صُنع المعروف في غير أهله! - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         معرفة الحق في فِطر الخلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          الدعاء والذكر عند قراءة القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 6 - عددالزوار : 752 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 67 - عددالزوار : 54792 )           »          الغش والتزوير لنيل الشهادات العلمية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          حكم التيمّم حال وجود الماء ووقت جوازه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الواجب على من نسي سجوداً في صلاته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          القضاء والقدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          التحايل على غير المسلمين في المعاملات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          التحذير من شرّ شخص من الغيبة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          ترْكُ الأولاد نائمين في صلاة الفجر لضيق الوقت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 01-12-2021, 09:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,980
الدولة : Egypt
افتراضي صُنع المعروف في غير أهله!

صُنع المعروف في غير أهله!


د. زين العابدين كامل


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،

فقد ثبت عن أم سلمة؛ أم المؤمنين رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" صَنائِعُ المعروفِ تَقِي مَصارعَ السُّوءِ، والصَّدقةُ خُفيًا تُطفِئُ غضَبَ الرَّبِّ، وصِلةُ الرَّحِمِ زيادةٌ في العُمُرِ، وكلُّ مَعروفٍ صَدَقةٌ، وأهلُ المعروفِ في الدُّنيا هُمْ أهلُ المعروفِ في الآخِرَةِ، وأهْلُ المُنكَرِ في الدُّنيا هُمْ أهلُ المُنكَرِ في الآخِرَةِ" (أخرجه الطبراني وصححه الألباني)
وعَنْ جابرِ - رَضْيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "كُلُّ مَعْروفٍ صَدَقَةٌ" ( متفق عليه ) وقد قال تعالى {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} وقال تعالى{ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} والمعروف هو ما اصْطَنَعهُ الإنسان من خَيرٍ وقدمه لغيره.
وقد وردت آثار عن السلف حول هذا الأمر، قال ابن عباس : "ما رأيت رجلًا أوليته معروفًا إلا أضاء ما بينه وبيني" ، وقال ابن عباس أيضًا:" المعروف أميز زرع ، وأفضل كنز ، ولا يتم إلا بثلاث خصال : بتعجيله وتصغيره وستره ، فإذا عجل فقد هنأ وإذا صغر فقد عظم ، وإذا ستر فقد تمم"، وقال ابن عباس أيضًا " لا يُزهدنّكَ في المعروفِ كُفْرُ مَن كَفَرَه، فإنه يشكرُك عليه من لم تَصنعْه إليه"، وقال زيد بن علي بن حسين : " ما شيء أفضل من المعروف إلا ثوابه ، وليس كل من يرغب فيه يقدر عليه ، ولا كل من قدر عليه يؤذن له فيه ، فإذا اجتمعت الرغبة والقدرة والإذن تمت السعادة للطالب والمطلوب منه".وكان يقال " في كل شيء إسراف إلا في المعروف " .
وفي هذه الآثار التي ذكرناها نرى ترغيبًا واضحًا في صنع المعروف، وإسداله وتقديمه للناس، وذلك بغض النظر عن ردود الأفعال، ولذا كان يُقال " لا يزهدنك في اصطناع المعروف دمامة من تسديه إليه" وقيل أيضًا" اصنع المعروف إلى كل أحد فإن كان من أهله فقد وضعته في موضعه ، وإن لم يكن من أهله كنت أنت من أهله "، و قال المهلب : "عجبت لمن يشتري المماليك بماله ولا يشتري الأحرار بمعروفه وقال : ليس للأحرار ثمن إلا الإكرام فأكرم حرًا تملكه ".
ولكن بعض السلف قد حذروا من إسدال المعروف إلى غير مستحقيه، كمنكريه والذين يقابلون الإحسان بالإساءة، وكذا ذموا من ينكر المعروف ولا يعرف الفضل لأهله، حيث أنه يعرف الفضل لأهل الفضل ذوو الفضل، ويروي الهيثمي في مجمع الزوائد أثرًا يقول" لا تصلُحُ الصنيعَةُ إلا عندَ ذي حسَبٍ أو دينٍ كما لا تصلُحُ الرياضَةُ إلا في النجيبِ" وذكر ابن عبد البر في بهجة المجالس : "خمسة أشياء أضيع شيء في الدنيا : سراج يوقد في الشمس ، ومطر وابل في أرض سبخة ، وامرأة حسناء تزف إلى عنين ، وطعام يستجاد ثم يقدم إلى سكران أو شبعان ، ومعروف تصنعه عند من لا يشكرك" .
وقال معاوية رضي الله عنه ليزيد ابنه : " يا بني اتخذ المعروف منالًا عند ذوي الأحساب تستمل به مودتهم وتعظم في أعينهم ، وإياك والمنع فإنه ضد المعروف فإنه يقال حصاد من يزرع المعروف في الدنيا اغتباط في الآخرة "
وقال الأصمعي : " سمعت أعرابيًا يقول أسرع الذنوب عقوبة كفر المعروف "
وقال ابن عقيل في الفنون : " فِعْلُ الْخَيْرِ مَعَ الْأَشْرَارِ تَقْوِيَةٌ لَهُمْ عَلَى الْأَخْيَارِ، و كَمَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْرَمَ الْخَيْرُ أَهْلَهُ، لَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْرَمَ الْخَيْرَ حَقَّهُ، فَإِنَّ وَضْعَ الْخَيْرِ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ ظُلْمٌ لِلْخَيْرِ كَمَا قِيلَ: لَا تَمْنَعُوا الْحِكْمَةَ أَهْلَهَا فَتَظْلِمُوهُمْ، وَلَا تَضَعُوهَا فِي غَيْرِ أَهْلِهَا فَتَظْلِمُوهَا، كَذَلِكَ الْبِرُّ وَالْإِنْعَامُ مُفْسِدٌ لِقَوْمٍ حَسَبُ مَا يُفْسِدُ الْحِرْمَانُ قَوْمًا، قَالَ: فَهُوَ كَالنَّارِ كُلَّمَا أُطِيبَ لَهَا مَأْكَلًا سَطَتْ فَأَفْسَدَتْ "
قَالَ الْمُتَنَبِّي:
وَوَضْعُ النَّدَى فِي مَوْضِعِ السَّيْفِ بِالْعُلَا ... مُضِرٌّ كَوَضْعِ السَّيْفِ فِي مَوْضِعِ النَّدَى
والمقصود بالنَّدَى هنا: الْجُودُ؛ فينبغي أن يُعامل كل إنسان بما يستحق، فمن استحق العطاء والجود لم يستعمل معه السيف، ومن استحق القتل بالسيف لم يكرم بالعطاء.
وفي كتاب - الآداب الشرعية والمنح المرعية – لابن مفلح ؛ قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: "كُنْ مِنْ خَمْسَةٍ عَلَى حَذَرٍ مِنْ لَئِيمٍ إذَا أَكْرَمْتَهُ، وَكَرِيمٍ إذَا أَهَنْتَهُ، وَعَاقِلٍ إذَا أَحْرَجْتَهُ، وَأَحْمَقَ إذَا مَازَحْتَهُ، وَفَاجِرٍ إذَا مَازَجْتَهُ".

ومن أشهر الأبيات التي ذُكرت في هذا الشأن:
وَمَنْ يَصْنَعِ الْمَعْرُوفَ فِي غَيْرِ أَهْلِهِ ... يُلَاقِي كَمَا لَاقَى مُجِيرُ أُمِّ عَامِرِ
أَعَدَّ لَهَا لَمَّا اسْتَجَارَتْ بِبَيْتِهِ ... قِرَاهَا مِنَ الْبَانِ اللِّقَاحِ الْغَرَائِرِ
فَأَشْبَعَهَا حَتَّى إِذَا مَا تَمَلَّأَتْ ... فَرَتْهُ بِأَنْيِابٍ لَهَا وَأَظَافِرِ
فَقُلْ لِذَوِي الْمَعْرُوفِ هَذَا جَزَاءُ مَنْ ... يَجُودُ بِمَعْرُوفٍ إِلَى غَيْرِ شَاكِرٍ.
وهكذا ضرب العرب المثل بقصة مُجير أم عامر، وألفوا فيها شعرًا، وقصة مُجير أم عامر كما جاء في كتاب - اصطناع المعروف لابن أبي الدنيا – وكتاب شعب الإيمان للبيهقي؛ وغيرهما؛ " سُئِلَ يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ النَّحْوِيُّ عَنِ الْمِثْلِ الْمَشْهُورِ: كَمُجِيرِ أُمِّ عَامِرٍ. قَالَ:" خَرَجَ فِتْيَانٌ مِنَ الْعَرَبِ لِلصَّيْدِ، وَأَثَارُوا ضَبُعًا فَفَلَتَتْ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَدَخَلَتْ خِبَاءً لِبَعْضِ الْعَرَبِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: وَاللهِ لَا تَصِلُونَ إِلَيْهَا وَقَدِ اسْتَجَارَتْ بِي فَخَلَّوْهُ وَإِيَّاهَا، فَلَمَّا انْصَرَفُوا عَمَدَ الرَّجُلُ إِلَى خُبْزٍ وَسَمْنٍ فَثَرَدَهُ وَقَرَّبَهُ إِلَيْهَا فَأَكَلَتْ حَتَّى شَبِعَتْ وَتَمَدَّدَتْ فِي جَانِبِ الْخِبَاءِ، وَغَلَبَ الْأَعْرَابِيَّ النَّوْمُ، فَلَمَّا اسْتَثْقَلَ وَثَبَتْ إِلَيْهِ فَقَرَضَتْ حَلْقَهُ، وَبَقَرَتْ بَطْنَهُ، وَأَكَلَتْ حَشْوَتَهُ، وَخَرَجَتْ تَسْعَى، وَجَاءَ أَخُو الْمَقْتُولِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ أَنْشَأَ يَقُولُ: " وَمَنْ يَصْنَعِ الْمَعْرُوفَ فِي غَيْرِ أَهْلِهِ ... يُلَاقِي كَمَا لَاقَى مُجِيرُ أُمِّ عَامِرِ" ، إلى آخر الأبيات التي ذكرناها آنفًا.

ولذا ينبغي على الإنسان أن يجتهد في صنائع المعروف وتقديمها لمستحقيها من الناس، فصنائع المعروف صدقة و تَقِي مَصارعَ السُّوءِ، وأهل المعروفِ في الدُّنيا هُمْ أهلُ المعروفِ في الآخِرَةِ.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 64.30 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 62.62 كيلو بايت... تم توفير 1.68 كيلو بايت...بمعدل (2.61%)]