حرية الرأي والضوابط الشرعية للتعبير عنه - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1349 - عددالزوار : 139505 )           »          معالجات نبوية لداء الرياء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          التربية بالحوار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          صور من فن معالجة أخطاء الأصدقاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          في صحوةِ الغائب: الذِّكر بوابة الحضور (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          آيات السَّكِينة لطلب الطُّمأنينة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العليم, العالم. علام الغيوب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          سبل إحياء الدعوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          التساؤلات القلبية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الحب الذي لا نراه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-11-2020, 08:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,123
الدولة : Egypt
افتراضي حرية الرأي والضوابط الشرعية للتعبير عنه

حرية الرأي والضوابط الشرعية للتعبير عنه


د. هاني بن عبدالله بن جبير








لفضيلة الشيخ د.هاني بن عبد الله بن جبير قاضي المحكمة الكبرى بجدة.
"كفل الإسلام حريَّة الرأي والتعبير بمفهومها الإسلاميّ، وحرية الرأي والتعبير تعني: تمتع الإنسان بكامل حريته في الجهر بالحق، وإسداء النصيحة في كل أمور الدين والدنيا، فيما يحقق نفع المسلمين، ويصون مصالح كل من الفرد والمجتمع، ويحفظ النظام العام، وذلك في إطار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ومع اهتمام الإسلام بحرية الرأي والتعبير إلاَّ أنَّه حرص على عدم تحريرها من القيود والضوابط الكفيلة بحسن استخدامها، وتوجيهها إلى ما ينفع الناس ويرضي الخالق جل وعلا، فهناك حدود لا ينبغي الاجتراء عليها وإلا كانت النتيجة هي الخوض فيما يُغضب الله، أو يُلحق الضرر بالفرد والمجتمع على السواء، ويُخل بالنظام العام وحسن الآداب"[1].


ولهذا الحق المكفول طرق ووسائل توصِّل إليه، منها ما نص الشارع على عينه بإباحة أو تحريم، ومنها ما سكت عنها فلم ينص على اعتبارها ولا عدم اعتبارها، كوسائل الإعلام الحديثة.


ويرى كل متابع ما يحصل من تداعٍ كبير لتناول الأطروحات، وتبادل الآراء، وتعاطي الحوارات، كما يشاهد ما يسلكه كل ذي رأي من وسائل للتعبير عمَّا في نفسه ليستشعر أنه بذل شيئًا مما تبرأ به الذّمة مهما كان حال هذه الوسيلة.


والباحث الشرعي إذ يدرس أي نازلة أو يبحث في أي فكرة؛ فهمّه تنزيل الأحكام على الوقائع، ورائده تطلُّب الحق والبحث عن الدليل وإعمال الضوابط بعد استطلاع الواقع ونشدانه.


وفي هذه الأوراق القليلة نظرات عاجلة تبيّن ضوابط في هذا الموضوع؛ علَّها تكون مقدمة لدراسات أكثر جدًا وتوسعًا.


أولاً: قواعد ومقدمات:

تحتاج كل حادثة إلى معرفة أُصول وقواعد يتفرع عن معرفتها وتقريرها بيان الحكم الشرعي لها، وسأتناول هنا مقدمات أصول أربعة:

الأولى: مجالات إبداء الرأي:

كل أمر جاء الشرع بحكمه بدليل من الأدلة، سواء كان متعلقًا بالعبادات أو المعاملات أو العقوبات أو العلاقات الشخصِيَّة، فهذا ليس للإنسان فيه إلا أن يعمل بمقتضى الدليل ويتفقَّه فيه، ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ [الأحزاب: 36].

وهذا أظهر من أن يُستدل له؛ إذ العبوديَّة لله تقتضي الامتثال لأمره.


ومعنى الرضا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، و بمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا؛ هو التحاكم إلى منهاج الله - تعالى - ورد الأمر إليه، ولذا نفى الله - تعالى - الإيمان عمَّن لم يستكمل هذا فقال: ﴿ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65].


قال: "وهذا أصل عظيم من أصول الإيمان، وهو معنى الإسلام، فإن حقيقة الإسلام هي الاستسلام لله والانقياد له، ومن لم يرد إليه الأمر لم ينعقد له، ودين المسلمين مبنيٌّ على اتباع كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وإجماع الأمة، وهي الأصول المعصومة التي لا يجوز تجاوزها أو الخروج عنها"[2].


وعلى أساسها توزن جميع الآراء والأقوال والأعمال[3]. قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِه ﴾ [الحجرات: 1].


قال الحافظ ابن كثير في معنى الآية: "أي لا تُسرعوا في الأشياء بين يديه، أي قبله، بل كونوا تبعًا له في جميع الأمور، حتى يدخل في عموم هذا الأدب الشرعي حديث معاذ - رضي الله عنه - حيث قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - حين بعثه إلى اليمن: ((بم تحكم؟))، قال: بكتاب الله تعالى. قال - صلى الله عليه وسلم: ((فإن لم تجد؟))، قال: بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم. قال: ((فإن لم تجد؟))، قال: أجتهد رأيِي. فضرب في صدره، وقال: ((الحمد لله الذي وفَّقَ رسولَ رسولِ الله))"[4].


فالغرضُ منه: أنه أخَّر رأيه ونظره واجتهاده إلى ما بعد الكتاب والسنة، ولو قدَّمه قبل البحث عنهما لكان من باب التقديم بين يدي الله ورسوله.


قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس - رضي الله عنهما: "﴿ لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِه ﴾: لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة".


وقال مجاهد: "لا تفتاتوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يقضي الله تعالى على لسانه"[5].


وعلى هذا الهدي في الرد إلى الكتاب والسنة وعدم مخالفتهما مهما ظهر بالرأي والفكر مخالفتهما للمصالح سارَ سلفُ هذه الأمة.


قال أبو الزناد - رحمه الله: "إن السنن لا تُخاصَم، ولا ينبغي لها أن تُتبع بالرأي والتفكير، ولو فعل الناس ذلك لم يمضِ يومٌ إلا انتقلوا من دينٍ إلى دين، ولكنه ينبغي للسنن أن تُلزم ويُتمسَّك بها على ما وافق الرأي أو خالفه"[6].


ولذا كان مجال الرأي في الإسلام مجالاً محكومًا بالكتاب والسنة والإجماع، فما قرر فيها فهو أصل معصوم لا يُخرج عنه.


وإذا أعمل الإنسان رأيه وقرَّر نتائج بناها على مقتضى المصالح أو غيرها وهي معارضة لكتاب الله وسنة رسوله؛ فقد راغم الشرع ولم يقابله بالرضى والتسليم[7].


عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم، فقضى أن دِيَةَ جنينها غرَّةَ عبدٍ أو وليدة، وقضى بدِيَةِ المرأة على عاقلتها، وورَّثها ولدها ومن معهم، فقام حَمَل بن النابغة الهذلي فقال: يا رسول الله! كيف أغرم من لا شرب ولا أكل، ولا نطق ولا استهلَّ؛ فمثل ذلك يُطَل؟[8] فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ((إنما هو من إخوان الكُهَّان من أجل سجعه الذي سجع)) [9].


قال العلماء: "إنما ذمَّ سجعه؛ لأنَّه عارَضَ حكمَ الشرع ورامَ إبطاله، ولذا شبَّهه بالكُهَّان الذين يُروِّجون أقاويلهم الباطلة بأسجاعٍ تروق السامعين"[10].


وأما ما لم يُبيِّن حكمه والموقف منه بعينه في الشرع؛ فإن للمسلم أن يتخذ فيه رأيًا يُبدِيه لا يتعارض مع الضوابط العامَّة لإبداء الرأي، وذلك كطريقة تنفيذ ما أمر الله به، وسكت عن طريقة تنفيذه، أو ما لم يرد به نص محكم، ولذا كان من القواعد المُقرَّرة عند أهل العلم أن "لا اجتهاد في موارد النص"[11]، وأن "ما عارض النص ففاسدُ الاعتبار"[12].


الثانية: صاحب الرأي:

ذمَّ الله - تعالى - من يقول بلا علم، فقال: ﴿ وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ ﴾ [النحل: 116].

قال الشاطبي: "الاجتهادُ في الشريعة ضربان: أحدهما: المعتبر شرعًا...


والثاني: غير المعتبر، وهو الصادر عمَّن ليس بعارف بما يفتقر الاجتهاد إليه؛ لأن حقيقته أنه رأي بمجرد التشهي والأغراض، وخبط في عماية، واتباع للهوى، فكل رأيٍ صدر على هذا الوجه فلا مِريةَ في عدم اعتباره؛ لأنه ضد الحق الذي أنزل الله، كما قال - تعالى: ﴿ وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُم ﴾ [المائدة:49][13].


وهذا كما يكون في أحكام الشرع فهو في كل علم، فليس لأحدٍ أن يتناوله بغير إتقان له.


وقد ذمَّ الله - تعالى - من يتبع الظن: ﴿ وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًا إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الحَقِّ شَيْئًا ﴾ [يونس: 36].


وجعل طاعة من يتبع الظن ضلالاً: ﴿ وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ ﴾ [الأنعام: 116].


فلا بُدَّ أن يكون صاحب الرأي من أهل الخبرة والاختصاص فيما يتكلَّم عنه، وكلام الإنسان فيما يجهله غير مفيد.


والله - تعالى - أمر بسؤال أهل الذكر دون غيرهم: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43]، وهذا دليلٌ على أن ما يقوله غير العالم لا عبرة به، ولذا لما وصف أهل العلم رجال المشورة جعلوا من صفاتهم العلم فيما يُسْتشارون فيه.


قال ابن خُوَيزِ مِنْداد: "واجبٌ على الولاة مشاورةُ العلماء فيما لا يعلمون، وفيما أُشكِل عليهم من أمور الدين، ووجوهُ الجيش فيما يتعلَّق بالحرب، ووجوه الناس فيما يتعَلَّق بالمصالح، ووجوه الكتاب والوزراء والعمال فيما يتعلَّق بمصالح البلاد وعمارتها"[14]، فجعل كلاًّ يُسْتشار فيما هو مختصٌّ به.


وكذا إبداء الرأي لا يسوغ لمن لم يكن مختصًّا في فنٍّ أن يتكلم فيه، ولذا ذكر الفقهاء أنه يُشرع الحَجْر على المُتطبِّب الجاهل[15]، فكذلك غير الطب يُمنع مَنْ لم يكن مؤهَّلاً من إبداء رأيه؛ إذ لا يُوثَق برأيه.


فالعالمُ بالشرع يُبيِّنُ أحكام الشرع وضوابطه في كل أمرٍ وتصرُّف، لكن ليس له أن يصِفَ العلاج المُركَّب للمرضى إلا إذا كان مع ذلك طبيبًا، والمهندسُ له أن يتناول أمورًا هندسيَّة بالرأي، لكن الفتوى إنما تُناط بالعالِمِ بالشرع فقط.. وهكذا.



والسبب في هذا: أن الرأي المُعتَبر هو المبنيُّ على العلم والتثبُّت، وأما ما لم يُبنَ عليهما فهو محضُ ظنٍّ لا يُغنِي عن الحقِّ شيئًا، ومعلومٌ أن للخيالات والأوهام روادًا لا يعبأ بهم في مجال الفكر، ومن هنا كان أهل العلم لا يعتبرون بكل خلاف حتى قيل:

وليس كلُّ خلافٍ جاءَ مُعتبَرًا ♦♦♦ إلاَّ خِلافٌ له حَظٌّ مِنَ النَّظَرِ
وإذا أريد قياس الرأي ومعرفة مكانته استند الناظر إلى ما استمد منه؛ هل هو العلم والتثبُّت، أو بُنِيَ على المصالح الشخصية والعصبيات الجاهلية ومحض الهوى؟

وقد قرَّر أهلُ العلم أدلة يُبنى عليها الحكم الشرعي، وطرقًا للاستدلال والترجيح فيها توصّل للمطلوب، وإذا راعى أهل العلم ذلك في الأحكام الشرعية؛ فهو تنبيهٌ على اعتبار المنهج نفسه في سائر معمولات الذهن، فلا بُدَّ أن تُبنى على دليلٍ مُعتَبرٍ، ولا بُدَّ من مراعاة طرق الترجيح بين الآراء.


وكما يُشترط لإبداء الرأي: القدرة على ذلك، والتأهُّل له، واستناده على ما يُعضِّدُه؛ فإنه يُشترط فيه أيضًا: إرادة الحق والخير، وهذا من معنى الإخلاص وحسن الإرادة التي هي مناط خيريَّة العمل، وصلاحه، وقبوله.


قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وسببُ الفرق بين أهل العلم وأهل الأهواء مع وجود الاختلاف في قول كل منهما: أن العالم قد فعل ما أمر به من حسن القصد والاجتهاد..


بخلاف أصحاب الأهواء فإنهم: ﴿ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ ﴾ (النجم: 23]، ويجزمون بما يقولون بالظن والهوى، فلم يصدر عنهم من الاجتهاد والقصد ما يقتضي مغفرة ما لم يعلموه، وكانوا ظالمين شبيهًا بالمغضوب عليهم، وجاهلين شبيهًا بالضالين.


فالمُجتَهِدُ الاجتهاد العلمي المحض ليس له غرضٌ سوى الحق وقد سلك طريقه، وأما مُتَّبِعُ الهوى المحض فهو من يعلم الحق ويُعانِدُ عنه، وثَمَّ قسم آخر وهو غالب الناس، وهو أن يكون له هوى، وله في الأمر الذي قصد إليه شبهة، فتجتمع الشهوة والشبهة.


فالمجتهد المحض مغفور له أو مأجور، وصاحب الهوى المحض مستوجب للعذاب، وأما المجتهد الاجتهاد المركب على شبهة وهوى فهو مسيء، وهم في ذلك على درجات بحسب ما يغلب"[16].


الثالثة: مراعاة مآل الرأي:

إنَّ إبداء الرأي الذي يستند لأصل ولا يخالف الشريعة، وإن كان في أصله مباحًا، قد ثبت الإذن بإبدائه بحسب الأصل، غير أنه في بعض الأحوال قد ينجر عنه في مآله من الأضرار والمفاسد ما ينافي مقصد الشرع في المصلحة والعدل، فتكون الآراء المباحة أو المشروعة مؤدية إلى خلاف مقاصدها.

ويحدث ذلك بسبب عدم التبصّر بمآلات التصرّفات والآراء والأقوال، أو سبب الباعث السيئ عند متعاطيها. وسواء كان الباعث فاسدًا أو صالحًا فإن مجرد مفسدة المآل، والنتيجة السلبيّة للرأي؛ يجعل الرأي رأيًا مذمومًا واجب الكتمان.


فهذا معيارٌ تُوزن به الآراء والاجتهادات، وهو مدى كون آثارها محقِّقة لمقاصد الشرع أو مناقضة له.


قال الشاطبي: "لما ثبت أن الأحكام شُرعت لمصالح العباد كانت الأعمال معتبرة بذلك؛ لأنه مقصود الشارع فيها، فإذا كان الأمر في ظاهره وباطنه على أصل المشروعية فلا إشكال، وإن كان الظاهر موافقًا والمصلحة مخالفة فالفعل غير صحيح وغير مشروع؛ لأن الأعمال الشرعية ليست مقصودة لأنفسها وإنما قصد بها أمور أخر هي معانيها، وهي المصالحُ التي شُرعت لأجلها، فالذي عمل من ذلك على غير هذا الوضع فليس على وضع المشروعات"[17].


ومن هنا نشأت قاعدة: "سد الذرائع المُفضِية للفساد"، ومُقتضاها: تحريمُ أمرٍ مُباح لما يُفضِي إليه من مفسدة.


وامتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل المنافقين دفعًا لمفسدة تحدُّث الناس بأن محمدًا يقتل أصحابه فردٌ من أمثلة هذه القاعدة.


وعليه؛ فإنه لا يسوغ لصاحب رأيٍ، ولا لمُفْتٍ، أو مُفكِّرٍ أن يُقرِّر رأيًا مهما كان صوابًا إذا ترتَّب على ذلك مفسدة أعظم، أو كان مُثيرًا لفتنة.


فالذي ينتقد بعض كتب علماء أهل السنة، ويُقرِّر أن فيها تقريراتٍ غير معصومة؛ فهو - وإن قرَّر حقًّا إن أظهر رأيه في زمن تشرئبُّ فيه الفتن، وتظهرُ البِدَعُ - فقد ناقَضَ هذا الأصل، وإذا حوَّل إنسانٌ دين الله - تعالى - ليكون وجهةَ نظرٍ تُعرَضَ إلى جانب وجهةِ نظرٍ أخرى مخالفة؛ فإنه وإن تذرَّع باستمالة المعارضين للإسلام، قد أعطى مُعارِض الشريعة شرعيةً، وقدَّم مساواة مع الإسلام[18].


قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "على المفتي أن يمتنع عن الفتوى فيما يضر بالمسلمين ويثير الفتن بينهم، وله أن يمتنع عن الفتوى إن كان قصد المستفتي كائنًا من كان نصرة هواه بالفتوى وليس قصده معرفة الحق واتباعه"[19].


ومراعاة مآل الرأي يتضمن ملاحظة الوقت الذي يُبدي فيه الرأي، ومدى تعلُّق أهل الفساد به، وهل يفهمه من خوطب به على وجهه أم لا؟


وفي أخبار الصحابة وقائع تُؤكِّدُ استشعار الصحابة - رضي الله عنهم – لهذا الأصل:

فعن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - أن رجلاً أتى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال: إن فلانًا يقول: لو قد مات عمر بايعتُ فلانًا. فقال عمر: "إني قائمٌ العشيَّة في الناس فمُحذِّرُهم هؤلاء الرهط الذين يُريدون أن يغصِبُوهم أمرهم".

قال عبدالرحمن: فقلت: يا أمير المؤمنين! لا تفعل؛ فإن الموسم يجمع رِعَاعَ الناس وغوغاءهم، وإنهم الذين يغلبون على مجلسك إذا قمت في الناس؛ فأخشى أن تقول مقالةً يطير بها أولئك فلا يعُوها، ولا يضعوها على مواضعها، ولكن حتى تقدم المدينة فإنها دارُ الهجرة والسُّنة، وتخلُص بعلماء الناس وأشرافهم، فتقول ما قلت مُتمكِّنًا، فيعُونَ مقالتك، ويضعونها مواضعها.


فقال عمر: "لئن قدمتُ المدينة صالحًا لأُكلِّمنَّ بها الناس في أول مقامٍ أقومه".


فلما قدِمَ المدينة قام على المنبر فكان مما قال: "فإني قائلٌ مقالةً من وعاها وعقلها فليُحدِّث بها حيث انتهَتْ به راحلته، ومَنْ لم يعِهَا فلا أُحِلُّ له أن يكذِبَ عَلَيَّ". ثم ذكر قصة بيعة أبي بكر [20].


الرابعة: لا يسوغ الإلزام بما هو من موارد الخلاف:

المسائل في شريعة الإسلام منها ما هو قطعيٌ مُحكَم؛ فهذا ثابت الحكم لا يتغيَّر بتغير الزمان والمكان، ومنها مسائل الاجتهاد وموارد الخلاف التي لم يحسِمْها نصٌّ قاطعٌ، ولم يُثبِتها دليلٌ ظاهرٌ؛ فليس فيها نصٌّ شرعيٌّ ولا إجماعٌ قطعيٌّ، فهذه يحكُمُها اجتهادُ المجتهدين المؤهَّلين، فيختار المجتهد منها أظهرها عنده.

فأما القسم الأول: فإن الناس مُلزَمون بالسير على وفقها التزامًا للشرع، واتباعًا له، ولا يسوغ مخالفته كما سبق.


وأما الثاني: فهي منوطة باجتهاد المتكلم متى كان أهلاً فيتكلم فيها بالبينات والحجج العلمية، لكنها ليست موردًا للإنكار، ولا محلاًّ للمفاصلة.


وقد سُئِلَ شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - عمَّن قلَّد بعض العلماء في مسائل الاجتهاد: هل يُنكَر عليه أو يُهجَر؟

فأجاب: "مسائلُ الاجتهاد من عَمِلَ فيها بقول بعض العلماء لم يُنكَر عليه ولم يُهجر، ومن عمل بأحد القولين لم يُنكر عليه، فإن كان الإنسان يظهر له رجحان أحد القولين عمل به، وإلا قَلَّد بعض العلماء الذين يُعتمد عليهم في بيان أرجح القولين"[21].


ومن هنا فإن كل رأي لم يستند بقاطع في الشريعة؛ فإنه لا يسوغ لقائله أن يستبِدَّ به ويحتكر الصواب؛ بل ما دام قولاً لغير معصوم فالخطأ عليه واردٌ، والخلافُ سائغٌ، والإنكارُ ممنوعٌ.


ثانيًا: وسائلُ التعبير عن الرأي:

لقد كلَّف الله - تعالى - هذه الأمة بإبلاغ الدين ونشر الرسالة:﴿ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ ﴾ [آل عمران: 104]، وجعل ذلك سبب خيريتها: ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110].

وجعل النصيحة من الدين؛ عن تميم بن أوسٍ الداري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ((الدينُ النصيحة)). قلنا: لمن؟ قال: ((لله، ولرسوله، ولكتابه، ولأئمة المسلمين، وعامتهم))[22].


كما أنه كفَلَ لأتباعه التعبير عن آرائهم[23] فيما يسوغ ذلك.


ولا تتحقَّقُ النصيحة والدعوة والتعبير عن الرأي إلا بوسائل وطرق وأسباب للمسلم أن يسلكها؛ ليصِل من خلالها لما يريد، ولو كانت حادثة لم ينص عليها الشرع، ولم يستعملها السلف؛ ما دامت مُعبِّرةً عن المراد، وموصلة إليه[24].


قال الشيخ عبدالرحمن بن سعدي - رحمه الله: "لا ريبَ أن كل أمرٍ مُهمٍّ عموميٍّ يُرادُ إعلانه وإشاعته والإخبار به.. يُسلك فيه طريقٌ يحصل به هذا المقصود.. ولم يزل الناس على هذا يُعبِّرُون ويُخبِرون على مثل هذه الأمور بأسرع وسيلةٍ يتعمَّم ويشيعُ فيها الخبر.. وكُلَّما تجدَّد لهم وسيلة أسرع وأنجح مما قبلها أسرعوا إليها.


وقد أقرَّهم الشارع على هذا الجنس والنوع، ووردت أدلة وأصول في الشريعة تدل عليه، فكل ما دلَّ على الحق والصدق والخبر الصحيح مما فيه نفعٌ للناس في أمور دينهم ودنياهم؛ فإن الشرع يُقِرُّهُ ويقبله، ويأمُر به أحيانًا ويُجيزُهُ أحيانًا؛ بحسب ما يؤدي إليه من المصلحة. فاستمسِك بهذا الأصل الكبير فإنه نافعٌ في مسائل كثيرة، ويمكنك إذا فهمته أن تطبق عليه كثيرًا من الأفراد والجزئيات الواقعة والتي لا تزال تقع، ولا تقصر فهمك عنه فيفوتك خيرٌ كثيرٌ، وربما ظننتَ كثيرًا من الأشياء بدعًا محرمًا إذا كانت حادثة ولم تجد لها تصريحًا في كلام الشارع، فتخالف بذلك الشرع والعقل وما فطر عليه الناس..."[25].


والسبب في هذا: أن الوسائل من قبيل العادات، والأصل فيها الإباحة، قال الشاطبي - يرحمه الله: "والتبليغُ كما لا يتقيَّد بكيفيَّةٍ معلومة؛ لأنه من قبيل المعقول المعنى، فيصحُ بأي شيء أمكن من الحفظ، والتلقين، والكتابة، وغيرها"[26].


وإذا تبيَّن أن هذه الوسائل اجتهادية - ليست توقيفيَّة؛ فللمسلم أن يسلك ما شاء من وسائل التعبير عن الرأي، إلا أن سلوك هذه الوسائل وممارسة هذا الحق مُقيَّد بضوابط تمنعها عن معارضة مقاصد الشريعة الإسلاميَّة.


وأهم هذه الضوابط:

1- ألا تخالف الشرع في نفسها؛ فإذا كانت الوسيلة مخالفة للأدلة الشرعية أو القواعد الكليّة فإنها تكون ممنوعة؛ كمن يستعمل المحرمات بقصد أن يتوب الناس مثلاً[27].

وهذا الضابطُ هو الذي يُميِّز أهل السُّنة عن غيرهم، وهذا هو الذي يكفُل البقاء على الجادة مُؤذِنًا بطاعة الله ورسوله، وليس نُبل المقصد وحسن الهدف مُسوِّغًا لمعصية الله ورسوله ومخالفة قواعد الشريعة، فإن ما خالفها ضرر وفساد ولا يترتب عليه مصلحة: ﴿ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].


وتأمَّل في كره النبي - صلى الله عليه وسلم - استعمال الناقوس للإعلام بدخول وقت الصلاة قبل الأمر بالأذان؛ لما فيه من مشابهة النصارى مع كون الهدف هو الدعوة إلى العبادة والاجتماع لها.


ففي (السنن) أنه لما كثُرَ الناس ذكروا أن يُعلِّموا وقت الصلاة بشيءٍ يجمعهم لها، فقالوا: لو اتخذنا ناقوسًا! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ((ذاك للنصارى)). فقالوا: لو اتخذنا بوقًا! قال: ((ذاك لليهود)). ثم أمر بالنداء للصلاة[28].


2- أن يكون المقصود من الوسيلة مشروعًا؛ فإن كان الغاية منها: الوصول لما هو ممنوع في الشرع؛ فإنه لا يجوز التوسل لها بأيَّة وسيلة، فمتى كان المراد من الوسيلة المعيَّنة الدعوة إلى باطل، أو نشر فكرٍ مُنحرِف، أو الوصول إلى غرضٍ فاسد؛ كانت الوسيلة محرمة.


قال ابن القيم - رحمه الله: "إذا حرَّم الرب - تعالى - شيئًا وله طرق ووسائل تُفضِي إليه؛ فإنَّه يُحرِّمُها ويمنع منها تحقيقًا لتحريمه وتثبيتًا له"[29].


عن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَنْ سنَّ في الإسلام سنَّة سيئةً فعليه وِزْرُها ووِزْرُ من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيئًا))[30].


وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - مرفوعًا: ((لا تُقتل نفسٌ ظُلمًا إلا كان على ابنِ آدم الأوَّل كِفْلٌ من دمها؛ لأنّه أول من سَنَّ القتل"[31].


فمن دعا لباطلٍ أثِمَ بذلك وكان عليه وِزْرُ من عمِلَ به، وكذا كل وسيلة مُوصلة للباطل؛ فإنه لا يسوغ سلوكها.


3- ألا يُباشِرَها مُعتقِدًا أن نفس مباشرتها قربة يتقرب بها إلى الله إلا إذا كانت عبادة نصَّ عليها الشارع، أما لو فعل الفعل المباح المؤدي للمصلحة مثلاً وهو يعتقد أنه قربة وطاعة فهو مخطئ.


قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله: ".. حقيقةُ السؤال: هل يُباحُ للشيخ أن يجعل هذه الأمور التي هي إما محرمة، أو مكروهة، أو مباحة قربةً، وعبادةً، وطاعةً، وطريقةً إلى الله يدعو بها إلى الله، ويُتوِّب العاصين..


ولو سُئِل العالم عمَّن يعدو بين جبلَيْن؛ هل يُباحُ له ذلك؟ قال: نعم. فإذا قيل له: إنه على وجه العبادة كما يسعى بين الصفا و المروة؟ قال: إن فعله على هذا الوجه حرامٌ ومُنكرٌ...


فمن فعل ما ليس بواجبٍ ولا مُستحبٌّ على أنَّه من جنس الواجب أو المُستحبُّ فهو ضالٌّ مُبتدِعٌ، وفِعلُهُ على هذا الوجه حرامٌ بلا ريب"[32].


وذلك أن العبادات توقيفية لا يُشرع منها إلا ما دلَّ عليه النص.


4- ألا يترتَّب على الأخذ بها مفسدة أكبر من المصلحة المقصودة منها؛ إذ درءُ المفاسدِ مُقدَّم على جلب المصالح، وقد نهى الله - تعالى - رسوله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين عن سبِّ آلهة المشركين وإن كان فيه مصلحة إلا أنه يترتَّب عليه مفسدة أعظم منها، وهي مقابلة المشركين بسبِّ إلهِ المؤمنين، قال - تعالى: ﴿ وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ [الأنعام: 108].


قال ابن عباس - رضي الله عنهما - في هذه الآية: "قالوا: يا محمد! لتنتهيَنَّ عن سَبِّك آلهتنا أو لنهجُونَّ ربك، فنهاهم الله أن يسُبُّوا أوثانهم"[33].


ومن ذلك: أن يحصل من سلوك الوسيلة زيادة فساد، أو إتلاف لنفسٍ معصومةٍ، أو مالٍ مُحترمٍ، أو كان مُسبِّبًا لفُرقة واختلاف، أو سببًا لتعصُّبٍ، أو نحو ذلك.


قال ابن القيم - رحمه الله: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - شَرَعَ لأمته إيجابَ إنكار المنكر ليحصل بإنكاره من المعروف ما يحبه الله ورسوله، فإذا كان إنكار المنكر يستلزمُ ما هو أنكر منه وأبغض إلى الله ورسوله؛ فإنه لا يسوغ إنكاره وإن كان الله يبغضه ويمقت أهله، وهذا كالإنكار على الملوك والولاة بالخروج عليهم، فإنه أساس كل فتنة وشر إلى آخر الدهر..


ومن تأمَّل ما جرى على الإسلام في الفتن الكبار والصغار رآها من إضاعة هذا الأصل وعدم الصبر على منكر فطلب إزالته فتولد منه ما هو أكبر منه؛ فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرى بمكة أكبر المنكرات ولا يستطيع تغييرها؛ بل لما فتح الله مكة وصارت دار إسلام عزم على تغيير البيت ورده على قواعد إبراهيم ومنعه من ذلك مع قدرته عليه خشية وقوع ما هو أعظم منه من عدم احتمال قريش لذلك لقرب عهدهم بالإسلام وكونهم حديثي عهد بكفر..


ولهذا لم يأذن في الإنكار على الأمراء باليد؛ لما يترتب عليه من وقوع ما هو أعظم منه كما وُجد سواء"[34].


وكذا ألا يترتب عليها فوات مصلحة أعظم ولو مع حصولِ مصلحةٍ أَقَلّ؛ إذ لا شك أن الشرع يطلب تحصيل المصالح الأعظم، ومن قواعد الشرع: "تحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أقلهما"[35].


وبعدُ:

فإن جميع ما سبق موازنةٌ فقهيةٌ، وتأمُّلاتٌ شرعيَّة بتفصيلٍ ارتضاه كاتبه، أمَّا الفتوى التي تبرأ بها الذِّمَم، وتُناطُ بها الأحكام فهي لمن تولاَّها موكولة، ولمن أُنِيطَت به متروكة.

اللهم ألهِمنَا رُشدَنا، وقِنَا شرَّ أنفسنا، وهَبْ لنا من لدنك رحمةً؛ إنك أنت الوهاب.


[1] تضمين من كتاب حقوق الإنسان في الإسلام، د/ سليمان الحقيل، ص 54.
[2] انظر : مجموع فتاوى ابن تيمية، 20/164.
[3] مجموع الفتاوى، (3/157).
[4] سنن أبي داود (3592)، سنن الترمذي (1327)، مسند أحمد (5/ 236)، مسند الطيالسي (559)، قال ابن حجر في التلخيص (4/182): (إسناده ضعيف)، وصححه الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه (1/189).
[5] تفسير القرآن العظيم، (4/206).
[6] الفقيه والمتفقه، للخطيب البغدادي، (1/392).
[7] انظر : بيان الدليل على تحريم التحليل، ص 250.
[8] يُطَل : يعني يلغى ويهدر.
[9] صحيح البخاري، رقم (5758)، صحيح مسلم، رقم (1681).
[10] إحكام الأحكام، لابن دقيق العيد، مع حاشيته العدة، (4/332).
[11] المادة الرابعة عشرة من قواعد المجلّة، وانظر : شرح القواعد الفقهيّة، للزرقا، ص 147.
[12] آداب البحث، للشيخ محمد الأمين الشنقيطي، (2/129).
[13] الموافقات، (4/167).
[14] تفسير القرطبي، (4/250).
[15] القواعد النورانية الفقهية، ص 151، 152.

[16] القواعد النورانية الفقهية، لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص 151، 152.
[17] الموافقات، (2/385).
[18] انظر : كلامًا للأستاذ محمد قطب حول (مؤتمر الإسلاميين والعلمانيين) في كتاب رؤية إسلامية لأحوال العالم المعاصر، ص 246، ونظيره في كتاب كيف ندعو الناس، ص 43، 72.
[19] مجموع الفتاوى، (28/198).
[20] مسند أحمد رقم 391، وهو مختصر في صحيح البخاري، رقم (3445)، صحيح مسلم، رقم (1691).
[21] مجموع الفتاوى، (20/257).
[22] صحيح مسلم، رقم 55.
[23] صدر عن منظمة المؤتمر الإسلامي في اجتماعها بالقاهرة في 14/1/ 1411هـ البيان الإسلامي العالمي لحقوق الإسلام، وتضمنت المادة الثانية والعشرون منه : (لكل إنسان الحق في التعبير بحريّة عن رأيه بشكل لا يتعارض مع المبادئ الشرعية، ولكل إنسان الحق في الدعوة إلى الخير و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفقًا لضوابط الشريعة الإسلامية.
[24] ممن ذهب إلى اعتبار أن وسائل الدعوة اجتهادية تراعى فيه مصلحة الدعوة مما لا يخالف الشرع : فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله -، كما في لقاء الباب المفتوح، 15/49.
[25] مختارات من الفتاوى السعديَّة، المسألة الثانية عشرة، ص 248.
[26] الاعتصام، (1/238).
[27] ومثل ما تناقلته وسائل الإعلام عن المظاهرة النسائية العارية!!
[28] سنن أبي داود، رقم 499، سنن الترمذي، رقم 189، وصحّحه، مسند أحمد، (4/43)، وإسناده صحيح.
[29] إعلام الموقعين، 3/135.
[30] صحيح مسلم، رقم 1017.
[31] صحيح البخاري، رقم 3335، صحيح مسلم، رقم 1677.
[32] مجموع الفتاوى، (11 /632، 634).
[33] تفسير ابن كثير، (2/165).
[34] إعلام الموقعين، (3/4).
[35] الاستقامة، (1/288)، مجموع الفتاوى، (28/129).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 74.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 72.36 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.25%)]