هو الموت - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         مشكلات التربية في مرحلة الطفولة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 14071 )           »          اللامساواة من منظور اقتصادي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          الشرق والغرب منطلقات العلاقات ومحدداتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 63 - عددالزوار : 34553 )           »          من الانتماء القبلي إلى الانتماء المؤسسي: تحولات الهوية والثقة في المجتمع الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          القواعد الشرعية المستنبطة من النصوص الواردة في اليسر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          خلاف العلماء في ترتيب الغسل بين أعضاء الوضوء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          مدارس أصول الفقه: تأصيل المناهج والمدارس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          تخريج حديث: اتقوا الملاعن الثلاثة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          الحديث التاسع: الراحمون يرحمهم الرحمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الآيات الإنسانية في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 02-07-2020, 04:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,798
الدولة : Egypt
افتراضي هو الموت

هو الموت


الشيخ عبدالله بن محمد البصري







أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ، وَالاستِعدَادِ لِمَا لا بُدَّ لَكُم مِنهُ، وَالتَّأَهُّبِ لِمَا لَيسَ مِنهُ مَفَرٌّ وَلا مَهرَبٌ، أَتَدرُونَ مَا الَّذِي لا بُدَّ مِنهُ وَلا مَحِيصَ عَنهُ، إِنَّهُ المَوتُ. أَجَلْ، إِنَّهُ المَوتُ، غَايَةُ كُلِّ مَخلُوقٍ، وَنِهَايَةُ كُلِّ مَوجُودٍ، وَسُنَّةُ اللهِ المَاضِيَةُ في كُلِّ حَيٍّ، قَالَ سُبحَانَهُ : ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ﴾ [الزمر: 30، 31] وَقَالَ جَلَّ وَعَلا : ﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ﴾ [الأنبياء: 34] وَقَالَ تَعَالى :﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 15، 16]





تَأَهَّبْ لِلَّذِي لاَ بُدَّ مِنهُ

فَإِنَّ المَوتَ مِيعَادُ العِبَادِ


• • •



هُوَ المَوتُ مَا مِنهُ مَلاذٌ وَمَهرَبُ

مَتى حُطَّ ذَا عَن نَعشِهِ ذَاكَ يَركَبُ



نُشَاهِدُ ذَا عَينَ اليَقِينِ حَقِيقَةً

عَلَيهِ مَضَى طِفلٌ وَكَهلٌ وَأَشيَبُ



وَلَكِنْ عَلا الرَّانُ القُلُوبَ كَأَنَّنَا

بما قَد عَلِمنَاهُ يَقِينًا نُكَذِّبُ



نُؤَمِّلُ آمَالاً وَنَرجُو نِتَاجَهَا

وَعَلَّ الرَّدَى مِمَّا نُرَجِّيهِ أَقرَبُ



وَنَبني القُصُورَ المُشمَخِرَّاتِ في الهَوَا

وَفي عِلمِنَا أَنَّا نَمُوتُ وَتَخرَبُ



إِلى اللهِ نَشكُو قَسوَةً في قُلُوبِنَا

وَفي كُلِّ يَومٍ وَاعِظُ المَوتِ يَندِبُ






المَوتُ يَا عِبَادَ اللهِ أَمرٌ كُبَّارٌ، وَكَأسٌ بَينَ النَّاسِ تُدَارُ، تَسُوقُ إِلَيهِ يَدُ الأَقدَارِ، وَيَخرُجُ بِصَاحِبِهِ إِمَّا إِلى الجَنَّةِ وَإِمَّا إِلى النَّارِ، إَنَّهُ هَادِمُ اللَّذَّاتِ، وَمُفَرِّقُ الجَمَاعَاتِ، قَاطِعُ الأَسبَابِ، وَمُغَيِّبُ الأَحبَابِ، وَمُودِعُ الأَجسَامِ التُّرَابَ إِلى يَومِ الحَسَابِ. جَعَلَهُ اللهُ طَرِيقَ نَجَاةٍ لأَولِيَائِهِ الأَتقِيَاءِ، وَمَورِدَ هَلاكٍ لأَعدَائِهِ الأَشقِيَاءِ، تُذَلُّ بِهِ رِقَابُ الجَبَابِرَةِ، وَتُكسَرُ ظُهُورُ الأَكَاسِرَةِ، وَتُقصَرُ آمَالُ القَيَاصِرَةِ. في الصَّحِيحَينِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مُرَّ عَلَيهِ بِجَنَازَةٍ فَقَالَ: " مُستَرِيحٌ وَمُستَرَاحٌ مِنهُ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا المُستَرِيحُ وَالمُستَرَاحُ مِنهُ؟! فَقَالَ: " العَبدُ المُؤمِنُ يَستَرِيحُ مِن نَصَبِ الدُّنيَا، وَالعَبدُ الفَاجِرُ يَستَرِيحُ مِنهُ العِبَادُ وَالبِلادُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ " وَعَن أَبي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا وُضِعَتِ الجَنَازَةُ فَاحتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعنَاقِهِم، فَإِن كَانَت صَالِحَةً قَالَت: قَدِّمُوني، وَإِن كَانَت غَيرَ صَالِحَةٍ قَالَت لأَهلِهَا: يَا وَيلَهَا، أَينَ يَذهَبُونَ بها؟ يَسمَعُ صَوتَهَا كُلُّ شَيءٍ إِلاَّ الإِنسَانَ، وَلَو سَمِعَ الإِنسَانُ لَصَعِقَ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ.



عِبَادَ اللهِ، إِنَّ تَأَمُّلَ سَكَرَاتِ المَوتِ وَرُؤيَةَ المُحتَضَرِينَ، وَشُهُودَ الجَنَائِزِ وَزِيَارَةَ القُبُورِ، وَتَذَكُّرَ صُورَةِ المَيِّتِ بَعدَ مَمَاتِهِ، يَقطَعُ عَلَى النُّفُوسِ لَذَّاتِهَا، وَيَطرُدُ عَنهَا مَسَرَّاتِهَا، وَيُوقِظُ القُلُوبَ مِن سُبَاتِهَا وَغَفَلاتِهَا، وَيَزجُرُهَا عَنِ التَّمَادِي في غَيِّهَا وَشَهَوَاتِهَا. الأَيَّامُ تَمضِي مُسرِعَةً، وَحَوَادِثُ اللَّيالي مُوجِعَةٌ، وَمُعظَمُ النَّاسِ عَمَّا يَصِيرُونَ إِلَيهِ في غَفلَةٍ، عَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: بَينَمَا نَحنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَبصَرَ بِجَمَاعَةٍ فَقَالَ: " عَلامَ اجتَمَعَ عَلَيهِ هَؤُلاءِ؟ " قِيلَ: عَلَى قَبرٍ يَحفِرُونَهُ، قَالَ: فَفَزِعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَبَدَرَ بَينَ يَدَي أَصحَابِهِ مُسرِعًا، حَتى انتَهَى إِلى القَبرِ فَجَثَا عَلَيهِ، قَالَ: فَاستَقبَلتُهُ مِن بَينِ يَدَيهِ لأَنظُرَ مَا يَصنَعُ، فَبَكَى حَتى بَلَّ الثَّرَى مِن دُمُوعِهِ، ثم أَقبَلَ عَلَينَا، قَالَ: " أَيْ إِخوَاني، لِمِثلِ اليَومِ فَأَعِدُّوا " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. أَجَلْ أَيُّهَا المُسلِمُونَ إِنَّ الحَيَاةَ مَوقُوتَةٌ وَالأَنفَاسَ مَعدُودَةٌ، وَالأَيَّامَ مَحدُودَةٌ وَالنَّهَايَةُ آتِيَةٌ حَتمًا، سَيَمُوتُ الصَّالِحُونَ وَالطَّالِحُونَ، وَسَيَذهَبُ المُتَّقُونَ وَالمُذنِبُونَ، وَسَيَقضِي المُجَاهِدُونَ وَالأَبطَالُ النُّجَبَاءُ، وَسَيَرحَلُ القَاعِدُونَ وَالأَرَاذِلُ الجُبَنَاءُ، وَسَيَفنى الشُّرَفَاءُ الَّذِينَ يَعِيشُونَ لِلآخِرَةِ، وَسَيُوَلِّي الحَرِيصُونَ الَّذِينَ يَعِيشُونَ لِحُطَامِ الدُّنيَا، كُلٌّ سَيَرحَلُ وَيَمضِي وَيَمُوتُ، إِلاَّ ذُو العِزَّةِ وَالمُلكِ وَالجَبَرُوتِ. قَالَ سُبحَانَهُ : ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾ [آل عمران: 185] وَقَالَ جَلَّ في عُلاهُ : ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 26، 27] وَقَالَ جَلَّ شَأنُهُ : ﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ﴾ [القصص: 88] إِنَّهَا الحَقِيقَةُ الَّتي لا مَهرَبَ مِنهَا وَلا مَفَرَّ، وَلا مَنجَى مِنهَا طَالَ الزَّمَانُ أَم قَصُرَ ﴿ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الجمعة: 8] نَعَم أَيُّهَا المُسلِمُونَ كُلُّ بَاكٍ سَيُبكَى، وَكُلُّ نَاعٍ سَيُنعَى، وَكَلُّ مَذخُورٍ سَيَفنَى، وَكُلُّ مَذكُورٍ سَيُنسَى، مَن عَاشَ مَاتَ، وَمَن مَاتَ فَاتَ، لا سَبِيلَ لِلخُلُودِ في هَذِهِ الحَيَاةِ، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ آتٍ.



عِبَادَ اللهِ، إِنَّ المَوتَ لَهُوَ أَعظَمُ المَصَائِبِ وَأَشَدُّ النَّوَائِبِ، كَفَى بِالمَوتِ وَاعِظًا وَزَاجِرًا، فتَذَكَّرُوا المَوتَ وَسَكَرَاتِهِ، وَالقَبرَ وَظُلُمَاتِهِ، تَذَكَّرُوا سَاعَةً تَنكَشِفُ فِيهَا الحَقَائِقُ، وَتَتَقَطَّعُ فِيهَا العَلائِقُ، وَيُعرَفُ فِيهَا المَصِيرُ إِمَّا إِلى نَعِيمٍ مُقِيمٍ، وَإِمَّا إِلى عَذَابٍ دَائِمٍ ﴿ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيتَني قَدَّمتُ لِحَيَاتِي ﴾ [الفجر: 23 - 24] كَم ظَالِمٍ تَعَدَّى وَجَارَ، وَعَقَدَ عُقَدَ الإِصرَارِ، فَمَا رَاعَى الأَهلَ وَلا الجَارَ، حَلَّ بِهِ المَوتُ فَكَأَنَّهُ مَا صَارَ ﴿ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [الحشر: 2] كَم مِن مَغرُورٍ خَرَجَ مِن دُنيَاهُ بِالكَفَنِ، فَذُهِبَ بِهِ إِلى بَيتِ البِلَى وَالدُّودِ وَالعَفَنِ، فَآهٍ لَو رَأَيتَهُ قَد حَلَّت بِهِ المِحَنُ، وَتَغَيَّرَ ذَلِكَ الوَجهُ الحَسَنُ، لَيتَ شِعرِي بَعدَ المَوتِ أَينَ تَذهَبُ؟! رَحِمَ اللهُ مَنِ اعتَبَرَ وَتَأَهَّبَ، أَينَ كَثِيرُ المَالِ وَطَوِيلُ الأَمَلِ؟! أَمَا خَلا كُلٌّ في لَحدِهِ مَعَ العَمَلِ؟! أَينَ مَن تَنَعَّمَ في قَصرِهِ؟! أَلَيسَ قَد نَزَلَ في قَبرِهِ؟! آهٍ لَو تَعلَمُ كَيفَ غَدَا وَصَارَ؟! لَقَد سَالَ في اللَّحدِ صَدِيدُهُ، وَبَلَى في القَبرِ جَدِيدُهُ، وَهَجَرَهُ حَبِيبُهُ وَوَدِيدُهُ، أَينَ تِلكَ المَجَالِسُ العَالِيَةُ؟! أَينَ تِلكَ العِيشَةُ الصَّافِيَةُ؟! خَلا وَاللهِ بما صَنَعَ، وَمَا أَنقَذَهُ النَّدَمُ وَمَا نَفَعَ، فَانتَبِهُوا مِن رُقَادِكُم قَبلَ الرَّدَى ﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ﴾ [القيامة: 36] إِنَّمَا هِيَ جَنَّةٌ أَو نَارٌ ﴿ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [الحشر: 2] أَينَ النُّفُوسُ المُستَعِدَّةُ؟! أَينَ المُتَأَهِّبُونَ قَبلَ الشِّدَّةِ؟! أَينَ المُتَيَقِّظُونَ قَبلَ انقِضَاءِ المُدَّةِ؟! ﴿ كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ * وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ ﴾ [القيامة: 26 - 30] ﴿ فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ * فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ﴾ [الواقعة: 83 - 96].



يَا أَبنَاءَ العِشرِينَ، كَم مَاتَ مِن أَقرَانِكُم وَتَخَلَّفتُم؟! يَا أَبنَاءَ الثَّلاثِينَ، أَدرَكتُمُ الشَّبَابَ فَمَا تَأَسَّفَتُم؟! يَا أَبنَاءَ الأَربَعِينَ، ذَهَبَ الصِّبَا وَأَنتُم عَلَى اللَّهوِ قَد عَكَفتُم! يَا أَبنَاءَ الخَمسِينَ، اِنتَصَفَتِ المِئَةُ وَمَا أَنصَفتُم! يَا أَبنَاءَ السِّتِّينَ، هَيَّا إِلى الحَسَابِ فَأَنتُم على المَوتِ قَد أَشرَفتُم! يَا أَبنَاءَ السَّبعِينَ، مَاذَا قَدَّمتُم وَمَاذَا أَخَّرتُم؟! يَا أَبنَاءَ الثَّمَانِينَ، لا عُذرَ لَكُم فَقَد أَعذَرتُم! تَذَكَّرُوا أَقرَانَكُمُ الَّذِينَ مَضَوا قَبلَكُم، كَيفَ تَرَمَّلَت نِسَاؤُهُم، وَتَيَتَّمَ أَولادُهُم، وَقُسِّمَت أَموَالُهُم، وَخَلَت مِنهُم مَسَاجِدُهُم وَمَجَالِسُهُم، وَانقَطَعَت آثَارُهُم، وَأَنتُم عَلَى الطَّرِيقِ تَسِيرُون، وَيُوشِكُ أَن تَصِلُوا، وَوَاللهِ لَن تَخرُجَ الأَروَاحُ مِنَ الدُّنيَا حَتى تَسمَعَ إِحدَى البُشرَيَينِ: إِمَّا بِالنَّارِ أَوِ الجَنَّةِ، فَإِن أَرَدتُم حُسنَ الخِتَامِ، فَإِيَّاكُم وَالتَّسوِيفَ وَطُولَ الأَمَلِ، وَالزَمُوا الاستِقَامَةَ وَأَحسِنُوا العَمَل ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ [فصلت: 30 - 32]



الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281] ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [الحشر: 18 - 20].



عِبَادَ اللهِ، نَحنُ اليَومَ في الدُّورِ وَالقُصُورِ، وَغَدًا سَنَكُونُ مِن سُكَّانِ اللُّحُودِ وَالقُبُورِ، وَوَاللهِ لَيَبِيتَنَّ أَحَدُنَا في القَبرِ وَحدَهُ، وَلَيُبَاشِرَنَّ التُّرَابُ خَدَّهُ، وَلَيَبقَيَنَّ رَهِينَ عَمَلِهِ، فَاعتَبِرُوا بِمَن مَاتَ قَبلَكُم، وَلْيَسأَلْ كُلٌّ مِنكُم نَفسَهُ: هَل هُوَ رَاضٍ عَن حَالِهِ؟ وَهَل هُوَ مُستَعِدٌّ لِلمَوتِ لَو أَتَاهُ اليَومَ أَو غَدًا؟! أَلسُنٌ تَنطِقُ بِالآثَامِ، وَأَيدٍ تُمَدُّ إِلى الحَرَامِ، وَأَقدَامٌ تَسعَى في الإِجرَامِ، كَيفَ غَفَلْنَا عَن قَولِ رَبِّ الأَنَامِ ﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يس: 65] أَلا فَخُذُوا وَصِيَّةَ نَبِيِّكُم قَبلَ فَوَاتِ الأَوَانِ، فَقَد قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: " اِغتَنِمْ خَمسًا قَبلَ خَمسٍ: شَبَابَكَ قَبلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبلَ فَقرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبلَ شُغلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبلَ مَوتِكَ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 85.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 83.86 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.01%)]