الفرق بين الصبر والعجز

[زارع المحبة]

إخوتي الأكارم أخواتي الكريمات .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كثيرة هي القيم الإسلامية التي حرفها البعض وغيروا مفاهيمها حتى أنها أصبحت نقمة بعد أن كانت رحمة منها :

(الصــــــــــبر)

فالصبر دعا إليه الإسلام ورغب فيه , حتى أنه جعله نصف الإيمان.
وأخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن الصبر هو أعظم منحة ينالها العبد من خالقه عز وجل , حيث قال :"ما أعطي أحدٌ عطاء خيرا وأوسع من الصبر "السلسلة الصحيحة .
وقد قسم العلماء الصبر إلى ثلاثة أقسام :
1) الصبر على ترك المحرمات .
2) الصبر على فعل الطاعات .
3) الصبر على ما قدر الله .

غير أن بعضا من الناس فهموا معنى آخر من الصبر . فهموا أنه دعوة للعجز والكسل .
والله لقد رأيت الكثيرين يكون أحدهم مريضا , ينخر المرض جسده ويكاد يقضي عليه , بل هناك من قضى عليه فعلا , وهو يرفض حتى زيارة الطبيب محتجا بأن الله يأمر بالصبر.

منهم جدي رحمه الله الذي لما مرض جمع أبناءه وحذرهم من أن يأتوا له أو يذهبوا به إلى الطبيب . وأخبرهم أنه غير راض عنهم أو مسامح لهم أمام الله , فهم عاقون , ولهم منه دعوة الشر إذاخالفوا أمره , فهو يريد أن يلقى الله وهو من الصابرين ولعله يكون من السبعين ألفا الوارد ذكرهم في الحديث الآتي .
والله ـ يا إخواني ـ لقد كنا نراه يتألم ويتعذب ولا أحد من أبنائه يستطيع فعل شيء , خوفا من العقوق , حتى مات رحمه الله تعالى.

قد تستغربوا وربما لا تصدقوا ما ذكرت , ولكن قسما برب الأرض والسماء أن هذا ما حدث .
وهذا مجرد مثال فقط وهناك مئات وآلاف الأمثلة , القليل منها فقط علمت به أو سمعت عنه.
وطبعا هؤلاء لهم حجج يحتجون بها مثل قوله تعالى :"وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ[1] " وجميع الآيات التي تأمر بالصبر , وكذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة دون حساب أو عقاب .
حتى قال لي أحدهم لما نصحته بزيارة الطبيب :
" وما ذا سأقول للطبيب ؟ هل أقول له أن الله أمرضني فاشفني؟ هل أشكوا ربي للطبيب ؟ اذهب عني أنت الشيطان."

ومن خلال دراستي للتاريخ علمت أنه لما كان الاستعمار الفرنسي في الجزائر ظهرت مجموعة تدعو الى الثورة والمقاومة .
عندها قامت جماعة أخرى أو حزب آخر يتكلم من منطلق ديني فيقول :
" إن فرنسا هي بلاء من الله أصاب البلاد , كالمرض الذي يصيب البدن , فالله هو الذي أتى بها لابتلائنا , ومتى يشاء يذهب بها, فلا داعي لأي ثورة , وإنما لا بد من الصبر".

فهل الصبر يدعوا للفشل والعجز والكسل والرضى بالهوان والذل ؟
أنا لا أرى ذلك.

وإني في انتظار تعليقاتكم , وخاصة الإجابة على هذا السؤال الذي يحيرني حقا وأنا الآن ـ والله ـ واقع في أمر يشبهه.
هل يعد من العقوق فعلا مخالفة ما أمر به الجد في النص السابق أو في أمور مشابهة ؟

فائدة :اليكم هذا الدعاء المفيد خاصة ونحن في قسم حوار ونقاش:
( اللهم رب جبريل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون أهدني لما اختلف فيه من الحق فإنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ). صحيح أبي داوود .
أتمنى أن تحفظوه وترددوه خاصة عند مواجهة موقف أو موضوع خلافي.

محبكم إسماعيل يتمنى لكم كل خير .
الســــــلام عليكم .




[1] ) هي يشفيني , وإنما تكتب كذلك في المصحف .