|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() مذاهب أهل الأديان في النَّسخ ناصر عبدالغفور اختلف أهل الأديان[1] في النَّسخ على ثلاثة أقوال أو مذاهب: المذهب الأول في النَّسخ: النَّسخ جائز عقلاً وواقع سمعًا، وعليه إجماع المسلمين من قبلِ أن يظهر أبو مسلم الأصفهاني ومَن شايعه، وعليه أيضًا إجماع النصارى، ولكن من قبل هذا العصر الذي خرقوا فيه إجماعهم، وركبوا فيه رؤوسهم، وهو كذلك رأي العيسوية، وهم طائفة من طوائف اليهود الثلاث[2]. ولا شك أن هذا هو المذهب الحق، والقول العدل في مسألة النَّسخ؛ يقول الإمام الزركشي في برهانه: "والصحيح: جواز النَّسخ ووقوعه سمعًا وعقلاً"[3]. ولم يخالف في ثبوت النَّسخ من المسلمين إلا أبو مسلم الأصفهاني[4]، مع الاضطراب في النقل عنه، وقد حاول بعض العلماء أن يجعل الخلاف بينه وبين الجمهور خلافًا لفظيًّا. قال ابن دقيق العيد: نقل عن بعض المسلمين إنكار النَّسخ، لا بمعنى أن الحكم الثابت لا يرتفع، بل بمعنى أنه ينتهي بنص دل على انتهائه فلا يكون نسخًا[5]. لكن الإمام الشوكاني رد هذه الافتراضات بقوله: "وعلى كلا التقديرين، فذلك جَهالة منه عظيمة للكتاب والسنَّة، ولأحكام العقل؛ فإنه إن اعترف بأن شريعة الإسلام ناسخة لما قبلها من الشرائع، فهذا بمجرده يوجب عليه الرجوع عن قوله، وإن كان لا يعلم ذلك فهو جاهل بما هو من الضروريات الدينية، وإن كان مخالفًا لكونها ناسخة للشرائع، فهو خلاف كفريٌّ لا يلتفت إلى قائله"[6]. المذهب الثاني في النَّسخ: النَّسخ ممتنع عقلاً وسمعًا، وإليه جنح النصارى جميعًا في هذا العصر، وتشيَّعوا له تشيُّعًا ظهر في حملاتهم المتكررة على الإسلام، وفي طعنهم على هذا الدين القويم من هذا الطريق طريق النَّسخ، وبهذه الفِرية أيضًا يقول الشمعونية، وهم طائفة من اليهود؛ يقول السعدي رحمه الله تعالى: "وكان اليهود ينكرون النَّسخ، ويزعمون أنه لا يجوز، وهو مذكورٌ عندهم في التوراة؛ فإنكارهم له كفرٌ وهوًى محضٌ"[7]. المذهب الثالث في النَّسخ: النَّسخ جائز عقلاً، ممتنع سمعًا، وبه تقول العنانية، وهي الطائفة الثالثة من طوائف اليهود، ويعزى هذا الرأيُ إلى أبي مسلم الأصفهاني من المسلمين. وقد مر معنا قولُ الإمام الشوكاني فيما نُسب إلى أبي مسلم الأصفهاني، ومما قاله كذلك: "فإنه قال: إنه جائزٌ غيرُ واقع، وإذا صح هذا عنه فهو دليل على أنه جاهلٌ بهذه الشريعة المحمدية جهلاً فظيعًا"[8]؛ إرشاد الفحول. وخلاصة القول بالنسبة لليهود أنهم افترقوا في مسألة النَّسخ إلى ثلاث فِرَق: أ- شمعونية: وهي التي تقول بمنع النَّسخ سمعًا وعقلاً. ب- عنانية: وهي التي تقول بمنع النَّسخ سمعًا لا عقلاً. ج- عيسوية: وهي التي ذهبت إلى جواز النَّسخ عقلاً ووقوعه سمعًا. وأما بالنسبة لمخالفة اليهود والنصارى في مسألة النَّسخ، فالحق أن هذا الخلاف لا يعتد به، وكيف يعتدُّ بخلافِ كفَرةٍ فجَرةٍ مثلِ هؤلاء؟ كيف يعتبر خلافهم وهم الذين كفروا بالله وبرسله، وسبوا الله مسبة لا مسبةَ بعدها كما حكى الله عنهم بقوله: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 30، 31]؟! وفي الحقيقة قد يعجبُ المرءُ من نقل خلاف هؤلاء في كتب الأصول، ولله درُّ الإمام محمد بن علي الشوكاني إذ يقول: "وأما الجواز: فلم يحكَ الخلافُ فيه إلا عن اليهود، وليس بنا إلى نصب الخلاف بيننا وبينهم حاجة، ولا هذه بأول مسألة خالفوا فيها أحكام الإسلام، حتى يُذكَرَ خلافُهم في هذه المسألة، ولكن هذه من غرائب أهل الأصول"[9]. [1] أقصد بكلمة "الأديان": الملل أو الشرائع من يهودية ونصرانية وإسلام، باعتبارها شرائع، وإلا فالدين عند الله واحد، لا يرتضي غيرَه، وهو دِين الإسلام، فمهما تعددت الشرائع فالدين المقبول عند الله واحد؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 19]، وكما قال تعالى: ﴿ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ﴾ [الشورى: 13]، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الأنبياء أولادُ عَلَّات، أمَّهاتهم شتى ودِينهم واحد)). [2] مناهل العرفان: 2 /186. [3] البرهان في علوم القرآن: 2 /20. [4] هو محمد بن بحر الأصفهاني، الكاتب، المعتزلي، كان عالِمًا بالتفسير، ولد سنة أربع وخمسين ومائتين هـ، وتوفي سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة هـ، من آثاره: "الناسخ والمنسوخ"، "كتاب النحو"، وغيرهما. [5] إرشاد الفحول: 2 /53. [6] نفسه. [7] تيسير الرحمن: 61. [8] إرشاد الفحول: 2 /52. [9] نفسه.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |