|
ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الفوائد البيداغوجية في الأحاديث النبوية: حديث جبريل عليه السلام محمد الفناني بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وإخوانه وحزبه. نقف هذه المرة مع حديث آخر من أحاديث المعلم الأول صلوات الله وسلامه عليه، ونحاول أن نستخرج منه بعض الفوائد التربوية التي من شأنها أن ترقَى بالعملية التعليمية التعلُّمية لتحقيق أهدافها السامية. نص الحديث: عن عمر رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجلٌ شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحدٌ، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند رُكبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفَّيه على فخِذيه، وقال: يا محمَّدُ، أخبرني عن الإسلام؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وتُقيم الصلاة، وتُؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا))، قال: صدقت، فعجبنا له يسأله ويُصدِّقه، قال: فأخبرني عن الإيمان؟ قال: ((أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقَدَر خيرِه وشرِّه))، قال: صدقت، قال: فأخبرني عن الإحسان؟ قال: ((أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك))، قال: فأخبرني عن الساعة؟ قال: ((ما المسؤول عنها بأعلم من السائل))، قال: فأخبرني عن أماراتها؟ قال: ((أن تلِدَ الأمَةُ ربَّتَها، وأن ترى الحُفاة العُراة العالة رعاء الشاء، يتطاولون في البُنيان))، ثم انطلق، فلبثت مليًّا، ثم قال: ((يا عمرُ، أتدري من السائل؟))، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: ((فإنه جبريل أتاكم يُعلِّمكم دينكم))؛ رواه مسلم. المعنى الإجمالي للحديث: يتضمن الحديث ذكرًا لمراتب الدين، كما يُقدِّم تعريفًا لكل واحد منها، مُبرِزًا جملةً من آداب العالم والمتعلِّم. الفوائد البيداغوجية: الفائدة الأولى: الدروس المهمة تحتاج إلى تجديد في الأساليب وتغيير في طرق التدريس: هذا الدرس الذي بين أيدينا من أهم الدروس الإسلامية على الإطلاق، فهو يتناول مراتب الدين: الإسلام، والإيمان، والإحسان، فاحتاج الأمر إلى حضور مُعلِّم جديد (لا يعرفه منا أحد)، يتعاون مع المعلم الأصلي لإيصال المعلومة على أكمل وجه، وأنت تعلم أن تعوُّد المتعلمين على مُعلِّمهم الأصلي قد يُؤدي أحيانًا إلى الملَل الذي يُؤدِّي بدوره إلى الزُّهْد في المادة المدروسة، كما أن المتعلِّم مولَع دائمًا بالجدة في كل شيء؛ لذلك ينجذب أكثر إلى المعلم الجديد، ويُعيره سَمْعَه. الفائدة الثانية: ينبغي للمعلم أن يهتمَّ بهندامه "شديد بياض الثياب": المعلم الذي لا يهتمُّ بمظهره يكون مثارًا للسخرية من طرف المتعلِّمين، وهذا يُسهم في تشتيت انتباههم، فهم ينشغلون بهيئة الأستاذ، يزدرونها ويغفلون المادة العلمية المقدَّمة في الحصة، ولا شك أن المعلم يشعُر بهذا الأمر، فيتأثَّر هو أيضًا، فتفشل العملية التعليمية التعلُّمية. الفائدة الثالثة: لا يرهق الأستاذ نفسه بأعمال أخرى موازية لمهمة التدريس "لا يُرى عليه أثر السفر": قول الراوي في الحديث: "لا يُرى عليه أثرُ السفر"، فيه إشارة إلى أنه في كامل الاستعداد للمهمة التعليمية، وأثر السفر هو التعب والإرهاق، ومعلوم أن المعلم المتعب يكون مُستعدًّا للنوم في الفصل الدراسي أكثر من استعداده للتدريس، ناهيك عن الإبداع والتجديد والتنويع في الطرق؛ لذلك من المستحسن ألا يشتغل المعلم بأعمال موازية للتدريس إن كانت تُرهقه وتحدُّ من عطائه داخل الفصل الدراسي. الفائدة الرابعة: اعتماد الطريقة الحوارية: لا شك أن الطريقة الحوارية أفضل وأنجع من الطريقة الإلقائية، وأدعى إلى حصول الفهم والاستيعاب، وأقدر على شدِّ انتباه المتعلِّمين، واعتماد هذه الطريقة من طرف المعلمين العظيمين سيدنا جبريل عليه السلام، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن اعتباطيًّا؛ بل كانت له أهداف ومقاصد تعليمية ((هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم)). الفائدة الخامسة: من أدب العالم قوله: "لا أعلم" فيما لا يعلم: ينبغي للمعلم إذا سُئل عما لا يعلم أن يقول: لا أعلم، ولا يتكلم في كل مسألة أُثِيرت أمامه بغير علم؛ لكيلا يُضِلَّ المتعلِّمين، ويُلقِّنهم الأخطاء، فهذا قُدْوتُنا خيرُ معلِّمٍ في التاريخ يجيب: ((ما المسؤول عنها بأعلم من السائل))، وفي هذا تربية لنا جميعًا.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |