الإقناع لمن استدل بـ (من سن) على الابتداع - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1201 - عددالزوار : 133623 )           »          سبل تقوية الإيمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          إقراض الذهب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          حكم المصلي إذا عطس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          فقه الاحتراز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          سُنّة: عدم التجسس وتتبع عثرات الناس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          القراءة في فجر الجمعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          الصلاة قرة عيون المؤمنين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          إلى القابضين على جمر الأخلاق في زمن الشح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الأخوة في الدين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 11-03-2020, 02:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,904
الدولة : Egypt
افتراضي الإقناع لمن استدل بـ (من سن) على الابتداع

الإقناع لمن استدل بـ (من سن) على الابتداع











خلدون بن محمود بن نغوي الحقوي






مقدمة:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.






أما بعد:


فإني كنت منذ زمن طويل - وإلى الآن - أتطلع إلى خدمة دين الله تعالى، وإلى أن يكون لي سبب إلى رضاه تعالى في حياتي وبعد مماتي، ومن ذلك أن أكون أحد جنود الإسلام المدافعين عنه باليد واللسان، عاملًا بقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا مات الإنسان، انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة أشياء: من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) [1].





وأنا أرجو الله تعالى الكريم أن يجعلني من أهل العلم العاملين المنتفع بهم؛ فإن الدال على الخير كفاعله؛ كما ثبت في الحديث[2].





ولم أرَ أنفع لدين الإسلام - عند أزمنة انتشار الجهل والشرك والبعد عن السنة وفشو البدع - من جهاد باللسان، وفري بالقلم؛ وذلك بنشر السنة الصحيحة، وبيان أصول أهل الإسلام، وقواعد الدين، ومنهج أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في فهم دين الإسلام والعمل به.





وفي الحديث الصحيح: (جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم)[3]، وإن الذب عن السنة وحماية جنابها هو من ذلك بلا ريب.





وقد رأيت التعرض لرد شبهة لطالما أوردها أهل البدع في جملة ما يستشهدون به في سياق تجويزهم الابتداع في الدين؛ ألا وهي الاستدلال بحديث: (من سن في الإسلام سنةً حسنةً، فله أجرها...)!



لذلك؛ فقد قمت - مستعينًا بالله تعالى وحده، ومستنيرًا بشروح العلماء - بإعداد مقالة لطيفة في بيان أوجه الرد على هذا الاستدلال، على أن تكون وجيزةً في عبارتها، مؤديةً لمقصدها، مراعية التخريج والتحقيق الحديثي.






ولا أدعي لنفسي التفرد في كشف تلك الشبهة! وإنما هو الاعتماد على شروح العلماء الأفاضل - قديمًا وحديثًا - المعروفين بسلامة المنهج، ورسوخ العلم، وبُعد النظر.





تأصيل لطيف قبل الشروع في البيان:


قبل الخوض في الجواب عن هذه الشبهة لا بد من تأصيل مسألة في هذا المجال، ألا وهي أنه على فرض وجود بعض الأدلة والشُّبَه التي لم يمكن الجواب عنها، أو لم يدرك جوابها في هذا الباب - وقد يستدل بها مستدل على جواز الابتداع - فمثل هذه الأدلة لا يجوز أن تصرف بها دلالة النصوص العامة في الشريعة من قرآن وسنة نبوية، بل لا بد من التوفيق بينها ما أمكن ذلك، ولا نضرب النصوص بعضها ببعض!





بل لو قدر ذلك، فإن النصوص العامة أقوى في الترجيح؛ لأنها إما قرآن، أو سنة نبوية ثابتة متواترة أو مشهورة، وفي أشهر كتب السنة، ودلالتها أقوى من حيث العموم؛ كخطب الحاجة التي يكثر تكرارها دون تخصيص من الشارع، وهي أقوى أيضًا من جهة الدلالة والتصريح؛ كالنصوص التي تدل على المنهج السُّني بعامة، وأيضًا النصوص التي تبين الخروج من الخلاف والفتن - وسآتي على أمثلة من ذلك بعد قليل.





لذلك لا بد أن يكون موقفنا ابتداءً هو محاولة توفيق الدليل - موضع الاشتباه - مع النصوص العامة؛ بحيث يحمل على محمل لا يصادم به عامة النصوص الأصل في هذا الباب، فإن لم يمكن ذلك، فيسكت عنه ويتوقف فيه، ويوكل الأمر إلى عالمه.





إلا أن التوقف هذا ليس على إطلاقه! وإنما هو توقف بخصوص هذا الوجه من الاستدلال، وليس إبطال معنى الحديث مطلقًا!





ولا يخفى أن الدليل يستدل به على جهتين: مباشرة - وهي دلالة النص بالمطابقة، وجهة غير مباشرة - وهي دلالة النص بالتضمن واللزوم من مفهوم الحديث.





ففي حال التوقف هذا والشك في حصول الدلالة من هذا الوجه، فإنه يوكل الأمر إلى عالمه؛ مصداقًا لقوله تعالى: ﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 76]، إلا أنه لا تهدر بقية أوجه الاستدلال الأخرى للحديث في غير هذا الباب!





فعلى كل حال: المقصود أنه لا يجوز لنا أن نجعل جهلنا بتوجيه الحديث دليلًا على نقض الأصول! بل نرد المتشابه إلى المحكم؛ كما في حديث النعمان بن بشير مرفوعًا: (الحلال بيِّن، والحرام بيِّن، وبينهما مُشبَّهات لا يعلمها كثير من الناس؛ فمن اتقى المشبهات استبرأ لدِينه وعِرضه، ومن وقع في الشبهات كراعٍ يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه) [4].





فمن احتج بالمتشابه في هذا الباب، فإنه يكون كمن يريد أن يبني قصرًا فيهدم مِصرًا؛ وذلك لأن هذا الباب إذا فتح فليس له ضوابط تحصره؛ لأن مجال التحسين والتقبيح العقليين منوط بالعقل، عدا عن أن العقل غير محصور في شخص دون شخص، ولا في عالم دون عالم، ولا في ملة دون ملة؛ فمحصل ذلك ضياع الدين مطلقًا.





بل إن من آثار فتح باب الابتداع في الدين:


ضياع السنة النبوية؛ وذلك لعدم الاهتمام بحفظها والدفاع عنها؛ حيث جعلت الشريعة غير محصورة فيها أصلًا! بل يقال: لكل زمان دين يلائمه! ويحصل فينا كما حصل مع الأمم الماضية من التفرق في دينها.





ورضي الله تعالى عن الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان عندما كان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزعه اختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: (يا أمير المؤمنين، أدرِكْ هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى)[5].





أمثلة من عمومات القرآن على ذم الابتداع - مع شيء من كلام المفسرين -:


أ - قوله تعالى في نسبة الابتداع إلى أهل الكتاب: ﴿ وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ﴾ [الحديد: 27].


قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في التفسير: [وقوله: ﴿ وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا ﴾ [الحديد: 27]؛ أي: ابتدعتها أمة النصارى، ﴿ مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ ﴾ [الحديد: 27]؛ أي: ما شرعناها لهم، وإنما هم التزموها من تلقاء أنفسهم][6].





ب- قوله تعالى في بيان تمام الدين: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].


قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في التفسير: [فلا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرمه، ولا دين إلا ما شرعه][7].





ج - قوله تعالى عن المشركين: ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ﴾ [الشورى: 21].


قال الطبري رحمه الله في التفسير: [يقول تعالى ذكره: أم لهؤلاء المشركين بالله شركاء في شركهم وضلالتهم ﴿ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ﴾ [الشورى: 21]، يقول: ابتدعوا لهم من الدين ما لم يُبِحِ اللهُ لهم ابتداعه!][8].





د - قوله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2].


قال البغوي والخازن رحمهما الله في تفسيريهما: ﴿ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2]، قيل: الإثم: الكفر، والعدوان: الظلم، وقيل: الإثم: المعصية، والعدوان: البدعة][9].





هـ - قوله تعالى: ﴿ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 3].


قال الخازن رحمه الله في التفسير: [والمعنى: ولا تتولَّوا من دونه شياطينَ الإنس والجن، فيأمروكم بعبادة الأصنام، واتباع البدع والأهواء الفاسدة][10].





أمثلة من عمومات السنة على ذم الابتداع:


أ - حديث عائشة مرفوعًا: [من عمل عملًا ليس عليه أمرنا، فهو ردٌّ][11].


وتأمل كيف جعله الإمام النووي رحمه الله الحديث الخامس من الأربعين النووية التي عدها قواعد الدين.



ب - حديث العرباض مرفوعًا: [فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين][12].






ج - حديث عبدالله بن عمرو بن العاص مرفوعًا: [وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملةً، كلهم في النار إلا ملةً واحدةً]، قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: [ما أنا عليه وأصحابي][13].





د - حديث أبي هريرة مرفوعًا: [تركتُ فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يَرِدَا عليَّ الحوضَ][14].





هـ - حديث أبي هريرة مرفوعًا: [كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى]، قالوا: يا رسول الله، ومن يأبى؟ قال: [مَن أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى][15].





و - حديث ابن عباس مرفوعًا: [وليذادن بأقوام من أمتي عن الحوض، فأقول: يا رب، أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك][16].





ز - حديث ابن عمرو مرفوعًا: [يوشك أن يأتي زمان يغربل الناس فيه غربلةً، تبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا فكانوا هكذا] - وشبك بين أصابعه، فقالوا: وكيف بنا يا رسول الله؟ قال: [تأخذون ما تعرفون، وتذرون ما تُنكرون، وتقبلون على أمر خاصتكم، وتذرون أمر عامتكم][17].
يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 118.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 116.46 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.45%)]