|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() إجماع الأمة على عدم اشتراط عصمة الأئمة خالد وداعة فحوى العصمة: قال المجلسي (ت 1111 هـ) في "بحار الأنوار" (25/211): "اعلم أنّ الإماميّة اتّفقوا على عصمة الأئمّة عليهم السّلام من الذّنوب صغيرها وكبيرها، فلا يقع منهم ذنب أصلاً، لا عمداً ولا نسياناً، ولا لخطأ في التّأويل، ولا للإسهاء من الله سبحانه" انتهى. فالمجلسي يثبت للأئمة العصمة من جميع الأوجه المتصورة، من المعصية كلها الصغيرة والكبيرة، ومن الخطأ، ومن السهو والنسيان. والعصمة في اللغة تعني المنع، قيل عصمه يعصمه عصماً أي منعه ووقاه، واعتصم فـلان بالله أي امتنع بلطفه مـن المعصية[1]. وعرّف الشيعة الإمامية العصمة بأنها «قوة في العقل تمنع صاحبها من مخالفة التكليف مع قدرته على مخالفته» [2]. وهذا التعريف مردود ليس له من نصيب في اللغة، ناهيك عن مخالفته للشرع والعقل؛ لما سيبين في موضعه. نشأة فكرة العصمة: تعد فكرة عصمة الإمام عند الشيعة الإمامية وثيقة الصلة بالإمامة عندهم، ألا ترى أن منبتها بسبب قضية خلافة علي رضي الله عنه للرسول صلى الله عليه وسلم. قال الخلال: "إن محنة الرافضة محنة اليهود، قالت اليهود: لا تصلح الإمامة إلا لـرجل مـن آل داود، وقالت الرافضة: لا تصلح الإمامة إلا لرجل من ولد علي بن أبي طالب»[3]. يقول التستري: «الإمام قائم مقام النبي صلى الله عليه وسلم وله الولاية العامة في الدين والدنيا وساد مسده، فكما أنه شرط في النبي اتفاقاً فكذا في الإمام إلزاماً»[4]. وقضية الإمامة هي إحدى مراتب أصول الدين عندهم، قال ابن تيمية: «أصول الدين عند الإمامية أربعة: التوحيد، والعدل، والنبوة، والإمامة، فالإمامة هي آخر المراتب، والتوحيد والعدل والنبوة قبل ذلك»[5]. وهي: «أهم المطالب في أحكام الدين، وأشرف مسائل المسلمين، وهي مسألة الإمامة التي يحصل بسبب إدراكها نيل درجة الكرامة، وهي أحد أركان الإيمان المستحق بسببه الخلود في الجنان والتخلص من غضب الرحمن»[6]. • ويعد كافرًا من نفى العصمة عن الأئمة، قال ابن بابويه القمي: "من نفى عنهم العصمة في شئ من أحوالهم فقد جهلهم ومن جهلهم فهو كافر»[7]. • ويزعم الشيعة أن «كل ما أفتى به الواحد من هؤلاء فهو منقول عنده عن النبي -صلى الله عليه وسلم-»[8]. • ومن أصولهم: «أن إجماع العترة حجة، ثم يدّعون أن العترة هم الاثنا عشر، ويدعون أن ما يُنقل عن أحدهم فقد أجمعوا كلهم عليه»[9]. وعند الإمامية أن: «كل واحد من هؤلاء-أي: الأئمة- قد بلغ الغاية في الكمال»[10]، وهم «أفضل من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار كأبي بكر وعمر وعثمان»[11]، بل أحدهم يثبت حتى الوحي لأئمة الشيعة، والعياذ بالله، وهو الشيخ المفيد في الاختصاص، حيث قال: «عن أبي بصير قال: قال: سمعت أبا عبد الله يقول: لولا أنا نزداد لأنفدنا - أي نفد ما عندهم من علوم ومعارف - فقد تزدادون فأخبره شيئاً ليس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: إذا كان ذلك أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره. ثم أتى علياً فأخبره، ثم إلى واحد بعد واحد حتى ينتهي إلى صاحب الأمر؟» وفي رواية أخرى يصرح بأن الأئمة يأتيهم الوحي كالرسل سواء بسواء، والعياذ بالله، فيقول: «يأتي الملك رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: يا محمد ربك يأمرك كذا وكذا، فيقول انطلق به إلى علي، فيأتي به علياً، فيقول: انطلق به إلى الحسن، فلا يزال هكذا ينطلق به إلى واحد بعد واحد حتى يخرج إلينا»[12] وعند غلاتهم: «أنهم أفضل من الأنبياء ويجعلون خاتم الأولياء أفضل من خاتم الأنبياء»[13]، وأن «الدين مسلم إلى الأئمة فالحلال ما حللوه والحرام ما حرموه والدين ما شرعوه»[14] • واختلف الشيعة الإمامية في عصمة الأئمة هل هي من الله أو هي استعداد الإمام رغم حرص كثير منهم على القول بأن الأئمة لا يوحى إليهم مثل الرسل، وقد تقدم من قال بأنه يوحى إليهم. • وهل تراهم أخذوا مذاهبهم من أهل البيت: «لا نُسلّم أن الإمامية أخذوا مذهبهم عن أهل البيت: لا الاثنا عشرية ولا غيرهم، بل هم مخالفون لعلي (رضي الله عنه) وأئمة أهل البيت في جميع أصولهم التي فارقوا فيها أهل السنة والجماعة... والنقل بذلك مستفيضٌ في كتب أهل العلم، بحيث إن معرفة المنقول في هذا الباب عن أئمة أهل البيت يوجب علماً ضروريّاً بأن الرافضة مخالفون لهم لا موافقون لهم»[15]. بل «حتى مسائل الإمامة قد عرف اضطرابهم فيها، وقد تقدم بعض اختلافهم في النص، وفي المنتظر فهم في الباقي المنتظر على أقوال: منهم من يقول ببقاء جعفر بن محمد، ومنهم من يقول ببقاء ابنه موسى بن جعفر، ومنهم من يقول ببقاء عبد الله بن معاوية، ومنهم من يقول ببقاء محمد بن عبد الله بن حسن، ومنهم من يقول ببقاء محمد ابن الحنفية، وهؤلاء يقولون نص على علي الحسن والحسين، وهؤلاء يقولون على محمد بن الحنفية، وهؤلاء يقولون أوصى وعلي بن الحسين إلى ابنه أبي جعفر، وهؤلاء يقولون إلى ابنه عبد الله، وهؤلاء يقولون أوصى إلى محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسين، وهؤلاء يقولون إن جعفر أوصى إلى ابنه إسماعيل، وهؤلاء يقولون إلى ابنه محمد بن إسماعيل، وهؤلاء يقولون إلى ابنه محمد، وهؤلاء يقولون إلى ابنه عبد الله، وهؤلاء يقولون إلى ابنه موسى، وهؤلاء يسوقون النص إلى محمد بن الحسن، وهؤلاء يسوقون النص إلى بني عبيد الله بن ميمون القداح الحاكم وشيعته، وهؤلاء يسوقون النص من بني هاشم إلى بني العباس، ويمتنع أن تكون هذه الأقوال المتناقضة مأخوذة عن معصوم فبطل قولهم أن أقوالهم مأخوذة عن معصوم»[16]. بل «هب أن عليا كان معصوما، فإذا كان الاختلاف بين الشيعة هذا الاختلاف وهم متنازعون هذا التنازع، فمن أين يعلم صحة بعض هذه الأقوال عن علي دون الآخر وكل منهم يدعى أن ما يقوله إنما أخذه عن المعصومين؟ وليس للشيعة أسانيد متصلة برجال معروفين مثل أسانيد أهل السنة حتى ينظر في الإسناد وعدالة الرجال، بل إنما هي منقولات منقطعة عن طائفة عرف فيها كثرة الكذب وكثرة التناقض في النقل فهو يثق عاقل بذلك»[17]. المراد بالمسألة: أجمع أهل العلم على أنه لا يشترط أن يكون إمام المسلمين معصوماً. من حكي الإجماع: زكريا الأنصاري (926 هـ): "ولا يشترط كونه هاشميا فإن أبا بكر وعمر وعثمان لم يكونوا من بني هاشم، ولا معصوما باتفاق من يعتد به»[18]. الإجماع على عصمة الأنبياء: • فالإجماع على عصمة الأنبياء؛ دال على عدم عصمة من سواهم من المخلوقين، ويبطل قول البعض بعدم عصمة الأنبياء في حين يدعي عصمة الأئمة. • عياض (544هـ): «أجمع المسلمون على عصمة الأنبياء من الفواحش والكبائر الموبقات»[19]. • عياض (544هـ): "فلا خلاف أن كل كبيرة من الذنوب لا تجوز عليهم، وأنهم معصومون منها...... وكذلك لا خلاف أنهم معصومون من الصغائر التى تزرى بفاعلها وتحط منزلته وتُسقط مروءته»[20]. • ونقل النووي (676هـ) حكاية القاضي عياض (544هـ) للإجماع: «وأما المعاصي فلا خلاف أنهم- أي: الأنبياء عليهم الصلاة والسلام- معصومون من كل كبيرة....... وكذلك لا خلاف أنهم معصومون من الصغائر التي تزري بفاعلها وتحط منزلته وتسقط مروءته»[21]. • ابن تيمية (728هـ): «وطوائف أهل الكلام الذين يجوزون بعثة كل مكلف من الجهمية والأشعرية ومن وافقهم من أتباع الأئمة الأربعة كالقاضي أبي يعلى وابن عقيل وغيرهم متفقون أيضا على أن الأنبياء أفضل الخلق»[22]. • ابن تيمية (728هـ): «أن الأنبياء صلوات الله عليهم معصومون فيما يخبرون به عن الله سبحانه وفي تبليغ رسالاته باتفاق الأمة ولهذا وجب الإيمان بكل ما أوتوه كما قال تعالى: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة: 136] وقال تعالى: ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ فَقَدْ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمْ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [البقرة: 137]وقال تعالى: ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ﴾ [البقرة: 177]وقال تعالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ [البقرة: 285] بخلاف غير الأنبياء فإنهم ليسوا معصومين كما عصم الأنبياء ولو كانوا أولياء لله؛ ولهذا من سب نبيا من الأنبياء قتل باتفاق الفقهاء ومن سب غيرهم لم يقتل. وهذه العصمة الثابتة للأنبياء هي التي يحصل بها مقصود النبوة والرسالة؛ فإن "النبي" هو المنبأ عن الله و"الرسول" هو الذي أرسله الله تعالى، وكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولا، والعصمة فيما يبلغونه عن الله ثابتة فلا يستقر في ذلك خطأ باتفاق المسلمين»[23]. • ابن تيمية (728هـ): «دعوى العصمة للأئمّة تضاهي المشاركة في النّبوّة، فإنّ المعصوم يجب اتّباعه في كلّ ما يقول، ولا يجوز أن يخالف في شيء، وهذه خاصّة الأنبياء ولهذا أمرنا أن نؤمن بما أنزل إليهم فقال - تعالى -: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة: 136]، وقال تعالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ [البقرة: 285]وقال تعالى: ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ﴾ [البقرة: 177]فالإيمان بما جاء به النبيون مما أمرنا أن نقوله ونؤمن به وهذا مما اتفق عليه المسلمون أنه يجب الإيمان بكل نبي ومن كفر بنبي واحد فهو كافر ومن سبه وجب قتله باتفاق العلماء وليس كذلك من سوى الأنبياء سواء سموا أولياء أو أئمة أو حكماء أو علماء أو غير ذلك،فمن جعل بعد الرسول معصومًا يجب الإيمان بكل ما يقوله فقد أعطاه معنى النبوة وإن لم يعطه لفظها، ويقال لهذا ما الفرق بين هذا وبين أنبياء بني إسرائيل الذين كانوا مأمورين باتباع شريعة التوراة؟ وكثير من الغلاة في المشايخ يعتقد أحدهم في شيخه نحو ذلك ويقولون الشيخ محفوظ ويأمرون باتباع الشيخ في كل ما يفعل لا يخالف في شيء أصلا، وهذا من جنس غلو الرافضة والنصارى والإسماعيلية تدعى في أئمتها أنهم كانوا معصومين وأصحاب ابن تومرت الذي ادعى أنه المهدي يقولون: إنه معصوم ويقولون في خطبة الجمعة الإمام المعصوم والمهدي المعلوم، ويقال: إنهم قتلوا بعض من أنكر أن يكون معصوما، ومعلوم أن كل هذه الأقوال مخالفة لدين الإسلام للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة»[24]. • ابن حجر العسقلاني(852 هـ): «والأنبياء معصومون من الكبائر بالإجماع»[25]. • ونقل السفاريني حكاية القاضي عياض(544هـ)للإجماع، فقال: "قال القاضي عياض: أجمع المسلمون على عصمة الأنبياء من الفواحش والكبائر الموبقات»[26]. الإجماع على عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم: فالرسول صلى الله عليه وسلم هو المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى بخلاف غيره من بني البشر. • ابن تيمية (728هـ): «اتفق أهل العلم أهل الكتاب والسنة على أن كل شخص سوى الرسول فإنه يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه يجب تصديقه في كل ما أخبر وطاعته في كل أمر، فإنه المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، وهو الذي يسأل الناس عنه يوم القيامة كما قال تعالى: ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الأعراف: 6]، وهو الذي يمتحن به الناس في قبورهم، فيقال لأحدهم: من ربك وما دينك ومن نبيك؟ ويقال: ما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فيقول: هو عبد الله ورسوله جاءنا بالبينات والهدى فآمنا به واتبعناه، ولو ذكر بدل الرسول من ذكره من الصحابة والأئمة والتابعين والعلماء لم ينفعه ذلك ولا يمتحن في قبره بشخص غير الرسول»[27]. • ونقل السفاريني حكاية الحافظ العراقي(806 هـ) للإجماع، فقال: "وقال الحافظ زين الدين العراقي: النبي - صلى الله عليه وسلم - معصوم من تعمد الذنب بعد النبوة بالإجماع»[28]. الإجماع على عصمة الأمة: • قال ابن تيمية (728هـ): «والله تعالى قد ضمن العصمة للأمة فمن تمام العصمة أن يجعل عددا من العلماء إن أخطأ الواحد منهم في شيء كان الآخر قد أصاب فيه حتى لا يضيع الحق؛ ولهذا لما كان في قول بعضهم من الخطأ مسائل كبعض المسائل التي أوردها كان الصواب في قول الآخر، فلم يتفق أهل السنة على ضلالة أصلا، وأما خطأ بعضهم في بعض الدين فقد قدمنا غير مرة أن هذا لا يضر كخطأ بعض المسلمين»[29]. إجماع العترة النبوية وإجماع الصحابة لمن قال به على عدم عصمة أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم: • ابن تيمية (728هـ): «وأما الإمامية فلا ريب أنهم متفقون على مخالفة إجماع العترة النبوية مع مخالفة إجماع الصحابة، فإنه لم يكن في العترة النبوية بنو هاشم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم من يقول بإمامة الإثني عشر، ولا بعصمة أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا بكفر الخلفاء الثلاثة، بل ولا من يطعن في إمامتهم، بل ولا من ينكر الصفات، ولا من يكذب بالقدر، فالإمامية بلا ريب متفقون على مخالفة إجماع العترة النبوية مع مخالفتهم لإجماع الصحابة فكيف ينكرون على من لم يخالف لا إجماع الصحابة ولا إجماع العترة؟»[30]. من وافق على الإجماع: الحنفية[31]، والمالكية[32]، والشافعية[33]،والحنابلة[34]،والظاهرية[35]. مستند الإجماع: ويستدل على ذلك بالكتاب، والسنة، والإجماع، والآثار، والمعقول: أولاً: الكتاب: قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾ [النساء: 59] وجه الدلالة: فلم يأمرنا-كما قال شيخ الإسلام- بالرد عند التنازع إلا إلى الله والرسول، ولو كان للناس معصوم غير الرسول صلى الله عليه وسلم لأمرهم بالرد إليه؛ فدل القرآن أن لا معصوم إلا الرسول صلى الله عليه وسلم[36]. • وأهل السنة «لا يوجبون طاعة الإمام في كل ما يأمر به، بل لا يوجبون طاعته إلا فيما تسوغ طاعته فيه في الشريعة، فلا يجوزون طاعته في معصية الله وإن كان إماما عادلا، وإذا أمرهم بطاعة الله فأطاعوه مثل أن يأمرهم بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والصدق والعدل والحج والجهاد في سبيل الله فهم في الحقيقة إنما أطاعوا الله، والكافر والفاسق إذا أمر بما هو طاعة لله لم تحرم طاعة الله ولا يسقط وجوبها لأجل أمر ذلك الفاسق بها، كما أنه إذا تكلم بحق لم يجز تكذيبه ولا يسقط وجوب اتباع الحق لكونه قد قاله فاسق، فأهل السنة لا يطيعون ولاة الأمور مطلقا إنما يطيعونهم في ضمن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم... فأمر بطاعة الله مطلقا وأمر بطاعة الرسول لأنه لا يأمر إلا بطاعة الله، ومن يطع الرسول فقد أطاع الله وجعل طاعة أولي الأمر داخلة في ذلك، فقال: وأولي الأمر منكم ولم يذكر لهم طاعة ثالثة؛ لأن ولي الأمر لا يطاع طاعة مطلقة إنما يطاع في المعروف كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف، وقال: لا طاعة في معصية الله ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وقال: ومن أمركم بمعصية الله فلا تطيعوه»[37]. • فالله سبحانه وتعالى «لم يأمر بطاعة الأئمة مطلقاً، بل أمر بطاعتهم في طاعة الله دون معصيته، وهذا يُبيّن أن الأئمة الذين أمر بطاعتهم في طاعة الله ليسوا معصومين»[38]. • قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً﴾ [النساء: 69]، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً﴾ [الجن: 23] •وجه الدلالة: كما صرح شيخ الإسلام: "فدل القرآن - في غير موضع - على أن من أطاع الرسول كان من أهل السعادة، ولم يشترط في ذلك طاعة معصوم آخر، ومن عصى الرسول كان من أهل الوعيد وإن قدر أنه أطاع من ظن أنه معصوم، فالرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي فرَّق الله به بين أهل الجنة وأهل النار وبين الأبرار والفجار وبين الحق والباطل وبين الغي والرشاد والهدى والضلال وجعله القسيم الذي قسم الله به عباده إلى شقى وسعيد فمن اتبعه فهو السعيد ومن خالفه فهو الشقى وليست هذه المرتبة لغيره، وقد اتفق أهل العلم أهل الكتاب والسنة على أن كل شخص - سوى الرسول - فإنه يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يجب تصديقه في كل ما أخبر، واتباعه فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألا يعبد الله إلا بما شرع فإنه المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى"[39]. ثانيًا: السنة: • عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ»[40]. وجه الدلالة: ألا معصوم عن الخطأ خلا الأنبياء. قال الصنعاني: «والحديث دال على أنه لا يخلو من الخطيئة إنسان لما جبل عليه هذا النوع من الضعف وعدم الانقياد لمولاه في فعل ما إليه دعاه وترك ما عنه نهاه»[41]. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |