|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() مناسبة ذكر الرحمن مع ذكر العذاب في قوله تعالى: (يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن) محمد حباش بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد، فقد قال الله تعالى حاكيًا عن نبيه إبراهيم عليه السلام: ﴿ يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا ﴾ [مريم: 45]. فما مناسبة ذكر الرحمن - المتصف بالرحمة - مع ذكر العذاب؟ إن كان في الدنيا، فهو استدراج بالنِّعم، كقوله تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا ﴾ [مريم: 75]، وكقوله تعالى: ﴿ وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ﴾ [الزخرف: 33]، وهذا كلُّه عذاب في الدنيا، كقوله تعالى: ﴿ فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾ [التوبة: 55]. وإن كان في الآخرة، ففيه إشارة إلى أنَّ العصيان يقتضي العذاب ممن هو موصوف بالرحمة الكاملة؛ فإنَّ كمال الرحمة على المطيعين لا ينافي كمال الغضب على العاصين، فأراد إبراهيم عليه الصلاة والسلام أن يعلم أباه أنه مَن أصابه العذاب من الرحمن - الذي وسعت رحمته كل شيء - فإن هذا يدل على أنه ليس فيمن عذَّبه الرحمن ذرة تستحق الرحمة؛ إذ لو كان فيه موجب للرحمة، لرَحِمه. وفيه تعظيم أمر الكفر الذي كان عليه أبوه؛ لأنَّ من عظمت رحمته وعمَّت، لا يُعذِّب إلا على أمر عظيم بالغ القبح، فنبَّه على عِظَم ما عليه أبوه من الكفر، ورجاء قبول توبته من الرحمن، ولئلا يغتر بسعة رحمة الله في الاجتراء على معصيته، وذلك أبلغ في التهديد؛ كقوله تعالى: ﴿ فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ﴾ [الأنعام: 147]، ولم يقل: ذو عقوبة شديدة؛ فمعناه: لا تغتروا بسعة رحمة الله؛ فإنَّه - مع ذلك - لا يُردُّ عذابُه عن المجرمين، فمن أوصل نفسه إلى عذابِ مَن كانت صفته الرحمة، فلا يلومنَّ إلا نفسَه. ويقول الله تعالى في الحديث القدسي: ((يا عبادي، إنما هي أعمالكم، أحصيها لكم ثم أوفِّيكم إياها؛ فمن وجد خيرًا، فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك، فلا يلومنَّ إلا نفسه))؛ رواه مسلم. وبالله التوفيق لا رب غيره.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |