|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الخجل والتعب د. ياسر بكار السؤال أنا شاب في العشرين من عمري، أُعاني الخجل الشديد، وفي نفس الوقت أعاني التعبَ نتيجةَ الهلع الشديد الذي يُصيبني عندما أجد نفسي مضطرًا للكلام مع الناس!! وحالتي هذه بدأت معي منذ حداثة سني؛ فقد كان والدي - رحمه الله – سببًا مُباشرًا في إصابتي بهذا الخجل، وذلك لشدَّته وقسوته الشديدة في تربيته لنا أنا وأختي الوحيدة؛ لقد تعرَّض – رحمه الله – في حياته إلى كثير من الصدمات، وعانَى كثيرًا من خيانة أقرب الناس له المتكرِّرة، فضلاً عن كوْنِه هو شخصيًّا كان قد عانى من أبيه وإخوته نفس التربية القاسية والظروف البشعة التي لم يستطع أن يمنع نفسه من أن يجعلني أنا وأختي ندفع ثمنها! لقد قضيت طفولتي في حرمانٍ نَفْسِي ومادِّي شديد، لقد كان والدي يَحرمني أنا وأُختي مشاهدة التلفاز أو اللعب، ويَحول بيننا وبَيْنَ زِيارةِ أقارِبِنا أو مُخالطتهم أو التودُّد إليهم؛ بل وحَرَمَنا حتَّى من زيارة مسقط رأسه للتعرُّف على أقاربنا المقيمين هناك، وكانت النتيجة أن عانيت منذ الصغر من العزلة والانطوائيَّة الشديد، تلك الَّتي حالت دون أن أعيش طفولتي ومُراهقتي بصورة طبيعية، فلا أصدقاء ولا أقرباء، ولا اختلاطَ بالعالم الخارجي، لقد كان مُتَنَفَّسِي الوحيد الذي كنْتُ أَلْجَأُ إلَيْهِ هو أُخْتِي ووالِدَتي، وسرعان ما توفيت والدتي - رحمها الله – فلم يعد لي سوى أختي، فانغلق كل منا على الآخر، نتكلم سويًّا ونلعب سويًّا، وكنا دائمًا ما نجهد أنفسنا في التفكير في ألعاب تتناسب مع طبيعتنا وتصلح لأن نلعبها وحدنَاَ، وهو ما كان له الأثر الشديد على تطوُّر ذكائنا ونمونا العقلي. كان والدي - رحمه الله - دائم السب والإهانة لي، يتفنَّن في إحراجي وفي السخرية من أفكاري؛ بل وحتَّى من صورتي وخلقتي، بل إنَّه كان يُجلسني أمامه بالساعات، لا لشيء إلا ليكلِّمني ويثبت لي: كيف أنني فاشل ومعدوم الكرامة، واتِّكالي أعتمد على الناس اعتمادًا كليًّا... إلخ!!! عندما وصلت لسن الشباب وصرتُ طالبًا جامعيًّا، تحول وجودي بين أقراني بالجامعة عذابًا وموتًا لي؛ فخجلي دائمًا ما يطغى على تصرفاتي مع زملائي، أمَّا البنات فكثيرًا ما يجتمعن للسخرية من خجلي الشديد في التعامُل معهن، وأما الأولاد فإنهم كثيرًا ما يجعلون مني مادة للاستهزاء؛ يستجلبون بها ضحك البنات!! أغلب الناس كانت تتعامل معي بشفقة، والبعض كان يتعامل معي على أني (أهبل)، والبعض كان يُحاول أن يستغلني، وغير ذلك من ممارسات وتصرفات تضايقني وتزيد من فداحة مشكلتي. بعد وفاة والدي حاولتُ أن أعمل كي أستطيع أن أَجِدَ دخلاً يُمكنني من العلاج، ولكنَّ العمل الذي توفَّر لي لم يُعنِّي على ذلك؛ فأنا أتعرَّض من خلاله للاحتِكاكِ المباشر مع الناس، كما أضطر بسببه إلى التنقل بين أماكن كثيرة وارتقاء السلالم لأصل لطوابق عالية، وكلها أشياء تتعبني وتجهدني بشدة. لقد هدم خجلي هذا حياتي كلها فحتَّى عندما وجدت فتاة تحبني وتشفق علي، ووجدت من أبيها رحمةً بي ورأفةً بظروفي، كان خجلي هذا سببًا في فشل ارتباطي بها. حاولت كثيرًا أن أجِدَ علاجًا دوائيًّا لحالتي، ولعل هذا هو ما دفعني إلى أن أستمع إلى نصائح بعض الناس في هذا الصَّدَدِ؛ لقد نصحني أحدُهُم يومًا بدواءٍ اسمه (الأمادول)، ولقد تحسَّنت حالتي فعلاً بعد أن تناولته، واستشعرت ثقة بنفسي لم أَعْهَدْها من قبل، فبدأت في ممارسة حياتي بصورة طبيعية، بل وكونت صداقات وعلاقات اجتماعية ناجحة! ولكنَّنِي سرعان ما أدركت الأثر الإدماني لهذا الدواء فتوقفت عن تناوله، فعادت حالتي إلى ما كانت عليه مرة أخرى. رأيت أيضًا على الإنترنت أسماء مجموعة من المنشطات تسمى (الأمفيتانات)؛ فسألت الكثير من الصيادلة عنها؛ فوجدت أن أغلبها يعتمد على الفيتامينات وعسل النحل ومكونات أخرى طبيعية، ولكنها باهظة الثمن لا تتناسب مع ظروفي المادية، ولن أستطيع المداومة عليها. أرجو منك ألا تنصحني باستشارة الأطباء والتردد عليهم، فلقد جربت ذلك كثيرًا فيما سبق، فكان أغلب الأطبَّاء يكتفي بأن يصف لي مضادات الاكتئاب ذات الآثار الجانبية السيِّئة، والمهدئات التي لم تُجْدِ معي نفعًا، وأغلبها كان يعرضني للإدمان، صحيح أنني أود أن أجد دواءً لحالتي، ولكني لا أحب أن أصير مدمنًا!! كل ما أرجوه منكم أن تساعدوني في معرفة مجموعة من الأدوية التي قد تُساعِدُ في تَحسُّن حالتِي النَّفسيَّة والذِّهنية، مع بيانٍ بِمُتوسِّط أسعارها حتى أنتقي منها ما يتماشى مع ظروفي المادِّيَّة بِحيثُ يُمكِنُنِي المداومة عليه، وعمَّا إذا ما كانت هناك وصفات تعتمد على العلاج بالأعشاب والمواد المتاحة، وبعض النصائح المفيدة في رفع ثقتي بنفسي ودفع الخجل عنها، لعلِّي أستطيع من خلالها التواصل مع من حولي وحل مشكلاتي،، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب أخي الكريم: السلام عليكم ورحمة الله،، مرحبًا بك في موقع (الألوكة)، وشكرًا لثقتك الغالية،،، استمتعت بقراءة رسالتك الطويلة، وأحسست أن بك أشياء رائعة كثيرة, سواءٌ عرف الناس ذلك أم لم يعرفوا بِهذا؛ فهي موجودة، ويجب أن تفتخر بها. تابع معي النقاط التالية: أولاً: صحيح أن طريقة تربية والدك كانت خاطئة، وقد تكون هي السبب في الخجل الذي تعيشه، لكن الله - عزَّ وجلَّ - أعطانا قوةً أن نغير أنفسنا ونحسِّنها بالرغم من كل شيء, والأمثلة كثيرة لأناس عاشوا في ظروف أسوأ من ظروفك، ومع هذا حسنوا من أنفسهم، وهم يعيشون حياة طيبة وجيدة الآن. أريدك أن تتخلص من كل ذلك الماضي السيئ؛ فأنت ابن اليوم, واليوم هو الثروة الحقيقية حتى نطور من حياتنا ونعيش حياة أفضل. ثانيًا: لعلاج المشكلة التي تمر بها نريد أن نسلك طريقين: الأول - وهو الأهم - العلاج النفسي؛ يعني أن تدرِّب نفسَكَ كُلَّ يوم على المزيد من الثقة بالنَّفس وإثبات الذات، تَخيَّل المواقف التي مَرَرْتَ بِها، ودرِّب نفسك على أن تَرُدَّ فيها رُدودًا جيِّدة، قم بتنمية صداقاتِك، واحضر المناسبات العامَّة، وتعلَّم مِمَّن حولك كيف يتكلَّمون وكيف يمشون ويجلسون؛ بل وكيف يردُّون عندما يستهزئ بهم الآخرين، حتى لو استهزأ بك الآخرون فلا تحزن؛ لأنك تتدرب، وستتغير بمشيئة الله. هل تعرف كيف يتدرب (الميكانيكي) على تصليح السيارات؟ يقوم بمشاهدة (المعلم) وهو يصلح السيارات، ويقوم بإصلاح بعض المشكلات الصغيرة، ثم يومًا بعد يوم يتعلَّم أن يصلح كل الأعطال..! هذا بالضبط ما يجب أن تفعله أنت، أن تتطور شيئًا فشيئًا، حتى تصل إلى أن تكون الشَّخص الذي تتمناه، وكما أنه لا يوجد شخص يمكن أن يكون (ميكانيكيًّا) في يوم وليلة؛ فيجب ألا تتوقَّع أنت أيضًا أن يحدث سحرٌ ما وتتغير فجأة، ولكنك ستتغيَّر شيئًا فشيئًا, والتغير البطيء هو التغير الحقيقي. ثالثًا: دائمًا أؤكد على خطورة الحديث السلبي مع النفس؛ لأنه يزيد الأمور سوءًا، ولذا أطلب منك يا أخي عندما تستيقظ غدًا الفجر، وبعد أداء الصلاة؛ قف أمام المرآة وقل لنفسك: "أنا بخير.. أشعر أنني أتقدم.. أحب نفسي، وسأطورها أكثر وأكثر.. لن أضع للماضي أي قوة عليَّ.. "؛ وهكذا من الكلام الإيجابي الذي سيحدث أثرًا ممتازًا على نفسك. رابعًا: عليكَ بِالقراءة، وهي من أهم الوسائل في تنمية الشخصيَّة والتخلص من الخجل، وهناك العديد من المقالات الجيدة التي تناقش ذلك على شبكة (الإنترنت)، وهناك العديد من الكتب الجيدة أيضًا؛ فالقراءة تنميك وتفتح لك أفقًا كبيرًا، وأرجو منك أن تقبل دعوتي في أن تقرأ مقالاتي التي نشرتها على شبكة (الألوكة)؛ ففيها الكثير من الآليات التي ستنمي بها نفسك. خامسًا: التجربة التي مررتَ بِها مع تلك الفتاة تَجرِبة صعبة، لكن الحقيقة يا أخي أن التجارب هي أهم شيء نتعلم منه في الدنيا كلها؛ فالتجربة مدرسة، ولو تأملت وتدربت ستكون هذه التجربة خيرًا لك - بمشيئة الله. سادسًا: بالنسبة للطريق الثاني - وهو العلاج الدوائي -: صراحةً أنا لا أعرف (الأمادول)، وقد يكون اسمًا تجاريًّا لدواء معروف؛ لأن الأسماء تختلف من دولة إلى أخرى، أو لعلَّه اسم لدواء غير قانوني (مُخدرات).. على كلٍّ؛ لو كان يصرف في الصيدليات وبدون وصفة، وقال الصيدلي إنَّه دواء جيد؛ فلا مشكلة، أمَّا لو كان لا يصرف في الصيدلية، وكنت تأتي به من الأصدقاء؛ فهو إدماني، ويجب ألا تقترب منه أبدًا. الأدوية التي ستنفع معاك يا (أخي الكريم) هي مضادَّات الاكتئاب، صحيح أنك لا تعاني الاكتئاب، لكن لأننا اكتشفنا حديثًا أنَّ الأدوية المضادة الاكتئاب ترفع الثقة بالنفس، وتزيل التعب الذي ذكرته، حتى في غياب الاكتئاب، وهناك العديد من الأدوية التي يمكننا أن ننصح بها لحالتك، تتباين أسعارها، ويُمكِنُكَ أن تختار منها ما ترى سِعْرَه مناسبًا لظروفك؛ مثل (البروزاك) و(التفرانيل) وغيرها، ولكلٍّ منها أعراض جانبية، لكن هذه الأعراض غالبًا ما تكون خفيفة لو تناولتها بالطريقة الصحيحة. أعرف أنَّك لا تريد الذهاب إلى الطبيب، لكن صدِّقْنِي: علاج الإنسان لنفسه أمر صعب بدون استشارة الطبيب، وغير مقبول أخلاقيًّا أن أُعْطِيَك اسم دواءٍ يَصْعُب أن أتابعه معك عن بعد، ولكن سنصل أنا وأنت إلى حل. يُمكنك أن تحجز في مستشفى حكومي، ولو كنت متيسر الحال داوم مع طبيب نفسي أو طبيب عام، أو اسأل عن طبيب نفسي طيب القلب، واذهب إليه في مكان عمله بصورة غير رسميَّة، وقل له: "أنا استشرت طبيبًا، وأخبرني أنني أحتاج إلى أن آخذ دواءً مضادًّا للاكتئاب مثل (البروزاك) و(التفرانيل)، ما رأيك في ذلك؟ أو: كيف أستخدمه؟"؛ هنا سوف يرشدك إلى أحد الأدوية، وتشتريه بدون وصفة؛ لأن هذه الأدوية لا تُسَبِّبُ الإدمان؛ فهي لا تحتاج إلى وصفة، ولو عارض أو رفض لسبب أو آخر؛ اكتب لي على شبكة (الألوكة)، وسنجد حلاً آخر - بمشيئة الله. وأحذرك من أدوية المنشطات مثل (الأمفيتامين) وغيرها؛ فهي ضارة، وتسبب مشاكل كثيرة. أما بالنسبة للعسل؛ فهو لا يحتاج أن تأخذه على صورة دواء وأن تدفع فيه ثمنًا غاليًا؛ بل يُمْكِن أن تأكُلَه بصورة طبيعية، وأن تُحَسِّن من غذائك عمومًا، وتكثر من الخضروات الورقية والفواكه التي تحتوي على فيتامينات عالية. خـتامًا: أرجو أني لم أخيب ظنك، وأن أكون قد قدمت لك ما ينفع. تقبل تحياتي
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |