الإنسان بين النفس اللوامة والنفس الأمارة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الموسوعة التاريخية ___ متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 226 - عددالزوار : 22023 )           »          شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 666 - عددالزوار : 200278 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4912 - عددالزوار : 1956982 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4484 - عددالزوار : 1260460 )           »          فوائد النماذج المضادة في تعزيز التعلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          وقفات مع سورة الكهف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 23 )           »          كيف تكون التوبة من عوامل نجاح الحياة على الأرض؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          التربية بوعي واستمتاع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          مالي وللناس؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          التعلق المرضي ليس حبًّا .. فكيف نفرق بين الحب والتعلق؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 15-11-2007, 10:57 PM
الصورة الرمزية mahmoud eysa
mahmoud eysa mahmoud eysa غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
مكان الإقامة: ارض الله الواسعه
الجنس :
المشاركات: 491
Cool الإنسان بين النفس اللوامة والنفس الأمارة

الإنسان بين النفس اللوامة والنفس الأمارة


بقلم: ربيع عبد الباقي






عجيب أمر الإنسان، تتلقَّفه الشهوات، وتستشرفه الدنيا بمفاتنها وبهرجها وزخرفها ومباهجها، فيقع بين نفسَين: إما نفس أمارة، تأمره بالسوء، وتبعده عن طريق الله عن طريق الخير وتغمسه في طريق المعصية، وإما نفس لوامة؛ فإذا ما فعل- أو همَّ بفعل- معصية لامته نفسه فارتدع وامتنع وعاد وتاب وأناب إلى جادة الصواب، وهو متنقِّل بين النفسين، فطوبى لمن انتهت به نفسه لأن تكون لوامةً ثم ترتقي لتكون نفسًا مطمئنةً، فإذِا همَّ بمعصية أو فعلها لامته على فعله، فأناب إلى خالقه نادمًا مستغفرًا، وخسر من انتهت به نفسه لأن تكون نفسًا أمارةً؛ حيث لا رجوع ولا توبة ولا إنابة، فذلك خسران مبين.

والإنسان بطبعه لا يميل إلى القيود، وتميل نفسه إلى التحرر من كل قيد؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي﴾ (يوسف: من الآية 53).

فالنفس تأْمُرُ صاحِبَها بِمَا تهواهُ مِن الشهواتِ، فتقوده إلى المعصية وتبعده عن الطاعة، جالبةً له كل أسباب العصيان، زارعةً دوافع الفسق والفجور، وتأمَّل معي قوله تعالى ﴿لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ﴾ فلم يقُل جل في علاه "آمرةٌ بالسوء"، وذِلك لكثرة أمرها بالسوء؛ فالغالب عليها أنها كثيرة الأمر لصاحبها بالأعمال السيئة؛ فهذه هي عادتها ودَأْبُها إلا أن يكبح جماحها.

خطورة تزكية النفس
من أخطر المثالب التي تقود الإنسان إلى الاتكال هو تزكية النفس؛ لذا ينهانا الله تبارك وتعالى عن تزكية النفس.. قالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اتَّقَى﴾ (النجم: من الآية 32).. أَيْ: لاَ يمدح الإنسان نفسه ولا يبرِّئها عن الآثام، فلا يجب أن يثني الإنسان على نفسه، ويمجّدها ويعجب بعمله الصالح؛ لأن هذا يقوده إلى التهلكة وإلى الرياء.. يقول تعالى ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اتَّقَى﴾، أَيْ أنه تبارك وتعالى أعلم بمن هو المتقي.

والمعلوم أن التقوى محلها القلب، والمطلع على السرائر هو الله تبارك في علاه ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19)﴾ (غافر)، فلا يجب أن يزكي الإنسان نفسه وإنما الذي يزكي البشَرَ هو الله تبارك وتعالى؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلْ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49)﴾ (النساء).

خيارات الإنسان
قال تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ (15) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (16)﴾ (هود)، فالإنسان مخيَّر بين حياتين يختار إحداهما: إما الحياة الدنيا، وإما الآخرة؛ والإنسان مخيَّر بين أن يُرضي الله تبارك وتعالى فيكبح جماح نفسه فلا يدَعَها تقوده إلى التهلكة، وهو أيضًا مخيَّر بين طاعة الله تبارك وتعالى وبين طاعة عدوِّه إبليس: بين وعدَين، وعد الله وهو وعد حق، ووعد الشيطان وهو وعد كاذب خادع، يتبرَّأ منه الشيطان يوم القيامة.

وهنا علينا أن نستحضر ما يقوله الشيطان متبرئًا من الإنسان العاصي، ها هو الشيطان يزين الأعمال الشِّرِّيرة للإنسان قال تعالى ﴿وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمْ الْيَوْمَ مِنْ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتْ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48)﴾ (الأنفال).

ها هو الشيطان يزيِّن الأعمال ثم عندما يقترفها الإنسان يتبرَّأ منه، وانظر إلى موقف الشيطان من العصاة يوم القيامة: ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22)﴾ (إبراهيم).

ويجب أن يكون شغلُ الإنسان الشاغل هو أن لا يزكي نفسه بل ينهاها عن الهوى، قَالَ تَعَالَى: ﴿فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)﴾ (النّازعات).

فطبيعةُ النفس البشَرية أنها تميل إلى التحلل والتفلُّت من القيود، فتدفع الإنسان إِلَى الطُّغيانِ والظلم، وتفضيل الحياة الدنيا على الآخرة، فبينما يدعو الله- تبارك وتعالى- الإنسان إلى الانتهاء عن المعاصي والتحلي بالطاعات، بالتزام أوامر الرحمن واحترامها، ووضعها موضع التنفيذ لا موضع التجاهل، وذلك بالخوف من الله والذي يعني التزام أوامره واجتناب نواهيه ويكون ذلك بنَهْيِ هذه النفس الأمَّارة عَنِ الهَوى.

ومن طبيعة الإنسان الضعف أمام الهوى والملذات والشهوات والمفاتن قَالَ الله تَعَالَى:﴿وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا﴾ (النساء: من الآية 28)، والضعف هنا قد يكون عامًّا، يشمل شتى أنواع الضعف، كضعف العزيمة وضعف الصبر على المكاره والصبر على قهر الهوى والشهوات؛ لذلك أعانه الله تعالى بالنصح والإرشاد مرات ومرات على يد الرسل والأنبياء، واشترط- تبارك وتعالى- على نفسه ألا يعذب بشرًا قبل أن يرسل إليهم من ينصحهم ويبين لهم طريق الخير من طريق الضلال ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ (الإسراء: من الآية 15).. فكانت وما زالت مهمة الرسل هي النصح والإرشاد للبشر مرارًا وتكرارًا في كل عصر وحين.

مثالب اتباع النفس الأمَّارة

النفس الأمارة تقود صاحبها إلى اتباع الشهوات فينغمس في ملذات الدنيا وينسى الآخرة، وفوق ذلك فإن أغلب المصائب التي تلحق بالبشر مردُّها إلى اتباع هوى النفس وما يجنيه الإنسان من ذلك، والله تبارك وتعالى يبتلي الإنسان بالشهواتِ؛ فإذا كبح جماح نفسه وامتنع عن الشهوات فازَ ونجا ونال رضا الله وإلا خاب وخسر وهلك.. قَالَ تَعَالَى: ﴿مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنْ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾ (النساء: من الآية 79)، وقال تَعَالَى: ﴿َوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ﴾ (آل عمران: من الآية 165) وقال: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)﴾ (الشورى)، وقال تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ (الأَنفال: من الآية 53)، وقال تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ (الرعد: 11)، وقال تعالى: ﴿َوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ﴾ (آل عمران: من الآية 165).

وعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله- صلى الله عليه وسلم- فيما يروي عن ربِّهِ عزَّ وجلَّ: "... يَا عبادي! إِنَّما هي أَعمالُكم أُحصيها لكم ثمَّ أُوفِّيكُم إِيّاها؛ فَمَنْ وجدَ خيرًا فَلْيحمدِ اللهَ، ومَنْ وجدَ غيرَ ذَلِكَ فلا يَلومَنَّ إِلاَّ نفسَه"، فعندما يغيِّر الإنسان طاعة الله بطاعة الشيطان تتوالى المصائب فتصبح حياته ضنكًا ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى (126)﴾ (طه)، وهنا لا يلومن إلا نفسه.

وفي المقابل عندما يغيِّر الإنسان طاعة الشيطان بطاعة الله، فإنه ينال رضا الله وتصبح نفسه مطمئنةً راضيةً قانعةً.. روى البيهقي في السنن الكبرى (4/96) عن معاوية الغاضري رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ- صلى الله عليه وسلم-: "ثلاثٌ مَنْ فعلهن فَقَدْ طعم طعمَ الإيمانِ: مَنْ عبدَ اللهَ وحدهُ فإنَّه لاَ إله إِلاَّ الله، وأعطى زكاة ماله طيّبة بِهَا نفسه، وزكّى عبد نفسه"، فقال رجل: مَا تزكية المرء نفسه يَا رَسُول الله! قَالَ: "يعلمُ أنّ اللهَ معه حيث مَا كَانَ".

قهر النفس الأمَّارة
مجاهدة النفس: فهي أهم السبل لقهر النفس الأمَّارة؛ فعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الجهادِ أَنْ يجاهد الرجل نفسه وهواه" (صحيح الجامع- 1099)، وقَالَ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾(العنكبوت: من الآية 69)، وروى مسلم (223) عن أبي مالكٍ الأشعريِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: "... كلُّ النَّاس يغدو، فبائعٌ نفسهُ فمعتقها أَوْ مُوبِقُها".. قال ابن رجب في (جامع العلوم والحكم- 2/ 28): دلَّ الحديثُ عَلَى أنّ كلَّ إنسان َهُوَ ساعٍ فِي هلاك نفسه، أَوْ فِي فِكاكها، فمن سعى فِي طاعة الله، فَقَدْ باع نفسَه للهِ، وأعتقها مِن عذابه، ومن سعى فِي معصيةِ الله، فَقَدْ باعَ نفسَه بالهوان، وأوبقها بالآثام الموجبة لغضب الله وعقابه".

مراقبة النفس: أن يكون الإنسان بصيرًا رقيبًا على نفسه، يرى عيوبه فيصلحها﴿بَلْ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15)﴾ (القيامة).. يكون رقيبًا على نفسه قبل أن يكون رقيبًا على الآخرين، يصلح نفسه قبل أن يصلح الآخرين، يبدأ بنفسه قبل الآخرين، روى البيهقي (4/ 96) في سننه الكبرى عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله- صلى الله عليه وسلم-: "يُبْصِرُ أحدكم الْقَذَى فِي عَيْنِ أَخِيهِ وَيَنْسَى الجِذع فِي عَيْنِهِ".

فمن ملك نفسه وقهرها انتصر عَلَى أشدِّ أعدائه، قَالَ تعالى: ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ﴾ (الحشر: من الآية 9)، فالفلاحَ الفلاحَ في وقاية شرِّ النَّفْس وشحِّها، وَهُوَ تطلعها وتوقها إلى الشهوات.

تزكية النفس بالطاعات: ِففي ذلك الفلاح قَالَ تَعَالَى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)﴾ (الشمس)، أَي: أَفلحَ من نجح في الفوز بطاعةِ اللهِ، وخابَ مَنْ حَقَّرَها بمعاصي اللهِ، وفي الحديث سُئل رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: مَا تزكية المرء نفسه يَا رَسُول الله! قَالَ: "يعلمُ أنّ اللهَ معه حيث مَا كَانَ".


الاعتصام بالله: قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (آل عمران: من الآية 101)، وقال سُبْحَانَهُ وتَعَالَى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾ (الحج: من الآية 78)، فالاعتصام بالله هو السبيل إلى الاستقامة على طاعة الله، فيتولاَّه الله وينصره على الشيطان.

فمن وكله الله إِلَى نفسه يقول عنه ابن القيم في الداء والدواء (130) "انقطعت عَنْهُ أسبابُ الخيرِ واتَّصَلَتْ بِهِ أسبابُ الشرِّ، فأيُّ فلاحٍ وأيُّ رخاءٍ وأيُّ عَيْشٍ لِمَنِ انْقَطعتْ عَنْهُ أسبابُ الخيرِ، وقُطِعَ مَا بينه وبين وليّه ومولاهُ الَّذِي لاَ غنى لَهُ عَنْهُ طرفةَ عينٍ، وَلاَ بُدَّ لَهُ منه، وَلاَ عوضَ لَهُ عَنْهُ، واتَّصلت بِهِ أسبابُ الشرِّ، ووصلَ مَا بينه وبين أعدى عدوٍّ لَهُ: فتولاه عدوُّهُ، وتخلَّى عَنْهُ وليُّه؟! فَلاَ تعلمُ نفسٌ مَا فِي هَذَا الانقطاعِ والاتِّصالِ مِنْ أنواعِ الآلاَمِ وأنواعِ العذابِ"!!.

ومن تولاه الله ولم يكِلْه إلى نفسه حبَّب إليه الإيمان وكرَّه إليه الكفر والفسوق والعصيان؛ قال تَعَالَى: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمْ الرَّاشِدُونَ (7) ﴾ (الحجرات: من الآية 7)..
فاللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، يا رحمن يا رحيم.
__________________
الله غايتنا رسولنا زعيمنا رسولنا قدوتنا قرآننا دستورنا قرآننا شرعتنا جهادنا سبيلنا والموت فى سبيل الله اسمى امانينا
رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 82.35 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 80.67 كيلو بايت... تم توفير 1.68 كيلو بايت...بمعدل (2.04%)]