أسباب الانحطاط وسبيل النجاة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4509 - عددالزوار : 1299779 )           »          تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 774 - عددالزوار : 117932 )           »          المسيح ابن مريم عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 3638 )           »          قسمة غنائم حنين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          الوجه المشرق والجانب المضيء لطرد المسلمين من الأندلس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          القرآن يذكر غزوة حنين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          مشاهد من معركة حنين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          غزوة هوازن "حنين" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الإمام الأوزاعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          ليلة هي من أقسى ليالي الدنيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 12-03-2020, 03:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,138
الدولة : Egypt
افتراضي أسباب الانحطاط وسبيل النجاة

أسباب الانحطاط وسبيل النجاة


د. محمد سعيد السيوطي





ذكرت في المقالة الثانية أن الدواء الشافي لجميع ما انتاب الأمة الإسلامية من الأدواء هو الرجوع إلى تعاليم الدين الصحيحة المجردة عن البدع الضارة والأهواء الفاسدة، وبينت لزوم جعل التعليم الديني الابتدائي إجبارياً، وهذا يجب أن يكون في مدارس الحكومة والمدارس الأهلية على السواء، ويجب على الأمة أن تقوم بافتتاح مدارس ابتدائية دينية بعدد كاف لتعليم أبناء الأمة بأسرها ذكوراً وإناثاً، ما يحتاجون إليه في جميع أدوار حياتهم من الدروس الفقهية والعقيدة والأخلاق، ثم يعنى بإنشاء مدارس ثانوية شرعية وكليات دينية لتدريج الطالبين في مدارج الرقي، حتى ينشأ منهم فقهاء متشرعون، وعلماء عاملون، وقضاة عادلون، وأهل فتوى مستقيمون، ووعاظ ومرشدون وخطباء مفوهون، وأئمة مستقيمون، فيملأون الفراغ المشهود، ويحققون للأمة الرقي المنشود.





وبهذه الطريقة فقط يمكن إعداد رجال المستقبل وإخراج شباب مثقف محلى بمكارم الأخلاق والإيمان الكامل والعقيدة الصحيحة.





هذه الطريقة وحدها هي التي تعيد للأمة الحياة المادية والأدبية، وتنفخ فيها روح التضحية في سبيل حفظ الأوطان، والعمل لخير الإنسانية العام، فتنقشع إذ ذاك سحب الأوهام، وتطلع شمس الإسلام وتنثر أشعتها، فيستنير بها كل من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، وتحيا بها الأنفس وتنفتح بها مغالق الأفهام، وتظهر بأنوارها طريق توصل سالكيها إلى سعادة الدارين، وينمحي بذلك ما سجل على الأمة من عار الذل والخنوع والحيرة في مهامه الجهل، قال الله تعالى: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾ [يوسف: 108]، ويقوم مقام ما ذكرنا العز والسطوة والجاه والمنعة وتعود الأمة سيرتها الأولى.





هذا ما يتعلق بإعداد الناشئة، وهو بمثابة الأساس للبناء، ويظل واجب آخر وهو تقويم ما اعوج من أخلاق الشبان والكهول والشيوخ، وهو بمثابة ترميم البناء، وذلك يكون بإلقاء محاضرات عامة، وتوزيع نشرات مفيدة، وإصلاح خطابة المساجد في الجمعات، والرجوع بها إلى ما كانت عليه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين، فتلقى حسب الوقائع والظروف واحتياج الأمة، لتحقق ما وضعت له، وشرعت لأجله من توجيه الأمة وجهة واحدة، وتنبيه أفكارها لمصالحها ومنافعها وحفظ كيانها ودرء الأخطار عنها، وتمتين أواصر الاتحاد وروابط الألفة والتحابب بين أفرادها، وكافة طبقاتها، وبث مبادئ التعاون والتراحم بينها، وجمع الكلمة على العمل لحفظ بيئة الدين وإقامة حدوده المعطلة والعمل بنظمه وقوانينه القيمة، والإعراض عن سواها مما لا يضارعها ولا يدانيها، وبذلك ينقطع دابر الفساد وتحل الصلة محل التقاطع، ويتم التعارف بين الغني والفقير، فيعين الأول الثاني بماله وجاهه، ويخدم الثاني الأول بجسمه وروحه، ويتصافحان بأيد نقية، وقلوب ملؤها المحبة والإخلاص، ويتفاني كل فرد في خدمة المصلحة المشتركة الوطنية العامة، فقد ورد أن (حب الوطن من الإيمان)، وإنه لا يكون حب الوطن في المسلم حقيقياً إذا لم يكن إيمانه كاملاً كما قال المصلح المجاهد الكبير أمير البيان شكيب أرسلان، متع الله الأمة بحياته وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء (في المسجد الأموي في حلب)، وهي حقيقة لا غبار عليها، فالدين الإسلامي محا الأثرة والأرستوقراطية وأحل محلها الديمقراطية والشعبية، وإلى هذه القاعدة أشار عليه الصلاة والسلام بقوله: "اللهم أحيني مسكيناً، وأمتني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين"، وترك للأمة أمر اختيار إمامها وأميرها، وقد فاه بنظير ذلك زعيم الأمة العربية الأكبر الحكيم الشهبندر أطال الله بقاءه وحفظه وتولاه (في الحفلة التكريمية) التي أقامها له السيد الفاضل الأستاذ هاني الجلاد في داره العامرة قائلاً: (أنا من الشعب ومع الشعب وإلى الشعب)، وهذا شأن كل مصلح موفق، لا يرتفع عن الشعب، بل يحصر همته في خدمة الشعب، ويعمل لخير الشعب، ويحافظ على مصالح الشعب، ويعمل على إنهاضه وإسعاده بشتى الوسائل، وهذا هو تحقيق "حب الوطن"، ويؤيد هذا ما ورد من الأحاديث الشريفة النبوية كقوله عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) و(المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً). وورد أن (على المسلم أن يرد على أخيه المسلم ضيعته) أي عليه أن يشاركه في معيشته وينفق عليه حين الحاجة، وهذا مبدأ اشتراكي إنساني معتدل تتحقق بالعمل به سعادة المجتمع الإنساني بل والبشري بأسره.





وعلى الأمة أن تفتح غرفات ليلية لتعليم الأميين القراءة والكتابة، لأن الجهل مرض من أكبر الأمراض لا ينفع في شفائه سوى نور العلم، ولو عمل إحصاء دقيق لما يقترف من الجنايات والتعديات التي لا تعد مما جعل دور العدل والحكم تضيق بأرباب الدعاوي والخصومات، لظهر أن السبب لها هو الجهل الديني والأخلاقي الذي يدفع صاحبه للإباحة، ويضعف فيه القوى المفكرة، فيعتدي على حقوق غيره، وكذلك فإن الجهل يجعل صاحبه ضعيف الحيلة، مما يمكن المتعلمين (المتفننين بحياكة الشباك) أن يوقعوه بشباكهم، فريسة طيبة، وغنيمة باردة.





نعم إن الجهل ضعف والعلم قوة، فإن لم يكن العالم مزيناً بأخلاق حسنة تؤهل صاحبها لعمل الخير، فإن قوة العلم تسوقه لابتكار أساليب الإجرام واقتراف الآثام.





نعم بتعليم الأميين ونشر الفضيلة يمكن اجتثاث جذور الشرور والمفاسد، وتحويل كثير من المجرمين (إن لم نقل أكثرهم) عن طريق الفساد إلى طريق الرشاد، بتهذيبهم بالآداب والأخلاق الإسلامية، وتعليمهم ما يحتاجون إليه من العقائد الصحيحة، والمعلومات المستقيمة، والعبادات المطلوبة. وبتفقيههم في الدين، يتم سلوكهم الصراط المستقيم، ويتصفون بقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [فصلت: 30]. وبهذه الطريقة الوقائية الخلقية الاجتماعية، تتوفر على الحكومة أموال طائلة تصرف على ميزانية المحاكم وعلى دور الأمن والشرطة والدرك بلا جدوى، بل بدون ذلك يتزايد الإجرام سنة فسنة، بنسبة مطردة لأنه لا يوجد رادع ووازع شرعي يوقف أرباب الحقوق عند حدودهم، ولا مانع نفساني تهذيبي يمنع وقوع التعديات.





فهذا هو الداء قد وصفته وبينته، فهل تكفي معرفته فقط؟ كلا، إن المريض إذا لم يشر علاجه ويتعاطاه، إذا لم يدفع ثمنه ويتناوله، فإنه ربما يقضي متأثراً من مرضه.





فإذا وافقت الأمة واجتمعت الكلمة على لزوم مداواة مرض الأمة الإسلامية فعليها أن تهيئ ثمنه، وهذا هو المال اللازم لتأسيس مدارس ابتدائية شرعية ومدارس ثانوية وكلية دينية، وسبيلها برأيي المساهمة تحت رعاية جمعية مخلصة كالتمدن الإسلامي، فأين العاملون؟






المصدر: مجلة التمدن الإسلامي، السنة الثالثة، العدد الثالث، 1356هـ - 1937م


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 73.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 71.31 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.35%)]