتأسيس النبوَّة ومجيء الرسالة، على أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أنْذَر بهدمها، فصار الهدمُ آيةً؛ فلذلك اختلف حكمُها في الحالين، والله تعالى أعلم.

وسبحان الله، منع الله الحبشة من هدم الكعبة لتأسيس هذا الدين، وستُخرِّبُه نفس القوم في آخر الزمان كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، إذا ترك العرب دينهم، واستحلُّوا البيتَ مِرارًا وبالَغُوا في ذلك، فيُمَكِّن اللهُ غيرَهم من ذلك عقوبةً لهم، فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يُبايَعُ لرجُلٍ بين الرُّكْنِ والمقام، ولن يستحِلَّ هذا البيتَ إلا أهْلُه، فإذا استحَلُّوه فلا تَسَلْ عن هَلَكَةِ العرب، ثم تَظْهَرُ الحبشةُ، فيُخرِّبُونه خرابًا لا يَعْمُرُ بعدَهُ أبدًا، وهم الذين يستخرجون كَنْزَه))؛ صحيح ابن حِبَّان.

قال صاحب كوثر المعاني: عدم تسليط أصحاب الفيل عليه كان لوجود النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك، وإقامة الدين في هذه المدة الطويلة، وتسليط الحبشة عليه كان لخراب الدين وانقضائه، وقد وقع قبل ذلك فيه من القتال وغزو أهل الشام له في زمن يزيد بن معاوية، ثم من بعده في وقائع كثيرة من أعظمها وقعة القرامطة بعد الثلاثمائة، فقتلوا من المسلمين في المطاف مَنْ لا يُحْصَى كثرةً، وقلعوا الحجر الأسود، فحوَّلُوه إلى بلادهم، ثم أعادوه بعد مدة طويلة، ثم غُزِي مرارًا بعد ذلك، وكل ذلك لا يُعارِض قوله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا ﴾ [العنكبوت: 67]؛ لأن ذلك إنما وقع بأيدي المسلمين، فهو مطابق لقوله عليه الصلاة والسلام: ((ولن يستحِلَّ هذا البيتَ إلا أهْلُه))، فوقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم وهو من علامات نبوَّته.


وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، وصَلِّ اللهم وبارك على نبيِّنا محمد، وعلى آله وسلِّم تسليمًا كثيرًا.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.44 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.77 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.06%)]