|
رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() من مفطِّرات الصيام: الأكل والشرب 1-2 د. محمد بن هائل المدحجي الحمد لله رب العالمين، وصَلَّى الله وسَلَّم وبارك على نَبيِّنا مُحمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: وأول المُفطِّرات: الأكل والشرب، وما كان بمعنى الأكل أو الشرب، يمكن أن تعدها ثلاث مُفطِّرات إن شئت، وإن شئت عدها شيئاً واحداً، فصورة الأكل والشرب ومعنى الأكل والشرب . أما صورة الأكل أو الشرب: فالمقصود بها إدخال شيءٍ إلى الجوف إلى المعدة عبر الفم أو الأنف، سواءً كان نافعاً، أو ضاراً، أو لا نافع ولا ضار، معنى الأكل أو الشرب: المقصود بذلك ما يحصل به تَغَذِّي البدن، سواءً دخل إلى الجسد من خلال منفذٍ معتادٍ أو غير ذلك . ولنأخذ بعض المسائل المتعلقة بهذا المُفطِّر، من خلال المرور على المنافذ المعتادة وغير المعتادة، وننظر المسائل المتعلقة بها، فلنبدأ بالفم، والفم هو المنفذ الرئيس المعتاد لتناول الطعام والشراب. من المسائل المتعلقة بالفم: بلع الرِّيْق، بلع الريق ليس مُفطِّراً ولا مُحرَّماً على الصائم، حتى لو جمع ريقه ثم ابتلعه، لأن هذا شيءٌ طبيعي من إفرازات الجسد فليس مُفطِّراً، لكن ما حكم بلغ النخامة؟ النخامة معروفة، ومصدرها إما من الصدر أو من الدماغ، فإذا وصلت إلى الفم لا يجوز للإنسان أن يبتلعها صائماً كان أو غير صائم، لأنها شيءٌ مستقذر والواجب إخراجه، فلو افترضنا أن صائماً ابتلع هذه النخامة مُتعمِّداً، هل يُفطِر بهذا أو لا يُفْطِر؟ هذا محل خلافٍ بين أهل العلم، والأقرب والله أعلم أنه لا يُفْطِر بهذا، لأنها كاللعاب من إفرازات الجسد . المضمضة: ما حكم المضمضة للصائم؟ لَـمَّا جاء عمر رضي الله تعالى عنه يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن القُبْلَة، فقال له: « أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ؟! » ، يعني: كما أن المضمضة كالمُقدِّمة للشراب ولا تأخذ حكمه، فكذلك القبلة جائزة وإن كانت مُقدِّمة أيضاً، فكأن النبي عليه الصلاة والسلام بهذا الحديث، يعني: في كلامه ما يدل أن جواز المضمضة ظاهر جداً بالنسبة للصائم، والنبي عليه الصلاة والسلام يقيس عليه الآن، وهو يُبيِّن لعمر رضي الله تعالى عنه، فالمضمضة في الوضوء وغيره جائزةٌ للصائم، ولا يُفْطِر بذلك. بعض الناس إذا كان صائماً ربما ترك المضمضة أثناء الوضوء، وهذا خطأ، فبعض أهل العلم يرى وجوب المضمضة، وعليه على هذا القول: سيكون وضوؤه غير صحيح وصلاته غير صحيحة أيضاً، فكيف يترك المضمضة؟! وجمهور العلماء يرون أن المضمضة ومثل ذلك الاستنشاق ليست من الواجبات، لأن الله جل وعلا لم يذكرها في القرآن وهذا القول أصح، لكن تبقى أنها من سنن الوضوء التي لم يكن يتركها النبي صلى الله عليه وسلم، لا وهو صائم ولا وهو غير صائم، إذاً: لماذا يتركها الإنسان؟ إن قال: أنا أخاف من دخول بقايا الماء التي تبقى في الفم عبر الريق إلى الجوف، نقول: هذا من الوسوسة، فإن هذا القدر المتبقي يسيرٌ معفوٌ عنه باتفاق أهل العلم، نعم بالتأكيد سيبقى شيءٌ من أثر هذا الماء في الفم، وربما يدخل شيءٌ منه عبر الريق إلى الجوف، لكن كما يقول العلماء: يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، فهذا شيءٌ يسيرٌ، دخوله إلى الجوف ليس مقصوداً، مقصود الإنسان أن يتمضمض، والفم له حكم الخارج، ليس مقصوده أن يتناول شيئاً يحصل به تَغَذِّي البدن، وعليه: فلا إشكال في هذا الجزء المتبقي. وقد استفاد من هذه المسألة العلماء المعاصرون في عددٍ من المسائل المعاصرة، كبعض الأدوية التي يتناولها الإنسان مثلاً عن طريق الوريد أو غيره، ويكون فيها نسبة من ماء لكنها نسبة غير مقصودة، فيقولون: بأنها شيءٌ يسيرٌ تابعٌ غير مقصود، كالمتبقي من أثر الماء بعد المضمضة، كما سيأتي بيانه بإذن الله جل وعلا . على أي حال: المضمضة للصائم ليست محرمة، ولا يحتاج الإنسان بعد المضمضة أن يتفل، فالنبي عليه الصلاة والسلام لم يفعل هذا ولم يأمر به الصائم، لأن القدر المتبقي في الفم هو قدرٌ معفوٌ عنه . من المسائل المتعلقة بالمضمضة: حكم المبالغة في المضمضة، ومثل ذلك المبالغة في الاستنشاق! الأصل أنه لا يجوز المبالغة في المضمضة والاستنشاق للصائم، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال: « وَبَالِغْ فِي الاِسْتِنْشَاقِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ صَائِماً » ، قال العلماء: ومثل ذلك المبالغة في المضمضة . لكن لنفترض أن إنساناً بالغ في المضمضة، أو بالغ في الاستنشاق، فدخل شيء من الماء إلى جوفه، فما هو الحكم في هذه الحالة: هل يُفطِر أو لا يُفطِر؟ جمهور العلماء يقولون: بأنه يُفْطِر بهذا، لأنه فعل فعلاً غير مأذونٍ له فيه، وهو المبالغة في المضمضة والاستنشاق، فنجم عن هذا الفعل غير المأذون فيه، وصول الماء إلى جوفه فيُفْطِر بهذا . وأما الحنابلة رحمهم الله، فقالوا: إنه وإن كان مخالفاً، وربما آثماً بما فعله من المبالغة في المضمضة والاستنشاق، إلا أنه لم يقصد إدخال شيءٍ إلى الجوف، مخالفته كانت في المبالغة، والمبالغة في المضمضة والاستنشاق لا يلزم منها دخول الماء إلى الجوف بكل حال، بل ربما الغالب أنه لا يدخل شيءٌ إلى الجوف، ولكن هنا من غير قصدٍ منه دخل شيءٌ إلى جوفه، وقد تقدم بأن من شروط المُفطِّرات: أن يفعلها الإنسان مُتعمِّداً، وهذا ليس مُتعمِّداً للفطر فلا يفطر بهذا . على أي حال: هذه المسألة واضح أن فيها قولان لكل قولٍ حجته، قولان قويان: الفقهاء المعاصرون اعتمدوا مذهب الحنابلة، ومذهب الحنابلة أَثَّر في كثيرٍ من المسائل المعاصرة كما سيأتي بإذن الله جل وعلا، من ذلك: خذ واحدة تَتَعلَّق بالفم: الغَرغَرة: الغَرغَرة قد يحتاجها الصائم مثلاً بسبب التهابٍ في حلقه، سواءً غَرغَرة بدواء، أو غَرغَرة بماء وملح، فهذه الغَرغَرة هي مبالغةٌ في المضمضة، هذه مسألتنا، فإذا فعلها الصائم ولم يصل شيءٌ إلى جوفه لا يفطر هذا واضح، لأن الفم له حكم الخارج، كالمضمضة لا يفطر بهذا، لكن لو فعل، تغرغر ووجد الطعم في حلقه، هل يفطر بهذا أو لا؟ على الخلاف المتقدم، يعني: على مذهب الجمهور سنقول: أفطرت، وعلى مذهب الحنابلة سنقول: لم تفطر، وصدر قرار مَجْمَع الفقه الإسلامي بأن الغَرغَرة لا تفطر الصائم ولو وصل شيءٌ إلى جوفه ما دام أنه يحرص على عدم دخول شيءٍ إلى جوفه . من المسائل كذلك: تَذوُّق الطعام للصائم إذا كان يحتاج إلى ذلك، لا تفهم أن المقصود أن تأخذ ملعقة شوربة ثم تَتَذوَّقها ثم تبتلعها وتقول: هذه هي المسألة التي أجازها ابن عباس رضي الله تعالى عنه لا، ابن عباس رضي الله تعالى عنه رَخَّص لمن يحتاج لمعرفة ملوحة الطعام مثلاً أن يَتَذوَّقَ ذلك بطرف لسانه، قال العلماء: يتذوق بطرف لسانه ثم يَمُجُّ ما تبقى من أثر الطعام في لسانه، هذا إنما رخص للحاجة، يعني: لمن يحتاج إلى ذلك، هذه ليست رخصة مطلقاً، هي رخصة لمن يحتاج إليه كامرأة في البيت تحتاج أن تعرف وضع الطعام الذي تطبخه، وكذلك مثلاً شخص يعمل في مطعم ويحتاج أن يعرف وضع الطعام، فهذا جائزٌ للحاجة، فمن ليس محتاجاً له لا يجوز له هذا الفعل، وبطرف اللسان فقط . من المسائل المعاصرة القريبة من هذا: الدواء الذي يأخذه من يصاب بالذبحة الصدرية، الذبحة الصدرية: ألمٌ في الصدر سببه قِلَّة الدم الواصل إلى القلب بسبب ضيق الشرايين التي توصل الدم إلى القلب، فهناك دواء يوضع تحت اللسان، مادة تدعى: نتروجلسرين، توضع تحت اللسان من أجل أن تُمْتَص هذه المادة عبر الشرايين الموجودة في أسفل اللسان، فتُمْتَص سريعاً فتصل إلى القلب سريعاً، يعني: أسرع مما لو ابتلع الحبة الدوائية . فلو كان صائماً ووضع هذه الحبة تحت لسانه، هل يفطر بهذا أو لا؟ صدر قرار مَجْمَع الفقه الإسلام بأن ذلك ليس مُفطِّراً، وأظن السبب واضح: أنه لم يبتلع شيئاً، لم يدخل شيئاً إلى المعدة، هو وضع شيئاً في فمه، والفم له حكم الخارج، إذا كان إذا وضع ماءً في فمه لا يفطر فهذا مثله، والامتصاص يتم ليس في المعدة، وإنما يتم في الفم، وعليه: فهذا لا يعد من المُفطِّرات، قد يبقى طعم الدواء في الفم، وأثر الدواء المتبقي في الفم . فنقول: هذا الأثر المتبقي كما قلنا في الطعام لَـمَّا تَذوَّقَه بطرف لسانه يَمُجُّه، كذلك هذا نقول له: إن بقي أثرٌ للدواء في فمك فمُجَّه حتى تخرج ما تبقى، ولو افترضنا أن شيئاً دخل مع اللعاب إلى الجوف، بحيث وجد طعمه في حلقه، فإنه لا يفطر بهذا، لماذا؟ لأن تقدم معنا أن شرط المُفطِّرات حتى تكون مُفطِّرة: أن يفعلها الإنسان وهو مُتَعمِّد، وهذا لم يَتَعمَّد أن يبتلع هذا الدواء: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} (الأحزاب:5). والله أعلم، وصَلَّى الله وسَلَّم وبارك على نَبيِّنا مُحمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين .
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |