|
من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() أول أيام الشتاء ( قصة ) محمد صادق عبدالعال السماء التي أمسكت عن الإمطار حينًا من الدهر، قد أيْئَست الخلق من العشم في صفحة قاتمة تقِيهم حَرّ النجم إذا طغى، وبين زهد وانصراف، باغتتهم الكريمة بالصَّيِّب الوابل، في أول أيام الشتاء، فهُرع الأطفال إليه، يلتمسون أول حبات المطر، يلعقونها بأفواههم، قبل أن تباشر وجه الأرض، فتصبح عليهم حرامًا، وثيابهم المترهلة الواسعة قد التصقت بأجسامهم التصاقًا، من وقع حبات المطر عليها، وحتى الرجال لم يتطلعوا لقبعات أو شَمَاسٍ؛ اتقاءً للمطر. حتى النساء اللَّواتي تجاهلن إغلاق النوافذ والشبابيك، قد سُررن لرؤية المطر، برغم أَسرة البيوت التي سيطولها المطر. وهناك في إحدى النوافذ، حيث الزوجة الأم، ذات الخصلات البيض، تطل من النافذة المنسية، فيقبل الزوج المحال للتقاعد، فيقف إلى جوارها، يشاركها المشاهدة. قالت الزوجة والأم: عجيب أمر الخلق! الزوج: فيمَ العجب؟! الزوجة: يفرحون بالشتاء في أوله، ويبتهجون لقدومه، فإذا تتابع عليهم، كرهوا بقاءه، وتمنَّوْا رحيله. الزوج: إن لذة التغيير تعالج آلام الاستمرار والرتابة. نظرت له الزوجة نظرةً جعلته يفر بمقلتيه، يقلِّبهما في السماء، ويقول: ما زالت السماء تُقِلُّ سُحبًا ثِقالاً. ضمَّت الزوجة مصراعي الشباك، ثم أحكمت الإغلاق، حتى أعتمت الحجرة. وهناك في الشرفات العالية، حيث يقف صاحب السطوة - أيضًا – يَطّلع، ويباشر الناس في أول أيام المطر، وإلى جواره يقف خاصة رجاله، فيقول - صاحب السطوة - منزعجًا: عجيب أمر الرعايا! وما أحلمَ الملوكَ على الرعية! الحاجب: وما العجب سيدي صاحب المقام؟! ذو السطوة: يستقبلون أول أمطار الشتاء، في فرح وانتشاء، فإن استطال بهم مقتوه، ونعتوه بالقارس القاسي، واختلقوا ربيعًا يجرهم للصيف جرًّا، حتى إذا أذاقهم من سموم حره، مقتوه هو الآخر، فماذا ينتظرون؟! أحد رجاله في تلقائية: إن لذة التغيير تعالج آلام الاستمرار والرتابة. لم يتوانَ ذو السطوة في أن ينظر إليه نظرةً، تُشابِهُ لحد كبير نظرةَ الأم والزوجة التي كانت بالنافذة من قبل، فقال القائل متراجعًا: لكن الصيف أكثر انطلاقًا وحيوية.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |