ولادة الصبح - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1174 - عددالزوار : 131203 )           »          3 مراحل لانفصام الشخصية وأهم أعراضها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          متلازمة الشاشات الإلكترونية: كل ما تود معرفته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          ما هي أسباب التعرق الزائد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          أضرار الوجبات السريعة على الأطفال: عواقب يُمكنك تجنبها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          الوقاية من القمل بالقرنفل: أهم الخطوات والنصائح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          علاج جفاف المهبل: حلول طبيّة وطبيعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          الوقاية من القمل في المدارس: دليل شامل للأهل والمعلم! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          الوقاية من التهاب الكبد: 9 خطوات بسيطة لصحة أفضل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الوقاية من الجلطات: دليلك الشامل لصحة أفضل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي
التسجيل التعليمـــات التقويم

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 16-10-2020, 05:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,857
الدولة : Egypt
افتراضي ولادة الصبح

ولادة الصبح


بدر الحسين




سُكونٌ ووُجومٌ يَلُفَّان أُفُقَ الكوْنِ بِمائِهِ ويابِسِهِ،


وَشَبَحُ الظَّلامِ يقترب من الأشياء، ويلامِسُها، وَيَتَغَلْغَلُ فيها،
ويزداد سواداً فَتَتَّحِدُ طبقاتُهُ، وتَتَماسَكُ خُيوطه ليسْدِلَ سِتارَةً سَميكَةً على الكوْن،


إنه ملعبُ الليل حيث يَصولُ وَيَجُولُ،
إنها النَّشْوَةُ والذُّرْوَة.


ومن بين ذلك الرُّكام طَفِقَ الجنينُ الصَّغير - على قِلَّةِ عَزْمِهِ وضعف حاله - يَتَمَلْمَلُ في رَحِمِ الكون لِيَطْرُدَ ما غَشِيَهُ ببُطءٍ شديد.


أجنِحَةُ الفارس بدأت تضعُف،
وخيوطُ الظلام هاهي تَنْجابُ عن جَبْهَةِ الوَليدِ المُنيرَةِ،
وها هي امتداداتُ العَتْم بدأت بالانكِماش.


في خِضَمِّ هذا الْمَخاضِ المُتَداخِل يَتَجَرَّأُ ضِياءُ الصُّبحِ فَيََنْسَلُّ من غِمْدِ اللَّيْل،
وتَصيحُ الدِّيَكَةُ مُعلنةً بَدْءَ الولادة،
وتخترق المآذنُ جُدرانَ الصَّمت،
فيستأنِسُ الجنينُ ويَتَشَجَّعُ ويصرخُ ويَتنَفَّسُ تنفُّساً ينشرُ الضِّياءَ والعَبيرَ إلى أَعالي الرُّبا،
وإلى دُروبِ الحقول و أعشاش الطُّيور..


إنها ولادة الصُّبح المنير...
إنها ساعةٌ من السَّحَرِ وَالتَّأَمُّلِ ما أروَعَها.
ساعَةٌ عَذراءُ يُكَلِّلُها الطُّهْرُ، ويَلُفُّها الصفاء، ويُزَيِّنُها النَّقاء.
ساعَةٌ هي أَشْبَهُ ما تكونُ بلقاء الأحِبَّة،
حيثُ يغازلُ الصُّبْحُ فيها أزرارَ الياسمين فَتَتفَتَّحُ، وأكْوامَ القشِّ فَتَلين، وسنابلَ القمح فتنحَني، وأوراقَ الأغصان فتطرَبُ وتتمايل.


إنه جَمالٌ رَبَّانِيٌّ صَاغَهُ الخالق عَزَّ وجلَّ.


جمالٌ تتحرَّك لأجلهِ الشمسُ من مَكانها فتشرقُ، وتُثَارُ الطيورُ من وُكناتها فَتنطلِقُ، ويَنْسابُ الظِّلُّ من رُقادِهِ فيمْتَدُّ.


إطلالَة ٌيتحوَّل فيها الشَّذا إلى ندى، والرِّياحُ إلى صَبا، والبراعمُ إلى زُهور، والهواءُ إلى عِطْرٍ تَعجِزُ أن تأتيَ بمثله مَصانعُ الغَربِ وأشجارُ بَخُورِ الشَّرْقِ.


ذلك العِطرُ خَضَّبَتْهُ تَراتيلُ الأَذانِ، وهَمساتُ الإيمان، وتَدَفُّقُ مياهِ الغُدران.


عِطرٌ يعرفُه المشَّاؤونَ في الظُّلُمات، والفَلاَّحونَ في الرَّبوات.


هذا الصباحُ هو اليُسْرُ والفَرَجُ، هو الرَّحمَةُ والرضا.


فمهما طال ليلُكَ يا أيها المهموم، فلا بُدَّ من أن يأتيَ الصباحُ النَّديُّ ببشائرِ الخير.
ومهما تأخَّرَ شِفاؤُكَ يا أيها المريضُ فاعلم أنَّ كفَّ الرَّحمة تحملهُ إليك.


فلا تتَعَجَّل - يا أُخَيَّ - مَجيءَ الفَرَجِ وقدومَ البَشائِرِ؛ لأن الله عادلٌ ورحيمٌ.
وثِقْ أنه جَلَّ جَلالُهُ لن يحرمَكَ من ساعـةِ فَرَحٍ تغسلُ شُحُوبَ الحزنِ، ورُكامَ الألَمِ،
وتحوِّلُ الدموعَ الساخنـةَ التي ألهبَتْ صَفَحاتِ خَدَّيـكَ إلى قَطَراتِ غَيْثٍ تُنْبِتُ الكلأَ في رياض نفسك،
ليتحوَّلَ خَريفُ قَلبِكَ إلى ربيعٍ يَنشُرُ الفَرَحَ والجَمالَ على امتِدادِ خَريطَةِ رُوحِكَ الزَّكِيَّة.


واعلَم يا من أَدارَ ظَهْرَهُ للأمَلِ أنَّ مع العُسر يُسْرَين،
واعلَم أن أَعْذبَ المياه تلك التي تَنْبَجِسُ من أصْلَبِ الحجارَة،
وأن الصَّخْرَ الأصَمَّ هُوَ خيرُ مكانٍ لزراعة أَلَذِّ وأشهى الأشجار ثمراً.


وَرَحِمَ اللهُ الشاعرَ الذي قالَ:

ما بين غَمْضَةِ عين وانتباهتها يُغَيِّرُ الله من حالٍ إلى حالِ





والآخَرَ الذي قالَ :

فلا الغَيمُ يَبقى طَوالَ الفُصولِ ولا البَدرُ دَوماً يُنيرُ الفَضاءْ
فبِالصَّبرِ كُنتُ أُداوي الجرُوحَ وبالأمَلِ العَذْبِ أُخْفي البُكاءْ





فالصَّبْرُ دَأبُ الحكماء، ودَيدَنُ الأنبياء.
والأَناةُ مَركَبُ العُقَلاء، وسَبيلُ الحُصَفاء.


وعَدَم الشَّكوى لغير الله مَنهَجُ الأتقِياء،
والتسليم لله خَيرُ سُلْوان، وراحةٌ للأبدان.


إنَّ معَ العُسر يُسراً، إنَّ مع العُسْر يُسْراً.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 68.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 66.31 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.53%)]