|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ ﴾ د. أحمد خضر حسنين الحسن قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 7، 8]. في مواطن عدة من القرآن الكريم نجد سردًا لإنكار المشركين لبشرية الرسل، ثم نجد الرد عليهم بما يسكتهم، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى ﴾ [يوسف: 109]، وقوله: ﴿ وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا ﴾ [الإسراء: 94]، وقوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [التغابن: 6]. وقد جاء الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم والرد على هذه الشبهة المتكررة عبر تاريخ البشر، ألا وهي استحالة أن يرسل الله تعالى رسولًا من البشر، فقال تعالى: ﴿ وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ ﴾، وإليك بيانها: الآية الأولى: ♦ قوله تعالى: ﴿ وَما أَرْسَلْنا قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ ﴾: أي: وما أرسلنا من قبلك أيها الرسول الكريم لهداية الناس وإرشادهم إلى الحق إلا رجالًا مثلك، وقد أوحينا إليهم بما يبلغونه إلى أقوامهم، من نصائح وتوجيهات وعبادات وتشريعات، وقد لقي هؤلاء الرسل من أقوامهم، مثل ما لقيت من قومك من أذى وتكذيب وتعنُّت في الأسئلة. فالمقصود من الآية الكريمة تسلية النبي صلى الله عليه وسلم، والرد على المشركين فيما أثاروه حوله صلى الله عليه وسلم من شبهات. ♦ قوله تعالى: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾: قال الشيخ السعدي: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ْ ﴾ أي: الكتب السابقة ﴿ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ْ ﴾ نبأ الأولين، وشككتم هل بعث الله رجالا؟ فاسألوا أهل العلم بذلك الذين نزلت عليهم الزبر والبينات فعلموها وفهموها، فإنهم كلهم قد تقرر عندهم أن الله ما بعث إلا رجالا يوحي إليهم من أهل القرى، وعموم هذه الآية فيها مدح أهل العلم، وأن أعلى أنواعه العلم بكتاب الله المنزل. فإن الله أمر من لا يعلم بالرجوع إليهم في جميع الحوادث، وفي ضمنه تعديل لأهل العلم وتزكية لهم حيث أمر بسؤالهم، وأن بذلك يخرج الجاهل من التبعة، فدل على أن الله ائتمنهم على وحيه وتنزيله، وأنهم مأمورون بتزكية أنفسهم، والاتصاف بصفات الكمال. وأفضل أهل الذكر أهل هذا القرآن العظيم، فإنهم أهل الذكر على الحقيقة، وأولى من غيرهم بهذا الاسم. ♦ وفي قوله تعالى: ﴿ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ﴾: إيماء إلى أنهم كانوا يعلمون أن الرسل لا يكونون إلا من البشر، ولكنهم قصدوا بإنكار ذلك الجحود والمكابرة، والتمويه لتضليل الجهلاء، ولذا جيء في الشرط بحرف «إن» المفيد للشك، وجواب الشرط لهذه الجملة محذوف، دل عليه ما قبله؛ أي: إن كنتم لا تعلمون، فاسألوا أهل الذكر. الآية الثانية: قوله تعالى: ﴿ مَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ ﴾: في هذه تأكيد لهذه الحقيقة، وهي كون الرسل من البشر، والضمير في جَعَلْناهُمْ يعود إلى الرسل، والجسد مصدر جسد الدم يجسد: إذا التصق بغيره، وأطلق على الجسم جسد، لالتصاق أجزائه بعضها ببعض؛ أي: وما جعلنا الرسل السابقين عليك يا محمد أجسادًا لا تأكل ولا تشرب كالملائكة، وإنما جعلناهم مثلك يأكلون ويشربون ويتزوجون ويتناسلون، ويعتريهم ما يعتري البشر من سرور وحزن، ويقظة ونوم، وغير ذلك مما يحسه البشر، وما جعلناهم أيضًا خالدين في هذه الحياة بدون موت، وإنما جعلنا لأعمارهم أجلًا محددًا تنتهي حياتهم عنده بدون تأخير أو تقديم؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ﴾ [الزمر: 30، 31]. قال العلماء وفي الآية دليل على وجوب الرجوع إلى أهل العلم فيما لا يعلم، وعلى أن الرسل جميعًا كانوا من الرجال، ولم يكن من بينهم امرأة قط.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |