|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الحمد لله الذي أمـر بالجهاد دفاعـاً عن الدين ، وحرمة المسلمين ، وجعله ذروة السنام ، وأعظـم الإسلام ، ورفعـةً لأمّـة خيـرِ الأنـام . والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد ، وعلى آلـه ، وصحبه أجمعيـن ، لاسيما أمّهـات المؤمنين ، والخلفاء الراشدين : الصدّيق الأعـظم ، والفاروق الأفخـم ، وذي النوريـن ، وأبي السبطين رضي الله عنهم ، وأرضاهـم . سـ1 / عرف أصول الفقه باعتبار مفرديه ؟********* هذه طريقة أكثر سهولة وأيسر في الفهم وأقرب إلى القبول من غيرها، وهي طريقة السؤال والجواب، فإنها طريقة محببة إلى النفوس ويشترك في فهمها الجميع ولو لم يكونوا من أهل الاختصاص، ولأن فيها يفصل الفن مسألة مسألة، كل مسألة لها سؤالاً خاص وجواب خاص، وهذا أدعى إلى تمحيص المسائل ومعرفة أولها من آخرها، وأقرب إلى البحث والاستفادة، وأبعد عن الملل وأيسر للشارحين والمستشرحين. فأقول وبالله التوفيق ومنه أستمد الفضل والعون:- **** جـ/ أقول:- لقد جرت عادة أهل العلم رحمهم الله تعالى في تعريف الألفاظ المركبة كل لفظ على حدة قبل تعريف اللفظتين مجموعة، ونحن هنا نجري على ما جروا عليه رحمهم الله تعالى تشبهاً بهم عسى الله تعالى أن ينظمنا في سلكهم ويحشرنا معهم فإن « من تشبه بقومٍ فهو منهم» فجرياً على هذه القاعدة نقول: (أصول الفقه) مركب من كلمتين: (أصول) و ( فقه) فأما الأصول لغة فهو جمع مفرده أصل، وهو في اللغة الأساس، ومنه أساس البيت أي أصله، ويطلق الأصل أيضاً على الدليل، فيقال: أصل هذه المسألة الكتاب والسنة أي دليلها، وله إطلاقات أخرى، لكن هذا الإطلاق هو المراد في أصول الفقه، فإذا قيل (أصول الفقه) أي (أدلة الفقه). وأما الفقه في اللغة: فهو الفهم ومنه قوله تعالى ﴿ فَمَا لِهَؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا﴾ وقوله تعالى ﴿قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ﴾ ويطلق أيضاً على العلم ويطلق أيضاً على الفطنة، وأما تعريفه شرعاً: فهو معرفة الأحكام الشرعية العملية المكتسب من الأدلة التفصيلية، فقوله (معرفة) جنس في التعريف يدخل تحتها المعرفة الظنية والمعرفة اليقينية، وقوله (الأحكام الشرعية) قيد يخرج العلم بغيرها كأحكام الطب والنحو ونحوها فإن العارف لا يسمى فقيهاً، وقوله (العملية) قيد يخرج العلم بالأحكام العقدية، فإن العارف بمسائل العقيدة فقط لا يسمى فقيهاً على اصطلاح أهل الفقه، وقوله (المكتسب) صفة لهذه المعرفة أي أن هذه المعرفة كانت معدومة ثم اكتسبت، فكانت بعد أن لم تكن، وقوله (من أدلتها التفصيلية) قيد يتضح به الفرق بين الأصولي والفقيه، كما سيأتي إن شاء الله تعالى، والمراد بالأدلة التفصيلية أن يقال: إن القرآن مكون من سور والسور مكونة من آيات، والسنة مكونة من أحاديث، فالفقيه يكتسب الأحكام الشرعية بالنظر في كل آية من آيات الأحكام على حدة، فينظر في قوله تعالى ﴿وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ﴾ فيستفيد وجوب الصلاة، وينظر في قوله تعالى ﴿وَآتُواْ الزَّكَاةَ﴾ فيستفيد وجوب الزكاة وهكذا فالفقيه ينظر في كل دليل من القرآن على حدة، وينظر في كل دليل من السنة على حدة، وينظر في كل إجماع على حدة، وينظر في كل قياس على حدة، فهذا المراد بقولهم (من أدلتها التفصيلية) فهذا بالنسبة لتعريف أصول الفقه باعتبار مفرديه والله أعلم. **** سـ2/ عرف أصول الفقه باعتباره علماً على هذا الفن ؟ مع شرح التعريف وتنزيل موضوعات أصول الفقه عليه ؟ جـ/ أقول: التعريف المختار لأصول الفقه أن يقال: ( معرفة دلائل الفقه إجمالاً وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد ) وبالنظر في هذا التعريف وجدنا أنه يتركب من ثلاثة أشياء وهي كما يلي : الأول :- (معرفة دلائل الفقه إجمالاً) ويدخل تحته دراسة الأدلة المتفق عليها والمختلف فيها، فيدخل تحته الكتاب والسنة والإجماع والقياس وقول الصحابي والعرف والمصالح المرسلة والاستحسان وشرع من قبلنا، والبحث في هذه الأدلة يكون على وجه الإجمال أي نبحث في حجية القرآن وحجية السنة وحجية الإجماع وحجية القياس وحجية قول الصحابي وهكذا وهذا هو المراد بقولهم (إجمالاً) أي لا يبحثون في أفراد هذه الأدلة وإنما بحث الأصولي على بحث حجية الأدلة. الثاني :- ( وكيفية الاستفادة منها ) أي إذا عرفنا أن القرآن حجة وأن السنة حجة وأن الإجماع حجة وأن القياس حجة فكيف نستطيع الاستفادة من هذه الأدلة في استنباط الأحكام الشرعية ويدخل تحت هذا البحث في دلالة الأوامر ودلالة النواهي ودلالة العام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل والمبين والناسخ والمنسوخ والتعارض والترجيح والظاهر والنص والمنطوق والمفهوم وترتيب الأدلة، ودلالة الواجب والمندوب والمحرم والمكروه والمباح، ودلالة السبب والشرط والمانع والرخصة والعزيمة وما يتعلق بذلك من تفاصيل. الثالث :- ( وحال المستفيد ) أي نبحث في حال المستفيد من هذه الأدلة ويدخل تحته البحث في الاجتهاد والتقليد والفتوى، وهذه هي غالب موضوعات أصول الفقه، فهذا التعريف المختار جامع لكل مسائل أصول الفقه، وما أجملناه هنا سوف يأتيك مفصلاً بأدلته وقواعده وفروعه إن شاء الله تعالى، فهذا بالنسبة لتعريف أصول الفقه باعتباره علماً على هذا الفن والله أعلم. سـ3/ أذكر حكم تعلم أصول الفقه مع بيان شيء من أهميته ؟ جـ/ أقول: الأصل في تعلمه أنه فرض كفاية بالنسبة لعموم الأمة، أي بالنظر الإجمالي للأمة فإن حكمه يكون فرض كفاية وأما بالنظر إلى الأفراد فيختلف باختلاف هذا الفرد وما ينويه فإن كان يريد أن يكون مجتهداً فإن تعلمه في حقه فرض عين لأنه أي تعلم الأصول من شروط المجتهد بالاتفاق فلا يمكن لأحدٍ أن يبلغ درجة الاجتهاد إلا بأصول الفقه فإذا كان الطالب ينوي بلوغ درجة الاجتهاد فيجب عليه وجوب عين أن يتعلم الأصول، أما إذا كان هذا الفرد طالباً للعلم بصورة عامة فيكون تعلم أصول الفقه في حقه من المستحبات المندوبات لا من الواجبات المتحتمات، هكذا نص عليه علماء الأصول وأختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وأما أهميته فتبرز في جوانب: الأول : أنه من جملة فنون الشريعة التي تستمد أصولها من كتاب الله جل وعلا وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. الثاني : أنه ينافح عن مصادر الشريعة ويذب عنها ويثبت حجيتها، ويجيب عن شبه الضالين الذين يريدون نسف الاحتجاج بها أو التشكيك فيها. الثالث : أنه يطلع المسلم على علل الأحكام وغاياتها وحكمها ويعرفه الطرق التي بها يستنبط هذا الحكم. الرابع : أنه الطريق الأول لاستنباط الأحكام الشرعية من الأدلة، فإن الحكم في الأعم الأغلب لا يستنبط من الدليل إلا ويكون طريقة استنباطه باستعمال قاعدة أصولية، وهذا يعرفه من له علم في قواعد الأصول. الخامس : أنه شرط في المجتهد بالاتفاق فلا يمكن للمجتهد أن يشم رائحة الاجتهاد بأنفه ويوصف بأنه مجتهد إلا إذا كان ذا دراية تامة بأصول الفقه. السادس : أن دراسته تحقق للطالب الترتيب في إخراج الحجج وطرح المسائل والمقارنة بين الدلائل والترتيب مطلب لكل طالب علم. السابع : أنه سبب من الأسباب التي حفظت بها الشريعة فإن حفظ الشريعة يكون بحفظ مصادرها، وأصول الفقه قد تولى ذلك بكل اهتمام ورعاية. الثامن : أنه يعرف الطالب الأسس والقواعد والمناهج التي يتعامل في ضوئها مع أدلة الشريعة. التاسع : أن الطالب يتعرف بدراسته على مآخذ مذاهب أهل العلم فيما ذهبوا إليه من الاختيارات الفقهية، فإن الاختلاف بين أهل العلم في مسائل الفقه غالباً ما يعود إلى الخلاف في تأسيس قاعدة أصولية. العاشر : أن دراسة الأصول تفيد الطالب الجزم اليقيني عن علم ودراية أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان، وتعطيه القدرة التامة على إقناع الغير بذلك متى ما أحكم دراسة هذه الأسس التي تبحث في أصول الفقه. الحادي عشر : أن دراسته توصل الطالب لمرتبة الترجيح في مسائل الخلاف ومعرفة الصواب من الخطأ والراجح من المرجوح. الثاني عشر : أن دراسته توصل الطالب إلى إتقان تخريج الفرع على أصولها ورد الجزئيات إلى كلياتها. الثالث عشر : أنه علم يحتاجه أهل الفنون الشرعية، فطالب الحديث يحتاج إلى الأصول وطالب التفسير يحتاج إلى الأصول وطالب الفقه يحتاج إلى الأصول وهكذا وهذا يفيدك أهمية هذا العلم العظيم، فهذه نبذ في أهمية اقتضاها المقام وسمح بها البال والله والمستعان وعليه التكلان والله أعلم. **** سـ4/ تسمى كثير من كتب الأصول علم العقيدة بعلم الكلام فما الحكم في هذه التسمية وما أساسها ؟ جـ/ أقول: هذه التسمية خطأ محض وبدعة وضلالة، لكن من نقلت عنه ووجدت عنده لا يقصد بها إلا الخير إن شاء الله تعالى وإنما قلد في نقلها، وهذا من باب الاعتذار فقط وإلا فسلامة القصد لا تسوغ الوقوع في المخالفة وبناء عليه فهي كلمة مبتدعة وتسمية محدثة والواجب إنكارها وإفرادها بالتعليق من الذين تولوا شرح الكتب الأصولية التي ذكرتها، والحذر والتحذير منها، وأساس هذه الكلمة يرجع لأمرين: أحدهما: أن من أكبر المسائل التي وقع فيها الخلاف بين أهل القبلة هي مسألة الكلام أي إثبات كلام الله جل وعلا فلكثرة الخلاف فيها كثر الكلام والأخذ والرد في هذه المسألة حتى صارت علماً على التوحيد فصاروا يسمون التوحيد والعقيدة بعلم الكلام نسبة إلى كثرة الخلاف في هذه المسألة، وهذا خطأ محض وسوء فهم لأن خلاف الطوائف الضالة الزائغة عن الصراط المستقيم والنهج السليم لا اعتداد به لا عبرة به البتة، ولذلك فإن خلافهم هذا لا أثر له في انعقاد الإجماع كما هو متقرر عند أهل السنة فإذا سمينا علم العقيدة بعلم الكلام نظراً إلى هذا الخلاف فإننا نكون بذلك قد جعلنا خلافهم من الخلاف المعتبر وهذا لا يجوز, ويقال أيضاً:- أنه لو جاز تسمية علم العقيدة بعلم الكلام نظراً إلى كثرة الخلاف في هذه المسألة لساغ أيضاً أن يسمى علم العقيدة بعلم العلو لأن مسألة العلو فيها خلاف طويل وكلام كثير، بل أكاد أجزم أن الخلاف في مسألة العلو أكثر منه في مسألة الكلام ولساغ أيضاً أن نسمي علم التوحيد بعلم الرؤية لأن مسألة الرؤية من المسائل التي كثر الخلاف حولها، وهذا لا يقوله أحد عاقل يعلم ما يقول فكذلك تسميتهم هذه لا أصل لها فالواجب اطراحها وتنزيه كتب الهداية منها. الثاني: أن قائل ذلك ظن أن علم العقيدة يستمد أصوله وأسسه من علم الكلام وهذا ظن فاسد صادر من عقل عاطل وقلب فارغ من الاعتقاد الصحيح، وما هو علم الكلام حتى نأخذ منه أصولاً وأسساً ؟ إن هو إلا نتاج عقول البهائم السائمة في براري الضلالة، وقيح تقيحته الأفهام الغارقة في مستنقعات الغواية والشبهة وهل أفسد على كثير من أهل العلم علومهم إلا علم الكلام، فهو علم لا خير فيه إلا نزراً يسيراً لا يذكر في جانب سيئاته التي غطت بقاع الأرض، ولا أعلم أن فناً من الفنون الشرعية يحتاج في معرفته إلى علم الكلام، بل كل العلوم الشرعية مستغنية عنه، فإن غالبه مرتكز على القواعد المخالفة للمنقول والمناقضة للمعقول ولذلك فإنه لا يجوز للطالب أن يقرأ في كتبه قبل التضلع من علوم الكتاب والسنة، وإذا نظر فيها فلا ينظر فيها بقصد الهداية وإنما ينظر فيها بقصد الرد وكشف عوار المتكلمين وإلا فليتركها والسلامة لا يعدلها شيء، فعلم العقيدة لا يستمد شيئاً من علم الكلام، بل إن علم العقيدة قد أعد عدته ودخل في حروب كثيرة كبيرة مع هذا العلم الفاسد حتى أرداه قتيلاً مضرجاً بدمائه، فكيف نقول إنه يستمد منه، هذا لا يقوله إلا جاهل لا يدري حقيقة ما يقول، عفا الله عنه وعامله بمغفرته والله أعلم. سـ5/ هل أصول الفقه يحتاج في فهمها لعلم المنطق ؟ جـ/ الجواب: بالطبع لا، إلا عند من تربى على موائد الفلاسفة المتهوكين فإنهم يعظمون علم المنطق تعظيماً بالغاً ولا عبرة بهم ولا بتعظيمهم، ولا نعرف أحداً من المتقدمين أدخل المنطق في أصول الفقه قبل أبي حامد الغزالي، وقد انتقده العلماء - أعني علماء أهل السنة - كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره، قال أبو العباس: (وأول من خلط منطقهم بأصول المسلمين أبو حامد الغزالي وتكلم فيه علماء المسلمين بما يطول ذكره) وقال أيضاً: (فإنه - أي الغزالي - أدخل مقدمة من المنطق اليوناني في أول كتابه المستصفى وزعم أنه لا يثق بعلمه إلا من عرف هذا المنطق ) وقد جزم أبو العباس بن تيمية رحمه الله تعالى أن أصول الفقه لا يفتقر بل ولا يحتاج أدنى حاجة إلى المنطق اليوناني، وقال أبو العباس (وقد صنف في الإسلام علوم النحو واللغة والعروض والفقه وأصوله والكلام وغير ذلك وليس في أئمة هذه الفنون من كان يلتفت إلى المنطق بل عامتهم كانوا قبل أن يُعرَّب هذا المنطق اليوناني، وأما العلوم الموروثة عن الأنبياء صرفاً وإن كان الفقه وأصوله متصلاً بذلك فهي أجل وأعظم من أن يظن أن لأهلها التفات إلى المنطق إذ ليس في القرون الثلاثة من هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس وأفضلها القرون الثلاثة من كان يلتفت إلى المنطق أو يعرج عليه مع أنهم في تحقيق العلوم وكمال بالغاية التي لا يدرك أحد شاؤها كانوا أعمق الناس علماً وأقلهم تكلفاً وأبرهم قلوباً ولا يوجد لغيرهم كلام فيما تكلموا فيه إلا وجدت بين الكلامين من الفرق أعظم مما بين القدم والفرق) ا.هـ. كلامه رحمه الله تعالى، وأقول: إن البلية ما دخلت على أصول الفقه إلا لما دخله علم المنطق اليوناني فإن دخول المنطق فيه أوجب تكثير الكلام وتشقيقه مع قلة العلم والتحقيق، ودخلت القواعد المخالفة لمنهج السلف بسببه في علم الأصول، ولذلك فإن نظار المسلمين وأئمتهم بعد أن دخل المنطق إلى ديار المسلمين وعرفوه لا زالوا يعيبونه ولا يلتفتون إليه ولا إلى أهله في موازينهم العقلية ولا يأبهون بهم في أي وادٍ هلكوا والخلاصة: أن علم الأصول غني الغنى التام عن المنطق اليوناني الفاسد. والله تعالى أعلى وأعلم. سـ6/ تكلم عن شيء من نشأة هذا الفن ؟ جـ/ أقول: لقد كانت قواعد أصول الفقه معروفة عند سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين وكانوا يعتمدون عليها في أقوالهم و فتاويهم وأحكامهم فقد نزل القرآن عليهم بلغتهم وكانوا أعرف بالكلام الصادر من النبي صلى الله عليه وسلم وأعرف بمقاصده من غيرهم وهم أئمة اللغة وسادة العقل والفهم بلا منازع فكيف يجهلون تلك القواعد، ولهذا قال أبو العباس (الكلام في أصول الفقه وتقسيمها إلى الكتاب والسنة والإجماع واجتهاد الرأي والكلام في دلالة الأدلة الشرعية على الأحكام أمر معروف من زمن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان ومن بعدهم من أئمة المسلمين وهم كانوا أقعد بهذا الفن وغيره من فنون العلم الدينية ممن بعدهم وقد كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى شريح: (اقض بما في كتاب الله فإن لم يكن فبما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن لم يكن فبما أجتمع عليه الناس) وفي لفظ: (فبما قضى به الصالحون فإن لم تجد فإن شئت أن تجتهد رأيك) وكذلك قال ابن مسعود وابن عباس، وحديث معاذ من أشهر الأحاديث عند الأصوليين) ا.هـ. قلت: ومما يدل على معرفة الصحابة بالأصول ما يلي: حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال »من سئل عن شيء فليفت بما في كتاب الله فإن لم يكن فبما سنه رسول الله فإن لم يكن فبما اجتمع عليه الناس« ومما يدل على ذلك حديث كعب بن عجرة لما سئل عن آية الفدية فقال للسائل »نزلت في خاصة وهي لكم عامة« وهي قاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ومما يدل على ذلك أيضاً قول ابن مسعود يرفعه »من مات وهو يشرك بالله شيئاً دخل النار« قال ابن مسعود »ومن مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة« وهذا بعينه ما يسميه أهل الأصول بمفهوم المخالفة، ومما يدل على ذلك أيضاً عملهم بعمومات القرآن وكذلك عملهم بالمتأخر من الكتاب والسنة وهو تطبيق لقاعدة النسخ فالصحابة هم سادات الأصول وأول من قرر قواعده بتربية رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم، فلما ذهب عصر الصحابة والتابعين وجاء عصر الأئمة المجتهدين كمالك وأبي حنيفة والأوزاعي وغيرهم واحتاج الناس إلى التأليف والجمع ظهرت مباحث متفرقة لبعض مسائل الأصول، حتى إذا جاء الشافعي رحمه الله تعالى فجمع تلك المباحث في مصنف واحد ورتبها، فهذا بعد هو أول من جمع أصول الفقه كعلم مستقل له مصنف خاص، وذلك في كتابه الرسالة، قال ابن تيمية ( فمن المعلوم أن أول من عرف أنه جرد الكلام في أصول الفقه هو الشافعي ) ا.هـ. ثم تتابع الناس بعده على التأليف في هذا الفن حتى صار علماً مستقلاً كاملاً له أسسه ومناهجه وطريقته والله أعلى وأعلم. يتبع إن شاء الله
__________________
الحمد لله الذي أمـر بالجهاد دفاعـاً عن الدين، وحرمة المسلمين، وجعله ذروة السنام، وأعظـم الإسلام، ورفعـةً لأمّـة خيـرِ الأنـام. والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد ، وعلى آلـه ، وصحبه أجمعيـن ، لاسيما أمّهـات المؤمنين ، والخلفاء الراشدين،الصديق الأعظم والفاروق الأفخم وذي النورين وأبو السبطين...رضي الله عنهم أجمعين. ![]() ![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |