أجمع سلف الأمة وأئمتها على أن الله تعالى ( معنا) بمعيتين ، معية عامة ومقتضاها العلم والإحاطة والهيمنة ، ومعية خاصة ، ومقتضاها النصر والتأييد والتوفيق والحفظ وكلها حق على حقيقتها ، وسلف الأمة لا يفهمون من معية الله تعالى لنا أنه مختلط بالخلق أو حال فيهم ، أو أنه داخل هذا العالم ، أو أنه هو عين وجود هذا العالم ، كل ذلك من الأفهام المعوجة عن سنن الكتاب والسنة ، وهي مخالفة لفهم سلف الأمة ، والمتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في مسائل العقيدة والعمل فهو باطل, واتفق سلف الأمة رحمهم الله تعالى على أن معيته لخلقه لا تنافي علوه على عرشه ، لأنه جل وعلا ليس كمثله شيء في جميع نعوته ، فهو العلي في قربه ودنوه وهو القريب في علوه وفوقيته جل وعلا ، فالأدلة جاءت بهذا وبهذا ، والأدلة لا تأتي بمحالات العقل وإن كانت تأتي بمحارات العقول ، أي أنها لا تأتي بما يحيله العقل ، ولكنها تأتي بما يحار فيه العقل لأنه أضعف وأقصر وأنقص من الإحاطة بما هو من باب الغيب.